q
المفاجئات التي يقع بها المستهلك الواثق تماما بالشخص المقدم للسعلة قد لا تنتهي، وفي الوقت ذاته لا يمكن ان تكون هنالك حملة لمقاطعة شاملة لمثل هذا النوع من الشخصيات، اذ يوجد من يحترم متابعيه ويقدر رغبتهم في اقتناء الأشياء الجميلة والمفيدة، وهنا نصبح امام حالة من التوازن لمعرفة الغث من السمين...

هل اثرت فيك عبارة تعرضت لها على مواقع التواصل الاجتماعي؟، هل قررت شراء بعض الاحتياجات عبر هذه الطريقة؟، وهل لديك الثقة الكافية التي تجعلك تغتني ما يروج له بعض الشخصيات المؤثرة والمشهورة على تلك المواقع؟

نقع بين فترة وأخرى بين ضغوط الترغيب التي يقدمها مؤثرين على الشبكات الاجتماعية، من اجل حثنا على شراء بعض السلع والخدمات، ونتخذ قرار الشراء دون تفكير بالحاجة الفعلية من الشراء، وهل الشراء نابع من حاجة فعلية ام رغبة آنية اقتضت ذلك؟

يحتاج الفرد وحال التعرض لمثل هذه الأفكار الجارفة بشكل كبير الى التأن والانتظار قبل بلوغ مرحلة اللاعودة الشرائية، وهي المرحل التي اتخذ الشخص فيها قرار الشراء ولا يمكن العدول عنه او التراجع، بعد ان غمرته الرغبة في امتلاك الشيء المقدم من قبل شخصية غير مغمورة على التواصل الاجتماعي.

وبالتأكيد لهذه الشخصيات متابعين يثقون بما يطرحونه، ويأخذون كل ما يأتون به بنوع من التسليم الى درجة لا يمكن مناقشته، ذلك انه لا يحتمل الخطأ او التشكيك، وقد تصل بعض الحالات الى نوع من التقليد الاعمى لفنان او رياضي يحظى بشعبية على الصعيد الوطني والعالمي.

ويطل علينا الفنانين او الرياضيين وغيرهم بتناول أنواع من المشروبات الغازية او المأكولات، وقد يكون لهم زملاء آخرين او طبيب لديه القدرة على الاقناع، يخرجون لنا عبر تطبيق آخر على مواقع التواصل الاجتماعي، يحذر من تناول هذه المشروبات والاغذية ويقدم جملة من الآثار الجانبية، لكن في الوقت نفسه نجد الاغلبية لديهم الثقة بما يقدمه لاعب كرة القدم ضاربين برأي أصحاب الاختصاص عرض الحائط.

القوة التأثيرية لمواقع التواصل الاجتماعي، جعلت أصحاب الشركات التسويقية ان تضعها ضمن مخططاتها الترويجية، بل فضلتها على الكثير من الأساليب التقليدية والأفكار التي غدت من الماضي لا يمكن ان يعتمد عليها لصنع التغيير في القناعات الفردية.

تجاوز عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على مستوى العالم خمسة ملايين مستخدم، وبالتأكيد هنالك تباين كبير فيما بينهم، وهنا بالتأكيد توجد فجوات يمكن من خلالها التغلغل بين الشرائح الاجتماعية وفرض السيطرة عليها بما يتعلق بقراراتهم الشرائية.

وقد استثمرت بعض العلامات التجارية قوة وسحر التأثير لشخصيات على منصات التواصل الاجتماعي، وخصصت ميزانيات كبيرة لتحقيق هذا الغرض، بما يجعل هؤلاء يستخدمون جميع المهارات الفردية في الاقناع والتأثير على الأشخاص من أصحاب الوعي المحدود بهدف الشراء.

بعد الشراء المتسرع يشعر العديد من الأشخاص بحالة من الندم ولوم النفس ويتمنى لو يعود به الوقت لوقف بوجه رغباته الجامحة وعدم الاعتراف بجميع الأسباب التي دفعته للشراء، وقد يصل به الحال الى تغيير قناعته بطرح الشخصية المؤثرة بالنسبة له والتي لديها قدر غير قليل من التحكم بقراراته المتعلقة باقتناء السلع المتنوعة.

من سمات الزمن المعاصر هو التغيير السريع في جميع المجالات، ومن المجالات التي طرأ عليها تعديلات كبيرة هو المجال التسويقي الذي استثمر وجود الشبكات الاجتماعية بكل تفاصيلها، اذ أدركت الأخيرة لما للمشاهير من اتباع او مقلدين يفضلون التقليد او التوحد مع هذه الشخصيات بجميع الحالات.

ولذلك كان زج هذا النوع من الشخصيات وإدخالها في المضمار امر لا بد منه، وكأنه ضرورة من ضروريات المرحلة لا يمكن الاستغناء عنه، لكن ومع شديد الأسف رافق الدخول هذا نوع من عدم احترام ذائقة المستهلك والاستهانة باختياره للملبس والمأكل وغيرها من الاحتياجات.

ففي كثير من الأحيان يخاطب المستهلك بصورة مباشر وكأنه شخص جاهل لا يعرف ماذا يختار واي الخيارات مناسب له من عدمه، وبذلك يشعر وكأنه ارتكب خطأ كبير، وان عدم سماعه النصيحة المقدمة من قبل أحد المشاهير سيكلفه الكثير ويترتب على ذلك تبعات مالية إضافية كأن تكون عبر استبدال السلعة بغيرها يعتقد المعلن انها أفضل من الأولى.

المفاجئات التي يقع بها المستهلك الواثق تماما بالشخص المقدم للسعلة قد لا تنتهي، وفي الوقت ذاته لا يمكن ان تكون هنالك حملة لمقاطعة شاملة لمثل هذا النوع من الشخصيات، اذ يوجد من يحترم متابعيه ويقدر رغبتهم في اقتناء الأشياء الجميلة والمفيدة، وهنا نصبح امام حالة من التوازن لمعرفة الغث من السمين.

أي حملة لإيقاف التعامل مع هذه الشخصيات المؤثرة قد تكون عبث غير ذي جدوى مطلقا، وقد يكون الطريق الاسلم هو التفكير بأسلوب معين نحاول من خلاله إيقاف نزيف الخسائر المتكررة التي تلحق بالأفراد المستهلكين يوميا، الى جانب الالتزام بالقضايا الأخلاقية وعدم الحاق الأذى المتواصل بالأفراد الذين قد لا يملكون ما يجعلهم قادرين على استبدال السلعة إذا ثبُت انها غير جيدة.

اضف تعليق