q
الانقسامات بين رؤيتي الرياض وأبو ظبي بشأن الشكل الذي يجب أن يبدو عليه اليمن بعد الحرب تختلف. هذا يعرض الهدنة الهشة للخطر ويهدد بالتصعيد إلى جولة جديدة من سفك الدماء بين الجماعات التي تدعمها الإمارات من جهة والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى. مع استمرار تصاعد التوترات بين...

وفي أول زيارة معلنة، بحسب ما نقلت رويترز، زار وفد من حركة أنصار الله (الحوثيين) مكون من 10 أشخاص الرياض برفقة خمسة مسؤولين من سلطنة عمان الوسيطة، زيارة تستغرق خمسة أيام. وقال الرئيس مهدي المشاط، عبر وكالة سبأ التابعة لصنعاء: السلام كان وسيظل خيارنا الأول ويجب على الجميع العمل لتحقيقه. وذكرت وكالة بلومبرج أن الأسابيع المقبلة حاسمة بالنسبة لمستقبل اليمن، حيث تستعد الرياض لجولة جديدة من المحادثات مع الحوثيين.

وهدد الحوثيون باستئناف هجماتهم على المملكة، بما في ذلك مشروع نيوم الضخم، ما لم يتم تلبية مطالبهم بالتعويض وحصة كبيرة من عائدات النفط والغاز.

وتمنح محادثات الرياض هذه.. الشرعية للجانبين، بالإضافة إلى إعطاء العلاقات الحوثية السعودية زخماً إضافياً. وعلى المستوى السياسي، فهي خطوة متقدمة لإنهاء دور السعودية كـ(شريك في العدوان) على اليمن واعتراف الحوثيين بدورها كوسيط، إضافة إلى ذلك اعتبارها طرف في الصراع (اعتبار أن اليمن هو الفناء الخلفي للسعودية).

كما أشارت بلومبرج إلى أن الخلافات بين السعودية والإمارات تهدد آفاق التسوية السلمية في اليمن. الصراع بين القوات الحكومية وحركة أنصار الله مستمر في اليمن منذ أغسطس 2014. وقد تصاعد بشكل كبير مع غزو البلاد من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في مارس 2015. وفي فبراير 2023، صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن لدى اليمن فرصة حقيقية للتحرك نحو حل سلمي للصراع.

لكن الانقسامات بين رؤيتي الرياض وأبو ظبي بشأن الشكل الذي يجب أن يبدو عليه اليمن بعد الحرب تختلف. هذا يعرض الهدنة الهشة للخطر ويهدد بالتصعيد إلى جولة جديدة من سفك الدماء بين الجماعات التي تدعمها الإمارات من جهة والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى.

مع استمرار تصاعد التوترات بين القوتين الإقليميتين، الرياض وأبو ظبي، داخل وخارج ساحة المعركة اليمنية لسنوات، فضلاً عن الدعوات المتزايدة من قبل الانفصاليين اليمنيين المدعومين من دولة الإمارات العربية المتحدة لإنشاء دولة انفصالية في الجنوب، فقد أدى ذلك إلى ان تصبح اليمن عملياً ساحة للمنافسة وتصفية الحسابات بين السعودية والإمارات من خلال الوكلاء المحليين.

هذا يقلل من فرص التوصل إلى تسوية سياسية في الرياض بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية. ولتحقيق تسوية سياسية في الرياض بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، وكخطوة استباقية لإفشال أي تحرك إماراتي قد يعيق مشاريع المملكة في اليمن، أنشأت السعودية العام الماضي مجلسا رئاسيا جديدا لليمن. قيادة يمنية برئاسة رشاد العليمي (مواطن أمريكي متجنس). موالية للسعودية وتثق بها الولايات المتحدة، بهدف التوفيق بين الفصائل المتحاربة وتحقيق الاستقرار في دولة حدودية تعتبرها السعودية ضرورية لأمنها القومي.

وإذا نجحت المحادثات السعودية الحوثية فإن الإمارات "ستخرج من المولد بلا حمص". وتحرص الإمارات على قيام دولة جنوبية مستقلة للحفاظ على النفوذ الذي بنته خلال عدوانها على اليمن، على طول الساحل الممتد من المكلا إلى باب المندب الذي يعد بوابة البحر الأحمر الذي تعتبر الإمارات عنصراً حاسمة لتعزيز مكانتها في التجارة الدولية، وتعتقد ان أفضل من يخدم مصالحها في اليمن هو المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي بقيادة الزبيدي.

* كاتب ومحلل سياسي يمني

اضف تعليق