في مشهد ليس من السهولة بمكان أن تشاهده دون أن يرق قلبك للحزن الكبير الذي تكابده أم أحد الشهداء ممن سقطوا في انفجارات محافظة المثنى الاخيرة، وهي تحضر امتحان اليوم الاول وتجلس في مكان ابنها الشهيد، وهي تبكي فقدانه الذي تجلجل حزنه في قلبها، وبعد أن أشعل له زملاءه الشموع في مكانه.

هو ليس بالمشهد الاول من مشاهد القتل الجماعي الذي يتعرض له أبناء شعبنا المظلوم فهناك مشاهد أكثر أيلاماً وقسوة.. كالعروسين اللذين استهدفا وهم يحاولون تجهيز عش الزوجية ليخرج عزائهم ببدلات زفاف وموسيقى وهلاهل الام.

مشاهد مؤلمة كلها نتاج الدولة الفاشلة والنظام الامني الهش، الذي يسمح وبسهولة مطلقة في إنفلاته ليصيب الانتحاريون قلوب أمهاتنا وعجائزنا بمقتل كبير محولة أيامنا لأشهر أفلام التراجيديا القاتلة، تراجيديا الموت المحتم، خلال تلك الايام حدثت الكثير من التفجيرات، على الرغم من تصاعد العمل الاستخباري والامني الذي قلص تلك العمليات الارهابية.

العشرات من عمليات القبض على شبكات تخريبية وإرهابية ومن أولئك اللذين يساندون الارهابيين من أصحاب المضافات والمشاجب ومجهزي الانتحاريين إن دلت على شيء فإنما تدل على تطور ملحوظ في مجال العمل الاستخباري فقصص عديدة نشرتها بعض الصحف المحلية تدل على جدية التخطيط وسرعة التنفيذ من قبل رجال مديرية الاستخبارات الوطنية ولكننا نأمل أن نصل الى مرحلة الإنتصار النهائي على تلك المجاميع وبكل خلاياها النائمة لتنام الى الابد.

وحتى اليوم في انفجارات طالت مدن عديدة منها إنفجار قرية شفته في ديالى وانفجار مدينة الصدر وحي الجامعة والكاظمية في صباح الاربعاء 11-5 وغيرها من العمليات الارهابية كالقتل والسرقة والخطف لازالت تؤرق العراقيون ولا تترك لهم الفرصة مطلقاً بإستقرار الوضع الامني، فبعد تبديل الخطط الامنية لعشرات المرات ومع كل العمل الذي تبذله الجهات الاستخباراتية في البلد لازلنا غير قادرين على وأد العمليات الارهابية ومنع حدوثها بشكل نهائي مما يشكل علامة تعجب كبيرة ترتسم على ملامحنا، ماهي الاسباب التي تدعو لمثل تلك الخروقات الامنية المؤلمة بحق أبناء شعبنا من الفقراء والباعة المتجولين ؟ ولماذا هذا الاستخفاف بأرواحهم؟

هناك حلقة ناقصة في السلسلة الامنية علينا اكتشافها بسرعة والتحول من عمليات الامن الكلاسيكية الى تلك المعقدة التي تشتمل على استخدام التقنيات الحديثة من معدات متطورة لكشف العبوات والعجلات المفخخة بل أن الكاميرات الرقمية الحديثة قد تساعد على كشف تحركات العجلات المفخخة من مناطق خروجها وحتى مناطق تنفيذ العمليات بها، فلماذا هذا السكوت عن نشر الآلاف منها في شوارع بغداد وأسواقها الشعبية التي أضحت الساحة التي يمارس بها الارهابيون جرائمهم بحرية بالغة، انها إستهانة بأرواح ابنائنا ولا يمكن مطلقاً السكوت عنها مطلقاً فإلى متى نزف أبنائنا الى المقابر وما النتائج المستقبلية من تلك الحوادث الاجرامية على عموم المجتمع.

الكاميرات الرقمية الحديثة والمتطورة ومراكز المراقبة والمتابعة أشير لها عشرات المرات ولا أحد يأبه لأهميتها في ادامة العمل الامني في المدينة، لقد كلفتنا العمليات الارهابية مبالغ طائلة قدرتها وزارة التخطيط بـ 36.8 ترليون دينار. ونحن على يقين بأننا لو كنا قد نصبنا كاميرات رقمية بوقت مبكر لما كانت تلك المبالغ بتلك الضخامة، كما أننا مجبرون اليوم على تخصيص المبالغ اللازمة لذلك وبأية طريقة إضافة الى عجلات السونار التي كان قد تم التعاقد سابقاً عليها، كما لا يخفى علينا أن تظل قواتنا الامنية في حالة إنذار تام على مدار الساعة فنحن لغاية اليوم لم نستطع من القضاء المبرم على الجماعات الارهابية وهذا يتطلب مطاولة كبيرة في القتال والصبر على النصر النهائي ولكن بأقل الخسائر. حفظ الله العراق.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق