q
ان عملية الإصلاح تبدأ من النفس إلى المجتمع، ولن أقول المزيد بشأن هذه الآية لعلمي بأن الحديث عن الدين لم يعد يستهوي الكثيرين بل ينفر بعضهم فأقول البديل هو اللجوء لبرامج التنمية البشرية التي تحفز الإنسان للعمل والإبداع والنهوض مجدداً لبناء ذاته ثمَّ الانطلاق للمجتمع وهي كثيرة جداً...

نقد الظواهر السلبية التي يعجّ بها مجتمعنا العراقي هل يصلح ما أفسده الدهر؟! هل تجدي نفعاً المجاميع التي تؤسس هنا وهناك لإصلاح الوضع؟ هل فعلاً وقف المثقفون متفرجين مكتوفي الأيدي أمام ما يحدث لبلدهم من انهيار وتدهور؟! هذه الأسئلة جالت بذهني وأنا استمع للمحاضرة (الثقافة النقدية في العراق وأهميتها ودورها في الإصلاح) للدكتور عبد جاسم الساعدي التي أقامتها مجموعة الثقافة هي الحلّ في المركز البغدادي في المتنبي، وأدارها الروائي حسن البحَّار. الدكتور المحاضر يرى أنَّ للمثقفين دوراً وعليهم الانتقال من الحالة الفردية إلى الحالة الجماعية وتشكيل جماعات تعمل على قضية النقد وإيجاد الحلول الناجعة للمشاكل التي يعانيها العراق سواء كانت خدمية أم تعليمية أم تفشي فساد وغيرها كثير.

وسأقول كلمتي بهذه السطور بصراحة تامَّة وأنا أرى مجاميع تؤسس هنا وأخرى تنبثق هناك في محاولة ومبادرة مفعمة بالحسّ الوطني:

أوَّلاً: لا أشك بنية المثقفين في المساهمة الجادة والفاعلة في إعادة البناء والوجه البهي والحضاري للعراق لكن المشكلة تكمن في السلطة التنفيذية وعدم تنفيذها مقترحات المثقفين أو الخطط والسياسات الخاصة بالتنمية، ومن المفارقات أنَّ كلَّ وزارة ومؤسسة وهيأة تملك مراكز للبحوث والدرسات وبعضها يقيم سنوياً مؤتمرات للباحثين ويستقبل بعض الدراسات الرصينة التي يشيب لها الرأس لدقتها وموضوعيتها لكنها مركونة على الرفوف!

ثانياً: الفساد وحيتانه وعدم الاخلاص للوطن وتبوؤ غير الكفوء المناصب بفعل المحاصصة من أهم المشاكل التي بلينا بها، واستشرى الفساد في مفاصل الدولة جميعها، والمفارقة التي نسمعها من ساسة العراق والمتنفذين أنَّ لا علاج للفساد لترسخه وتجذره.. لكن مع قرب الانتخابات هناك توجه عام للحدّ منه وتقييده وليس القضاء عليه ومحاكمة المفسدين!

ثالثاً: نحتاج إلى برامج للتغيير الذاتي لا أقول الاستناد على هذه الآية “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” (الرعد:11)” وأنَّها قدمت قانوناً كاملاً للتغيير وأنَّ عملية الإصلاح تبدأ من النفس إلى المجتمع، ولن أقول المزيد بشأن هذه الآية لعلمي بأن الحديث عن الدين لم يعد يستهوي الكثيرين بل ينفر بعضهم فأقول البديل هو اللجوء لبرامج التنمية البشرية التي تحفز الإنسان للعمل والإبداع والنهوض مجدداً لبناء ذاته ثمَّ الانطلاق للمجتمع وهي كثيرة جداً وأكثر من رائعة.

رابعاً: للإعلام دور كبير في هذه القضية، ويجب الانتقال من الحالة الفردية إلى الحالة الجماعية بالعمل، تبني قضية ما ولمدة ستة أشهر مثلاً أو حتى الوصول إلى الغاية، ولكن يجب الانتباه إلى أنَّ كثرة القنوات الفضائية ووسائل الاتصال الاجتماعي والمواقع الالكترونية شتت المتلقي وأضعفت حملات كانت مثيلاتها يكتب لها النجاح سابقاً؛ فنحتاج إلى إعلاميين في كلِّ هذه المجالات.

خامساً: تحتاج هذه المجاميع إلى دعم مالي وسياسي ولو محدود، أي استقطاب عناصر مخلصة ذات قدرة مالية أو سياسية متنفذة غير متورطة بقضايا الفساد وما آلت إليه البلاد للمساعدة في الوصول إلى الأهداف. وختاماً كلمة حقّ يجب أن تقال أننا نفتقد المبادرات المخلصة والقوية؛ لذا يجب الشروع بالعمل واقتحام هذا الميدان والتوغل فيه؛ على أقل تقدير لدفع تهمة سيحاسب عليها التاريخ: ماذا فعل مثقفو العراق في محنته وانتكاسته التي أصيب بها في العصر الحديث؟!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق