يواجه العراق أزمة مالية كبيرة بسبب تذبذب أسعار النفط التي انخفضت الى أدنى مستوياتها منذ يونيو/حزيران 2014، وهو ما كان له الكثير من التداعيات السلبية على الكثير من الدول المصدرة وخصوصا العراق الذي يعتمد بشكل أساسي على النفط الذي يشكل 95% من إجمالي دخل العراق كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا على ان هذه الأزمة تفاقمت بسبب وجود العديد من المشكلات الأمنية والإدارية وتفشي ظاهرة الفساد التي يغذيها الخلاف السياسي المبني على تحقيق المصالح الخاصة التي أضرت بالمواطن العراقي، هذه الأزمة الكبيرة وكما يقول بعض المراقبين دفعت الحكومة العراقية الى إتباع سياسة التقشف وإيجاد خطط وقرارات أخرى أثرت سلبا على المواطن العراقي، خصوصا مع غياب الاهتمام الحكومي به وتزايد مشكلة البطالة وإهمال القطاعات الاقتصادية الأخرى وغياب رقابة الدولة.

من جانب آخر يرى بعض الخبراء ان الحكومة الحالية وعلى الرغم من انها نجحت في زيادة إنتاج النفط العراقي وإعادة رسم بعض السياسات والخطط وإيجاد البدائل المهمة لحل هذه المشكلة، لاتزال تواجه تحديا كبيرا كونها ورثت واقعا اقتصاديا صعبا وأزمة مالية خانقة أثارت مخاوف العديد من الجهات والمؤسسات. ويتفق اقتصاديون عراقيون كما نقلت بعض المصادر، مع مخاوف صندوق النقد الدولي من تأثير هبوط أسعار النفط على موازنة العراق للعام 2015، منتقدين الحكومة العراقية لعدم إعداد الخطط والاستراتيجيات اللازمة، في السنوات السابقة، بشكل يساهم في تطوير القطاعات الإنتاجية الأخرى.

إصلاحات لجذب الاستثمار

وفي هذا الشأن قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ان العراق ملتزم بإجراء اصلاحات صعبة لجهازه الاداري واللوائح التنظيمية للشركات الاجنبية من أجل إجتذاب استثمارات يحتاجها بشدة. متحدثا في منتدى لغرفة التجارة الامريكية قال العبادي الذي قام بأول زيارة الي واشنطن منذ ان اصبح رئيسا للوزراء ان حكومته ملتزمة بإصلاحات ضرورية بما في ذلك خفض العراقيل امام قطاع الإعمال والتصدي للفساد. واضاف قائلا "هدفنا تقديم المساعدة وتشجيع القطاع الخاص وعلينا ان نزيل العوائق البيروقراطية والمعوقات الادارية."

"في العراق اعتقد انها (البيروقراطية) تلعب دورا في تعطيل الاستثمار. واحيانا يمكنني ان انظر اليها على انها جريمة مثل الارهاب." وقال العبادي ان الاصلاحات التي اتخذت حتى الان تشمل تخفيف شروط التأشيرات للمستثمرين وتقليل اجراءات التسجيل للمشاريع الجديدة واستخدام النظام الالي في بعض العمليات الادارية ومنح سلطة اكبر لمجالس الحكم في المحافظات. بحسب رويترز.

وقال ان الازمة المالية في العراق جعلت المسؤولين يركزون على الحاجة الي قطاع خاص اكثر قوة في اقتصاد العراق. ويواجه العراق عجزا قدره 25 مليار دولار في ميزانية العام الحالي بسبب هبوط اسعار النفط. وقال العبادي "أعتقد ان هذه هي المرة الاولي التي نتحدث فيها بصراحة في العراق بأن علينا ان ننتقل الي اقتصاد يسيطر عليه القطاع الخاص." وقال وزير المالية العراقية هوشيار زيباري ان العراق يعاني من جهاز اداري حكومي متضخم تبلغ الاجور الشهرية للعاملين فيه حوالي 3.5 مليار دولار وهو ما سمه عبئا ضخما على المالية العامة. ومنذ ان اصبح رئيسا للوزراء خلفا لنوري المالكي في سبتمبر ايلول الماضي تعهد العبادي باستئصال الفساد. ووجد تحقيق اطلقه العبادي واعلنت نتائجه العام الماضي 50 ألف "جندي وهمي" يحصلون على رواتب من الجيش.

سندات دولية

الى جانب ذلك قال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري إن العراق قرر إصدار سندات دولية بقيمة خمسة مليارات دولار ويتفاوض على الشروط وذلك في مسعى لتخفيف الضغوط على مالية الحكومة والناتجة عن هبوط اسعار النفط. واضاف زيباري قائلا في لقاء مع مجموعة صغيرة من الصحفيين في واشنطن "نحن نتفاوض على ذلك مع سيتي بنك ودويتشه بنك... نجتمع معهم هنا في واشنطن ولدينا ضوء اخضر من الحكومة باننا نحتاج ذلك." وامتنع عن الكشف عن فترة الاستحقاق او العوائد التي يجري التفاوض عليها للسندات.

وألحق انهيار اسعار النفط اضرارا شديدة بميزانية العراق في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة انفاقا عسكريا متزيدا ناتجا عن الحرب ضد متشددي تنظيم الدولة الاسلامية. وقال زيباري ان الحكومة تواجه عجزا قدره 25 مليار دولار في ميزانية العام الحالي التي تبلغ 100 مليار دولار تقريبا. واضاف ان ميزانية 2015 وضعت على اساس سعر للنفط قدره 56 دولارا للبرميل. وبلغ سعر عقود خام برنت الآجلة عند التسوية 60.32 دولار للبرميل. والعراق هو ثاني اكبر منتج للنفط في منظمة اوبك ويصدر حوالي 2.6 مليون الي 2.7 مليون برميل يوميا.

وقال زيباري ان العراق يدرس ايضا طلب تمويل طارئ يتراوح من 400 مليون إلي 700 مليون دولار من صندوق النقد الدولي. واضاف قائلا "لم نتخذ بعد قرارا لكني أعتقد أنهم (صندوق النقد الدولي) لا يمانعون في تقديم ذلك الدعم لكنهم يريدون ان تفعل الحكومة المزيد لتخفيض الإنفاق العام." واستدرك بقوله "ليس كشرط مسبق لكنهم في الواقع نصحوا بأن هذا هو السبيل لتقديم هذه الأموال." وتتراكم ديون العراق المستحقة للشركات التي تطور حقوله النفطية. وقال زيباري ان العراق بدأ تسديد ديونه الى شركات النفط الدولية لكنه امتنع عن الكشف عن حجم السداد. واضاف قائلا "اننا ندفع لهم فعلا... ليس بالقدر الذي يتوقعونه لكن على الاقل بدأنا ندفع لهم."

من جانب اخر قال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري إن حكومته تعتزم تدبير أموال طارئة من خلال مبيعات من الاحتياطي النفطي بنظام الدفع مقدما وذلك للمرة الأولى وستبدأ إصلاحات اقتصادية بتعديل عقودها النفطية مع الشركات الغربية الكبرى. وقال زيباري إنه لم تتحدد بعد تفاصيل كميات وقيمة هذه المبيعات التي تعرف في صناعة النفط بالتمويل المسبق لكن العراق يحتاج إلى سيولة لتمويل حملته العسكرية ضد متشددي تنظيم الدولة الإسلامية وللتعويض عن العائدات التي خسرها بسبب هبوط أسعار النفط العالمية.

واضاف زيباري ان بغداد تعتزم ايضا تغيير الطريقة التي تدير بها عقود الاستكشاف والانتاج مع شركات نفطية مثل رويال داتش شل وبي بي واكسون. وبهذا التحول سينتقل العراق للمرة الأولى إلى اعتماد عقود تقاسم الإنتاج التي يتم بموجبها تقسيم العائدات بنسبة مئوية من عقود الخدمات التي تحصل بمقتضاها شركات النفط على رسم محدد. وكانت عقود الخدمات العراقية أبرمت حينما كانت أسعار النفط مرتفعة. ويعني هبوط أسعار النفط العالمية أن بغداد تدفع الآن للشركات أكثر كثيرا مما لو كانت تعمل بعقود تقاسم الإنتاج. وقال زيباري إن العقود المعدلة ستعرف في العراق باسم عقود تقاسم العائدات.

ومثل هذه التعاقدات محظورة في الكثير من البلدان المنتجة للنفط لأن الوطنيين يعتبرونها تخليا عن ثروة سيادية لشركات أجنبية. غير أن زيباري قال إن العراق ينبغي له أن ينتهز الفرصة التي أتاحتها أزمة الدولة الإسلامية من أجل الإصلاح. وقال "من الأفضل الآن لنا أن نعتمد تعاقدات تقاسم الإنتاج. ونحن نتفاوض مع كل شركات النفط الدولية... الحكومة الاتحادية بدأت تدرك من خلال الظروف الواقعية أن تقاسم العائدات هو الأفضل."

ومنذ اصبح وزيرا للمالية في أكتوبر تشرين الأول الماضي في عهد الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء حيدر العبادي تمكن زيباري من الحصول على موافقة البرلمان على ميزانية وطنية وأبرم اتفاقا مع منطقة كردستان بشأن عائدات النفط بعد سنوات من الخلافات وصفه بأنه يعود بالنفع على الجانبين. وقال زيباري "لا يمكن بناء القطاع الخاص وجلب الاستثمار الأجنبي مع انتهاج قوانين اشتراكية تسلطية قديمة." بحسب رويترز.

وفي وقت سابق قال زيباري ايضا إن العراق يدرس إصدار سندات بقيمة خمسة مليارات دولار من خلال مصرفي سيتي بنك ودويتشه بنك لمساعدته في تغطية العجز في الميزانية. واستشهد بفاتورة شهرية قيمتها ثلاثة مليارات دولار تواجهها الحكومة العراقية من اجل تلبية احتياجات سكانها البالغ عددهم 32 مليونا كدليل على المركزية الشديدة والافتقار إلى الاستثمارات الخاصة.

وقال زيباري "هذه الأزمة ... على الرغم من الصعاب التي نلاقيها فيما يتصل بالأمن والجوانب المالية أفضت بنا حقا إلى الكثير من الأفكار الجديدة. وأصبح الشعار هو أنه لا بد أن تقوم بالإصلاح وإلا فسوف تفشل اقتصاديا." وكان الفساد والإنفاق المفرط في أوقات صعود اسعار النفط وسوء الإدارة المالية قد ساهمت جميعا في الأزمة الاقتصادية التي فجرها استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق في العراق وانهيار أسعار النفط. وقال زيباري إن العراق لن يضغط على بلدان الخليج العربية الأعضاء في اوبك مثل السعودية لخفض الإنتاج من أجل دعم أسعار النفط. وقال "يجب أن نصلح أنفسنا. ولا ينبغي أن نعتمد على النوايا الطيبة للآخرين في العالم العربي. فالأمور لا تسير على هذا النحو."

70 دولارا سعر النفط المتوقع

من جانب اخر تكهن وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي بأن اسعار الخام قد تصل الي 70 دولارا للبرميل بنهاية عام 2015 وقلل من شأن تأثير الصراع الناشئ في اليمن على الاسعار. وأدى انهيار في اسعار النفط العالمية الي هبوط حاد في ايرادات الحكومة العراقية مما دفع البلد العضو بمنظمة اوبك الي اعادة التفاوض على عقوده مع شركات النفط العالمية بينما يواجه حملة عسكرية باهظة التكلفة ضد متشددي تنظيم الدولة الاسلامية.

وقال عبد المهدي إن أسعار النفط وصلت في يناير كانون الثاني الى "القاع ولا يمكن ان تواصل الانخفاض الي أقل من ذلك... هي الان ترتفع ببطء لكن بإطراد. ستواصل الصعود وربما تصل الي 70 دولارا بنهاية العام." واشار الي ان تأثير الصراع في اليمن على اسعار النفط سيكون قصير الاجل قائلا "بالطبع المسائل السياسية مثل الازمة في اليمن يمكن ان تعطي بعض الدفع للاتجاه الصعودي للأسعار لكنه سيكون تأثيرا مؤقتا."

ويعني هبوط اسعار النفط العالمية أن بغداد تدفع الان للشركات مستحقات مالية اكبر بكثير من نمط عقود تقاسم الانتاج المطبق في منتجين اخرين وتسعى الى اعادة التفاوض على شروط عقودها. وتعمل شركات دولية في حقول النفط الجنوبية في العراق بمقتضى عقود خدمات تقوم حاليا على اساس رسم ثابت بالدولار للكميات الاضافية المنتجة وهي صيغة أدت الي تضخم فواتير بغداد في نفس الوقت الذي تنهار فيه ايراداتها النفطية.

وقال عبد المهدي إنه التقى مع مسؤولين من شركة رويال داتش شل لمناقشة تعديل عقدها بما يحقق مصلحة الجانبين كليهما لكنه أكد انه لم يتم التوصل الى اتفاق مع توتال أو أي شركة عالمية اخرى. واضاف قائلا "ما زلنا في مرحلة التفاوض. لم يتم توقيع أي شيء حتى الان مع اي من شركات النفط الكبرى." وقال عبد المهدي ان اي مراجعة للعقود لن يترتب عليها تغييرات مهمة في الاتفاقات او هيكلها وان مستوى مستهدفا قدره 9 ملايين برميل يوميا لإنتاج النفط العراقي بحلول عام 2020 يبقى قائما.

واضاف وزير النفط ان العراق سيحاول تسديد تسعة مليارات دولار ما زالت مستحقة لشركات النفط عن عام 2014 عن طريق زيادة كميات الخام المنتجة من كركوك او البصرة قبل نهاية يونيو حزيران. وقال عبد المهدي إنه لا يرى اي علامات على ان السعودية ستخفض انتاجها. واضاف قائلا "لا اعتقد ان لديهم النية لعمل ذلك. اعتقد انهم يدافعون عن حصتهم في السوق."

الى جانب ذلك قال عدنان الجنابي رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان العراقي ان العراق يؤيد سياسة اوبك لحماية حصتها في سوق النفط بالابقاء على انتاجها مستقرا على الرغم من ضغوط تتعرض لها ميزانية بلاده. وتعقد اوبك (منظمة البلدان المصدرة للبترول) اجتماعها القادم في يونيو حزيران وتتجه فيما يبدو الي الابقاء على سياستها بلا تغيير. وقال الجنابي ان تلك ستكون خطوة تحظى بموافقة العراق. بحسب رويترز.

وأبلغ الجنابي الصحفيين اثناء زيارة الى العاصمة القطرية ان العراق مع الاجماع العام في اوبك بانه يجب عدم "القتال من اجل السعر بل من اجل حصة السوق". واضاف انه يجب ألا تدفع اوبك "ثمن" قيام المنتجين الاخرين بالانتاج باقصى طاقتهم واخذ السوق من المنظمة. وفي نوفمبر تشرين الثاني أقنعت السعودية اكبر مصدري النفط في اوبك باقي الاعضاء بإبقاء الانتاج بلا تغيير للدفاع عن حصة المنظمة في السوق. وساهم ذلك التحرك في تسريع هبوط حاد بالفعل لأسعار النفط من مستويات مرتفعة فوق 100 دولار للبرميل كانت سجلتها العام الماضي والذي اثارته وفرة الامدادات مع ضعف الطلب.

وسئل الجنابي عن احتمالات ان تزيد ايران انتاجها اذا توصلت الي اتفاق بشان برنامجها النووي وهو ما قد يعرض اسعار الخام لمزيد من الضغوط فقال ان الدول التي لديها احتياطيات كبيرة يجب ان تدرس استراتيجية طويلة الاجل تتوفر لها مقومات الاستمرارية. واضاف انه يجب على ايران والعراق والسعودية ان يهتموا باسواقهم وان يركزوا على الاسواق لانهم دول لديها احتياطيات كبيرة تنظر الى الاجل الطويل وليس الى ردود الأفعال الفورية على تحركات الأسعار.

وتتزايد ديون العراق -ثاني اكبر منتج للنفط في اوبك- المستحقة للشركات النفطية التي تطور حقوله العملاقة. وتعمل شركات النفط الغربية في الحقول النفطية في جنوب العراق بمقتضى عقود خدمة تقوم حاليا على اساس رسم ثابت بالدولار عن الكميات الاضافية المنتجة. ونتيجة هبوط اسعار النفط الي النصف فان كمية الخام اللازمة لدفع مستحقات الشركات تضاعفت تقريبا وهو ما يقلل الايرادات لحكومة تقاتل تمردا من تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد. وقال الجنابي "بدأنا مناقشات مع شركات النفط وندرس المشكلة التي نواجهها." واضاف ان الحكومة تجري محادثات مع الشركات لمحاولة تعديل شروط العقود بحيث تدفع مستحقات عن جزء من الزيادة في الانتاج والايرادات الي الشركات "بدلا من الدفع بصرف النظر عن السعر والايرادات."

مشاكل الجودة وتعزيز الصادرات

على صعيد متصل يخطط العراق لفصل الخام الثقيل الذي ينتجه من حقوله النفطية في جنوب البلاد عن خامه الرئيسي في خطوة قد تقلل مشاكل الجودة التي تؤثر سلبا على صادراته وإن كان سيواجه تحديات في الحصول على السعر الذي يريده وإنشاء البنية التحتية اللازمة. ولا يملك ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) سوى خيارات قليلة إذ أن مساعيه الرامية لتعزيز الإنتاج دفعته إلى التنقيب عن خام أثقل لخلطه بخام البصرة الخفيف. وارتفع إنتاج العراق الى مستوى قياسي بلغ 3.15 مليون برميل يوميا العام الماضي.

غير أن مسؤولين عراقيين أشاروا إلى أنهم سيسعرون خامهم الثقيل بسعر أرخص من منافسيه وسيخصصون منشأة في الميناء اعتبارا من مايو أيار للعمل بآلية تقسيم الإنتاج. وقال فيكتور شوم العضو المنتدب لاستشارات أنشطة المصب لدى آي.اتش.إس "فصل خام البصرة الثقيل سيكون عمليا في الأجل الطويل إذ من المتوقع أن يزيد الإنتاج وسيكون الإنتاج الجديد من الخام الثقيل."

وقال مسؤول بشركة نفط الجنوب المملوكة للدولة إن العراق يخطط لشحن 350 ألف برميل من خام البصرة الثقيل يوميا في المتوسط وهو ما يعني أنه قد يمثل حوالي 13 بالمئة من حجم الصادرات الحالية الذي يتراوح بين 2.6 مليون و2.7 مليون برميل يوميا. وذكر المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب سياسة الشركة أن معظم الكمية ستأتي من حقول ميسان النفطية. وأضاف أن السعر لا يزال محل نقاش لكنه سيكون أرخص من أسعار المصدرين الخليجيين الآخرين وانه عندما تكون كثافة الخام أقل وفقا لمقياس معهد البترول الأمريكي فان ذلك سيعني زيادة الخصم. وتعتبر الخامات التي تقل كثافتها عن 27 درجة من الأنواع الثقيلة.

وقال مصدر تجاري مطلع إن من المتوقع أن تعلن شركة تسويق النفط (سومو) التابعة للحكومة العراقية عن سعر البيع الرسمي لخام البصرة الثقيل حين تصدر أسعار شحنات مايو أيار. وكانت سومو قالت إنها ستخصص إحدى منشآتها للتصدير لخام البصرة الثقيل اعتبارا من مايو أيار. وأشارت إلى أنها قد تضخ إمدادات تتراوح بين 450 ألف و800 ألف برميل يوميا من الخام الذي ستقل درجة كثافته عن 24 درجة بمقياس معهد البترول الأمريكي.

وقال تجار إن فصل خام البصرة الثقيل عن الخفيف سيعزز ثقة المشترين في الجودة. وقد يؤدي ذلك أيضا إلى توفير الوقت المستهلك في انتظار وصول الخامات المختلفة إلى المرافئ لمزجها وهو ما يسبب تأخيرات مكلفة في تحميل السفن. وقال توشار بانسال من إف.جي.إي للخدمات الاستشارية إن سومو تريد ألا تضطر لعرض خصومات إضافية على مشتري خام البصرة الخفيف إن لم يكن مطابقا للمواصفات. وأضاف قائلا "توجد مطالبة قوية من المشترين بالفصل كي يتسنى لهم وضع خططهم الخاصة بمعالجة الخام بشكل سليم وفقا للكثافة المتوقعة بمقياس معهد البترول الأمريكي."

وأشار تجار إلى أنه مع احتواء خام البصرة الثقيل على نسبة عالية من الكبريت تقترب من 4 بالمئة وانخفاض كثافته فإن مشتريه قد يقتصرون على الولايات المتحدة والهند والصين. وذكر تاجر صيني أن ذلك سيضع خام البصرة الثقيل في منافسة مع خام سوروش الإيراني وخامات اخرى من الإكوادور وكولومبيا مضيفا أن السعر سيكون عاملا مهما. وقال تجار إن الكمية ستكون مسألة اخرى مهمة لانه من المستبعد أن يشتري بعض المستوردين مليوني برميل (حمولة ناقلة عملاقة) دفعة واحدة بما يعني أن البائعين قد يتحملون تكاليف وتأخيرات ناجمة عن تقسيم الشحنة أو تحميلها مع خامات أخرى. بحسب رويترز.

ويشعر بعض المشترين الآسيويين أيضا بقلق من أن يؤدي الطلب على خام البصرة الخفيف إلى تكدس الموانئ العراقية ورفع الأسعار. غير أن مصدرا بشركة آسيوية لها عمليات في العراق قال إنه مع زيادة الإنتاج فان من المستبعد أن تتراجع سومو عن خططها مضيفا أن "السؤال الحقيقي هو إلى أي مدى يمكننا الضغط على منشآت التصدير." وتوقع المصدر أن يزيد إنتاج خام البصرة الثقيل بمقدار مليوني برميل يوميا في الاجل الطويل. وبلغت صادرات النفط من مرافئ جنوب العراق ذروتها في ديسمبر كانون الأول بوصولها إلى 2.76 مليون برميل يوميا.

النفط كتعويض عن المستحقات

في السياق ذاته قال مسؤول تنفيذي كبير لدى بي.بي إن شركة النفط البريطانية الكبرى شحنت المزيد من الخام العراقي في الشهرين الأخيرين عوضا عن مستحقات أعمالها في جنوب البلاد وأبدت ارتياحها لمستوى الشحنات. ودفع هبوط أسعار النفط ومحاربة تنظيم داعش بغداد إلى تأخير مدفوعات بمليارات الدولارات مستحقة لشركات النفط الدولية ومن ثم جرى السماح للشركات بالحصول على شحنات نفط عوضا عن مستحقاتها.

وقال مايكل تاونشند رئيس عمليات بي.بي في الشرق الأوسط إن إجمالي الإنتاج الحالي من حقل الرميلة النفطي العملاق في العراق يبلغ نحو 1.4 مليون برميل يوميا ومن المتوقع أن يظل مستقرا في 2015. وقال للصحفيين في أبوظبي "بالنسبة لموقفنا في الرميلة.. زادت المدفوعات وأنا مرتاح لمستواها." واضاف "أخذنا شحنات في المقابل... سواء من جيهان أو من الجنوب... حصلنا بالتأكيد على مزيد من الشحنات في الشهرين الماضيين." ولم يذكر مزيدا من التفاصيل عن الشحنات.

وتابع قائلا إن بي.بي مددت أيضا اتفاقية مع وزارة النفط العراقية للمساهمة في وقف تراجع الإنتاج من حقل كركوك الضخم في الشمال. والحقل محل نزاع حاليا بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان. واردف "وقعنا خطاب نوايا لمدة عام ومددناه حتى نهاية العام الحالي نظرا لوجود فترة في العام الماضي لم نستطع فيها إنجاز أي شئ مثمر."

وبموجب الاتفاقية تعمل بي.بي على الجانب الخاضع لإدارة بغداد من الحدود مع إقليم كردستان في مكامن بابا وأفانا. أما المكمن الثالث في كركوك وهو خورمالة فتسيطر عليه حكومة الإقليم. وتجري بي.بي وشركات نفطية عالمية أخرى محادثات مع بغداد حول اتفاقات خدمة فنية تطور بموجبها الحقول الجنوبية. وتقوم الشركات الأجنبية بضخ استثمارات في الحقول ومن المفترض أن تتلقى مقابلها رسوما على كل برميل. بحسب رويترز.

لكن هبوط أسعار النفط جعل من الصعب على حكومة بغداد التي تعاني من شح السيولة المالية الوفاء بالتزاماتها. وقال وزير المالية العراقي لرويترز في مارس آذار إن بغداد تخطط لتغيير الطريقة التي تدير بها عقود التنقيب والإنتاج مع شركات مثل رويال داتش شل وبي.بي وإكسون. وربما يدفع ذلك العراق في نهاية المطاف إلى عقود تقاسم الإنتاج التي يتم فيها تقاسم الإيرادات والتخلي عن عقود الخدمة التي تتلقى بموجبها الشركات رسوما محددة. وقال تاونشند إن شركات النفط العالمية قدمت بعض التعديلات المقترحة على عقودها إلى وزارة النفط العراقية.

اضف تعليق