ما يزال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تحديات كبيرة، أهمها الغضب الشعبي واستمرار الاحتجاجات والمظاهرات التي اندلعت منذ إعلان نتائج الانتخابات، ويرى بعض المراقبين ان ترامب يواجه ثورة داخلية متجدد من قبل المعارضين الذين أبدوا غضبهم من فوز ترامب، الذي وصفه الكثيرون منهم بأنه أحمق وعدواني وسيُسقط أمريكا، خصوصا وانه أقدم على اتخاذ بعض القوانين الجديدة التي أثارت غضب الكثير داخل وخارج أمريكا ودخل حرب حقيقية مع وسائل الاعلام المختلفة، وهو ما اسهم بخلق أزمات داخلية كبيرة تدفعت الادارة الامريكية، الى اتخاذ قرارات وخطط جديدة، بهدف استكات الخصوم، الامر الذي سيؤثر سلباً على حرية التعبير في هذا البلد، حيث قال محققان تابعان للأمم المتحدة معنيان بحقوق الإنسان إن 19 ولاية أمريكية طرحت مشاريع قوانين ستكبح حرية التعبير والحق في الاحتجاج منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب وهو اتجاه "مقلق وغير ديمقراطي".
وتزايدت المخاوف بشأن حرية التعبير في الولايات المتحدة لأسباب يعود بعضها للعلاقات العدائية بين ترامب ووسائل إعلام أمريكية بارزة وصمها بأنها "عدو الشعب الأمريكي" لإذاعتها تقارير عن خطوات سياسية خاطئة أو اختلال وظيفي في إدارته. وتزايدت مساعي فرض قوانين أكثر صرامة بشأن التعبير عن الرأي فيما يواصل خصومه الليبراليون الاحتجاج علنا على سياساته حيال قضايا تتراوح من الهجرة والإجهاض إلى التغير المناخي.
وقال ماينا كياي المقرر الخاص بحرية التجمعات السلمية وديفيد كاي المقرر الخاص بحرية التعبير عن الرأي في بيان إن مشاريع القوانين المطروحة في ولايات أمريكية لا تتسق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان. وقالا في بيان "ذلك الاتجاه يهدد أيضا بأن يعرض للخطر إحدى الركائز الدستورية للولايات المتحدة وهي حرية التعبير عن الرأي" ودعا الخبيران إلى اتخاذ إجراءات للرجوع عن مثل تلك التشريعات.
ويقول مؤيدو تلك التشريعات إنها تلخص الإحباط الذي يشعر به بعض الناس بسبب عرقلة الاحتجاجات للحياة اليومية وتعكس رغبة في الحفاظ على السلامة العامة. لكن مدافعين عن حرية التعبير يقولون إنها مقلقة ويعتبرون أنها تمهد لتجريم الاحتجاجات السلمية. وقال خبيرا الأمم المتحدة المستقلان إنه لا يوجد ما يسمى مظاهرة عنيفة لكن هناك فقط متظاهرون عنيفون. وأضافا قائلين "قرار شخص واحد اللجوء للعنف لا يجرد محتجين آخرين من حقهم في حرية التجمع بصورة سلمية".
من هو ملك الحمقى؟
الى جانب ذلك احتفل العشرات في مدينة نيويورك بكذبة أول نيسان/أبريل المعروف باللغة الإنكليزية باسم "أبريل فولز" (حمقى نيسان/أبريل) بتتويج الرئيس دونالد ترامب ملكا للحمقى. وشارك هؤلاء في مسيرة من منتزه سنترال بارك إلى أمام برج ترامب حيث تقيم زوجته وأصغر أبنائه، وحملوا دمية بشكل ترامب تجلس على مرحاض تسير على عربة تحمل العلمين الروسي والأمريكي.
وقالت جودي (55 عاما) لوكالة الأنباء الفرنسية رافضة كشف اسم عائلتها، إن "هذا العام ارتدى طابعا خاصا جدا، ولم يكن ممكنا أن ندعه يمر من دون أن نفعل شيئا، لهذا نحن هنا"، موضحة أنها ساعدت في تنظيم المسيرة. وأضافت "علينا اغتنام كل فرصة متاحة لنا لإظهار مشاعرنا إزاء الأحمق في البيت الأبيض". ومشى المشاركون في المسيرة، وقد ارتدى كثيرون منهم أقنعة تشبه وجه قطب العقارات الذي انتخب رئيسا، خلف دمية بشكل ترامب تجلس على مرحاض وتم تسييرها على عربة تحمل العلمين الأمريكي والروسي، وحملت المسيرة شعار "جعل روسيا عظيمة مجددا".
وما يميز النسخة الثانية والثلاثين من هذه المسيرة هي أنها حصلت بالفعل. فالنسخ الـ31 السابقة لم تكن سوى كذبة رغم الإعلان عنها وعن مكان تنظيمها وتوقيتها. وقال جوي سكاغز منظم المسيرة "ترامب انتخب ملكا للحمقى هذا العام... بالإجماع". وبدأت المسيرة أمام متنزه سنترال بارك في الجادة الخامسة وانتهت أمام برج ترامب، حيث لا تزال زوجة الرئيس ميلانيا وابنه الصغير بارون يعيشان. ومنذ الانتخابات الرئاسية خرجت عشرات التظاهرات المناوئة لترامب في نيويورك.
الحقائق البديلة
من جانب اخر عرضت نحو 200 دار سينما مستقلة في أنحاء الولايات المتحدة فيلم "1984" المأخوذ من رواية بنفس الاسم للمؤلف جورج أورويل تتناول الواقع المرير الذي يتخيله الكاتب في المستقبل. ووصف المنظمون العرض بأنه وقفة ضد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقالت (يونايتد ستيت أوف سينما) التي نظمت العرض في 44 ولاية أمريكية إن الهدف "هو اتخاذ موقف من أجل قيمنا الأساسية وهي حرية التعبير واحترام غيرنا من البشر والحقيقة البسيطة أنه لا وجود لأشياء مثل ’الحقائق البديلة’."
ومن المقرر عرض الفيلم في كندا وانجلترا والسويد وكرواتيا. وتحكي الرواية الأصلية التي صدرت في عام 1949 وعادت إلى قائمة أفضل الكتب مبيعا في الولايات المتحدة في يناير كانون الثاني حكومة "الأخ الكبير" التي تتجسس على مواطنيها وتجبرهم على قبول نسختين متناقضتين للحقيقة. وعرض الفيلم في عام 1984 وشارك في بطولته جون هارت وريتشارد بورتن. بحسب رويترز.
وأعيد طبع الرواية البريطانية في يناير كانون الثاني بعد عقود من كتابتها، وذلك بعد دفاع إدارة ترامب عن "حقائق بديلة" وهو مصطلح استخدمته كيليان كونواي المسؤولة في البيت الأبيض أثناء خلاف بشأن حجم الحشد الذي حضر تنصيب ترامب. وقال أدم بيرنباوم أحد منظمي الحدث إن أفكار أورويل حاضرة الآن مثلما كانت قبل نحو 70 عاما. وأضاف "مبعث قلقنا هو فكرة أن الجواب الوحيد هو ما يأتي فقط على لسان الإدارة (إدارة ترامب).. وثمة جهود لقمع أي شيء دونها."
الفتاة الشجاعة
في السياق ذاته سيبقى تمثال "الفتاة الشجاعة" في مدينة نيويورك والذي اجتذب جحافل من المعجبين خلال ثلاثة أسابيع فقط واقفا في مواجهة تمثال "ثور وول ستريت البرونزي" لمدة 11 شهرا أخرى على الأقل. وكان التمثال الذي يبلغ طوله 127 سنتيمترا ويصور فتاة تظهر ملامحها التحدي وهي واقفة واضعة قبضتيها على خصرها قد نصب في اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس آذار بموجب عقد إيجار للمكان ينتهي يوم الثاني من أبريل. ويقف التمثالان على منصة حجرية في وول ستريت حي المال والأعمال في نيويورك.
وبعد تقديم التماسين على الأقل ساعدت التغطية الإعلامية الواسعة والاهتمام الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي وإقبال السياح والسكان المحليين في الإبقاء على التمثال في موضعه حتى نهاية فبراير شباط 2018. وقالت كارولين مالوني عضو الكونجرس أثناء وقوفها في ساحة المدينة مع سياسيات أخريات لإعلان بقاء التمثال في مكانه "من الواضح أنها (هذه الفتاة) مست وترا."
وقالت مالوني وهي ديمقراطية من نيويورك إن تمثال الفتاة البرونزي كان شاهدا على قوة تأثير الفن على المجتمع. وصممت التمثال الفنانة كريستين فيزبال في إطار حملة لتحقيق المساواة بين الجنسين في قطاع الأعمال. ويأمل مؤيدو بقاء التمثال في إقناع بيل دي بلاسيو رئيس بلدية نيويورك في أن تظل الفتاة البرونزية تنظر باستعلاء للثور الذي قال مصممه أن المقصود به هو إظهار القوة الاقتصادية للولايات المتحدة كما يرمز لكل ما يمثله وول ستريت وإلى كل ما يعتبر ذكوريا. بحسب رويترز.
ولكن هناك من يعارض "الفتاة الشجاعة" ومنهم ارتورو دي موديكا النحات الذي صنع تمثال الثور ووضعه أمام مقر بورصة نيويورك في ديسمبر كانون الأول عام 1989. وقال لموقع الأخبار المالية ماركت ووتش الأسبوع الماضي "هذا ليس رمزا هذه خدعة دعائية." وتهدف حملة المساواة بين الجنسين التي أطلقتها شركة ستيت ستريت جلوبال أدفيزرز إلى إلقاء الضوء على الحاجة لوجود المزيد من النساء في مجالس إدارات الشركات. وأشارت الشركة على موقعها الالكتروني إلى أن 25 بالمئة من أكبر ثلاثة آلاف شركة أمريكية لا يوجد نساء في مجالس إداراتها.
ترامب والمظاهرات
وفي هذا الشأن شكا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من المظاهرات التي ضمت عشرات الآلاف من الأشخاص في الولايات المتحدة السبت لمطالبته بكشف سجلاته الضريبية. وكتب ترامب على تويتر "لقد حققت إنجازا شبه مستحيل لجمهوري: فزت بسهولة بأصوات كبار الناخبين! والآن يتحدثون مجددا عن سجلاتي الضريبية؟". وقال "على أحد أن يكشف الجهة التي مولت المظاهرات الصغيرة التي نظمت انتهت الانتخابات!".
وفي واشنطن ونيويورك وعشرات المدن الأمريكية الكبرى والصغيرة، تظاهر آلاف الاشخاص السبت مطالبين ترامب بأن يلتزم بالتقليد الرئاسي ويكشف سجلاته الضريبية. ويرغب المتظاهرون في معرفة القيمة الحقيقية للضرائب التي دفعها رجل الأعمال ومصادر الإيرادات الخارجية المحتملة له. ولم يتهم ترامب هذه المرة المتظاهرين بتقاضي المال بشكل مباشر، ولكنه سبق أن لجأ إلى هذه الحجة مرتين على الأقل كان آخرها في الثالث من شباط/فبراير خلال المظاهرات احتجاجا على مرسومه ضد الهجرة. وانتقد حينها على تويتر بشدة "الفوضويين المحترفين والمتظاهرين المأجورين". بحسب فرانس برس.
من جانب اخر نشب شجار في متنزه بمدينة بيركلي بولاية كاليفورنيا الأمريكية حيث نظم أنصار ومعارضون للرئيس دونالد ترامب مسيرات مضادة أسفرت عن اعتقال ما لا يقل عن 13 شخصا في الوقت الذي واجهت فيه الشرطة صعوبة للفصل بين الجانبين. ومع اندلاع اشتباكات بالأيدي بين الجانبين وتبادل إلقاء زجاجات وعبوات مياه غازية عبر حاجز يفصل بينهما لجأت الشرطة إلى استخدام شحنة متفجرة في إحدى المراحل في محاولة لاستعادة النظام.
وتفجرت الاضطرابات عندما نظم مئات من معارضي ترامب تجمعا مضادا إلى جانب فاعلية وُصفت بأنها "يوم الوطنيين" نظمها في الغالب أنصار ترامب. وتواجد ما بين نحو 500 و1000 في المتنزه مع وصول التجمعات إلى. وذهب داريل تمبيستا (52 عاما) والذي قال إنه عمل في القوات الجوية الأمريكية قرب نهاية الحرب الباردة إلى التجمع لإظهار تأييده لترامب. وقال "كمحارب قديم أحب المسار الذي تنتهجه أمريكا واستعداد ترامب للوقوف وإعلان أننا مازلنا أمريكا ولن نكون عالميين ولن نكون دولة شيوعية. ولبيركلي تاريخ طويل من النشاط الليبرالي كما أن جامعة كاليفورنيا التي مقرها بيركلي كانت مركزا للاحتجاجات منذ الستينات.
اعتقالات مستمرة
من جانب اخر ألقت شرطة نيويورك القبض على 25 شخصا في بهو برج ترامب كانوا يحتجون على سياسات الرئيس دونالد ترامب الخاصة بالهجرة والحدود. وجلس المحتجون أمام المصاعد وهتفوا "لا للحظر، لا للمداهمات، لا للجدار" مما دفع قوات الأمن لإغلاق مداخل المبنى المملوك للرئيس وهو ناطحة سحاب تجارية وسكنية وتقيم به السيدة الأولى ميلانيا ترامب وابنها بارون ترامب بينما يقيم الرئيس في واشنطن.
وبينما وقفت عناصر الشرطة لإغلاق المداخل نقل ضباط آخرون المحتجين إلى شاحنات صغيرة تابعة للشرطة. ويسمح للعامة بدخول بهو المبنى لكن إجراءات الأمن شددت في 2016 مع تطور الحملة الانتخابية ثم انتخاب ترامب رئيسا. وارتدى المحتجون قمصانا قطنية حملت شعارات مثل "لا للجدار" في إشارة إلى اقتراح ترامب بناء جدار على الحدود الجنوبية مع المكسيك و"لا للمداهمات" في إشارة لاعتقالات في الولايات المتحدة لمن يشتبه بأنهم مهاجرون لا يحملون وثائق رسمية. أما شعار "لا للحظر" فهو يشير إلى الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب سعيا لحظر دخول المهاجرين من عدة دول ذات أغلبية مسلمة.
اضف تعليق