إنسانيات - حقوق

دعونا نكشف الحقائق امام شعبنا

في اليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقية

من منا لم يناله شرر من المآسي التي طالت وطننا منذ عقود من الزمن، أبشعها تمثلت بالحروب التي قادها النظام السابق وما خلفته من شهداء وجرحى بعوق دائم، ثم لحقها العنف المطبق تحت مسمى الطائفية وما تبعها من إحتلال لمدن عراقية كاملة يجري اليوم تحريرها بالدم وما حدث من ضرب مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية وما ناب الطائفة الايزيدية من إنتهاك صارخ لحقوق الانسان على يد الزمر الارهابية وعصاباتها التكفيرية، حتى اليوم عشرات الآلاف من نسائنا هناك يتعرضن للسبي على أيد عديمي الضمير وآلاف أخرى من الاطفال يجري تطويعهم بالترهيب للعمليات الارهابية.

مسيرات نزوح وهجرة هائلة أشرتها الامم المتحدة بـ 6.5 مليون مهجّر وعشرة ملايين عراقي بحاجة ماسة للمساعدات الانسانية من اللذين هجرتهم العمليات الحربية ضد المجاميع التكفيرية، مئات الآلاف من الارامل وملايين الايتام كانوا نتاج ملفات لم تحسم حتى اللحظة تنطوي على حقائق تدين الكثير من قادة البلد، ومع فسادنا السياسي قد تمحى من الوجود لتضحى بعدها أثراً بعد عين. ملفات فساد وقتل وملفات الفشل العسكري الذي كلفنا وسيكلفنا مستقبل وطن كامل، كلها في طي الكتمان لا أحد قادر على البت بها أو فتحها أمام الرأي العام.

أجساد العراقيون التي غيبتها الطائفية، أسماء لمفقودين لازالت الصحف المحلية حتى اليوم تكشف عن فقدانهم تبحث تلك الاعلانات عن مصير لهم بلا جدوى، ليسجلوا في قائمة المفقودين الابدية التي تضم أسماء عشرات الآلاف ممن لم يعد لهم وجود خلال سنوات الثلاثون الماضية.

وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رقمية مؤكدة عن أعدادهم إلا أن السنوات بين 2006-2008 كانت الاكثر أيلاماً لكثرة المختطفين واللذين سفحت دمائهم على الهوية والطائفة والقومية، في دعاوى لازالت مفتوحة أكل الغبار أوراقها.

حقائق بشعة بمجلدات لا نعرف منها إلا سطراً واحداً أو عنوان فقط وعلى العالم أن يعرفها جميعها ويكتبها للتأريخ، ويمجد في انتصاراتنا على أبشع الجرائم الانسانية التي ترتكب بحق أبناء الشعب العراق الذي جرب كل أنواع الموت، وكل أنواع الانتهاك لحقوقه الانسانية.

ملفات كثيرة طمرها غبار الفساد السياسي، ملفات إنتهاك حقوق الانسان العراقي من قبل الكثير من سياسيي اللحظة وإنتهازيي الفرصة التي دفعت بهم لمصاف القادة العسكريون والوزراء وذوي الشأن والحل والربط في مصير وطن، أضاعوا علينا فرصة التقدم وإستغلال كل إمكانيات العراق لخدمة شعبه لا طائفة ما أو قومية ما.

في اليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا الذي يصادف الرابع والعشرين من آذار من كل عام، تمر علينا ذكرى هذا العام ونحن لازلنا في تخبطنا السياسي نصنع أزماتنا بأيدينا ونقفل كل يوماً باباً للأمل باباً للمستقبل في أن نضع اليد على أساس الخراب، أو ملف الخراب الذي عم الوطن بعدما أدمنا الازمات وكأنا بها أصبحت عرفاً صعب تجازه.

قد تكون أزمتنا ناشئة من عدم نضوج سياسي كامل وعدم وجود القدرة على تقديم مصلحة الوطن والشعب على مصالح الحزب والطائفة والعشيرة ولكنها أزمات قد يكون الغرض الاكبر منها أن تطوى ملفات فساد أو ملفات جرائم قد تصل الى درجة الابادة الجماعية وأن تصبح مجالاً للمزايدة على دماء أبناء شعبنا التي أهدرت بفعل عدم كشف حقائقها.

كل ملف خطير يتم كشفة اليوم امام الرأي العام العراقي سيساهم في درء خطر عشرات المصائب في مستقبل لا نراه إلا مشبعاً بالدماء ونحن كل يوم لنا عزاء في مصيبة لموقع ما في وطننا الجريح، فسادنا السياسي هو الفاجعة الحقيقية التي يمر بها ابناء شعبنا ونظامنا السياسي المتهرىء مابرح يصبح فتنة تجر في أذيالها أشلاء الضحايا من الابرياء في عموم العراق.

وبإنتظار أن تنكشف غمة تلك المرحلة، عسى أن تنفرج أزمتنا عن كيان سياسي متكامل قادر على النهوض بالوطن، يمتلك القدرة على فتح الملفات قبل هروب جناتها وضياع حقائقها وإثباتاتها وعرض الحقائق المؤلمة الصادمة عن اسباب الموت لمئات الآلاف من العراقيين من ضحايا الفساد الاخلاقي والمالي والاداري لنحفظ بذلك لهم كرامتهم بعد إنتهاك حرمتها وعن قوة وطنية قادرة على إعمال الحق في معرفة الحقيقة وغيرها من حقوق الإنسان الأساسية في عصرنا هذا.

شعبنا بحاجة لمعرفة الحقيقة في كل شيء، الحقيقة فيمن مات وغيب والحقيقة فيما نهب وسلب، والحقيقة في التجاوز على حقوقه الانسانية وكرامته والحقيقة فيما انتهك من العدالة الاجتماعية والحقيقة الكبرى في ضياع المستقبل.. فمن يكشفها؟ حفظ الله العراق.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق