أعربت الكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية العالمية، عن قلقها البالغ ومخاوفها المتزايدة إزاء الأوضاع المأساوية التي يعيشها المواطن في المجتمعات العربية، جراء الممارسات القمعية التي تتبعها بعض الحكومات والقيادات، التي صممت على البقاء والاستمرار في السلطة مهما كان الثمن. حيث سعت العديد من الحكومات العربية وكما يقول الخبراء إلى تأسيس دولة بوليسية متكاملة، قادرة إحكام سيطرتها المطلقة من خلال التعامل الوحشي واستخدام أساليب القمع والقسوة لأجل إخضاع شعوبها، والدولة البوليسية كما تعرفها المصادر، هي دولة تمارس فيها الحكومة إجراءات قمعية صارمة ضد المجتمع تتحكم من خلالها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للشعب. عادة تُظهر الدولة البوليسية عناصر من الشمولية والسيطرة الاجتماعية، وعادة ما يكون هناك قليل من الفرق - أو لا يوجد فرق - بين القانون وممارسة السلطة السياسية من جانب السلطة التنفيذية.

مواطنو الدولة البوليسية يعانون القيود المفروضة على التنقل، وعلى حرية التعبير عن الآراء السياسية أو غيرها ، والتي تخضع لمراقبة أو قمع الشرطة. فرض السيطرة السياسية قد يكون عن طريق قوة من الشرطة السرية تعمل خارج الحدود المعتادة المفروضة من قبل الدولة الدستورية، من جانب اخر سعت بعض الحكومات توسيع نفوذها، واعتماد خطط جديدة من خلال استخدام المال وتكوين تحالفات عسكرية بهدف ضمان بقائها ووجودها وحفظ أمنها، وهو ما سعت إليه دول الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في حربها على اليمن، التي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء، بسبب استخدامها للقوة المفرطة والأسلحة المحرمة بحسب تقارير وإحصاءات منظمات حقوق الإنسان العالمية، التي أدانت هذه الأفعال والممارسات الوحشية المخالفة لكل القوانين والاتفاقات الدولية.

ذخائر عنقودية

وفي هذا الشأن فقد اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" التحالف العربي الذي يتدخل في اليمن بقيادة سعودية باستخدام أسلحة عنقودية قد تعرض أعدادا كبيرة من المدنيين ولاسيما الأطفال للخطر. وأوردت المنظمة التي تتخذ نيويورك مقرا حالة اثنين من المدنيين على الأقل أصيبا بهذه الأسلحة التي تحظرها معاهدة دولية. وقرب قرية العمر بمنطقة صعدة (شمال اليمن) أصيب مدنيان على الأقل بقنبلة عنقودية ألقتها إحدى الطائرات.

وفي قرية قريبة من الحدود السعودية، أصيب أربعة مدنيين بينهم طفل في العاشرة من عمره بجروح عندما انفجرت ذخائر عنقودية، كما أضافت المنظمة في بيان. وتحدثت هيومن رايتس ووتش عن غارتين أخريين في منطقة صعدة أيضا، حيث استخدمت هذه القنابل من دون أن تؤدي إلى سقوط ضحايا. وأضافت "لكن الذخائر العنقودية التي لا تنفجر على الفور قادرة على أن تصيب بجروح أو تقتل الذين يلمسونها بعد ذلك".

وقال أولي سولفانغ الباحث في المنظمة إن على التحالف الذي تقوده السعودية أن يعرف أن استخدام الأسلحة العنقودية المحظورة يؤذي المدنيين وخصوصا الأطفال. وفي وقت سابق اتهمت "هيومن رايتس ووتش" التحالف العربي باستخدام أسلحة عنقودية من الولايات المتحدة في غاراته الجوية. وبررت واشنطن موقفها آنذاك بالقول إن "الولايات المتحدة تقدم أسلحة عنقودية تحترم الشرط الدقيق بأن تنفجر بشكل كامل تقريبا" في ساحة المعركة. بحسب فرانس برس.

وتحظر هذه الأسلحة الاتفاقية الدولية للأسلحة العنقودية التي اعتمدها 166 بلدا في 2008، ليس بينها السعودية والولايات المتحدة واليمن. وعندما لا تنفجر على الفور، تصبح هذه الذخائر بمثابة ألغام قادرة على قتل مدنيين أو تشويههم وذلك بعد فترة طويلة على إطلاقها، كما تقول منظمات حقوق الإنسان.

الى جانب ذلك اتهم منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن التحالف العربي، الذي تقوده السعودية، بانتهاك القانون الدولي. واعتبر أن "القصف العشوائي للمناطق السكنية سواء بتحذير مسبق أو بدونه مخالف للقانون الإنساني الدولي". وكثف التحالف غاراته على صعدة بشمال البلاد التي تعد معقلا للحوثيين. وفرت مئات العائلات من المحافظة. قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن إن الضربات الجوية التي ينفذها تحالف بقيادة السعودية على مدينة صعدة في اليمن، حيث يوجد الكثير من المدنيين المحاصرين هناك، تنتهك القانون الدولي على الرغم من توجيه نداءات للمدنيين لمغادرة المنطقة. وقال يوهانيس فان دير كلاوف في بيان "القصف العشوائي للمناطق السكنية سواء بتحذير مسبق أو بدونه يتنافى مع القانون الإنساني الدولي."

السعودية وقطع الرؤوس

من جانب اخر اعلنت وزارة الخدمة المدنية السعودية فتح باب التوظيف لثمانية منفذين لأحكام الاعدام بحد السيف وقطع الاطراف، وقد اعفت المرشحين من ضرورة حيازة اي مؤهلات او النجاح في مسابقة. وادرجت الوزارة اعلانا على موقعها الرسمي عن فتح ثمانية وظائف "تتعلق بتنفيذ احكام القصاص بالقتل وحد السرقات بالقطع حسب ما يقتضيه الحكم الشرعي الصادر والقيام بالاعمال الاخرى ذات العلاقة بهذا المجال".

وذكرت الوزارة ان "هذه الوظائف مستثناه من المؤهل والمسابقة"، وقد ادرجتها ضمن "الوظائف القضائية المعاونة" التي تندرج بدورها ضمن "الوظائف الدينية" في المملكة. وحددت دور الموظفين ب"تنفيذ حكم القتل حسب الشريعة الاسلامية بعد صدور الحكم الشرعي بذلك تنفيذ حكم القطع حسب الشريعة الاسلامية بعد صدور الحكم الشرعي بذلك". وينفذ حكم القتل عموما في السعودية بقطع الرأس. بحسب فرانس برس.

وتتعرض السعودية لانتقادات شديدة من منظمات الدفاع عن حقوق الانسان للإعدامات التي تنفذها غالبا بحد السيف. وازداد عدد الاعدامات بشكل كبير. فق تم اعدام 84 شخصا منذ الاول من كانون الثاني/يناير 2015 في حين ان العدد كان 87 طيلة العام الماضي. وتعاقب السعودية بالاعدام جرائم الاغتصاب والقتل والردة والسطو المسلح وتجارة المخدرات وممارسة السحر.

البحرين

على صعيد متصل أصدرت المحكمة الجنائية في البحرين أحكاما بالسجن تتراوح بين سنة إلى خمس سنوات في حق ستة رجال أمن بينهم ضباط، أدينوا بتهم تعذيب سجناء ما أدى إلى وفاة أحدهم. وليس للضحايا علاقة بحركة الاحتجاجات التي يقودها الشيعة في البلاد منذ 2011 بحسب ما أعلنه مصدر قضائي.

وقال المصدر إن النيابة العامة وجهت لهم تهمة "إلحاق ألم ومعاناة شديدة جسديا (عمدا) في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، بأشخاص يحتجزونهم وتحت سيطرتهم بغرض الحصول منهم على اعترافات ومعلومات، ومعاقبتهم على عمل يشتبه في ارتكابهم له". كما تشمل التهم تهديد السجناء "بممارسة هذه الأفعال مع غيرهم". وبحسب المصدر، فإن المتهمين أدينوا باستدعاء ثلاثة سجناء في سجن "جو" المركزي و"جعلوهم تحت سيطرتهم بإحدى الغرف وانهالوا عليهم بالضرب المفرط بالأيدي والأقدام وأدوات أخرى على رؤوسهم وأماكن أخرى متعددة بأجسامهم". وأضاف، "تم استدعاء شقيق أحد السجناء وعرضوه للتعذيب، وذلك للاعتراف وتقديم معلومات عن واقعة ضبط مواد مخدرة وهواتف نقالة داخل السجن". بحسب فرانس برس.

وتسببت بعض الإصابات في وفاة أحد السجناء بحسب ذات المصدر. والذي أضاف أنه ليس للسجناء المعنيين علاقة بحركة الاحتجاجات التي يقودها الشيعة في البلاد منذ 2011. وسبق أن تعرضت البحرين لانتقادات واتهامات من قبل منظمات حقوقية بممارسة التعذيب تحت الاعتقال.

قطر

في السياق ذاته اتهمت "منظمة العفو الدولية" الدوحة بعدم التزامها بوعودها بشأن أوضاع العمال الأجانب في قطر. وأوضحت المنظمة أن الدوحة لم تف بوعودها بخصوص القيام بإصلاحات في مجالات أساسية مثل دفع الرواتب ونظام الكفالة وغيرها. وحثت الاتحاد الدولي لكرة القدم على إعطاء الأولوية لهذا الملف.

وقال الباحث لدى منظمة العفو في شؤون المهاجرين في الخليج مصطفى قادري إن هناك "شكوكا جدية بشأن التزام قطر مكافحة استغلال المهاجرين". وبحسب المنظمة الحقوقية فإن إحصاءاتها المستندة إلى أرقام استقتها من الحكومتين الهندية والنيبالية تشير إلى أن 411 عاملا من هذين البلدين، وهما أكبر مصدرين للعمالة الأجنبية في قطر، لقوا حتفهم في هذا البلد في 2014، من دون أن توضح ملابسات وفاتهم. وأضاف قادري أن "الحكومة قطعت وعودا بتحسين حقوق العمال المهاجرين في قطر ولكن عمليا لم يحدث تقدم ملحوظ"، متهما قطر بمحاولة القيام ب"مجرد عملية علاقات عامة".

وعددت منظمة العفو تسعة مجالات "جوهرية" للإصلاح، مؤكدة أن الدوحة لم تحقق إلا "تقدما محدودا" في خمسة منها. وأسفت المنظمة خصوصا لعدم وفاء قطر بوعدها بتعيين 300 مفتش عمل قبل نهاية 2014 ولبطئها في توفير نظام إلكتروني لسداد الرواتب حتى وإن كان هذا الإجراء هو "الإصلاح الأهم" الذي قامت به حتى اليوم. وأقر مسؤولون قطريون بأن تطبيق الإصلاحات يستغرق وقتا أكثر مما كان متوقعا، مؤكدين في الوقت نفسه تمسكهم بتغيير الوضع. بحسب فرانس برس.

وناشدت منظمة العفو الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" "إعطاء الأولوية" لهذا الملف و"حض السلطات القطرية سرا وعلنا على تطبيق إصلاحات حقيقية لحماية حقوق المهاجرين". وردا على مناشدة منظمة العفو، قالت "الفيفا" في بيان إنه "أخطر علنا وبصورة متكررة" السلطات القطر بشأن هذا الموضوع، مؤكدا أنه "سيواصل حض السلطات القطرية على إنجاز الإصلاحات وإلغاء نظام الكفالة". وقال وزير العمل والشؤون الاجتماعية عبد الله بن صالح الخليفي إنه واثق "بنسبة 90%" أن نظام الكفالة سيتم استبداله في نهاية هذا العام، معربا عن أمله في أن يتم بحلول منتصف آب/أغسطس إلغاء نظام الكفالة الذي تنتقده منظمات غير حكومية وتعتبره بمثابة عبودية العصر الحديث، وكذلك أيضا تحسين ظروف سكن العمالة الأجنبية.

مصر

من جانب اخر اتهمت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان قوات الأمن المصرية باستخدام الاعتداءات الجنسية ضد المحتجزين عقب إطاحة الرئيس الإسلامي محمد مرسي معتبرة أن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي يستهدف بذلك "خنق المجتمع المدني وإسكات كل المعارضة". وقال تقرير أصدرته المنظمة إنه منذ إطاحة مرسي في تموز/يوليو 2013 "حدث تصعيد في وتيرة العنف الجنسي الذي ترتكبه قوات الأمن في مصر".

وأكد التقرير أن العنف الجنسي أصبح يستهدف كل من تقبض عليهم قوات الأمن، بشكل عشوائي، وبغض النظر عن سياق احتجازهم أو القبض عليهم. بالإضافة إلى خصوم نظام السيسي، فإن من الضحايا عناصر من العاملين بالمجتمع المدني، وطلابا، وسيدات، ومن توجد تصورات بأنهم يعرضون الآداب العامة للخطر". وقال كريم لاهيجي رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "إن معدل العنف الجنسي المشهود أثناء الاعتقالات وفي مراكز الاحتجاز، وأوجه الشبه في الأساليب المستخدمة والإفلات العام من العقاب الذي يتمتع به الجناة، كل هذا يشير إلى إستراتيجية سياسية تستهدف خنق المجتمع المدني وإسكات المعارضة كلها".

وأضاف التقرير أن "مقابلات مع ضحايا ومحامين وعناصر من المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان" كشفت عن "تورط الشرطة وعناصر من الأمن الوطني والجيش في العنف الجنسي، بما يشمل أعمال اغتصاب، واعتداءات جنسية، واغتصاب بأدوات، وصعق الأعضاء الجنسية بالكهرباء، والتشهير الجنسي والابتزاز الجنسي". واعتبرت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن هذا "العنف يتم ارتكابه على نطاق موسع من قبل قوات الأمن التابعة للدولة، بما يمثل استهزاءً بالتزامات الحكومة التي قطعتها على مسار مكافحة العنف الجنسي في المجتمع المصري واعتبارها لهذه القضية من الأولويات".

وقالت أمينة بوعياش الأمينة العامة للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "على الحكومة المصرية أن تضع حداً على الفور لهذه الجرائم، التي يرتكبها فاعلون تحت تصرفها بشكل مباشر. لابد أن تضمن بدء تحقيقات جادة في جميع المزاعم وأن تفتح ملاحقات قضائية وتعاقب المسؤولين عن تلك الأعمال بما يتفق مع المعايير الدولية". بحسب فرانس برس.

ومنذ عزل مرسي، تشن السلطات المصرية حملة واسعة ضد أنصاره الإسلاميين خلفت في الإجمال نحو 1400 قتيل وأدت إلى توقيف أكثر من 15 ألف شخص على رأسهم قيادات الصفين الأول والثاني في الإخوان المسلمين الذين يحاكمون بتهم مختلفة. وصدرت أحكام بالإعدام على مئات من أنصار مرسي في محاكمات جماعية سريعة وصفتها الأمم المتحدة بأنها "غير مسبوقة في التاريخ الحديث".

المغرب

الى جانب ذلك طالبت منظمة العفو الدولية المغرب ببذل المزيد من الجهد في مجال مكافحة التعذيب، معتبرة أن هذه الممارسة "مستمرة" في المملكة على الرغم من الخطوات الأخيرة التي اتخذتها السلطات. وأطلقت منظمة العفو الدولية ومقرها لندن في 19 أيار/مايو من العام الماضي حملة دولية جديدة لمناهضة التعذيب عنوانها "وضع حد للإفلات شبه التام من العقاب" لمرتكبي التعذيب، ركزت خلالها على خمس مناطق هي المكسيك والفليبين والمغرب/الصحراء الغربية، ونيجيريا وأوزبكستان.

وقال تقرير قدمه مسؤولو المنظمة خلال ندوة صحافية في العاصمة الرباط ان السلطات "اتخذت خطوات هامة لمعالجة ومنع التعذيب وسوء المعاملة" من قبل قوات الأمن. ورغم هذه الجهود، افاد التقرير الذي يغطي الفترة من 2010 الى 2014، إن التعذيب "ما زال مستمرا" حيث "يستعمل لانتزاع اعترافات بالجرائم أو لإسكات الناشطين وسحق الأصوات المعارضة". وقالت المنظمة انها تلقت 173 ادعاء بالتعذيب تتعلق ب"طلبة ونشطاء سياسيين ومناصرين لحق تقرير المصير في الصحراء الغربية" اضافة الى "اشخاص مشتبه في صلتهم بالإرهاب".

ومن بين ممارسات التعذيب والمعاملة القاسية التي أوردها تقرير منظمة العفو "الضرب المبرح والأوضاع الجسدية المضنية والخنق والإيهام بالغرق والعنف النفسي والجنسي". وأوضح سليل شتي الأمين العام للمنظمة ان "المسؤولين المغاربة يسوقون لصورة بلد منفتح ومحترم لحقوق الإنسان، لكن طالما أن التهديد بالتعذيب ما زال يحوم على السجناء والأصوات المعارضة، فإن هذه الصورة لن تكون سوى سراب".

من جانبه أسف فيليب لوثر مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية لوجود "هوة" ما بين "الممارسات الجيدة" الواردة في التشريع المغربي وبين "الممارسة في الواقع". وأضاف "التعذيب لم يعد ممنهجا كما كان في الماضي لكنه يظل ظاهرة خطيرة" في المغرب. ومن بين التوصيات المقدمة الى الرباط لمكافحة التعذيب، اكدت المنظمة على ضرورة وجود محام بصفة دائمة الى جانب موكله خلال التحقيق معه، كما ورد في مشروع إصلاح القانون الجنائي.

وفي رد فعلها على منظمة العفو الدولية، قال الكاتب العام للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان ان اختيار المغرب لإطلاق حملة منظمة العفو الدولية كان مرفوضا منذ البداية رغم انهم أكدوا ان الأمر تشجيع لجهود المغرب". وأضاف "لكن من خلال التقرير الذي يفتقر لشروط النزاهة والموضوعية والحياد ما أدى الى اختلالات واضحة واستنتاجات مغرضة، يبدو ان المنظمة تسعى الى جلدنا بدل تشجيع جهودنا".

وأوضح المسؤول المغربي ان "هناك لجنة للتنسيق مع منظمة العفو الدولية منذ سنة لكنهم لم يراسلونا الا بعد 10 أشهر من انطلاق حملتهم من اجل أن نجيبهم على بعض الحالات في وقت ضيق لا يتجاوز أربعة أسابيع". وأوضح المسؤول نفسه "سلمتنا المنظمة 76 حالة ادعاء بالتعذيب قدمنا الجواب بخصوصها، لكن استغربنا وتفاجأنا بوجود 176 حالة في التقرير، اضافة الى وضع أجوبة المغرب في ملاحق" وهو ما يدل حسب المصدر نفسه على "سوء النية والتحامل المسبقين".

من ناحيتها قال مسؤولة في وزارة العدل المغربية "السلطات حركت المتابعة ضد خمس حالات لمسؤولين أمنيين ثبت تورطهم في أفعال التعذيب وسوء المعاملة". وصادق المغرب في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بمناسبة احتضانه للمنتدى الدولي لحقوق الإنسان في مدينة مراكش، على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

من جانبها طردت وزارة الداخلية المغربية ناشطين اجنبيين يعملان مع منظمة العفو الدولية بسبب عدم "الحصول على إذن مسبق" لإجراء بحث ميداني حول المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء، بحسب ما أفاد بيان رسمي. واوضح البيان ان وزارة الداخلية "قررت طرد مواطنين أجنبيين" اثر قيامهما ببحث "ميداني حول المهاجرين وطالبي اللجوء بالمغرب دون الحصول على إذن مسبق من السلطات المعنية". ونددت منظمة العفو بقرار الرباط، معتبرة اياه "محاولة فاضحة لمنع الابحاث المشروعة عن حقوق الانسان ولإسكات اصوات الانتقاد في البلاد".

واضافت المنظمة في بيان ان "قرار طرد موظفينا من المغرب (...) يثير شكوكا جدية بأن السلطات لديها ما تخفيه". وبحسب البيان الرسمي المغربي فان الرباط "كانت قد طلبت، عبر المندوبية الوزارية المكلفة حقوق الإنسان، من منظمة العفو الدولية عدم القيام بهذه المهمة إلى حين الاتفاق بين الطرفين". والمندوبية الوزارية لحقوق الانسان مؤسسة رسمية تابعة لرئاسة الحكومة ومكلفة التنسيق مع القطاعات الحكومية وكذلك مع أجهزة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية. بحسب فرانس برس.

وسبق للمندوبية أن نسقت مع العفو الدولية طيلة سنة كاملة في تقرير أصدرته المنظمة حول التعذيب مطالبة السلطات ببذل جهود اكبر. وسبق للسلطات أن منعت نشاطا لفرع منظمة العفو في المغرب اعتاد تنظيمة منذ 16 عاما بحجة عدم وجود ترخيص، كما انتقد وزير الداخلية ناشطين من المنظمة في جلسة أمام البرلمان نقلها التلفزيون العمومي مباشرة العام الماضي، بسبب لقاءات مع نشطاء في الصحراء الغربية.

تونس

في السياق ذاته دانت 13 منظمة حقوقية دولية بينها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية مشروع قانون حول القوات المسلحة في تونس لتضمنه بنودا تمنع انتقاد الشرطة وتسمح ب"استخدام القوة المميتة في غير حالات الضرورة القصوى" داعية البرلمان الى "تعديله أو إلغائه". وصادقت حكومة الحبيب الصيد التي تسلمت مهامها في فبراير/شباط الماضي على مشروع قانون "زجر الاعتداء على القوات المسلحة" ثم أحالته الى البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه.

وبحسب الحكومة فإن مشروع القانون هدفه "ضمان الحماية اللازمة للقوات المسلحة والسلامة الشخصية لأعوانها (عناصرها)". ومنذ ان اطاحت الثورة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، قتل نحو 80 من عناصر الامن والجيش في هجمات لجماعات جهادية مسلحة خططت (بعد سقوط النظام) لتحويل تونس الى "أول امارة اسلامية في شمال افريقيا" وفق السلطات. واصرت نقابات امنية على استصدار قانون يحمي قوات الامن اثر مقتل عناصر من الدرك والجيش في تلك الهجمات.

وفي بيان مشترك، دعت 13 منظمة حقوقية دولية بينها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومراسلون بلا حدود البرلمان الى "التخلي عن البنود الإشكالية في مشروع القانون وخصوصا البنود 5 و6 و12 و13 لأنها "مخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان والحقوق المكفولة في الدستور التونسي". وقالت المنظمات ان البنود المذكورة "تجرم سلوك الصحفيين والمبلغين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم ممن ينتقدون الشرطة، كما تسمح لقوات الأمن باستخدام القوة المميتة في غير حالات الضرورة القصوى لحماية النفس البشرية".

ويفرض مشروع القانون عقوبات بالسجن حتى 10 سنوات وغرامة مالية 50 ألف دينار (نحو 25 الف يورو) ضد من "يفشي" أو ينشر "أسرار الأمن الوطني". و"أسرار الامن الوطني" وفقا لمشروع القانون هي "جميع المعلومات والمعطيات والوثائق المتعلقة بالامن الوطني (..) والتي يجب أن لا تكون معلومة إلا ممن له الصفة في استعمالها أو مسكها او تداولها أو حفظها". وقالت المنظمات ان "التعريف الفضفاض (لاسرار الامن الوطني) وغياب أي استثناء أو دفاع متعلق بالمصلحة العامة قد يسمح للسلطات بتوجيه الاتهام إلى من يكشفون عن أخطاء الحكومة".

ولاحظت "لا يتفق هذا النص (مشروع القانون) مع التزامات تونس بحماية الحق في حرية التعبير وتعزيز حق الجمهور في الوصول إلى المعلومات. فقد تكون تلك المعلومات ضرورية لفضح انتهاكات حقوق الإنسان وضمان المحاسبة الديمقراطية". ويعاقب مشروع القانون بالسجن مدة عامين وغرامة مالية قدرها 10 آلاف دينار (أقل من 5 آلاف يورو) "لكل من تعمد تحقير القوات المسلحة بقصد الإضرار بالأمن العام".

ونبهت المنظمات من ان هذا "يمكن أن يمنح السلطات صلاحية تقديرية واسعة لاعتقال الأشخاص على أسس غير مبررة من قبيل التجادل مع الشرطة أو التباطؤ في تنفيذ أوامرها، أو للانتقام من إيداع شكوى بحق الشرطة" لأنه لم "يحدد ماهية الأفعال و/أو الإمتناعات عن الأفعال التي تشكل تحقيراً". ولاحظت ان البنود المتعلقة بأسرار الأمن الوطني و"تحقير" الشرطة "تتعارض مع الحقوق المكفولة في الدستور الجديد الذي اقر في 27 يناير/كانون الثاني 2014، وتحمي حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر".

وورد في مشروع القانون انه "لا تترتب أي مسؤولية جزائية على عنصر القوات المسلحة الذي تسبب، عند دفعه لأحد الاعتداءات (...) في إصابة المعتدي أو موته". وتعليقا على ذلك، قالت المنظمات الحقوقية "من شأن مشروع القانون أن يعفي قوات الأمن من المسؤولية الجزائية على استخدام القوة المميتة لزجر الاعتداء على منازلهم أو ممتلكاتهم أو عرباتهم، إذا كانت القوة المستخدمة ضرورية ومتناسبة مع الخطورة". وأضافت "يعني هذا النص أن يُسمح لقوات الأمن بموجب القانون بالرد بالقوة المميتة على اعتداء لا يهدد حياتهم أو حياة الغير ولا ينطوي على خطر إصابة جسيمة بل هو فقط اعتداء على ممتلكات".

وقالت آمنة قلالي ممثلة هيومن رايتس ووتش في تونس "في غياب محكمة دستورية (تبت في مدى تطابق القوانين مع الدستور) سيكون تمرير هذا القانون كارثة" لافتة الى ان مشروع القانون قام على "تشديد تجريم المواطن مقابل تحصين قوات الامن من المساءلة (القانونية)". واعتبرت قلالي، خلال مؤتمر صحافي، ان مجرد مصادقة مجلس الوزراء على مشروع القانون واحالته على البرلمان "مؤشرا سيئا لان ذلك يعني ان هناك ارادة سياسية للمصادقة عليه".

ووصف رضا صفر وزير الدولة المكلف الأمن في حكومة مهدي جمعة بين مطلع العامين 2014 و 2015 مشروع القانون بأنه "حماقة خارقة" معتبرا انه "منحاز" و"صيغ على عجل" من قبل حكومة الحبيب الصيد الذي سبق له تولي منصب وزير الداخلية. وقال "هناك خلط كبير، لأن هذا النص لا يحمي الأمنيين من الارهابيين فقط بل يحميهم من المواطنين، وهذا أمر غاية في الخطورة". بحسب فرانس برس.

ووفق صفر، فإن على الحكومة التفكير في اصلاح شامل لجهاز الأمن الذي لاتزال تحكمه قوانين موروثة من عهد الدكتاتورية، يراعي (الاصلاح) التوفيق فعليا بين دولة قوية ومكافحة الارهاب وحماية الحريات العامة التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة. وطالبت نقابة الصحافيين في تونس الحكومة بـ"السحب الفوري" لمشروع القانون لأنه "يؤسس لدولة ديكتاتورية بوليسية" و"يستهدف حرية الصحافة والتعبير" الوليدة في البلاد. من ناحيته قال شكري حمادة الناطق الرسمي باسم النقابة الرئسية لقوات الامن في تونس "نطالب بصيغة جديدة من مشروع هذا القانون تضمن حماية قوات الامن دون ان يكون اداة للمس بالحريات. نحتاج (..) دعما معنويا وليس توترا مع المواطنين".

اضف تعليق