الفارق الكبير بين المناهج الاكاديمية ومتطلبات سوق العمل، يعد من المشكلات المعاصرة التي تواجه المجتمعات لاسيما المتعلمة، فقد يقضي الطالب اثنان وعشرون عاما من عمره، وفي النهاية لا يجد ما درسه مساعدا ومنقذا للحصول على عمل في المضمار التجاري، مما يضطره الى التمسك بعمل او وظيفة أقل مما يستحق او يتماشى مع تخصصه...
دخلت الى أحد المختبرات الجامعية، فوجئت بكميات الغبار الذي يغطي أجهزة الحاسوب. هذا المشهد ينم عن انها حاسبات معطلة، ويفسر بشكل دقيق غياب او تغييب الجانب النظري في الكليات وما ينتج عنه من فارق كبير بين الدراسة الاكاديمية وسوق العمل ليصبحا خطين متقاطعين غير متوازيين.
التعليم الجامعي ينظر اليه على انه الخطوة الأولى التي تضع الفرد في طريق الممارسة المهنية، ذلك لما يعطيه الى الطلبة من خبرات ومهارات تمكنهم من مواكبة سوق العمل المتجدد، وبذلك يكون التعليم واحد من الضروريات لتمكينهم من الانخراط في الاعمال التجارية وغيرها.
الفارق الكبير بين المناهج الاكاديمية ومتطلبات سوق العمل، يعد من المشكلات المعاصرة التي تواجه المجتمعات لاسيما المتعلمة، فقد يقضي الطالب اثنان وعشرون عاما من عمره، وفي النهاية لا يجد ما درسه مساعدا ومنقذا للحصول على عمل في المضمار التجاري، مما يضطره الى التمسك بعمل او وظيفة أقل مما يستحق او يتماشى مع تخصصه.
في بعض التخصصات الدراسية هنالك فارق كبير بين ما يأخذه الدارس في الجوانب النظرية وما يحتاجه سوق العمل، وهو بذلك لم يتمكن من تقليل الفجوة الكبيرة بين ما تلقاه وما يجب ان يتعلمه لمزاولة حياته المهنية.
ويعتبر البون الشاسع بين التعليم الجامعي وحاجة السوق من المشكلات الكبيرة التي تواجه ملايين الطلبة الحاصلين على الشهادات الجامعية، الذين من المفترض قد حصلوا على مهارات وخبرات يمكن تطبيقها في الشركات الاهلية والوظائف الحكومية التي تستقطب هذه المخرجات بصورة دائمة.
اذ يعود الفارق الكبير الى عدم التوافق بين المناهج الجامعية والحاجة الفعلية لهذه الشركات والمؤسسات على حد سواء، وفي المحصلة يتخرج الطالب وهو بحالة امية من الناحية العملية، يصعب عليه الحصول على وظيفة دائمية تمكنه من العيش ومواجهة صعوبات الحياة ومتطلباتها المتزايدة.
الإعلام على سبيل المثال لا الحصر من الاختصاصات التي على علاقة ماسة بالجوانب النظرية، اذ يعتبر الجانب النظري من المكملات الضرورية لممارسة المهنة اسوة بالأقران من ذوي الاختصاص نفسه، فلا نجد في اغلب كليات الإعلام الحكومية والأهلية إقامة ورش عمل تساعد الطلبة على فهم الضروريات المتعلقة بالعمل الصحفي، وليس بعجيب فقدانها لاستوديوهات لأغراض التدريب.
ويتخرج الطالب لا يفقه من الإعلام شيء حاملا الجزء النظري في جعبته الفقيرة من الناحية المعرفية، وحين يطرق أبواب المؤسسات الإعلامية بحثا عن وظيفة في احدى أبواب الإعلام، لا يجد من يرحب فيه وقد يواجه اول الأسئلة، هل لديك خبرة عملية واي البرامج تُجيد العمل عليها؟
بالتأكيد لا يمكن ان يحري أي إجابة على هذه الاسئلة، والخلل ليس فيه مطلقا، الخلل والتقصير يقع على عاتق المؤسسة الاكاديمية التي دفع لخزانتها الملايين من اجل الحصول على شهادة جامعية، مصحوبة بنسبة مقبولة من المعرفة العملية، وهي المسؤولة، أي (المؤسسة الاكاديمية)، عن تخرجه بهذه الحالة المعاقة عمليا.
ويتوقف على ذلك وقد يكون من الصعوبة تحقيق النجاح المهني لاصحاب هذا التخصص وغيره من التخصصات التي لا يمكن ان تنفصل فيها الجوانب النظرية عن العملية، في الوقت الذي يجب ان يكون الهدف الأساس من التعليم الجامعي هو تزويد الطلاب الجامعيين بالمهارات والخبرات الضرورية للنجاح على الصعيد المهني.
العراق في الوقت الحالي منشغل بالعودة الى الصواب وتجاوز الخطأ، وهذه العودة بعض متطلباتها هو إعادة النظر في الجوانب التي تجعل من الطالب المتخرج منافس حقيقي في سوق العمل، يحمل قدرا ليس بسيطا المهارة العملية، وتشترك في هذه المسؤولية القطاعات الخاصة لتحسين جودة التعليم من جهة وتفعيل التدريب وزيادة المهارة من جهة أخرى.
اضف تعليق