تعاني المؤسسات الحكومية من تكدّس اعداد كبيرة من الموظفين بجميع الوزارات والهيئات الأخرى، ومع وجود هذا الكم الهائل من الاعداد لا يوجد انتاج حقيقي وملموس لتلك الاعداد التي تكلف الموازنة العامة والحكومة المزيد من النفقات، وبالنتيجة تصبح القوى العاملة بهذه الشاكلة غير نافعة ولا تؤدي دورا بما يسهم في تقديم الخدمات العامة للمواطنين...
لم نسمع في وقت سابق عن الموظفين الذين يحملون صفة المتقاعدين لكنهم مستمرين في الخدمة الفعلية وعلى ملاكات الوزارات المختلفة، وبتوصيف ادق لهذا النوع من الموظفين، نقول هو الموظف الذي لا يزال يمارس عمله في الدوائر والمؤسسات الحكومية، لكنه غير منتج كغيره من الذين احيلوا على التقاعد، وبذلك يكون متقاعد من نوع آخر.
تعاني المؤسسات الحكومية من تكدّس اعداد كبيرة من الموظفين بجميع الوزارات والهيئات الأخرى، ومع وجود هذا الكم الهائل من الاعداد لا يوجد انتاج حقيقي وملموس لتلك الاعداد التي تكلف الموازنة العامة والحكومة المزيد من النفقات، وبالنتيجة تصبح القوى العاملة بهذه الشاكلة غير نافعة ولا تؤدي دورا بما يسهم في تقديم الخدمات العامة للمواطنين.
الموظف الكسول او المتقاعس عن أداء الواجبات اليومية، تحول بصورة تدريجية الى موظف متقاعد صامت غير منتج، في المقابل يتقاضى من الحكومة المميزات الخاصة بالموظفين المنتجين والمتميزين والحريصين على أداء مهامهم الواجبة، وإذا أردنا معرفة من المسؤول الأول والأخير عن هذا النوع من التحولات الوظيفية، لا يوجد من يتحمل هذه الأخطاء غير النظام الحكومي المعتمد على التوظيف دون تخطيط مفيد.
يحدث ان تذهب لدائرة حكومية منذ الصباح الباكر، ولا توجد الموظف المعني في مكانه المحدد الذي من المفترض ان يقدم الخدمة من خلاله للمواطنين، فتضطر الى البحث عنه في الأماكن الأخرى، وبعد جهد جهيد وبحث طويل، تجده مترأس لمجموعة من الموظفين الخارجين عن الخدمة الفعلية، مع انهم لا يزالون في سن مبكر قادرين على تقديم خدمات جليلة للمراجعين.
وحين يعود هذا الموظف تحت تأثير وطلب المراجع الكثير الى مكان عمله المخصص، نجده ناقم على البشرية الذين تسببوا بقطع سلسلة حديثه ومنعه من مواصلة الوضع الغريب الذي يحدث في المؤسسات الحكومية بشكل كبير لا سيما في السنوات الأخيرة مع تزايد وتضخم اعداد الموظفين في المؤسسة الواحدة، حتى ان الكثير منهم فائض عن الحاجة.
من أسهم في انتشار هذه الظاهرة في الدوائر الحكومية هو تغافل نظام التعيين الحكومي هذه الجزئية بالتحديد، عبر توظيف اعداد كبيرة تفوق الحاجة الفعلية وسد النقص في دائرة ما، وكنتيجة طبيعية لذلك، نجد الاعداد متكدسة بشكل غير منطقي في اغلب المؤسسات التابعة للدولة.
ولعدم الإخلاص في الوظيفة أوجه عديدة منها تقديم الحد الأدنى من العمل المطلوب على طوال الوقت المحدد للدوام الرسمي، حتى اقتصر العمل على ساعات او دقائق معدودة، وهدر المتبقي في الأمور الثانوية التي لا يفاد منها أي شيء على مستوى تقديم الخدمات.
وقد يكون التأخير عن انجاز المعاملات بالوقت المطلوب، وعدم الاهتمام بها وقد يصل الامر الى فقدان الأوراق الرسمية للمراجع، مما يجبره على العودة الى الصفر والبدء بالرحلة الشاقة من جديد، قد يكون كل هذا باب آخر من أبواب الاستقالة غير المباشرة للموظف من هذا النوع.
لو أجرينا دراسة فعلية لحصر ومعرفة ساعات العمل اليومي قد نجد المتوسط الحسابي لهذه الشريحة الواسعة من الموظفين، لا يتجاوز الساعة ونصف او ساعتين لليوم الواحد وباقي الوقت ضائع بين هذا المكتب او ذاك لحين انتهاء الوقت الرسمي المخصص في اللوائح الحكومية.
الدول التي تعد في مصاف الدول المتطورة من الناحية التقنية وارتفاع المستوى الاقتصادي، وغيرها من المجالات، لم تصل الى هذا المستوى من الرقي، مالم تولي الموظف الاهتمام الكافي وجعله فرد منتج وليس عبئا من الأعباء الإضافية على كاهل الحكومة.
الموظف بشتى القطاعات سواء القطاع الحكومي او الخاص هو النواة الأولى واللبنة الأساسية في النهضة الأممية، لذا ومن باب الحرص على النهوض بالواقع المؤسساتي في العراق، لا بد من إعادة النظر بطريقة التوظيف العشوائي، واحتساب الاعداد الداخلة في الخدمة بحسب الحاجة الماسة لها، وليس على أساس اسكات المواطنين وضمان عدم خروجهم بمظاهرات احتجاجية وبالنتيجة إبقائهم الى قوة غير منتجة وعاطلة كليا، وهو ما تحدثنا عنه والمقصود به المتقاعد من نوع آخر.
اضف تعليق