q

كيف سيواجه العالم تحديات التغيير المناخي المستقبلية؟، ماذا سيحدث إذا انسحبت امريكا من اتفاقية باريس؟، ما هي تبعات التغير المناخي على الإنسان؟ وما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها حيال ذلك؟، هل بتنا على حافة الهاوية بسبب الاضرار البيئية التي يعاني منها كوكب الارض؟، هذه التساؤلات وغيرها تشير الى مدى تأثير التغير المناخي الذي بات الاكثر خطورة على مستقبل الحياة على الارض وفقا للباحثين.

ويرى هؤلاء المحللين ان المصالح الاقتصادية الدولية والحياة الصناعية الاحفوري تدفع الحياة على الارض الى الهاوي، هذا ما تؤكده الابحاث الحديثة حيث ان النشاطات البشرية على كوكبنا تعد المسبب الرئيس للتلوث بكافة اشكاله والاحتباس الحراري وانتشار الامراض، فيما تشير دراسات أخرى الى أن دول العالم سنت أكثر من 1200 قانون لكبح التغير المناخي مقارنة بنحو 60 قانونا فقط قبل عشرين عاما في مؤشر على زيادة الجهود للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض، فيما يخص مناقشة اتفاق باريس يدرس ترامب ما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة البقاء ضمن اتفاقية باريس للمناخ التي وقعتها حوالي 200 دولة في 2015 بهدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة في العالم، ويشكو ترامب من أن الولايات المتحدة لم يتم التعامل معها بإنصاف في الاتفاقية لأنها ستتحمل نصيبا أكبر من الدول الأخرى في مكافحة ارتفاع درجة الحرارة في العالم.

ونتيجة لذلك اثار قرار البيت الابيض ارجاء اجتماع مهم كان سيحدد ما اذا كانت الولايات المتحدة ستبقى ضمن اتفاق باريس حول المناخ ارتيابا لدى الوفود ال196 في بون حيث تواصل نقاشاتها حول سبل تنفيذ مكافحة الاحترار المناخي، وفيما تتزايد الشكوك حيال مستقبل الاتفاق الذي تم التوصل اليه بعد مفاوضات شاقة عام 2015، بعدما هدد الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالانسحاب منه، تعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ بحمايته.

إذ تعتبر الولايات المتحدة الملوث الثاني في العالم بعد الصين بسبب الفحم، وهناك دور كبير يفترض بالاميركيين لعبه في الانتقال في مجال الطاقة نحو اقتصاد عالمي "يعتمد بشكل اقل على الفحم" في مجال التمويل والابتكار التكنولوجي من جهة وكذلك على المستوى السياسي بهدف حمل دول اخرى على القيام بالمثل.

وفي حين لا تزال واشنطن تماطل في قرارها، ترى دول أخرى أن اتفاق باريس حيوي ومنها المالديف التي قال وزير البيئة فيها طارق ابراهيم عشية بدء المناقشات في بون إن "هذا الاتفاق الدولي هو الأمل الأخير لبقاء الدول الجزر الصغيرة" المهددة بالغرق من ارتفاع منسوب البحار.

وكانت المجموعة الدولية تعهدت في كانون الأول/ديسمبر 2015 في باريس التحرك لاحتواء الاحترار "أدنى من درجتين مئويتين بكثير" وب "1,5 درجة مئوية إن أمكن" بالمقارنة مع ما قبل الثورة الصناعية وإلا حصلت اضطرابات مناخية على صعيد واسع.

ولا يزال ينبغي أن تتفق البلدان على آليات تطبيق اتفاق باريس الذي تنص أحكامه على شروط عامة، ولديها حتى نهاية العام 2018 لتقوم بذلك بحلول انعقاد مؤتمر الأطراف الرابع والعشرين، والولايات المتحدة ممثلة في مفاوضات بون لكن بوفد مصغر يضم أقل من عشرة اشخاص مقارنة مع حوالى اربعين شخصا في مؤتمرات سابقة، وبين كبار الملوثين في العالم، وحدها روسيا (الخامسة بعد الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند) لم تصادق على نص الاتفاق مع أنها وافقت عليه في باريس.

في الوقت الذي ينعقد فيه اجتماع بون لمناقشة تطبيق اتفاق باريس المناخي، يتحدث خبراء عن التقدم الذي أحرزه الاتحاد الأوروبي في هذا المجال وعن الإخفاقات أيضا، علما أنه ثالث مصدر للغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض، والاتحاد الأوروبي مسؤول عن 10 % من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم بعد كل من الصين والولايات المتحدة.

في التسعينات، كانت أوروبا رائدة في الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة، وفي إنشاء سوق الكربون، أي إمكانية أن تبيع دولة ما حصتها المسموح لها بها من الغازات الملوثة إلى دولة أخرى. لكن خبراء يرون أن هذه السوق تحتاج إلى إصلاحات لكونها لم تعد تؤدي مهمتها الأساسية وهي تشجيع المؤسسات على تقليص انبعاثات الكربون.

ومن الأهداف التي يعتزم الاتحاد الأوروبي تحقيقها مع حلول العام 2020، خفض انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض بنسبة 20 %، وتعزيز مصادر الطاقة النظيفة بنسبة 20 %، ورفع الفاعلية في مجال الطاقة بنسبة 20 % مقارنة مع العام 1990، وقد نجح الاتحاد الأوروبي حتى الآن في بلوغ هذا الهدف قبل سنوات من المهلة المحددة، مع أن أربع دول ما زالت خارج السياق في هذا المجال، وهي النمسا وبلجيكا ولوكسمبورغ وإيرلندا، وتتوقع المنظمة الأوروبية للبيئة أن يصل الانخفاض في الانبعاثات إلى 24 % في العام 2020، أي أفضل بنسبة 4 % مما كان مقررا، على صعيد مختلف، يقول علماء في المناخ إن الجليد البحري قبالة القارة القطبية الجنوبية وفي القطب الشمالي عند أقل مستوياته عن هذه الفترة من العام بعد انحساره بواقع ضعفي مساحة ولاية ألاسكا الأمريكية في مؤشر على ارتفاع درجة حرارة العالم، وعلى عكس اتجاه شهد ارتفاع درجة حرارة الأرض وانكماش الجليد بمعدلات ثابتة في القطب الشمالي اتجه الجليد الذي يطفو في المحيط الجنوبي قبالة القارة القطبية الجنوبية إلى الزيادة في السنوات الأخيرة.

لكنه ينكمش حاليا في القطبين الشمالي والجنوبي في تطور يزعج العلماء ربما تسهم فيه الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن النشاط البشري وظاهرة النينو المناخية التي تشهد ارتفاع الحرارة في المحيط الهادي وأيضا تقلبات طبيعية.

عدد قوانين مكافحة تغير المناخ يصل إلى 1200 بأنحاء العالم

أظهرت دراسة أن دول العالم سنت أكثر من 1200 قانون لكبح التغير المناخي مقارنة بنحو 60 قانونا فقط قبل عشرين عاما في مؤشر على زيادة الجهود للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض، وأعلنت الدراسة في لقاء دولي عن التغير المناخي بمدينة بون الألمانية، وفي مؤتمر صحفي عبر دائرة تلفزيونية قالت باتريشيا اسبينوزا مسؤولة مكافحة التغير المناخي في الأمم المتحدة "معظم البلدان تملك قواعد قانونية يمكن البناء عليها في التحرك مستقبلا". بحسب رويترز.

وقالت إن النتائج "تدعو للتفاؤل" مضيفة أن القوانين تدفع للتحرك في مكافحة ارتفاع حرارة الأرض مع الاستعانة بعوامل أخرى منها الاستثمار في الطاقة المتجددة أو دعم اتفاقية التغير المناخي التي صدقت عليها 144 دولة عام 2015، وراجعت الدراسة التي أعدتها كلية لندن للاقتصاد قوانين وسياسات تنفيذية في 164 دولة اهتمت بتخفيض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في قطاعات منها النقل وتوليد الطاقة والصناعة، وذكرت الدراسة أن الدول النامية تسن المزيد من القوانين لكن توجد الكثير من الفجوات. كما توجد دول منها جزر القمر والسودان والصومال لا تطبق قوانين لمكافحة التغير المناخي حتى الآن.

196 دولة تجتمع في بون لبلورة تطبيق اتفاق باريس حول المناخ

بعد ستة اشهر على انتخاب رئيس أميركي يشكك بواقع التغير المناخي، تباشر وفود مئة وست وتسعين دولة مناقشات لتطبيق اتفاق باريس حول المناخ، وقال وزير البيئة في المالديف طارق إبراهيم في بيان نشر عشية اجتماعات بون أن "هذا الاتفاق الدولي هو الأمل الأخير لبقاء الدول-الجزر الصغيرة" المهددة بالغرق من ارتفاع منسوب البحار.

ويعكس بيانه القلق الشديد لأكثر الدول تأثرا بالتغير المناخي والذي تعزز مع وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة مع عزمه المعلن على عدم مكافحة الاحترار المناخي الذي تتسارع وتيرته بشكل غير مسبوق.

وتواجه الدول الساحلية والجزر الصغيرة التي لا يمكنها التراجع عن الشاطئ، خطرا كبيرا بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر الناجم عن التغير المناخي (تمدد المياه وذوبان الغطاء الجليدي في القطبين والمثلجات في الجبال)، إلا أن طارق إبراهيم شدد أيضا على مواصلة التعبئة السياسية رغم انتخاب دونالد ترامب خلال انعقاد مؤتمر الأطراف الأخير حول المناخ في مراكش، وقال "منذ المؤتمر الثاني والعشرين للاطراف في تشرين الثاني/نوفمبر صادقت 44 دولة على الاتفاق" ما يرفع العدد الإجمالي للبلدان التي أقدمت على هذه الخطوة إلى 144 وهي تمثل 83% من الانبعاثات العالمية للغازات المسببة لمفعول الدفيئة، وصادقت على الاتفاق 196 دولة فضلا عن الاتحاد الأوروبي.

ومن الدول الكبرى المسببة للتلوث في العالم، وحدها روسيا (الخامسة بعد الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند) لم تصادق على نص الاتفاق مع أنها وافقت عليه في باريس، ومن غير المرجح أن تقدم على ذلك في عهد الرئيس فلاديمير بوتين الذي أعلن نهاية آذار/مارس أنه "من المستحيل" منع الاحترار المناخي المرتبط خصوصا برأيه ب"دورات شاملة للأرض".

الصين والهند

في المقابل جددت الصين والهند التزاماتهما مكافحة تلوث الاجواء وخفض الفاتورة النفطية، وأوضح ألدن ميير الخبير لدى "يونيون أوف كونسيرند ساينتيستس"، أن "الصين تخضع لضغوط كبيرة على الصعيد الداخلي لخفض تلوث الأجواء العائد إلى استخدام الفحم والوقود الأحفوري ولديها اهتمام إستراتيجي لتتزعم أسواق مصادر الطاقة المتجددة"، وأضاف "نيودلهي أيضا ترى منافع جمة لتطوير مصادر الطاقة المتجددة" لا سيما على صعيد نوعية الهواء وخفض واردات النفط. بحسب رويترز.

وشددت لورانس توبيانا المفاوضة الفرنسية السابقة والمديرة العامة لمؤسسة "يوروبيان كلايمت" على أن "الانتقال إلى اقتصاد يعتمد على نسبة متدنية من الكربون يشق طريقه أينما كان في العالم"، وذكرت خصوصا الهند التي "تطمح إلى اعتماد السيارات الكهربائية بنسبة 100 % في العام 2030"، وأمام الدول المشاركة في بون عشرة أيام لصياغة "دليل قواعد" لاتفاق باريس الذي دخل حيز التنفيذ قانونا إلا أن تدابيره العامة جدا بحاجة إلى بلورة بحلول نهاية العام 2018، وتمنت باتريسيا إسبينوزا المسؤولة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الجمعة أن "يسمح هذا الاجتماع للحكومات بالتقدم بوضوح حول القواعد اللازمة لتطبيق اتفاق باريس بالكامل"، وأشارت لورانس توبيانا إلى أن اجتماع "بون لن يكون محطة لاتخاذ القرارات، بل لإقامة حوار ضروري جدا لتحضير اجتماع الأطراف الثالث والعشرين".

وسترأس فيدجي في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 اجتماع الأطراف هذا الذي سيعقد لأسباب لوجيستية في بون مقر اتفاقية المناخ، وينص اتفاق باريس الذي تم التوصل إليه في نهاية العام 2015 على حصر الاحترار المناخي بدرجتين مئويتين فقط مقارنة بما كانت عليه الحرارة قبل الحقبة الصناعية.

دول تحث ترامب على البقاء في اتفاقية باريس لتغير المناخ

حثت دول كثيرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على البقاء ضمن الاتفاقية العالمية لمكافحة تغير المناخ حتى إذا قلص التعهدات الأمريكية الطموحة بخفض انبعاث الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري، ومن المقرر أن يلتقي خصوم رئيسيون لترامب لمراجعة تهديده بالانسحاب من اتفاقية باريس لعام 2015 للحد من الاحترار العالمي التي تدعمها حكومات متنوعة مثل الصين ودول منتجة للنفط من أعضاء أوبك وأفقر الدول الأفريقية.

وخلال مفاوضات الأمم المتحدة التي بدأت يوم الاثنين في مدينة بون الألمانية قال صلاح الدين مزوار وزير الخارجية المغربي الذي يرأس المحادثات إن الزخم العالمي لمكافحة تغير المناخ لا يمكن التراجع عنه وسيكون "من الصعب أو من الحماقة" أن يتحدى أي شخص الضغط العام للقيام بعمل، وتستمر هذه المحادثات حتى 18 مايو أيار وستحاول خلالها نحو 200 دولة وضع قواعد للاتفاقية بشكل مفصل. ودعا أعضاء بالوفود الدول إلى تنفيذ تعهداتها بخفض الانبعاثات، وعندما سئلت إيفون سلينجنبرج رئيسة وفد المفوضية الأوروبية عن الموقف الأمريكي قالت خلال مؤتمر صحفي "نرى أنه سيكون من المهم جدا (بالنسبة للولايات المتحدة) أن تبقى على الطاولة" حتى مع سياسات ترامب المؤيدة لاستخدام الفحم.

وحذر معارضو ترامب من مشكلات قانونية إذا ظلت واشنطن في اتفاقية باريس ولكن مع تخفيف هدف الرئيس السابق باراك أوباما بإجراء تخفيضات كبيرة في انبعاثات الغاز بحلول 2025، وتقول المادة الرابعة من اتفاقية باريس إن بإمكان أي دولة تعديل أهدافها في أي وقت "بهدف تعزيز طموحاتها".

ولم تذكر هذه المادة أي خيار بتقليص الطموح ويقول بعض الخبراء القانونيين الأمريكيين إن صياغة هذه المادة تجعل من المستحيل بقاء ترامب في الاتفاقية وتنفيذ وعوده بتشجيع صناعة الفحم في الولايات المتحدة والتي تتسبب في انبعاثات ضخمة للغازات الملوثة للبيئة، لكن مندوبين كثيرين يقولون إن الاتفاقية غامضة بما يكفي للسماح للدول بتقليص طموحاتها عند الضرورة ربما بسبب الركود الاقتصادي أو الكوارث الطبيعية التي قد تقع في المستقبل، وفي واشنطن أكد بعض المحافظين الأمريكيين ذوي النفوذ اعتراضهم على اتفاقية باريس، وقال توماس بايل رئيس تحالف الطاقة الأمريكي والذي عمل في الفريق الانتقالي لترامب إن "البقاء في معاهدة باريس للمناخ سيقوض جهود إدارة ترامب لحماية الأسر الأمريكية من قوانين المناخ غير الضرورية والمرهقة".

حلف الأطلسي يحث على مسعى عالمي لمكافحة تغير المناخ

قال جنرال في حلف شمال الأطلسي إن تغير المناخ يشكل تهديدا أمنيا عالميا يجب على كل الدول مجتمعة أن تحاربه وذلك بينما يقترب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من اتخاذ قرار بشأن احتمال الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ.

والتصريحات التي أدلى بها الجنرال ديني ميرسييه هي الأقوى حتى الآن التي تصدر عن التحالف الأمريكي الأوروبي بشأن أهمية الالتزام باتفاقية باريس، وقال ميرسييه، القائد الأعلى لعمليات التحول بالحلف، لرويترز على هامش مؤتمر في نورفولك في فرجينيا "ثمة ضرورة شديدة بأن تظل الأمم المتحدة تضم كل الدول وتنسق أعمال كل الدول"، وأضاف قائلا "إذا كانت دولة واحدة ولاسيما الدولة الأكبر... إذا كانت لا تعترف بمشكلة ما .. فسنواجه صعوبة في التعامل مع أسباب" تغير المناخ.

وقال ميرسييه، وهو فرنسي، إن مهمة الحلف فيما يتعلق بتغير المناخ هي محاولة التنبؤ بتأثيراته على الاستقرار الجيوسياسي في العالم، وأضاف أن المخاطر تشمل ارتفاع منسوب مياه البحار وندرة المياه وإتاحة الوصول إلى موارد القطب الشمالي وهي كلها عوامل من المرجح أن تخلق صراعات جديدة قد تشارك فيها دول الحلف، وقال إن من شأن بذل جهد عالمي للتصدي لتغير المناخ أن يساعد العالم في تجنب تلك الأزمات والصراعات، وأضاف قائلا "لم يفت الأوان بعد.. لكن حان الوقت".

تقدم أوروبا وإخفاقاتها في مكافحة الاحترار المناخي

في الوقت الذي ينعقد فيه اجتماع بون لمناقشة تطبيق اتفاق باريس المناخي، يتحدث خبراء عن التقدم الذي أحرزه الاتحاد الأوروبي في هذا المجال وعن الإخفاقات أيضا، علما أنه ثالث مصدر للغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض، والاتحاد الأوروبي مسؤول عن 10 % من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم بعد كل من الصين والولايات المتحدة.

في التسعينات، كانت أوروبا رائدة في الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة، وفي إنشاء سوق الكربون، أي إمكانية أن تبيع دولة ما حصتها المسموح لها بها من الغازات الملوثة إلى دولة أخرى. لكن خبراء يرون أن هذه السوق تحتاج إلى إصلاحات لكونها لم تعد تؤدي مهمتها الأساسية وهي تشجيع المؤسسات على تقليص انبعاثات الكربون.

ويقول دافيد لوفاي الباحث في معهد التنمية المستدامة في باريس "بدأ الاتحاد الأوروبي قبل غيره، وبذل أكبر الجهود لتقليص انبعاثات الغازات فيه"، فيما ارتفعت الانبعاثات في الولايات المتحدة بنسبة 7 % منذ التسعينات.

وبحسب مجموعة "كلايمت أكشن تراكر" المتخصصة في تقييم التزامات الدول في خفض انبعاثاتها، فإن أهداف الاتحاد الأوروبي "بعيدة عما هو ضروري وممكن" للحد من ارتفاع حرارة الأرض عن مستوى درجتين فقط مقارنة مع ما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، وهو الهدف الأساسي لاتفاق باريس الموقع في كانون الأول/ديسمبر 2015.

هذا ما يجب ان يحدث في العالم 2030

ينبغي على دول مثل الصين والولايات المتحدة والهند وروسيا واليابان أن ترفع من طموحاتها، إلا أن بعض الأطراف في الدول المتقدمة يدركون ذلك فعلا، بحسب بيل هير الباحث في مجموعة "كلايمت ألاليتيكس"، متحدثا عن سعي ولاية كاليفورنيا لتوليد التيار الكهربائي من مصادر الطاقة النظيفة بالكامل في العام 2045، وعن سعي سويسرا إلى تخفيض 50 % من انبعاثاتها مع حلول العام 2030، ويقول ليفاي "للتوصل إلى تنظيف الاقتصادات من الكربون بالكامل في النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين، ينبغي أن يكون الاتحاد الأوروبي، كرائد في مجال الصناعة، الأول في فعل ذلك"، ويضيف "لذا، ينبغي إجراء تحويل هيكلي على الطريقة التي ينمو بها الاقتصاد ويفتح فرص عمل ويستهلك، وهذه الرؤية لم يجر التطرق لها كما يجب، وهذا تحد كبير"، وتقول سيليا غوتييه الباحثة في شبكة "كلايمت أكشن" إن ذلك الهدف كان "متواضعا نظرا لأننا سنحقق أفضل منه في الوقت الذي تفشل دول في بلوغ أهدافها المحددة"، أما التحوّل إلى الطاقات البديلة فقد سجل تفاوتا كبيرا بين الدول الأعضاء.

وبحسب مكتب الإحصاءات الأوروبية "يوروستات"، كانت نسبة مصادر الطاقة المتجددة في عموم أوروبا 16,7 % في العام 2014. وقد بلغت 11 دولة أهدافها في هذا المجال، منها بلغاريا وتشيكيا والدول الاسكندينافية. أما هولندا وفرنسا وإيرلندا وبريطانيا والدنمارك وإسبانيا والبرتغال ولوكسمبورغ فقد تأخرت عن بلوغ الهدف المحدد، فيما السويد تتربع على صدارة الدول المتحوّلة إلى مصادر الطاقة البديلة التي باتت تشكل 53,9 % من إجمالي مصادر الطاقة فيها، تليها فنلندا مع 40 %.

حددت الدول الثماني والعشرون الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خريطة طريق حتى العام 2030 هدفها رفع نسبة مصادر الطاقة البديلة إلى 27 %، ورفع الفاعلية في مجال الطاقة 30 %، وخفض انبعاثات الكربون 40 % على الأقل مقارنة مع العام 1990.

ويرى دافيد لوفاي أن هذه الأهداف ليست طموحة بما فيه الكفاية، وأن ترجمتها ستكون انخفاضا سنويا في الانبعاثات بنسبة 0,9 % بين العام 2014 و2030، وهو تقدم أقل وتيرة مما كان محرزا في السنوات السابقة.

أما المعدل السنوي المقبول لانخفاض الانبعاثات فهو 2 % سنويا، ليكون الإجمالي 45 إلى 50 % في العام 2030، وهو هدف أكثر انسجاما مع اتفاقية باريس. ولتحقيق ذلك يتعين على ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا والدنمارك ولوكسمبورغ وهولندا أن تخفض انبعاثاتها بما بين 35 % إلى 40 %. أما الدول الأفقر مثل كرواتيا والمجر وبولندا فستكون أهدافها أقل طموحا كما كان الحال في الأهداف المحددة للعام 2020.

يقول بيل هير "الطريقة الأسرع والأسهل في تقليص الانبعاثات هي التحرك في مجال إنتاج الطاقة، مع إبدال استخدام الوقود الأحفوري من فحم وغاز ونفط، بمصادر الطاقة المتجددة بالتزامن مع رفع الفاعلية في استخدام الطاقة". بحسب فرانس برس.

ويؤيده أوليفييه سارتر الباحث في معهد التنمية المستدامة قائلا "إنه القطاع الأسهل في هذا المجال، لأن التكاليف منخفضة ولأننا نملك الإمكانات"، وتقول المديرة العامة لمنظمة "يوروبيان كلايمت فاوندايشن" لورانس توبيانا "الأمر لا يقتصر على الطاقة الشمسية، بل لدينا أيضا طاقة الرياح"، معتبرة أن الحكومات الأوروبية لم تعِ بعد أهمية هذا التحول بالكامل، ترى مؤسسة "كلايمت أناليتيكس" أن احترام اتفاق باريس يقتضي إغلاق محطات الفحم الثلاث مئة المنتشرة في أوروبا مع حلول العام 2030، فيما يشدد أوليفييه سارتور على إمكانية تحقيق تقدم أيضا من خلال قطاع النقل وهو ثاني أكثر القطاعات تسببا بالغازات الملوثة، مشيرا إلى ضرورة تقنين حركة شاحنات النقل الكبيرة، والاستثمار على نطاق واسع في السيارات الكهربائية، وتعد هولندا أكثر الدول انخراطا في هذا التوجه، وهو تعتزم منع بيع الوقود الأحفوري بحلول العام 2025.

اضف تعليق