حذرت دراسةٌ جديدةٌ من أن إستراتيجيات إدارة مخاطر الفيضانات والجفاف قد لا تقلل من التداعيات غير المسبوقة من جرَّاء هذه الظواهر، وتسلط نتائج الدراسة الضوء على صعوبة إدارة مثل هذه الأحداث المتطرفة، والتي من المرجح أن تزداد حدَّتها نتيجةً لتسارُع وتيرة تغيُّر المناخ...
بقلم: محمد السعيد
حذرت دراسةٌ جديدةٌ من أن إستراتيجيات إدارة مخاطر الفيضانات والجفاف قد لا تقلل من التداعيات غير المسبوقة من جرَّاء هذه الظواهر، وتسلط نتائج الدراسة الضوء على صعوبة إدارة مثل هذه الأحداث المتطرفة، والتي من المرجح أن تزداد حدَّتها نتيجةً لتسارُع وتيرة تغيُّر المناخ.
وفق الدراسة التي نشرتها دورية "نيتشر" (Nature)، فقد أدت إستراتيجيات إدارة المخاطر إلى تقليل التعرُّض العالمي للفيضانات والجفاف، لكن آثار مثل هذه الأحداث لا تزال شديدةً وتتزايد في أجزاء كثيرة من العالم، وتشير توقعات الاحترار بمقدار درجتين مئويتين إلى أن الآثار الاقتصادية للفيضانات قد تتضاعف على مستوى العالم، وفي أوروبا يمكن أن يتضاعف الأثر الاقتصادي للجفاف ثلاث مرات.
تناول المؤلفون حالات الجفاف والفيضانات الشديدة حول العالم، مع التركيز على المناطق التي تعرضت لكارثتين متتاليتين في الموقع نفسه، لمعرفة ما إذا كانت المجتمعات قادرةً على الاستعداد بشكل أفضل للحدث الثاني أم لا، ووجد الباحثون أن تنفيذ إستراتيجيات إدارة المخاطر أدى إلى تحسين النتائج في المرة الثانية، لكن هذا لم ينجح عندما كان الحدث الثاني أشد خطورةً من الأول، مما عرَّض السكان لتهديدات لم يواجهوها من قبل.
من جهتها، توضح "آني ڤان لون" -أستاذ مخاطر المياه والمناخ المشارك في الجامعة الحرة في هولندا، والمؤلفة المشاركة في الدراسة- أنه "يحدث انخفاضٌ في تأثيرات هذه الكوارث فقط عندما تكون حدة هذه المخاطر منخفضةً بالدرجة التي تتمكن معها إستراتيجيات إدارة المخاطر التقليدية من التعامُل معها".
تقول "فان لون" في تصريحات لـ"للعلم": ومع ذلك، لا تزال الآثار المتزايدة تحدث عندما يكون مستوى التعرُّض للأخطار أعلى، على الرغم من انخفاض قابلية التأثُّر والتحسينات في الإدارة، وهذا يعني أنه إذا زادت مخاطر الفيضانات والجفاف في ظل تغيُّر المناخ والتأثير البشري المباشر (الذي يتضمن تغيُّر استخدام الأراضي، وزيادة السحب من المياه الجوفية، وما إلى ذلك)، فسيكون من الصعب التعامُل مع هذه الأحداث غير المسبوقة.
في 80٪ من الحالات المدروسة، تم تقليل قابلية التأثر وتحسين الإدارة في مواجهة الأحداث التي تتعرض لها، لكن التأثيرات كانت أعلى في 30٪ من الحالات بسبب مجموعة من الأخطار الأكثر شدةً وزيادة مستوى التعرُّض لهذه الكوارث، فعلى سبيل المثال، نجد أن الجفاف الطويل والشديد أدى إلى تأثيرات أكبر في مدينة "كيب تاون" في جنوب إفريقيا، وذلك على الرغم من تحسين إدارة الطلب على المياه.
ووجد الباحثون أيضًا فرقًا مهمًّا بين الفيضانات والجفاف؛ إذ كانت التغيرات في قابلية التأثر أقل نجاحًا في الحد من تأثير الجفاف منها في الحد من تأثير الفيضانات، ويمكن أن يكون ذلك راجعًا إلى العوامل الأساسية والمركبة والآثار غير المباشرة لإدارة المخاطر.
ويحذر الباحثون أيضًا من أن بعض إستراتيجيات إدارة المخاطر يمكن أن تأتي بنتائج عكسية بطرق غير متوقعة، مشيرين إلى أنه "في هولندا على سبيل المثال، أدت زيادة الري المُتبعة للحد من آثار الجفاف الزراعي إلى زيادة التأثيرات البيئية".
تضيف "ڤان لون": نبني هذا الاستنتاج على بيانات تجريبية لـ45 دراسة حالة، استخدمنا مزيجًا من البيانات الكمية والنوعية عن فيضانين أو حدثين من أحداث الجفاف التي حدثت في المنطقة نفسها، لكل حدث، قام خبراء من المنطقة بجمع بيانات حول التأثيرات والمخاطر ومستويات الهشاشة والتعرض، وإدارة المخاطر، ثم جرى تحويل هذه البيانات بعد ذلك إلى مؤشرات تغيُّر.
وتابعت: في حالات الجفاف والفيضانات غير المسبوقة، تكون الخزانات والسدود غير كافية، مما يؤدي إلى أضرار أكبر بسبب زيادة الاعتماد على هذه البنية التحتية، وقد تساعد التدابير غير الهيكلية في التخفيف من حدة المخاطر، لكن إزالة جميع المخاطر تُعد وهمًا في مواجهة الأحداث الشديدة، لذلك ستكون هناك حاجة إلى إستراتيجيات إدارة مرنة وتدابير للمواجهة.
وتلفت الباحثة إلى أهمية ثلاثة عوامل فعالة ضمن إستراتيجيات المواجهة، وهي الحوكمة الفعالة للمخاطر وإدارة الطوارئ، والاستثمار في الإجراءات الهيكلية وغير الهيكلية، وتحسين أنظمة الإنذار المبكر.
اضف تعليق