ويعني الاستحقاق الانتخابي بالتعريف العراقي الغريب مشاركة جميع الفائزين بعدد معين من المقاعد البرلمانية في الحكومة بعدد من الوزراء يناظر عدد مقاعد الحزب الفائز بعدد معين من المقاعد البرلمانية. وثمرة هذا التعريف تشكيل الحكومة بمشاركة الكل، وغياب اية معارضة حقيقية في البرلمان...
مصطلح "الاستحقاق الانتخابي" بالتعريف العراقي هو احد عيوب التأسيس في الجمهورية الثالثة. (الجمهورية الاولى هي فترة الضباط الثلاثة، والجمهورية الثانية هي فترة الحكم البعثي). ويعني الاستحقاق الانتخابي بالتعريف العراقي الغريب مشاركة جميع الفائزين بعدد معين من المقاعد البرلمانية في الحكومة بعدد من الوزراء يناظر عدد مقاعد الحزب الفائز بعدد معين من المقاعد البرلمانية. وثمرة هذا التعريف تشكيل الحكومة بمشاركة الكل، وغياب اية معارضة حقيقية في البرلمان.
ولا نجد لهذا التعريف للاستحقاق الانتخابي اثراً في الفكر السياسي الديمقراطي. ذلك ان الاستحقاق الانتخابي هو عدد المقاعد البرلمانية التي يحصل عليها الحزب بحسب القانون الانتخابي المعمول به. لا غير. اما الحكومة وحقائبها الوزارية فهي من حصة الحزب الفائز باغلبية النصف زائدا واحد من المقاعد البرلمانية. اما الاحزاب الاخرى فلا حصة لها في الوزارات، وتمارس عملها السياسي في داخل البرلمان وفي المجتمع. مثلا في الانتخابات البريطانية الاخيرة فاز حزب العمال باغلبية ٤١٢ مقعدا في مجلس العموم.
وهذه اغلبية ساحقة حيث ان المطلوب فقط ٢٢٦ مقعدا لينال الحزب حق تشكيل الحكومة لوحده. اما الاحزاب الاخرى التي فازت في الانتخابات مثل حزب المحافظين (١٢١ مقعدا)، وحزب الاحرار (٧١ مقعدا) فلا تشارك في الحكومة وليس لها اي استحقاق انتخابي غير المقاعد البرلمانية. وهذه حالة سليمة؛ ذلك ان تعدد الاحزاب يعني تعدد البرامج الحزبية. ويتعين على الحزب الفائز وحده تشكيل الحكومة ليتاح له تطبيق برنامجه الانتخابي. اما الاحزاب الاخرى فهي حرة في السير في الطريق الذي يناسبها سواء اصبحت معارضة للحكومة ام مؤيدة لها.
في الدولة الحضارية الحديثة التي ندعو اليها سوف نتخلى عن التعريف المعمول به في العراق لمصطلح الاستحقاق الانتخابي، ونوفر مستلزمات العمل بالطريقة المعمول بها في بريطانيا مثلا. ولا يقولن احد ان مستوى الشعب العراقي لا يناسب هذا النوع من الديمقراطية لانه قد اتضح عمليا ان الجهة التي لم تصل الى هذا المستوى هي الطبقة السياسية وليس الشعب العراقي، واتضح ان هذه الطبقة متمسكة بمفهومها للاستحقاق الانتخابي ليتسنى لها تقاسم السلطة والتمتع بخيراتها ونعيمها والبقاء في مناصبها التي استحوذت عليها منذ ٢٠ سنة. لقد جرى تشويه معنى الديمقراطية وافراغ النظام السياسي من مضمونه الديمقراطي فيما يسعى نموذج الدولة الحضارية الحديثة الى تطبيق الديمقراطية بمعناها السليم.
اضف تعليق