حديث نبوي شريف يشير الى كراهة الاسراف في الماء في ظل الحاجة الماسة له، هذا الحديث كانت قد اتخذته إحدى الشركات الاسترالية المختصة في تعبئة المياه المعدنية شعاراً لعبواتها اعترافاً منها بأهميته وأهمية المياه في الحياة فالإسراف نقمة العصر بالنسبة للشعوب التي لا تقيم وزناً للأشياء التي تتداولها، والعالم اليوم يخطو خطوات كبيرة في مجال توفير المياه الصالحة للشرب مع ارتفاع تكاليف تنقيتها وتعقيمها، إذا ما علمنا بأن هناك الملايين من البشر في أفريقيا يموتون عطشاً يومياً.

لا أعتقد ان العراقيين قد ادركوا معنى الحديث فالإسراف واضح وبشدة يفرض وقائع مؤلمة على الارض لاستخدامات المياه الصالحة للشرب، دور سكنية تفيض منها المياه كالأنهر الى فتحات المجاري وأطفال يلعبون بها في الشوارع، وعشرات الآلاف من مضخات غسل السيارات في شوارع المدينة ومثلها من أنابيب المياه المتكسرة التي تضخ المياه لتصبح بعد حين برك كبيرة، كلها مشاهد مؤلمة تفضح عدم إكتراثنا بأي آية أو حديث نبوي فما بالكم بقانون وضعي هدفه ترشيد إستهلاك المياه أو لم يجبر على ذلك بالعقوبات والمقاييس.

إذا ما علمنا أن كلفة تهيئة المياه الصالحة للشرب تبلغ 2 دولار للمتر المكعب الواحد في بعض دول الخليج وفي العراق هناك هدر في مياه الشرب تقدر بـ 35% من كمية المياه المنتجة يومياً من قبل أمانة بغداد والبالغة 3 ملايين م3/يوم وبسعر شبه مجاني نشهد عليه جميعاً حيث ومع اسرافنا الكبير في المياه لم نرى قوائم مرتفعة تحد من عملية الهدر اللامعقول والغير مسؤول الذي يقوم به البعض من ابناء شعبنا.

لقد اسرفنا كثيراً بالمياه المجهزة لدرجة أننا نفرط بهذا "النعيم" الذي حباه الله لنا بفضل النهرين الذين يمران في وادي الرافدين، وعلى الرغم من كل التحذيرات التي تنتشر في شوارع المدينة من الاسراف بالماء إلا إننا وكأننا ننفخ في قربة مثقوبة فالإسراف واضح وجلي يدفعه بقوة عدم وجود قانون يحدد كلفة المياه والتي قد نحارب من اجلها يوماً وتركيا الجارة تقلل من الاطلاقات المائية مع جارتنا الاخرى إيران.

أي مأزق يدخلنا اسرافنا هذا بالمياه بعدما لم تردعنا آية قرآنية أو حديث نبوي شريف ؛ لم يتبق إلا القانون والتعرفة العالية التي تحد من هذا الاسراف غير المبرر والعبثي في أهم عصب للحياة، المياه التي خلق منها الله كل شيء حي تنصاع لكل انواع الملوثات التي تلقى في نهري دجلة والفرات والتي قدرت برمي نحو مليون و200 ألف متر مكعب يوميا من المياه الملوثة في نهر دجلة، 70% من هذه المياه بلا معالجة، كما أن مؤشر جودة الحياة الذي أصدره موقع NUMBEO “نمبيو” عبارة عن " تقدير لجودة الحياة من المنظور الشمولي بناء على عدد من المعايير يكون فيها الثقل الأكبر لنسبة خلو المكان من التلوث"، حيث حصل العراق على درجة 90 في مجال تلوث المياه وهي نسبة عالية جداً.

في اليوم العالمي للمياه والذي يصادف 22 من آذار من كل عام تشير الامم المتحدة في شعارها لهذا العام "مياه أفضل وظائف أفضل" المياه هي لبنة أساسية للحياة. هي أكثر من مجرد ضرورة لإرواء العطش أو حماية الصحة؛ المياه أمر حيوي. فهي تخلق فرص عمل وتدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والإنسانية. لقد جعلت منه يوماً للاحتفال بالمياه. ويوم لإحداث فارق في معايش سكان العالم الذين يعانون من مشاكل تتصل المياه. إنه يوم للنظر في كيفية إدارة المياه في المستقبل.

مدن كبرى في العراق تعاني من عدم وجود المياه الصالحة للشرب منها محافظة البصرة التي يقطنها أكثر من 2.5 مليون نسمة ومنذ سنوات لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من حل مشكلتها ودول الجوار تبدع في إيجاد محطات تحلية مياه البحار وتؤمن بشكل مستمر المياه الصالحة للشرب لشعوبها، وفي الوقت الذي تعاني به البصرة وشعبها من أهلنا ولحمنا ودمنا: يتم الاسراف يومياً بمئات الآلاف من الامتار المكعبة من المياه في بغداد، كان حري بالحكومة أن تحارب الاسراف في المياه من خلال نظام دقيق للمحاسبة عسى أن يوفر ذلك المياه لبعض من اهلنا في البصرة "ثغر العراق الباكي" الذي تنكبه أزمة المياه.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق