q

كثر الحديث في خصوص أن مواقع التواصل الاجتماعي لها دخل بالحياة الاجتماعية العامة، في جميع المجالات، نتيجة الكثافة البشرية التي تستخدم هذه المواقع بشكل كثير، لدرجة أنها باتت تشكل ما يشبه عصب العلاقات بكل مستوياتها وأنواعها، وأصبح دور المواقع المذكورة فاعلا ومؤثرا على مدار الساعة.

أضخم منصة رقمية

إن مواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى رابط أساس بين سكان الأرض، وباتت من أكبر المواقع على الشبكة الدولية العنكبوتية (الانترنت)، بل صارت أضخم منصة رقمية اجتماعية، ونقول اجتماعية، بسبب تمدد وتزايد أعداد الباحثين عن الفرص التي تقودهم نحو التواصل الاجتماعي مع أقاربهم ومعارفهم وأصدقائهم بالإضافة إلى التواصل مع المنظمات والمؤسسات التنموية وسواها، كما تساعد هذه المواقع في نشر المعلومات والمعرفة بين سكان الكرة الأرضية، على الرغم من أن المسافات التي تفصل بينهم تصل إلى آلاف الكيلومترات، لكنهم عبر هذه المواقع المدهشة يتلاقون ويتحاورون وتتشعب علاقاتهم، ويشاهد بعضهم بعضا على نحو لم يكن يدور في بال أحد.

ومن هذه المواقع، واشهرها هو موقع الفيس بوك، الواتساب، التويتر، الانستغرام، وهناك فوائد لهذه المواقع منها معنوية وأخرى مادية، مثل ربح الأموال التي تأتي معظمها من الإعلانات التجارية والدعائية، أما فيما يخص الجانب المعنوي، فمنها توحيد الفكر الجمعي حول مواضيع إيجابية أو سيئة في بعض الأحيان.

تكوين المجاميع الفكرية والعلمية والأدبية

هناك نوعان من التأثير الذي تعكسه هذه المواقع، منها ما هو جيد، وبعضها ما هو رديء ومسيء في الوقت نفسه، حيث تجمع هذه المواقع أعدادا من الأشخاص يتكلمون فيما بينهم ويناقشون أفكارا قد تكون متقاربة حول النهج الذي يضبط سلوكهم في الحياة، وفي مثل هذا التجمع الالكتروني الواسع، قد تتناغم وتتلاقى وجهات النظر حول العديد من القضايا الكونية كإصحاح البيئة، ومكافحة القرصنة الدولية، وسبل التصدي للكوارث، ومجابهة جرائم المعلوماتية والملكية الفكرية.

وقد يؤدي ذلك إلى تكوين مجموعة فكرية أو علمية، وهناك مجموعات ثقافية تفيد من يقوم بالتواجد بها، وعلى الرغم من وجود هذه الفوائد التي تقدمها مواقع التواصل، لكن هناك مواقع سيئة، حيث تقوم جماعات إرهابية بالترويج للفكر المتطرف أو التكفيري، وقد يكون هدفهم التخريب والفوضى، والهوس بمحاولات السوء.

ومن المواقع التي أسهمت في تكوين العقل الجمعي هو الفيس بوك، حيث ذهب بالناس إلى أبعد مما كانوا يحلمون به، وصار تجاوز المكان والزمان رهنا بالضغط على شاشة أي هاتف ذكي، فقد ضجّ الفيس بوك وسواه من المواقع بالكروبات العلمية والثقافية، وصار ضروريا البحث عن تعريف جديد للأمية الحضارية، فلم يعد الإنسان أميّا يجهل ما يحدث حول العالم إذا لم يعرف القراءة والكتابة، بل صارت الأمية الرقمية حالة تستوجب الاختفاء، والسبيل الأمثل أن يتم نشر مراكز لمحو الأمية الرقمية، لمن يريد القضاء على التخلف الحضاري، أو التخلف الرقمي إذا صح التعبير، ومن ثم ينضم إلى مجتمع المعرفة،

ولأهمية هذا الموضوع في الأوساط الاجتماعية وسواها، ونتيجة لدور هذه المواقع في حياة الناس عموما أجرت (شبكة النبأ المعلوماتية) حملة استطلاعية حول هذا الموضوع تحديدا، وتم طرح بعض التساؤلات على الجهات المعنية ومن يهمهم الأمر، لمعرفة تفاصيل وأهمية آراء الناس حول دور هذه المواقع ودرجة تأثيرها على أفكارهم وسلوكهم.

تعزيز اتجاهات الفرد والمجتمع

وكان السؤال الأول:

- هل ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في صناعة العقل الجمعي الجديد؟.

التقينا الدكتور (نصيف جاسم)، أستاذ قسم الفلسفة والاعلام في جامعة بغداد، وأجابنا بالقول:

نعم، وبشكل مباشر أسهمت هذه الشبكات بصناعة العقل الجمعي، تقديري أدى ظهور شبكة الانترنت الى خلق عالم افتراضي جديد لا حدود له، او مكان او زمان معينين مما ادى الى تغيير اتجاهات، او تعديل اتجاهات، او تعزيز اتجاهات بين افراد، المجتمع الواحد، فهي عابره للقارات لا يمكن تتبعها مفتوحة المجالات لا يمكن مراقبتها، وهذه الشبكات اسهمت في تكوين فكر جديد، يكون على مسارين منه مفيد للمجتمعات كالتعلم منهما وزيادة المعرفة، ومنها غير مفيد وضار، مثل المجموعات التي تؤدي الى فكر إرهابي وتفهم قيم غير أخلاقية.

من جهته الدكتور (غازي البدري)، أكاديمي في كلية التربية جامعة كوت، قال:

شبكات التواصل بالنسبة للعراق يمكن تقسم الإفادة من عدمها على قسمين:

قسم منها حقّق إفادة علمية من شبكات التواصل، واستطاع عن طريقها ان يكون مع الجمع العالمي، في مجال التطور والتطوير، والقسم الثاني انشغل مع المجموع الضال، من المجتمعات العربية، إذ تعلم منها الأمور الطارئة، على مجتمعنا وهو بذلك أصبح عنصرا هداما، في المجتمع العراقي لأنه لكل مجتمع قواعده وقوانينه.

والتقينا كذلك الأستاذ (احمد هاشم الربيعي)، إعلامي وكاتب، فأجابنا بالقول:

مواقع التواصل الاجتماعي، تدخلت في كل مجالات الحياة، وقد قامت بشكل يشبه التجمعات، تفيد الفكر بشكل عام، ونوع هذا الفكر بشكل خاص، ولقد استطاعت هذه الموقع، أن تغير في السلوك المجتمعي لملايين الناس، باستحداث مفاهيم للتطور الاجتماعي، واخذ المعلومات والافكار عبر السفر إلى اللامكان واللازمان، وبسبب هذه النقلة الرقمية المذهلة، تحول الناس وبسرعة فائقة من عالم (الانترنت) الذي لا تعرف فيه من أنت، إلى عالم تعرف فيه الشبكة العنقودية بالضبط من أنت، ومع كل هذا الزخم، فهناك تجمعات قليله قد تكون لها دور كبير في مجتمعاتنا.

الثوابت المعرفية للأمة

الأستاذ (عبد الله محمد العكابي)، موظف حكومي، فال حول هذا الموضوع:

إن مواقع التواصل تشمل جميع المجالات من حيث الاهمية، والفائدة، والضرر، فيظن الجميع بأن هذه المواقع تسهم في تكوين الفكر أو العقل الجمعي السيئ فقط، وأن هذه التطور قد أساء للتفكير والحياة والقيم، ويظن هؤلاء أنه لا يمكننا بناء أفكار جيدة ونافعة وفعالة في المجتمع، لكن يمكن استغلال هذه المواقع للقضاء على الكثير من الأزمات ومنها التخلف، وكذلك يمكن تخفيف الأمور السيئة أو القضاء عليها في جميع جوانبها، وأن ليس بالضرورة أن تكون مواضيع العقل الجمعي سلبية، بل قد تكون نتاج حراك فردي كبير بين شخصين، فالمدخلات الفردية احتكت ببعضها بعضا، وولدت شرارة لنتاج معرفي جمعي، تعددت فيه الرؤى والأحكام، حول موجودات هذا العالم، بما أفضى إلى حالة معرفية ايجابية، لكن الخطورة الكبيرة تكمن في الركون إلى المخرجات والخوف من التقدم لتبادل هذه المعرفة، واعتبارها نقطة قصوى في علاقة الفرد بالكل من جهة، وعلاقة الكل بالعالم وموجوداته من جهة ثانية، وعدم التحفيز الدائم على تنشيط المدخلات الفردية لهذا العقل الجمعي، بما يلغي إمكانية أي تجاوز لتلك المُخرجات، إذ تتحول إلى روافع سيكولوجية لأمة من الأمم من ناحية، وإلى ثوابت معرفية من ناحية أخرى.

اضف تعليق