q
يوما بعد آخر، نلاحظ كثرة المواد والبضائع الرديئة التي تدخل العراق من مناشئ مختلفة في العالم، وهذا الدخول الهائل لهذه البضائع الرديئة يعد معضلة اقتصادية سياسية واجتماعية تلحق الأذى بالعراق، فقد تكون مستهلكة او مستعملة وربما اكثر من ذلك، ونلاحظ أن التجار الذين يقومون بجلب هذه البضائع والمواد الرديئة....

يوما بعد آخر، نلاحظ كثرة المواد والبضائع الرديئة التي تدخل العراق من مناشئ مختلفة في العالم، وهذا الدخول الهائل لهذه البضائع الرديئة يعد معضلة اقتصادية سياسية واجتماعية تلحق الأذى بالعراق، فقد تكون مستهلكة او مستعملة وربما اكثر من ذلك، ونلاحظ أن التجار الذين يقومون بجلب هذه البضائع والمواد الرديئة، لا يضعون في حسابهم مدى الحاجة أو الفائدة العملية للمستهلك منها، بل من الواضح أن الهدف الأهم لديهم هو تحقيق اقصى ما يمكن من الربح لهؤلاء التجار.

وعلى الرغم من أن المواطنين على علم بهذا الأمر، فإنهم يقومون بشرائها، والسبب لرخص أسعارها، ولكن بعضهم لا يعلم بالآثار الجانبية التي تولدها هذه البضائع الرديئة، ومنها تاثيرها على الصناعات المحلية لكثرة عددها وتواجدها ورخص أسعارها، وكذلك تخلف اثارا مدمرة تمس الاقتصاد الوطني بشكل مباشر، فيما يقع المستهلك فريسة للتجار المحتالين، من خلال جلبهم للسلع الرديئة والمقلدة والمغشوشة، وتسبب أيضا تلويث البيئة أو إلحاق تأثيرات جانبية بالشخص المستهلك.

أسباب دخول البضائع الرديئة

نلاحظ بشكل مستمر انتشارا واسعا للبضائع الرديئة الصنع في الاسواق بالمحافظات كافة، والسبب يعود لعدم وجود قوانين تطبق بشكل مباشر على التجار الفاسدين، والعقوبات المعطاة قد تكون في الغالب مادية فقط، والسبب الاخر هو ضعف الصناعات الوطنية وابتعاد الدولة عن دعم القطاع الصناعي والقطاع العام أيضا، ولقلة دخل المواطنين وكثرة الفقر والبطالة في العراق، هذا يدفع المواطنين لشراء البضائع الرديئة، ولا ننسى الفساد الذي يحدث في مفاصل الدولة وهو سبب رئيسي في دخول مثل هذه البضائع بشكل سريع ومستمر، ومن ثم نشرها في الاسواق، ولتواجد الاهمال الشديد للدوائر الرقابية المختصة بهذا الأمور.

ولأهمية هذا الموضوع وتشابكه المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتأثيره على المواطنين من جوانب عدة، لذا قامت (شبكة النبأ المعلوماتية)، باستطلاع رأي وطرحنا سؤالا على المختصين والخبراء بهذا المجال، والمسؤولين ومن يهمه الأمر، وكان السؤال كالآتي:

• ما هي الآثار التي تسببها دخول المواد الرديئة عن طريق التجار؟

التقينا الدكتور (خالد العرداوي)، اكاديمي في كلية القانون جامعة كربلاء، أجابنا قائلا:

هذا التصرف دليل على وجود خلل في بنية الدولة العراقية من ثلاثة جوانب، الأول يرتبط بالقانون النافذ الذي أما لوجود خلل فيه أو لضعف في تنفيذه ساعد التاجر على تصرفه الفاسد، والثاني يرتبط بإجراءات الدولة المتعلقة بالسيطرة النوعية، والتي لم تصل إلى درجة كافية من القوة لضبط جودة البضاعة، والثالث يرتبط بانعدام إجراءات حماية المنتج المحلي، وأن الخلل في هذه الجوانب يحتاج إلى مراجعة من صانع القرار لضبط سلوك التجار، فاستمرار دخول البضاعة الفاسدة يترك تأثيرات مستمرة وخطيرة منها، إغراق السوق العراقية ببضاعة رديئة تجعلها سوقا منفلتة وغير جاذبة للتنافس النوعي، وإرساله رسالة واضحة للمواطن أن الفساد هو السبب في هذه المشكلة فتزداد عدم ثقته بالحكومة وقوانينها، وينعكس ذلك سلبا على سلوكه، إذ سيجد ان الفساد هو القاعدة وعدمه هو الاستثناء وهذا قد يدفع الكثير إلى تقبل أن يكونوا جزء من حالة الفساد السائد، كذلك استمرار سلوك التاجر الفاسد سيعني وجود بنية اقتصادية فاسدة تنفر الذين يريدون العمل بقاعدة الجودة من التواجد في العراق، ويدفعهم إلى الهرب إلى بلدان أخرى أكثر انضباطا، كل هذه التأثيرات المدمرة لإغراق السوق ببضاعة فاسدة تدل على أن هذه المشكلة خطيرة جدا، وهي تشتبك مع مشاكل أخرى لتغدو جزء من نظام فاسد متكامل يحول دون بناء الحكم الرشيد وبناء الدولة العادلة.

وتوجهنا بالسؤال إلى الاستاذ (سعد منير الياسري)، خبير اقتصادي، فأجابنا بالقول:

هناك مجموعة كبيرة من الاثار التي تسببها المواد الرديئة، وهذا ما يسعى اليه بعض التجار لغرض الربح، وهنا نتكلم في جانبين، احدهما السبب وراء هذا السماح للتجار، ونعلم أن الدولة وغياب القوانين القوية التي تقضي على هذه الظاهرة سبب رئيسي، ولكن للمواطن دور كبير في تقبل مثل هكذا بضائع، وعدم الاحتجاج عليها قد ادى إلى انتشارها بشكل واسع، أما الجانب الأخر هي الآثار فتؤدي هذه البضائع إلى ضياع المواطنين بين الجيد والرديء، وكذلك تأثير الكبير على الاقتصاد العراقي لتمكنهم من التلاعب في الاسعار، والازمات التي قد تحدث من جراء هؤلاء التجار.

كيف تُمنح إجازات الاستيراد للتجار؟

وأجابنا المستشار الدكتور (عز الدين المحمدي)، استاذ القانون الجنائي رئيس مؤسسة الفكر الانساني للإعلام والثقافة والقانون، قائلا:

من المعروف أن في كل دول العالم هناك جهة حكومية صارمة مهمتها الاساس هي منح اجازات ورخص لاستيراد ما تحتاجها الدولة فعليا، والمواد والسلع المتوفرة في البلد يمنع استيرادها أو السماح بتضييق حالاتها، كما كان العراق يسلك هذا السلوك للمحافظة على سمعة العراق التجارية والصناعية والزراعية العراق، كانت من الدول الصارمة في فحص عن جودة ما تستورد من الخارج ونذكر ما كانت تستوردها العراق للأسواق المركزية بات من افضل واجود الصناعات من شتى دول العالم، وكانت على كل مادة شريط مثبت عليها تصنيع خاص للعراق، وكانت هيئة السيطرة والتقييس النوعية هيئة في غاية الاهمية يتم قياس كل المواد المستوردة وفق نظام إجراءات العراقية، ويجب أن تكون مطابقة للقياسات والمعايير العراقية وللأسف اليوم الامر تغير كثيرا فالغش الصناعي والتجاري لما يستوردها التجار في اعلى مستوياتها، وللأسف التجار العراقيين يتفقون مع الشركات التي يستوردون منها ما يحتاجها العراق لتصنيع أردأ انواع المواد، المهم باقل الاسعار ليكون ارباحهم كبيرة ولكن على حساب العراقيين وسمعة العراق فيدخل للعراق ما يسمى بالخردة قياسا للمواد جيدة الصنع، والتي تقاوم لذلك فالعراقيون يخسرون مليارات من الدولارات بهذه الصفقات المشبوهة والرديئة، وآثار هذا السلوك بالتأكيد سيئة جدا للمستهلكين العراقيين من جهة يفقدون الجزء الاكبر من موردهم المالي لشراء مواد وسلع اكبر من قيمتها الحقيقية، وتلك المواد لا تقاوم ولا تستمر الا فترة قليلة يضطر المواطن لإعادة شراء المادة تلك مرة اخرى، بل ومرات عديدة من جهة اخرى أن التجار الفاسدين يغشون التجار المحليين بتصنيف المواد اصلية وغير اصلية وبدرجات متنوعة، ويسعرون كل صنف بمبلغ والمواطن اكيد يجهل هذا الاحتيال، ويصدق ويدفع السعر الذي يحدده التجار أو المحلات المفرد واساليب كثيرة يسلكها التجار للربح الفاحش على حساب المواطن، إلا أن الامر الذي يرسف عليه موقف الدولة والحكومة من هذا الامر مسألة معيبة فالمراكز الحدودية التي تدخل تلك المواد منها، وكذلك المطارات والموانئ تستشري فيها الفساد المالي والاداري والابتزاز، وعدم تطبيق اجراءات التفتيش والسيطرة النوعية، والسماح لإدخال تلك المواد المغشوشة على حساب المواطن، وتبقى الحكومة ومسؤوليتها الوطنية والقانونية وسمعة العراق والاهم تفعيل قانون حماية المستهلكين من التجار للمحافظة على مدخرات المواطنين، وحماية المنتجات الوطنية من المنافسة في السعر مقابل رداءة الواد الداخلة للعراق، والامر خطير جدا وعلى الحكومة تحمل مسؤوليتها للمحافظة على المنتج الوطني وتشجيع الصناعة الوطنية، كما فعلها غاندي في الهند وفي العراق قبل فترة نظمت وزارة الصناعة مؤتمر تشجيع الصناعة الوطنية، ولكن الطريف والمحزن أن كل المواد التي استخدمت في قاعة المؤتمر كانت اجنبية رغم وجود مثيلاتها من الصناعة العراقية، والايجاز هناك تأثيرات سلبية كبيرة لهذا السلوك وعلة الدولة معالجة الامر لتستقيم الاوضاع.

واخيرا التقينا الدكتور (نصيف جاسم)، اكاديمي في كلية الإعلام جامعة بغداد، أجابنا بالقول:

لقد ادى الانفتاح الاقتصادي الى دخول بضائع من شتى المصادر الجيدة والرديئة، وبما أن السوق خاضع للمنافسة التجارية في الربح، قد انعكس ذلك على طبيعة البضاعة التي يستوردها التاجر للبلاد، فهو يسعى الى شراء بضاعة رديئة بأقل الأسعار، لتزيد من أرباحه، أضف الى ذلك ضعف وتعدد المنافذ الحدودية التي تضم أعداد من الموظفين الذين لا يمتلكون الخبرة والأدوات والوسائل للفحص والتحقق، هذا مما انعكس بشكل كبير وسلبي على طبيعة البضائع الداخلة للعراق.

اضف تعليق