q
السايكوباثية هي اضطراب في الشخصية يتميز صاحبه بالعديد من الصفات، أهمها سلوك ضد المجتمع (anti-social)، والغطرسة والخيانة والتلاعب بالآخرين، مع افتقاد الشعور بالتعاطف مع ضحاياه، وعدم الشعور بالذنب أو الندم على أفعاله الخاطئة، وهو أمر غالبا ما يقود إلى سلوك إجرامي.

السايكوباثية هي اضطراب في الشخصية يتميز صاحبه بالعديد من الصفات، أهمها سلوك ضد المجتمع (anti-social)، والغطرسة والخيانة والتلاعب بالآخرين، مع افتقاد الشعور بالتعاطف مع ضحاياه، وعدم الشعور بالذنب أو الندم على أفعاله الخاطئة، وهو أمر غالبا ما يقود إلى سلوك إجرامي.

يعتقد بعض الأطباء النفسيين أن الشخصية السايكوباثية تمثل قمة التطرف في ارتكاب الجرائم والموبقات، مع الاعتداء على الآخرين والكذب والسرقة، وتدعم اعتقادهم حقيقة شيوع هذا الاضطراب لدى الأشخاص الموجودين في السجن، وذلك وفقا للمكتبة الوطنية للصحة في الولايات المتحدة الأميركية.

يكمن أحد جوانب خطورة الشخصية السايكوباثية في أن صاحبها قادر على التعامل بوداعة ولطف مع الآخرين، كما أنه قادر على امتداح المحيطين به ونيل ثقتهم ثم استخدام ذلك في التلاعب بهم، وهو وإن كان في الظاهر يحب من يحيطون به إلا أن سلوكه الحقيقي هو ضدهم، تقدر نسبة من يتصفون بشخصية سايكوباثية في المجتمع بـ1%، أما بين المساجين فهي ترتفع لتبلغ من 15% إلى 25%.

يوصم الكثيرون من السفاحين والحكام المستبدين الذين قتلوا الآلاف بأنهم سايكوباثيون، ويستدلون على ذلك بارتكابهم هذه الجرائم مع عدم إبدائهم ذرة ندم، بل إنهم قد يشرعنون أفعالهم ويقولون إنهم حموا "الدين" أو "الأمة" أو "الوطن" أو أن "الله دعاهم لهذه المهمة العظيمة".

الأعراض: أسلوب في التعامل مع الآخرين يقوم على الغطرسة والخداع، خيانة الأمانة والتلاعب بمن حوله، عفوية السايكوباثي في ارتكاب أعماله، الاندفاع وعدم تحمل المسؤولية، القدرة على التعامل بوداعة وإخلاص مصطنع، القدرة على اكتساب ثقة الآخرين، تكرار خرق القانون، إهمال سلامته وسلامة الآخرين، تكرار ممارسة السرقة والكذب والشجار، عدم القدرة على إظهار الندم على ما يفعله من أخطاء، عدم الشعور بالذنب، الغضب، تعاطي المخدرات أو الإدمان.

الأسباب: من غير المعروف سبب الشخصية السايكوباثية، لكن قد يكون للعوامل التالية دور فيها: الوراثة والجينات، التعرض لسوء المعاملة أثناء الطفولة، إدمان الخمر يرفع مخاطر المرض، وفقا للمكتبة الوطنية للصحة، فإن إشعال النيران والحرائق أثناء الطفولة قد يرتبط بالمرض، القسوة على الحيوانات، كقتلها أو تعذيبها أثناء الطفولة، الرجال أكثر إصابة بالمرض من النساء.

جدل أخلاقي: ويقول بعض الأطباء النفسيين إن مرض الشخصية السايكوباثية قابل للعلاج ولكنه علاج صعب للغاية، كما أن أغلبية المصابين به لا يطلبون المساعدة النفسية إلا بأمر من المحكمة.

من القضايا الأخلاقية التي يثار بشأنها الجدل حقيقة وجود مرض لدى الشخص، إذ يقول البعض إن تعريف شخص مجرم مثلا بأنه سايكوباثي يعطيه مبررا لارتكاب الجريمة لأنه مجبر بجيناته على أن يكون مجرما، فالذنب ليس ذنبه، وبدل العقاب يجب أن يتلقى مساعدة.

لكن آخرين يرون أن تصنيف السلوك الإجرامي بأنه مرض سايكوباثي يعد مدخلا لإضاعة حقوق ضحايا المجرمين السايكوباثيين، خاصة أن الدراسات الحديثة أثبتت أن الوراثة تلعب دورا في كل أنماط السلوك تقريبا، ولذلك فإن هذا ليس مبررا لارتكاب الجرائم ثم الإفلات منها بحجة المرض النفسي (السايكوباثي).

كيف تتعامل مع الشخص السايكوباثي في العمل؟

السايكوباثية هي اضطراب في الشخصية يتميز صاحبه بالغطرسة والخيانة والتلاعب بالآخرين، مع افتقاد الشعور بالتعاطف مع ضحاياه، ولكن الجديد في مقال نشر في التايم الأميركية أنك قد تصادف أشخاصا مصابين بهذا المرض في العمل، فكيف التعامل معهم؟

كما يمتاز المصابون بسلوك ضد المجتمع (anti-social)، بينما يعتقد بعض الأطباء النفسيين أن الشخصية السايكوباثية تمثل قمة التطرف في ارتكاب الجرائم والموبقات، مع الاعتداء على الآخرين والكذب والسرقة.

وكتب إيريك باركر "صحيح أن الشخص السايكوباثي أكثر احتمالية لأن ينتهي به الأمر في السجن، إلا أن الغالبية لا يحصل معهم ذلك"، وهؤلاء في الشركات يكونون مصابين بشخصية سايكوباثية تحت سريرية (subclinical psychopaths)، أي أنه لا تكون عليهم أعراض واضحة تكشفهم.

فهم لا يكونون في الشركة قتلة يطعنون الناس بسكين ويقتلونهم، ولكنهم يتصرفون بلؤم وخداع، ويطعنون زملاءهم في ظهورهم وقد يتسلقون عليهم ليصلوا إلى أهدافهم، فالسايكوباثي عندما يعين في الشركة يحاول أن ينسج أكبر شبكة من العلاقات، ويعطي عن نفسه أحسن انطباع، ساعيا للترقي، وذلك على حساب الآخرين ودون أي اهتمام بهم ومهما كان الثمن، وفي الشركة يستخدم هؤلاء الأشخاص أشخاصا آخرين كأدوات -لا يعتبرونهم بشرا- لتحقيق أهدافهم، ويتلاعبون بهم ويسعون للسيطرة عليهم، وعندما ينتهون منهم فإنهم يتركونهم فجأة ويلقونهم كقمامة، ويحدث هذا مثلا عندما يترقى الشخص السايكوباثي ليصبح مديرا مثلا.

هل تعتقد أنك تعرف سايكوباثيا لديك في الوظيفة؟

الكاتب يقدم لك ست نصائح للتعامل معه: إذا كنت مديرا عليك معرفة الشخص السايكوباثي أثناء مقابلة التوظيف وعدم تعيينه، إذا كنت موظفا ولديك شخص سايكوباثي فيجب أن تقول له لا، ويعني هذا عدم الدخول والانجرار لألاعيبه أو كلامه المعسول أو محاولته التحكم بك، عليك أن تتقبل أن بعض الأشخاص سيئون وهكذا هو العالم، انتبه إلى أفعال السايكوباثي لا أقواله، قد يكون يحدثك بكلام معسول ومؤدب، ولكن أفعاله هي المعيار، إذ قد يكون يحاول تلفيق تهمة لك لإزالتك أو تحجيمك أو أخذ مكانك، ابن لك شبكة من العلاقات الجيدة، وحافظ على سمعة جيدة في الشركة، وبهذا لن يتمكن السايكوباثي من إيذائك في الشركة أو التأثير على رأي الإدارة بك.

كيف نفهم الشخصيات السايكوباثية والسوسيوباثية المعادية للمجتمع؟

حازت الشخصيات المريضة نفسيًا على اهتمامٍ بالغ في السينما والمسلسلات والروايات، ما جعل منها أقرب للفهم العام، وبفضل هوليوود وأفلامها، باتت مصطلحات من قبيل سايكوباث أو سوسيوباث متداولة بشكلٍ واسع على نطاقات مختلفة، على الرغم من أنها لا تخرج من حيّز كونها مجرد مصطلحات شعبية بديلة للمصطلح الذي يعتمده مجتمع الطب النفسيّ ويُعرف بالشخصية المعادية للمجتمع أو " antisocial personality disorder".

ولنفهم الملامح العامة لتلك الشخصية، فلا بدّ من الاستعانة بالدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض العقلية والنفسية "DSM5"، والذي يعرّف الشخصية المعادية للمجتمع بكونها تلك الشخصية التي تتسم بثلاث سماتٍ أو أكثر من السمات التالية؛ عدم احترام قوانين المجتمع، انتهاك حقوق الآخرين المادية والعاطفية، الكذب والخداع والاستغلال المستمر للآخرين، الافتقار للتعاطف والندم حيال الأفعال، الأنانية الشديدة والإحساس بالتفوق، العدوان واستعمال العنف والإساءة بالتعامل مع الآخرين.

يعتبر مصطلحي سايكوباث وسوسيوباث مجرد مصطلحات شعبية بديلة للمصطلح الذي يعتمده مجتمع الطب النفسيّ ويُعرف بالشخصية المعادية للمجتمع أو " antisocial personality disorder".

إذن فيشير مصطلح الشخصية المعادية للمجتمع إلى مجموعة من السمات الشخصية التي تشمل نمطًا معيّنًا من السلوكيات والأفكار التي تنطوي على كونها نمطًا دائمًا للحياة يمكن استشفافه من خلال التقييم النفسي الذي يستكشف الأفكار والمشاعر والعلاقات مع الآخرين وأنماط السلوك والتاريخ العائلي والتاريخ الشخصي والطبي للفرد.

قد لا يكون من السهل بمكانٍ اكتشاف ذلك الاضطراب عند الأفراد، فغالبًا ما تبدو تلك الشخصية على قدرٍ عالٍ من الذكاء والكاريزمية والقدرة على محاكاة العواطف أو التفاعل معها بطريقةٍ قد تجذب كلّ من حولهم ظاهريًا. ولكن في الحقيقة فثمة إنسان يجيد تمثيل دوره على أكمل وجه تبهرك لطافته وعذوبة كلامه وقدرته على استيعاب من أمامه ومرونته في التعامل وشهامته الظاهرية المؤقتة ووعوده البراقة.

الاختلاف الأكبر بين الشخصيتين يكمن في وجود أو تمحور الضمير في إطار الحيّز اليومي للفرد. إذ ليس لدى الشخصية المعتلة نفسيًا أي ضمير ولا يقيم اعتبارًا لأيّ صوابٍ أو خطأ، على عكس الشخصية المعتلة اجتماعيًا

ومع ذلك، فثمة أوجه اختلاف رئيسية يمكن لمسها بين الشخصية السايكوباتية من جهة، والشخصية السوسيوباثية من جهةٍ أخرى، لعلّ أهمها وجود أو تمحور الضمير في إطار الحيّز اليومي للفرد. إذ ليس لدى الشخصية المعتلة نفسيًا أي ضمير ولا يقيم اعتبارًا لأيّ صوابٍ أو خطأ، لذلك فإنّ أيّ شكلٍ من أفعاله وسلوكياته وتصرفاته كالقتل والسرقة والخداع وغيرها، لا تكون محكومةً بتاتًا بأيّ رادعٍ أخلاقيّ أو مرجعٍ ضميريّ على الرغم من محاولة تلك الشخصية بالتظاهر أمام الآخرين على عكس ذلك.

أما الشخصية المعتلة اجتماعيًا فعادةً ما يشكّل الضمير عندها مرجعًا ولو ضعيفًا لقياس الأفعال والتصرفات، فقد يعلم أنّ السرقة فعلٌ خاطئ، وقد يشعر ببعض الذنب أو الندم في بعض الأحيان، ولكن ذلك لن يوقف سلوكه أو انسياقه وراء أفعاله.

كلا الشخصيتين تفتقر إلى التعاطف والقدرة على وضع النفس في مكان الآخرين والنظر للأمور من زاويتهم، لكنّ الأمر يكون على درجةٍ أكبر عند الشخصية المعتلة نفسيًا، إذ ينعدم اهتمامه بالآخرين ويتجاهل عواطفهم ومشاعرهم، ويميل للتلاعب بهم واستخدامهم، فشخص من هذا النوع من الشخصيات يرى الآخرين كأشياء أو أدوات يمكنه استخدامها لمصلحته الخاصة وتحقيق أهدافه.

وفي حين لا يهتم المعتلّ اجتماعيًا سوى بنفسه وبتحقيق مطامحه، إلا أنه عادة ما يكون أقلّ تلاعبًا بالآخرين في حال قورن بذلك المعتلّ نفسيًا الذي يتسم ببرودة قلبه، فهو يرسم بعناية تحرّكاته ويخطط بكلّ ما أوتي من مكرٍ وأنانية ليحصل على ما يريد، سواء على مستوى العلاقات الشخصية أو العملية وغيرها.

فالمعتلون نفسيًا يجدون صعوبةً في تشكيل ارتباطاتٍ عاطفية حقيقية مع الآخرين، إذ جلّ علاقاتهم تتمركز حول التلاعب بهم بأكبر قدرٍ للحصول على فائدة ما، فالآخرون مجرد بيادق لتحقيق الأهداف، وهذا ما يفسّر سبب غياب التعاطف أو الشعور بالذنب حيال السلوكيات المؤذية لهم.

خذ على سبيل المثال شخصية "باتريك باتمان" في فيلم "أمريكان سايكو" لتفهم هذه الشخصية بشكلٍ أفضل. فلدينا هنا رجل أعمال ناجح، ذو شخصيةٍ جذابة كما يبدو، أنيق، عذب الكلام، قادر على جذب النساء عاطفيًا والآخرين بطريقة تتسم بالقدرة على الإقناع واستخدام أساليب الحديث المنطقية، جديرٌ بالثقة. لكنْ خلف هذا كلّه فثمة شخصية انتهازية تسعى بكل ما أوتيت من قوة الوصول لمصالحها وأهدافها من خلال سلّم التلاعب بكلّ من حولها دون أنْ تسائل نفسها أخلاقيّا أو عاطفيًا حيال ما تفعله.

قد تصوّر الأفلام والبرامج التلفزيونية عادةً ذلك النوع من الشخصيات بكونهما شخصيات شريرة لا تتوانى عن القتل والتعذيب والتنكيل، بطبيعة الحال ليسوا جميعهم هكذا. ففي حين ثمة من يتلذّذ بالقتل والتعذيب ويسعى إلى ذلك، هنالك الشخصية المعادية للمجتمع التي تتمحور حول السلوكيات الطائشة والتلاعب بالآخرين للحصول على ما تريد ليس إلا، حتى وإنْ اضطرت لإيذاء الآخرين فالهدف هنا هو الوصول للأهداف وتحقيق المراد لا القتل لأجل القتل أو التعذيب لأجل التعذيب.

تلعب الوراثة والجينات دورًا في تكوين الشخصية السايكوباثية، في حين تشكّل البيئة والمجتمع الدور الأكبر في الشخصية السوسيوباثية، إلى الآن، ما زالت الأسباب الحقيقية لتكوّن تلك الشخصية غير معروفةٍ بشكلٍ واضح، ففي حين يعتقد العديد من الباحثين في علم النفس أنّ الوراثة والجينات تلعب الدور الأكبر في تكوين الشخصية السايكوباتية، كما تلعب بيولوجيا الدماغ دورًا كبيرًا في ذلك، إذ أظهرت العديد من الأبحاث أنّ ثمة اختلاف في أجزاء دماغ السايكوباث التي عادةً ما يُعتقد أنها مسؤولة عن تنظيم العاطفة والتعاطف والتحكم بالسلوكيات والاندفاع.

ومن جهةٍ أخرى، يرى باحثون أنّ الشخصية السوسيوباثية هي نتاج المجتمع وتفاعل الفرد مع بيئته المحيطة به، كنمط التنشئة والتربية في الطفولة ومرحلة المراهقة، والتجارب الناتجة عن الأسرة أو المدرسة أو غيرها في مراحل مبكرة ومهمة للنموّ العقليّ والنفسيّ مما أدى إلى الإيذاء الجسدي، والإساءة العاطفية، أو صدمة الطفولة.

أما فيما يتعلّق بالطابع الإجراميّ عند كلا الشخصيتين، فيغلب على السايكوباث ميله لخوض تلك السلوكيات بعناية شديدة وتخطيط كبير يضمن سلامتهم وعدم الإمساك بهم مع وجود خطط للطوارئ بشكلٍ دائم. أما السوسيوباث فيميل من جهته إلى كونه أكثر اندفاعًا بشكلٍ غير منظم، وعلى النقيض من ذلك فيغلب عليه التهوّر وعدم مراعاة المخاطر أو العواقب المترتبة على السلوكيات والأفعال ما يزيد من احتمالية القبض عليه والإمساك به.

تذكّر أليكس ديلارج في فيلم ستانلي كوبريك "البرتقالة الميكانيكية"، ذلك الشاب العابث ترتكب جرائم عنف متطرف واغتصاب وسرقة لمجرد الاستمتاع بتهوّر شديد ودون أيّ تخطيط مسبق أو تفكير بالعواقب، لتفهم ذلك النوع من الشخصيات.

المهن السايكوباثية

هل شخصيتك مضطربة، عواطفك ضحلة، لا تعرف الخوف، تتحمل الضغط العالي، تفتقر للعاطفة؟ هل أنت قاسٍ، لا تعرف الشعور بالذنب، أناني، غير مسؤول، تتصرّف عكس مقومات المجتمع... أنت سايكوباثي. لا تصدّق أنك قد تكون سايكوباثياً معاصراً، تستخدم نقاطك القوية للمثابرة في الحياة! أنظر للمهنة التي اخترتها، وللوظيفة التي تمارسها لتعرف لأي درجة قد تكون سايكوباثي...

طرح عالم النفس كيفين دوتون Kevin Dutton من جامعة Oxford، مؤلف كتاب The Wisdom of Psychopaths: What Saints, Spies, and Serial Killers Can Teach Us About Success، تصنيفاً للمهن التي يكثر السايكوباثيون من اختيارها، وعلى رأسها المدير التنفيذي، المحامي والإعلامي، في حين يحمل المسعفون والممرضون والمعالجون النفسيون أقل الصفات السايكوباثية في جيناتهم. فأين تقف أنت؟

لائحة الوظائف السايكوباثية إذا صحّ التعبير، تشمل بالتسلسل المدير التنفيذي، المحامي، الإعلامي، البائع، الجراح، الصحافي، رجل الشرطة، رجل الدين، الطباخ، والموظف الحكومي، بينما المهن الأقل سايكوباثية، يختارها الأكثر سلامة نفسياً وعقلياً، فتضم المسعف والممرض والمعالج النفسي والحرفي وأخصائي التجميل وفاعل الخير والمعلم والفنان المبدع والحكيم والمحاسب.

السر الذي يكمن خلف تقسيم المهن على لائحتين بدرجات مختلفة من السايكوباثية، هو ببساطة أن اللائحة السايكوباثية تزوّد دفعة من الأحاسيس القوية أكثر من اللائحة الأخرى، التي تتعمّق أكثر في العلاقات الإنسانية الأكثر حساسية. الكذب والهيمنة والاحتيال، صفات تتماشى مع مهنة سايكوباثية ناجحة، بينما العقلانية والاهتمام بالآخر والمشاعر هي حصيلة خطى واندفاع الإنسان السليم. التعاطف مع الآخر في الحياة اليومية قد ينقذك من احتمال أن تكون سايكوباثياً معاصراً يعيش حياة منخرطة في المجتمع.

ربما تكون في أعماقك سايكوباثياً كتوماً، تقضي وقتك بالبحث عن كل ما يلهيك لئلا يظهر ما في أعماقك من صفات سايكوباثية تعشق الألم، مثل الإدمان على العمل أو الجنس أو أي مادة وممارسة أخرى، لكن بعض العلامات لا تخطئ في تصنيفك كسايكوباثي مكبوت بامتياز: أنت طليق اللسان وعفوي، وتتمتع بسحر سطحي؟ تحتاج لتحفز دائم ودافع لمغامرة جديدة لئلا تقع في الملل؟ الكذب المرضي صديقك؟ التلاعب والاحتيال هواياتك؟ لا تعرف الندم أو الشعور بالذنب؟ تأثّرك العاطفي سطحي؟ أنت قاسي القلب ومنعدم العاطفة؟ تواجه مشاكل في السيطرة على نفسك؟ ليست لديك أهداف واقعية طويلة الأمد؟ كثير الاندفاع؟ تفشل في تحمل مسؤولية أعمالك؟

كلما ارتفع تميّزك بتلك الصفات كلما ازداد تصرفك السايكوباثي. من الصعب جداً أن يتم التعرف على صاحب الشخصية السايكوباثية، لأنه يجيد التمثيل وله القدرة على التأثير على الآخرين والتلاعب بأفكارهم، يعطي وعوداً كثيرة وغالباً ما يبدي اللطف مع الغريب. أنانية الشخصية السايكوباثية مفرطة ولا يعترف بالقيم والتقاليد ولا المحبة الحقيقية، ما يوصله في غالب الأحيان إلى أدوار قيادية في المجتمع. يميل دوماً للغرائز ويسعى دون ملل لتحقيق ما ترغبه نفسه فقط، وكلما ازداد ذكاؤه كلما حرص على الحصول على مبتغاه بأي ثمن، حتى ولو كان الثمن هو الجريمة. ألا تشعرون وكأننا نتحدث عن زعماء السياسة وقادة البلاد وكبار المسؤولين، أليست كل تلك المواصفات السايكوباثية تتطابق مع تلك التي تميز المستبدين في عالم السياسة؟

لدى تصفّح الإعلام الإلكتروني بحثاً عن سياسيين سايكوباثيين، تقعون على أسماء عديدة وأطباء مختصين يتهمون زعماء البلاد بالسايكوباثية، ذلك المرض الذي يقف خلف جنون العظمة الذي ينتابهم. خضع أول ظهور لحسني مبارك في المحاكمات المتلفزة عام 2012 لتحليل لشخصيته، أكد خلاله الدكتور محمد عبد الحكيم، مدرس الطب النفسي في كلية الطب - جامعة طنطا، أن الرئيس السابق مبارك شخصية سايكوباثية. لا تخلو مصر اليوم حتى من السايكوباثيين الحاكمين كما ينظر إليهم الشعب، والسيسي أحد المتهمين الأكبر في التعليقات الإخبارية مثل: "لا يستبعد أن يقوم نظام الفلول والإنقلابيون الذين يديرهم فعلياً السايكوباثي السيسي بمحاكمة كل نشطاء ورموز ثورة 25 يناير ثأراً لمبارك وفلوله وللقضاء على أهداف ومطامح الشعب المصري في الحرية والعدالة والعيش الكريم والتحرر من التبعية الخارجية"، كما يتموصفه بالطريقة نفسها التي يُنظر بها للسايكوباثي "ومن الناحية النفسية يوصف هذا الشخص، أي السيسي، بأنه سايكوباثي أو عدواني، فهو يشعر بلذة عندما يحدث أذى للآخرين، وكلما اشتد الألم كلما زادت متعته".

الإخوان المسلمون لهم حصّتهم أيضاً من اتهامات السايكوباثية المتعطشة "يجب عرض كبار قادة الإخوان على أطباء نفسيين لأجل أن تنخرط هذه الجماعة في عمليات تنافس سياسي معاصرة... والسايكوباثية ستكون ملازمة لهم". سياسيون يتهمون بعضهم بالسايكوباثية، صحافة ترفع عنوان السايكوباثية أعلى صفحاتها، كرأي الكاتبة واللاجئة السياسية وفاء البوعيسى “القذافي شخصية سايكوباثية مأزومة"، ووصف البي بي سي BBC العربية صدام حسين بالشخصية السايكوباثية، هو الذي “يستحضر العذارى إلى قصره لانتهاكهن". من دون أن ننسى الحروب الكلامية بين الزعماء السياسيين، مثل وصف السياسي اللبناني وليد جنبلاط لبشار الأسد في حديث له "نحن أمام مريض نفسي له شخصيتان، فهو كاذب ومتوحش ولم أفهم أن الغرب يمكن أن يكون بهذا الغباء…".

المجتمعات والنوازع السايكوباثية!!

هل أن المجتمعات تختزن نوازع سايكوباثية تعكسها في مَن تنتخبهم وتضعهم على كراسي المسؤولية والحكم؟!

السايكوباثيون يتميزون بصفة مشتركة وطاغية هي "موت الضمير"، فجميعهم وبلا إستثناء، لا توجد فيهم نقطة ضمير، أو قدرة على الشعور بالآخرين من حولهم أو وبالحياء مما يقومون به ويرتكبونه.

وهناك صفات أخرى عديدة ومتنوعة، لكن هذه الخصلة تترتب عليها متواليات سلوكية غريبة ومدهشة ومروعة، فعندما يفقد البشر ضميره، يتحول إلى نفس متوحشة بلا وازع أو رادع، ويكون كيانا فارغا من القيم والأخلاق والمعايير، ويتحرك في الوسط الذي هو فيه وفقا لبوصلة غرائزه ونوازعه، التي تسيّرها النفس السيئة الفاعلة فيه بحرية مطلقة.

وحالما يصل البشر إلى هذا الموقع السلوكي المُتدني فأنه ينطلق بمشاريعه الرغبوية بإنفلاتية عالية وأنانية فائقة وشراهة مدقعة.

ويبدو أن العديد من الخصال السايكوباثية تتحرك في دياجير المطمورات البشرية، لكنها تظهر علانية عندما يشارك البشر أو يساهم في إختيار مَن ينوب عنه في البرلمانات والحكومات، وكأنه يريد لهذه الكوامن أن تحقق إرادتها، وتمارس عملها المبني على الخفايا المختبأة فيها، وهذا يفسر أن بعض المجتمعات تنتخب أسوأ مَن يمثلها، ليقوم بإمتهانها وإذلالها وقهرها ورهنها بالحاجات، وأخذها إلى دروب الويلات والخيبات والإنكسارات، وهي مذعنة مستلطفة للظلم الواقع عليها ومتلذذة بعذابها المقيم.

وبسبب ذلك تجد برلماناتها محشوة بأصحاب الضمائر الميتة والنوازع المنفلتة، وهم يترجمون ما فيهم بإندفاعية عالية ويتلذذون بما يغنمون، ولا يسد طمعهم ما ينهبون ويسرقون، بل يمعنون بذلك ويجتهدون في خنق الشعب ورهنه بقطع رزقه والتحكم بلقمة عيشه، ويبيحون لأنفسهم الرفاهية والتخمة والثراء الفاحش والفساد الوقح المشين، فهم القوة والقدرة والدستور والقانون، وهم الأسود والذئاب والذين إنتخبوهم مجرد قطعان فرائس من الأغنام والأرانب والغزلان.

فالثريد ثريدهم، والقطيع قطيعهم، المجازر مجازرهم، والولائم ولائمهم، فلماذا تتثاغى الأغنام، وهي التي إرتضت أن تحرسها الذئاب والكلاب، وتأنس بإفتراسها لها، وبإمعانها بإضطهادها ومحاصرنها والإنقضاض عليها، أنى تجوع وتشتهي لحما لذيذا مطهيا على مواقد الرعب الشديد؟!!

عاش المُنتَخبون الأشاوس وتبا للأغنام التي توجت عليها الذئاب، وحسبتها بشرا في أعماقه حثالة ضمير!!.

اضف تعليق