q
تخيل أنك تعيش في بلد وتتمتع بعطلة صيفية لكن ممنوع من السفر ليس لأنك مطلوب قضائيا او عليك جنحة، لكن المانع الوحيد هو نفاذ جوازات السفر لأغلب الاسر الذي أصبح يشكل التحدي الأكبر امام الدولة، التي لم تجتهد الحل الأمثل، وبقي المواطن هو من يدور في محيط الوطن...

الكتابة في السياسة العراقية وبطريقة نقدية بسيطة تجعل الكاتب وكأنه يسير في حقل الغام، وتتحول مهنة الكتابة الى عمل خطير قد يصل الى المجازفة في بعض الأحيان، ونريد ان نتحدث هذه المرة عن الازمات المتلاحقة التي تنشب واحدة تلو الأخرى.

لقد صفقنا للحكومة التي أقرت الموازنة الثلاثية، واستبشرنا خير ان المرحلة القادمة سيكون التركيز على تقديم الخدمات للمواطن، لكن التصفيق لم يدم طويلا وقطعه سماع خبر مفاجئ يفيد بتوقف طباعة الجوازات لعدم وصول الورق الخاص فيها، وهو ما شكل ازمة خرى تواجه المواطن العراقي.

لقد تفاجئ الملايين قبل ذلك بسماع خبر انتهاء مخزون الدولة من لوحات السيارات، حتى استمرت هذه الازمة لشهور دون التوصل الى حلول يستسيغها المواطن، ولم اتأكد ان مثل هذه المشاكل تولد في العراق فقط ام هنالك شبيها لها في دول العالم او بعض البلدان المجاورة.

في حقيقة الامر لو نظرنا الى المسألتين آنفتي الذكر، (نفاذ الجوازات ولوحات السيارات)، لا يمكن ان نقلل من أهميتهما لتماسهما بحياة المواطن الباحث عن الاستقرار بمرور الوقت، لكن العجيب ان الازمات في تحديث مستمر وتجدد دائم ولم تعرف الأوضاع العراقية أي نوع من الاستقرار.

تخيل أنك تعيش في بلد وتتمتع بعطلة صيفية لكن ممنوع من السفر ليس لأنك مطلوب قضائيا او عليك جنحة، لكن المانع الوحيد هو نفاذ جوازات السفر لأغلب الاسر الذي أصبح يشكل التحدي الأكبر امام الدولة، التي لم تجتهد الحل الأمثل، وبقي المواطن هو من يدور في محيط الوطن.

بينما المسؤول يمتلك جواز دبلوماسي يعطيه الحرية في التنقل بين الدول بكامل كرامته وحفظ حقوقه كسياسي يمثل البلد بالوجهة الذاهب اليها، لكنه عجز بالضغط على الحكومة لتوفير هذه النواقص ليتمتع العراقيين بجميع الحقوق، ولهم الحق في التوجه الى البلد الذي يرغبون قضاء أوقات سعيدة فيه خلال أوقات تعطيلهم.

لحرمان المواطنين من السفر آثار سلبية كبيرة على الحكومة، في الوقت الذي تسعى بكامل قوتها الى تقريب المسافة فيما بينها والجماهير، عبر توفير الدرجات الوظيفية وشمول اعداد إضافية من الاسر بشبكة الحماية الاجتماعية ومحاولة زيادة عدد مفردات البطاقة التموينية.

كل هذه الخطوات وان كان لها الأثر الواضح في ارتفاع شعبية الحكومة مقارنة بسابقاتها، لكن يبقى الشعور بالمنع من السفر شيء ثقيل على النفس البشرية، مع غياب النية لحلحلة الموقف واتباع طريقة تذوب السخط الجماهيري المتولد نتيجة لهذا النقص على مدى شهور.

ساحة الازمات العراقية لا يمكن ان تخلو من ولادة اخريات جُدد، فهي نتيجة لصراعات سياسية تحاول جهات فرضها على الآخرين، ويمكن ان ينسحب هذا الامر على بقية الأمور الحاصلة على المستوى السياسي والاقتصادي والتعليمي والصحي وغيرها من المجالات.

ولكل محاولة تصفية حساب آثار غير محببة على المواطنين، وربما يكون النقص الكبير في مستلزمات تجهيز جوازات السفر واللوحات المرورية جانب مظلم من خلافات ونيات لإقصاء الآخر، وهي آلية تتبعها الطبقة السياسية منذ عقدين عقبت تغيير النظام.

منع العراقيين من السفر الجماعي قد تكون من أكثر العقوبات وقعا عليهم في العهد الجديد، وان استمرت الحال تسير بهذه الصورة فمن الممكن ان يكون ذلك هو القشة التي تقصم ظهر الحكومة، وتنسف جميع خطواتها الإيجابية التي عملتها لراحة المواطنين وانسائهم الأيام السوداوية التي انقضت دون رجعة.

اضف تعليق