q
في الانظمة الديمقراطية السليمة (والعراق ليس كذلك)، تقول القاعدة ان الحزب (او الكتلة او التيار او الإطار، مهما كانت التسميات) الذي يفشل في تشكيل الحكومة ويعجز عن نيل ثقة البرلمان بها بسبب نقص الاصوات، يخرج من السباق بخصوص الحكومة، ويذهب الى المعارضة وتحسين وضعه الانتخابي جماهيريا استعدادا للانتخابات التي قد تكون مبكرة...

في الانظمة الديمقراطية السليمة (والعراق ليس كذلك)، تقول القاعدة ان الحزب (او الكتلة او التيار او الاطار، مهما كانت التسميات) الذي يفشل في تشكيل الحكومة ويعجز عن نيل ثقة البرلمان بها بسبب نقص الاصوات، يخرج من السباق بخصوص الحكومة، ويذهب الى المعارضة وتحسين وضعه الانتخابي جماهيريا استعدادا للانتخابات التي قد تكون مبكرة.

وهذا ينطبق على جميع الاحزاب. وفي هذه الحالة، اي حالة فشل جميع الاحزاب، يجب الذهاب الى اعادة الانتخابات وخوضها بطريقة جديدة تضمن حصول حزب واحد ليس فقط على مقاعد نيابية اكثر من غيره، كما ينص دستورنا في تعريفه الناقص للكتلة النيابية الاكثر عددا، وانما على اغلبية مطلقة، اي النص + واحد، على ان يحل مشكلة اغلبية الثلثين المطلوبة في الجولة الاولى لانتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاتفاق مع حزب اخر لاغراض التصويت، وهذا يحصل في الانظمة الديمقراطية العريقة.

من هذا المنطلق كتبت قبل ايام المنشور التالي:

" ببساطة واختصار شديدين: اذا لم يتمكن اي طرف من تشكيل الحكومة لوحده، واذا لم يمكن تشكيل ائتلاف قادر على تشكيل الحكومة، فيجب حتما الذهاب الى حل البرلمان واجراء انتخابات جديدة دون تأخير لان البلد لا يمكن ان يبقى بدون حكومة الى اجل غير مسمى.

لا معنى لكل التصريحات الأخرى"، ومن هذه التصريحات المهل غير الدستورية التي تم اطلاقها سابقا.

ويرى كثير من المعلقين ان الانتخابات الجديدة سوف لن تغير المعادلة، لان الامر حسب المثل العراقي "ذاك الطاس وذاك الحمام". وهذا الكلام صحيح للوهلة الاولى، لكنه غير صحيح بالقراءة الثانية.

ثمة قاعدة بسيطة لم تفهمها الاحزاب الشيعية، والسنية، والكردية، والتشرينية، ماعدا التيار الصدري الذي فهم القاعدة وخاض الانتخابات بطريقة صحيحة ادت الى فوزه بعدد من المقاعد البرلمانية اكثر من غيره، لكنه لم يفز باغلبية النصف + واحد. ولهذا هو الان غير قادر على تشكيل الحكومة رغم ان تعريف "الكتلة النيابية الاكثر عددا" قد ينطبق عليه اذا لم تشكل كتلة نيابية اكثر عددا. اما "الاطار" فهو ليس كتلة نيابية حتى الان، انما هو مجرد تجمع سياسي لا صفة رسمية له، ولهذا هو غير قادر على تشكيل الحكومة.

القاعدة البسيطة للانتخابات بموجب الانتخاب الفردي و التي تفهمها الاحزاب (ماعدا التيار الصدري) هي: لا تنافس نفسك. وبسبب قيام النظام السياسي العراقي الهجين الحالي على فكرة المكونات، فان على احزاب هذه المكونات ان لا تتنافس مع نفسها في الانتخابات. بمعنى ان السنة يقدمون مرشحا واحدا في الدائرة الانتخابية ذات النائب الواحد، وليس عددا من المرشحين بقدر احزابهم، وكذلك يفعل الشيعة والسنة. واذا كان هذا خيار الاحزاب التقليدية، فان على الاحزاب التي تصف نفسها بانها احزاب جديدة او تشرينية، ان تقوم بالامر نفسه ولا تتنافس فيما بينها. وهذا ما لم يحصل في الانتخابات الماضية، على الاقل بالنسبة للتشرينيين وبالنسبة لجماعات الاطار.

ولهذا لا ينفع الاطاريين ان يقولوا الان انهم حازوا من الاصوات الانتخابية بمجموعهم اكثر مما حازه التيار، لانهم ببساطة لم يخوضوا الانتخابات كأطار وانما كجماعات متنافسة، لم يجمعهم لاحقا سوى الخسارة، كل على حدة، امام التيار الصدري. ولم يصوت الناخبون لهم كأطار وانما كجماعات متنافسة. ومجموع هذه الاصوات ليست للاطار. وكذلك الامر بالنسبة للتشرينيين الذين انتهى بهم الامر الى حزب صغير يتداعي، ومجموعة نواب "مستقلين" الذين ذهبوا ايدي سبأ، كما يقول التعبير العربي القديم.

النتيجة انني ادعو الى اعادة الانتخابات كحل اخير للخروج من ازمة تشكيل الحكومة، على ان تجرى الانتخابات بشرطها وشروطها، واول هذه الشروط ان لا يتنافس القوم، على اختلاف مسمياتهم، مع انفسهم، كما فعلوا جهلا في الانتخابات الماضية.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق