q
فأذا كان التغير بسيط وغير واضح فهذا يعطي اشارة قوية ان الانتخابات الاولى لم تكن مزورة. اما اذا كان التغيير كبير وواضح فهذا يعني حصول تغيير في الاداء الانتخابي للحزب أو أن واحد من الانتخابَين مزور! وتم أختبار هذا الأفتراض على القوى الرئيسة المتنافسة (الشيعية والسنية) في الأنتخابَين..

كلنا نذكر ما أثير من قبل قوى الاطار عن تزوير انتخابات 2021 البرلمانية. أدت تداعيات ذلك الادعاء الى منازعات قضائية واعلامية وحتى أمنية قادت فيما بعد لانسحاب الكتلة الفائزة الأكبر من البرلمان. مقابل ذلك أشادت قوى الاطار بشدة بأنتخابات المجالس المحلية التي جرت قبل أيام مقابل مقاطعة واسعة لها من قبل الصدريين وكثير من القوى المدنية والمستقلة الاخرى.

تهدف هذه الورقة الى المقارنة بين النتائج التي حصلت عليها القوى الرئيسة المتنافسة في الانتخابَين منطلقين من فرضية أن معظم من صوت لهذه القوى في 2021 و 2023 هو جمهورهما الحزبي ومناصريه، مع قلة ربما من المذبذين swing voters، وليس المستقلين أو التشرينيين. فبعد أن أنسحب التيار الصدري ومعظم (وليس جميع) التشرينيين والمستقلين من انتخابات المجالس المحلية فقد أنحصرت المنافسة الى حد كبير بين قوى الأطار ومنافسيها المحليين في المناطق (الشيعية)، وقوى تحالف السيادة (تقدم وعزم) ومنافسيهما المحليين في المناطق(السنية).

ومع اقراري بأن الانتخابات المحلية تختلف كلياً في آلية وفلسفة الأنتخاب عن البرلمانية الا أن الجمهور المناصر للاحزاب ثابت تقريباً في الحالين. كما أن تأثير الجمهور المحايد أو المتذبذب أو غير الحزبي قليل جداً في ظل المقاطعة الواسعة التي شهدها الانتخابَين الأخيرَين. بالتالي فأن اعتماد عدد الاصوات التي حصل عليها كل حزب أو تكتل في الانتخابَين قد يعطينا صورة عن مدى التغير الحاصل في القوة الانتخابية.

فأذا كان التغير بسيط وغير واضح فهذا يعطي اشارة قوية ان الانتخابات الاولى لم تكن مزورة. اما اذا كان التغيير كبير وواضح فهذا يعني حصول تغيير في الاداء الانتخابي للحزب أو أن واحد من الانتخابَين مزور! وتم أختبار هذا الأفتراض على القوى الرئيسة المتنافسة (الشيعية والسنية) في الأنتخابَين. وبما أن بعض القوى قد غيّرت تحالفاتها ومسمياتها فقد حاولت تتبع مكونات كل تحالف وجمع عدد الأصوات التي نالها في 2021 و 2023.

اصوات مشاركة

تظهر أرقام المفوضية أن عدد المصوتين في انتخابات البرلمان 2021 (عدا أصوات كوردستان) بلغ 7649736 حوالي سبعة ملايين وستمائة وخمسين الف صوت، في حين بلغت عدد الاصوات المشاركة في انتخابات المجالس المحلية 2023 ( 6599668 صوت). أي أن عدد المشاركين في الانتخابات الاخيرة قل بمليون وخمسين الف صوت تقريباً وبنسبة أنخفاض 13بالمئة. هؤلاء في الغالب هم جمهور الصدريين (ومن صوت لهم من المستقلين) الذين حصلوا في انتخابات 2021 على 885 الف صوت زائد المقاطعين الآخرين. أما على صعيد التحليل الجزئي فتظهر أرقام الجدول أدناه أن أصوات دولة القانون زادت بحوالي 24 الف صوت فقط مقارنةً ب 2021.

فقد بلغت أصوات القانون عام 2021 ( 506037) و( 530734) هذه السنة. ومما يدل على عدم التغيير الكبير في أصوات دولة القانون أن نسبة أصواتهم في 2021 الى مجموع الاصوات الكلية آنذاك بلغت 7 بالمئة تقريباَ في حين أن نسبة أصواتهم بلغت 8 بالمئة هذه السنة. أي أنهم زادوا ب 1بالمئة فقط وهي زيادة طفيفة وغير مؤثرة.

وأذا ترجمناها الى مقاعد في البرلمان بأفتراض أن الانتخابات البرلمانية جرت وفق نفس القانون الحالي فأن حصة دولة القانون ستكون مشابهة لحصتهم الحالية من المجالس المحلية. بناءً على ذلك فهل يمكن القول أن أنتخابات 2021 أم 2023 كانت مزورة؟!

لنأخذ مثلاً آخر هو تحالف نبني الذي يتكون أساساً من تحالف بدر، والعصائب، والعقد الوطني (الفياض)،و سند (الأسدي). لقد حاز هذا التحالف على ما يناهز 784000 صوتاً وبما نسبته 9.9 بالمئة من أصوات أنتخابات 2021. أما في هذه الانتخابات فقد حاز تحالف نبني على 638327 في النتائج الأولية التي أعلنتها المفوضية وبنسبة 9.6 بالمئة قد تزيد قليلاً بعد أعلان نتائج التصويت الخاص لتتماثل تقريباً مع نسبة ما حصلوا عليه في 2021.

هذا يعني ببساطة أن تحالف نبني والاحزاب المنضوية تحته حازت نفس نسبة الأصوات ولم يجرِ أي تغيير على قوتها. أما تحالف قوى الدولة فقد حاز على 359039 صوت في أنتخابات 2021 وبنسبة 4.6بالمئة من مجموع الأصوات آنذاك.

أما الآن فرغم أن أصواته أنخفضت ب 1309 صوت لتصل الى 357730 الا أن نسبة ما حصل عليه من مجموع الأصوات الكلي زادت قليلاً الى 5.4بالمئة. بمعنى أن الاداء الانتخابي لقوى الدولة بقي على حاله تقريباً. جميع أعداد ونسب الأصوات التي حصلت عليه الكتل (الشيعية) الاكبر ظلت ثابتة (نسبياً) ولم تتغير بشكل ملحوظ في الدورتين الأنتخابية فالى ماذا يشير ذلك؟ هل هذا يعني أن أنتخابات 2021 كانت غير صحيحة أو مزورة ؟!

اذا كان الأمر كذلك وجاءت نتائج هذه الأنتخابات التي ادارها وأشرف عليها وأشاد بها الاطار التنسيقي كثيراً مطابقة للسابقة، فهذا يعني أن هذه الانتخابات هي الأخرى مزورة وغير صحيحة. أما أذا كانت انتخابات 2021 وهذه الانتخابات صحيحة فهذا يعني أن هذه النسب تمثل الوزن الحقيقي النسبي لكل كتلة بين جمهوره، وليس بين جمهور الناخبين في العراق. يبقى هناك أحتمال ثالث قد يثيره أحدهم، يستند لنظرية المؤامرة ويصعب أثباته، وهو أن الكتل الرئيسة قد أتفقت على حصصها ووزعتها فيما بينها رضائياً فب الانتخابَين!!

أن التغيير الكبير الرئيس الذي كشفته هذه الانتخابات هو صعود قوة الكتل المحلية وأطاحتها بالكتل المركزية في أكثر من محافظة (شيعية وسنية). أبرز مثل هو تحالف تصميم في البصرة. فقد حاز هذا التحالف على 153689 صوت في انتخابات 2021 البرلمانية.

أما في الانتخابات المحلية فقد قفز عدد الاصوات التي حصلت عليها تصميم الى 266999 وبنسبة زيادة بلغت 173بالمئة تقريباً وهي قفزة كبيرة ومبررة في ضوء الأخبار الراشحة من البصرة عن شعبية هذا التحالف. نفس الشيء حصل في محافظات أخرى مثل واسط ونينوى.

أما على الجانب (السني) فقد حصل تقدم على 652878 صوتاً في انتخابات 2021 وبنسبة 6.5 بالمئة من الاصوات الكلية (عدا كوردستان). أما في هذه الانتخابات فمع ان مجموع أصواته انخفضت الى 483411 صوتاً، الا أن زيادة بسيطة بمقدار نصف من الواحد بالمئة حصلت في نسبة الاصوات التي حاز عليها (7بالمئة). مرة أخرى تدلل الأرقام بوضوح على أداء متشابه لكتلة تقدم في الانتخابات المحلية والبرلمانية فهل هذه صدفة أيضاً؟! أما تحالف عزم فقد كان الخاسر الأكبر على ما يبدو. فقد أنخفض عدد أصواته من 153689 عام 2021 الى 181059 هذه السنة. كما أنخفضت نسبة أصواته الى غدد الأصوات الكلي من 5.4بالمئة في عام 2021 الى 2.74بالمئة هذه السنة.

........................................................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.
الخلاصة، أن أرقام هذه الأنتخابات لا تنفي فقط التزوير عن أنتخابات البرلمان لعام 2021،بل تعطينا أيضاً فكرة واضحة عن الوزن النسبي للقوى السياسية المتنافسة،وفشلها في أستثمار غياب الفائز الأكبر في أنتخابات 2021 (الصدريون وكثير من قوى تشرين والمستقلون) للحصول على مكاسب أكبر.
........................................................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق