ان استخدام الانترنت ومواقع التواصل يجب يكون لزيادة التواصل وان يكون حلاً في حالات غياب الوقت الكافي الناتج من الانشغال ولا يكون هو الأساس في التواصل لكونه وكما اسلفت القول يبقى اتصالاً منقوصاً ومع مرور الوقت يصبح عادة سلوكية مدمرة للعلاقات الاجتماعية...
قديماً لم يكن وسائل تواصل ترتبط بالأنترنت كمواقع التواصل الاجتماعي التي متوفرة لدى الغالبية العظمى من الناس ومع ذلك يعيش الناس في تواصل اجتماعي والفة ومشاركة في ابسط الجزئيات الحياتية، اما اليوم ومع توفر كل مقومات التواصل التي يفترض انها تزيد من اجتماعية الانسان الا ان هناك خلل واضح يحدث في حياة البشر، اذ يميل الكثير منهم الى العزلة أكثر من ذي قبل، فلماذا تتجه البشرية صوب هذه العزلة؟
من الواقع
يحكي لي زميل امر يحصل معه في منزله وهو ان أحد اخوانه ممن يعيشون معه في ذات المنزل، يبعث له رسالة تهنئة في العيد عبر احدى وسائل التواصل الاجتماعي على الرغم من ان المسافة بينهما هي مسافة الجدار فقط، فهو يعتقد ان قام بالواجب بينما الواجب هو ما كان يفعل في الماضي حيث تجتمع العائلة لتبادل التهاني والتبريكات في العيد وفي المناسبات الأخرى المماثلة، وهذه صورة واقعية للعزلة الاجتماعية التي عصفت بالمجتمعات كافة.
المشكلة تمكن في ان الاتصال في الانترنت وان حصل فهو منقوص وخصوصاً ان الإشارات تشكل 60 في المئة من الاتصال البشري، أما في المحادثة عبر الإنترنيت فهي غائبة وهذا يعني أن 60 في المئة من الاتصال مفقود وهو لغة الجسد، وبالتالي فالمستخدم يتخاطب بنسبة 40 في المئة فقط، وهذا ما يسبب سوء تفاهم على الإنترنيت وتباعد نفسي كبير.
كان يعول على الانترنت وما يتصل به من تطبيقات على تقريب المسافات بين الناس وزيادة التواصل بين العوائل والمجتمعات وقد كان له ذلك فيما يخص توفير تواصل اجتماعي وهذا هو الجانب الإيجابي منه، لكنه في الجانب السلبي يجعل من التواصل شكلياً وكأنه اسقاط فرض او أداء لواجب تحتشياً للتعرض للنقد واللوم والعتب، فليس منطقياً ان تتساوى زيارة والدتك ولو لدقائق للاطمئنان عليها ومعرفة احتياجاتها بالاتصال بها بالواتساب، فالأول في روح وحرارة وشعور بينما الثاني هو سلوك عادي ذو طابع بارد لا يغني ولا يسمن من جوع.
في دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر اشارت الى" ان (5.37 ) في المئة تقريباً من الأسر المصرية تعاني من مشكلات أسرية، إن ازدياد التفكك الأسري من الناحيتين الكمية والكيفية معاً داخل المجتمع يعكس في حقيقة الأمر مناخاً اجتماعياً متوتراً تتعدد فيه الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ويعود هذا التحول إلى رياح التغريب التي تكاد تعصف باستقرار وخصوصية الأسر العربية، إضافة إلى الانفتاح الجديد على العالم عبر الفضائيات والإنترنيت ووسائل الإعلام العصرية".
يفسر علم النفس ظاهرة تأثير ادمان الانترنت ومعلقاته على انه تأثير هذه الشاشات على العقل الإنساني وابعاده عن الرغبة بالمشاركة الواقعية لأبناء الجنس الذي ينتمي اليه الانسان، وهذه الانطوائية ما هي الا نتيجة لذلك الإدمان الذي يفتح أبواب للبشر للهروب من المضايقات والتدخلات والسلوكية الغير محبذة التي تصدر من الناس على قاعدة (اعتزل ما يؤذيك) وهذا امر سليم بحسب راي الشخصي.
او قد تجد ان بعض الانطوائيين يرغبون في الهروب من ظروفهم ومشكلاتهم الحياتية فليجأون إلى الأجهزة اللوحية على اختلافها ليفرغوا فيه طاقتهم وهمومهم، فضلاً عن الإجهاد والتوتر النفسي الذي ينتج من استخدام هذه الأجهزة لفترات طويلة وبالتالي بالاستمرار على هذا السلوك يجدون أنفسهم معزولين عن المجتمع من دون الاكتراث لمآلات المشكلة ولا الى انعكاساتها عليهم.
ما يجب
ما يجب فهمه ان استخدام الانترنت ومواقع التواصل يجب يكون لزيادة التواصل وان يكون حلاً في حالات غياب الوقت الكافي الناتج من الانشغال ولا يكون هو الأساس في التواصل لكونه وكما اسلفت القول يبقى اتصالاً منقوصاً ومع مرور الوقت يصبح عادة سلوكية مدمرة للعلاقات الاجتماعية.
وحين يفضل الانسان العزلة من مجموعة ما فيتحتم عليه تحديد المجموعة والتعامل معها بالطريقة التي يراها مناسبة فليس مبرراً ان يغادر الانسان اجتماعيته بل الصواب هو التقنين المدروس والمحدد.
اضف تعليق