كثيرا ما تتردد عبارة تكنوقراط كلما خلا موقع مهم او حساس، خصوصا عندما يتنادى الجميع بالدعوة لإسناده الى شخص من التكنوقراط المستقل البعيد عن المحاصصة بين الاحزاب السياسية... فمن هو هذا التكنوقراط؟ كيف شكله؟ وما هي مواصفاته؟ ولماذا مستقل؟ وهل للاستقلالية علاقة بالتكنوقراط؟ وهل المتحزب في بلد تعددي تنتفي عنه صفة التكنوقراط المستقل؟ أسئلة كثيرة تحتاج الى اجابات شافية.

واذا كانت كلمة تكنوقراط اصلها يوناني تتشكل من مقطعين هما تِكني: فني وتقني وكراتُس: سلطة وحكم، فإنها تعني شكلا من اشكال الحكومة يترجم حرفيا بحكومة التقنية ويقال عنها احيانا بانها حكومة الكفاءات.. وبناءا على ذلك فإن حكومة التكنوقراط تتشكل من الطبقة العلمية المثقفة، وهي حكومة متخصصة في الاقتصاد والصناعة والتجارة، وغالبا ما تكون غير حزبية فهي لا تهتم كثيرا بالفكر الحزبي والحوار السياسي.

وتهمنا هنا الفقرة الاخيرة فغالبا ما تكون حكومة التكنوقراط غير حزبية، لكنها قد تكون حزبية أيضا او تهتم بالحوار السياسي باعتباره جزءا من الممارسة المهنية في محاورة الكتل البرلمانية داخل النظام البرلماني، إذن ما المشكلة! المشكلة في التكنوقراط المتحزب الذي يحمل أفكارا او ايدلوجية مقتنع بها !! والسؤال هل يحق له التصدي للوظيفة العامة؟

طبعا من غير المعقول في بلد تعددي تستقطب فيه الاحزاب الكفاءات ان نبرئ او نفصل التكنوقراط عن التحزب، ومن غير المعقول أيضا اذا كنا نؤمن بحرية التعبير ان نفرض الاستقلالية من الحزبية او اية ايدلوجية على من يرشح نفسه للخدمة العامة، لكن من المفروض على المتحزب المرشح للخدمة العامة ان يمتثل للضوابط التالية حتى نضمن نجاحه في اداء وظيفته:

1. ان يلتزم بالاستقلالية عن افكاره الحزبية طيلة اداءه للوظيفة العامة.

2. ان يقدم المصلحة العامة على المصلحة الحزبية او مصلحته الشخصية.

3. ان يعمل بروح جماعية مع اقرانه الموظفين وزراء كانوا او وكلاء او حتى مدراء عموميين بمهنية بعيدة عن الاختلافات الفكرية.

4. ان يوظف كامل وقته للوظيفة ويقطع اي اتصالات فكرية مع حزبه او الجهة التي رشحته للوظيفة.. ضمانا لاستقلاليته.

وبعد ان يتحلى الوزير بهذه الصفات نضمن اولا استقلاليته فكرا وممارسة، براعته بالعمل ثانيا، خلاصة تخصصه ووقته للوظيفة ثالثا، ورابعا سلامة قرارته وبعدها عن اي تأثير سلبي.

عندها وعندها فقط نتحدث عن تجربة التكنوقراط المستقل ونضمن نجاحها بعد ان تجاوزنا عقبة الترشيح المغلق للمناصب العامة الى مرحلة الترشيح المفتوح واللجان المختصة بالاختيار وهي من أصعب واعقد المراحل في اختيار التكنوقراط.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق