صناعة لحظة التغيير حتماً ستكون بيد الشباب وسواعدهم وعقولهم؛ فالحاضر والمستقبل مسؤولية الشباب، الذي لا يشغله الماضي، ولا ينظر إلى الوراء إلا ليحث الخطى نحو المستقبل. وحين نتحدث بهذه اللغة ونرفع هذه الشعارات فإننا نؤمن بطاقة وحيوية شعبنا وفي الطليعة منه شبابه المعبر عن حيوية الأمة وتطلعاتها وآمالها...
يتحدث البعض وبترقب عن تغيير قادم من الخارج، وهذا حديث العاجزين والمتكئين على جدران عقولهم الهشة. حلم التغيير هو حلم شعبنا الذي يعيش واقع الذل والفقر والتخلف.. وهذا الحلم لا ينتظر بل يصنع.. لا نريد أن ننام لنحلم بالمستقبل بل نصنع مستقبلنا بأيدينا.. نعم من حقنا أن نحلم ولكننا لا نستسلم للحلم كمخدرين.. أو نعيش بالانتظار العاطل الفارغ دون عمل.. فالحلم يحتاج لعمل لتحقيقه.. أما من ينتظر المنقذ (غودو) -بحسب مسرحية صمويل بيكيت- فأولئك هم الكسالى الذين لا يجيدون عمل أي شيء سوى الانتظار والنوم والكسل.
التغيير وبناء المستقبل الذي نحلم به لا يصنعه لنا (ترامب) أو مبعوثه (سافايا)؛ لأنهما يبحثان عن مصالح أميركا ولا يهمهما مصالح العراق وشعبه، لا يهم الدول جميعها -سواء أكانت إيران أو أميركا- من يحكم العراق مادامت مصالح هذه الدول مؤمنة ومحروسة من قبل الصنائع والموالين للأجنبي.
لا يهم إيران أو أميركا أن يحكم العراق لصوص وقتلة وفاسدون.. هذا غير مهم.. بل المهم مصالح تلك الدول ونفوذها داخل العراق. لهذا لا ننتظر خيراً من إيران أو أميركا، فإنهما يعملان على أن تكون في العراق دولة هشة دون سيادة، وهو ما يعملان عليه منذ 2003 إلى الآن.
المستقبل تصنعه الشعوب حين تؤمن به وتحن إليه فتعبر عن حيويتها لصناعته، حين ترفض واقعها وتسعى لتغييره.. نحن لا ننتظر قوى خارجية لتحررنا، لأننا نمتلك القوة والإرادة والحنين للحرية والكرامة.
وقد عبر شعبنا عن حيويته في ثورة تشرين التي قادها شباب العراق فكانوا مادتها ووقودها.. فقدم مئات الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى، وهذه الثورة لم تخمد بل ما زالت شرارتها في قلوب الثوار وهم من يصنع التغيير فهم مادته وغايته.
الحراك الاحتجاجي الذي كتب مطالبه بالدماء الطاهرة المقدسة.. دماء الشهداء والجرحى، هو المدافع الحقيقي عن آمال الشعب وتطلعاته، والمسيرة التي كتبت بالدماء المقدسة الطاهرة لا يمكن المساومة عليها أو التراجع عن استمراريتها وتناميها. الحراك الاحتجاجي يستمد شرعيته وطاقته الخلاقة من عمقه الشعبي والجماهيري.
العراقيون يعتزون بحريتهم وكرامتهم ويدافعون عنها، ويعتزون بهويتهم الوطنية الواحدة بكل تنوعها الديني والقومي والمذهبي، بعيداً عن التفرقة والتشرذم والتعصب والعنصرية التي زرعتها أحزاب السلطة وميليشياتها لإضعاف قوة الأمة والحد من حيويتها ووحدتها. نحن لا ننتظر قوى خارجية لتحررنا، لأننا نمتلك القوة والإرادة والحنين للحرية والكرامة. ولم تجلب لنا القوى الخارجية سوى الخراب والدمار والفرقة، وهي التي جلبت لنا الأحزاب الحاكمة الفاسدة والمنحرفة والمجرمة.
المهللون للتدخل الأجنبي، سواء كان أميركياً أو إيرانياً، هم الأذلاء والتابعون لهذا أو ذاك، وهم من باع نفسه ووطنه بأرخص الأثمان؛ لأن من يفرح بانتهاك سيادة وطنه لا قيمة للوطن لديه، بل إنه منزوع الوطنية والكرامة.
حين نقول هذا لأننا نسعى لبناء وطن واحد موحد يكون خيمة لجميع العراقيين مهما اختلفت هوياتهم الدينية والقومية والمذهبية. وطن المواطنة الذي يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات. نريد وطناً لن يشعر فيه المسيحي أو الكردي أو الإيزيدي أو التركماني أو السني بالتهميش حين يشعرون أنهم متساوون، لا فرق بين مسيحي ومسلم أو كردي وعربي أو شيعي وسني.. هكذا تتحقق وحدة الوطن والشعب وسيُهزم العنصريون والطائفيون وسُتمزق جميع مشاريع تفرقة الشعب والوطن.
صناعة لحظة التغيير حتماً ستكون بيد الشباب وسواعدهم وعقولهم؛ فالحاضر والمستقبل مسؤولية الشباب، الذي لا يشغله الماضي، ولا ينظر إلى الوراء إلا ليحث الخطى نحو المستقبل.
وحين نتحدث بهذه اللغة ونرفع هذه الشعارات فإننا نؤمن بطاقة وحيوية شعبنا وفي الطليعة منه شبابه المعبر عن حيوية الأمة وتطلعاتها وآمالها. لهذا نقول للبعض ممن اتضحت حقيقتهم وبان فساد شعاراتهم وكذبها وزيفها: (إذا كانت الشعارات أكبر من طاقتك الحقيقية فإنها ستتحول إلى أكاذيب بعد أن تفرغ من مضمونها).



اضف تعليق