إذا كانت ايرادات السياحة في العراق قد بلغت ما يعادل 7.4 ترليون دينار في عام 2024.. فإنّ هذا يعني أنّ إيرادات السياحة في العراق تعادل ما نسبته 56% من اجمالي الايرادات غير النفطية للعراق في عام 2024. هذه أرقام كبيرة، وأعتقد أنّها تفتقِر إلى الدقة، أو إلى التبرير المنطقيّ.. كما أنها تفتقر إلى التفاصيل...
على وفق بيانات البنك المركزي العراقي فإن إيرادات السياحة في العراق قد ارتفعت من 4.6 مليار دولار عام 2023 الى 5.7 مليار دولار في عام 2024، وبنسبة نمو بلغت25% ، وبذلك يحتل العراق المرتبة السابعة عربيا بعد الامارات العربية المتحدة التي حققت ايرادات بقيمة 57 مليار دولار ثم السعودية 41 مليار دولار ومصر 15.3 و المغرب 11.3 وقطر 8.4 تليها الاردن 7.2 مليار دولار.
كم تشكّل هذه الايرادات من السياحة (كنسبة) مقارنةً بإجمالي الايرادات غير النفطية للعراق في عام 2024؟
الإيرادات غير النفطية بلغت 13.237 ترليون دينار في عام 2024.
فإذا كانت ايرادات السياحة في العراق قد بلغت ما يعادل 7.4 ترليون دينار في عام 2024.. فإنّ هذا يعني أنّ إيرادات السياحة في العراق تعادل ما نسبته 56% من اجمالي الايرادات غير النفطية للعراق في عام 2024. هذه أرقام كبيرة، وأعتقد أنّها تفتقِر إلى الدقة، أو إلى التبرير المنطقيّ.. كما أنها تفتقر إلى التفاصيل.
مثلاً: من هم هؤلاء الذين أنفقوا كُلّ هذه المبالغ.. كم هو عددهم، من أينَ أتوا، ماهي وجهاتهم السياحية، وكم أنفَقوا، ولماذا، وأينَ، وكيف؟
وكم هو عدد وحجم الانفاق "المحلّي" للسيّاح المحليّين، وكم هو عدد وحجم الانفاق "الدولي" للسيّاح الأجانب في العراق؟
في جميع الاحصائيات السياحية للجهات المختصّة بالسياحة في العالم لم نجد العراق ضمن الدول العربية العشر الأولى في السياحة، فمن أين جاء البنك المركزي العراقي بهذا الترتيب؟
وهناك مصادر عن ترتيب الدول العربية من حيث الإيرادات وعدد السياح، لم يرِد ذِكر العراق فيها على الاطلاق.
وما ورد في هذه المصادر غير دقيق أيضاً.. ويبدو أنّ العراق لم يبذل جهدا لا للترويج السياحي ولا لتوفير البيانات، بحيث تحتل لبنان والبحرين وتونس والكويت المراتب من 7- 10 في بعض هذه الإحصاءات، بينما يغيب عنها العراق!!
وعلى وفق بعض مصادر البيانات المتاحة لعام 2024 تتصدر دولة الإمارات القائمة بـ 25.8 مليون زائر، وجاءت المملكة العربية السعودية ثانيةً بـ 20.3 مليون زائر، وحلّ المغرب ثالثاً بـ 13.1 مليون زائر، أما مصر فجاءت رابعة بـ 13 مليون زائر، وتونس بـ 10 مليون زائر، والأردن بـ 6.1 مليون زائر.
وعلى وفق مصادر أخرى فقد تحدى الشرق الأوسط التوترات الإقليمية في عام 2024، محققًا مكاسب قوية في السياحة الدولية. وعلى وفق بيانات هذه المصادر، تصدّرت المملكة العربية السعودية العالم العربي بعدد بلغ 27 مليون سائح، تليها الإمارات العربية المتحدة (16.7 مليون)، ومصر (15.7 مليون)، والبحرين (14.9 مليون)، والمغرب (12.9 مليون). وشملت الوجهات الرئيسية الأخرى تونس(9.4 مليون).. وقطر، والأردن، والجزائر، ولبنان، حيث استفادت كل منها من معالم جذب مميزة لجذب ملايين الزوار.
وحققت الامارات العربية إيرادات سياحية بقيمة 57 مليار دولار ثم السعودية 41 مليار دولار ومصر 15.3 والمغرب 11.3 وقطر 8.4 تليها الاردن 7.2 مليار دولار.
وشهد لبنان انخفاضًا حادًا في عدد السياح الأجانب الوافدين في عام 2024، حيث انخفض العدد إلى 1,131,100 سائح، مقارنةً بـ 1,666,492 في عام 2023 ، وبلغت عائدات السياحة في لبنان 4.7 مليارات دولار، وساهم قطاع السياحة والسفر بنسبة 19.8% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2024، مقارنةً بـ 8.4% في عام 2023 و18.9% في عام 2019.
أخيراً..
يبدو من خلال حجم الايراد السياحي لعام 2024(كما عرضهُ البنك المركزي في أعلاه) أنّ هذه الإيرادات هي إيرادات "خاصة"، وليست "عامّة".
إيرادات "خاصّة" بمعنى أنّ معظمها هي عبارة عن "عوائد" يستلمها "مُلاّك" المرافق السياحية "الخاصّة" في العراق، مقابل تقديمهم للخدمات المختلفة للسيّاح.
لقد كان يُفترَض أن يتم تحويل قسم من هذه "الإيرادات" إلى الموازنة العامة للدولة من خلال فرض الضرائب والرسوم، وهذا لم يحصل.. إضافةً إلى أنّ الرسوم الحكومية على المسافرين ومنها رسوم "الفيزا" تُعَد رسوم واطئة جداً( وبالذات تلك الرسوم الواطئة، أو الرمزية، أو "المجّانيّة" التي يتم فرضها على "زوّار" السياحة الدينيّة، الذينَ يُشَكِّلون الجزء الأكبر من السيّاح)، بحيث لا يشكلُ فرضها زيادةً هامّة إلى اجمالي الإيرادات السياحيّة.. وهذه حالة غريبة قد لا نجد مثيلاً لها في كُلّ العالم، عدا العراق.
ولديّ أسئلةٌ أخرى مُلِّحة، وهي:
- ما هي، ومن هم "مُلاّك" المرافق السياحية الخاصة الذينَ حققوا هذه الإيرادات؟
- هل توجد إيرادات "عامة" يتم تحصيلها من المرافق السياحية العامة في العراق، أو من تلك المرافق السياحية الخاصة التي تمتلك الحكومة العراقيّة حصّةً فيها؟
سأكونُ ممتنّاً لو أجاب البنك المركزي ووزارة الماليّة ووزارة الثقافة والسياحة عن هذه الأسئلة.
وفي جميع الأحوال، وبغضّ النظر عن طبيعة الأجوبة، فإنّ ممّا يدعوا للفَرَحِ أن يَدُرّ القطاع السياحي ايراداً كهذا في العراق.
اضف تعليق