يبدو أن الشبان العراقيين منقسمون بشأن التصويت. فبعضهم متحمسون وآخرون تمكن اليأس منهم مما جعلهم يعزفون عن المشاركة في السياسة. ولم يشكل الشبان أحزابا سياسية جديدة، بل اختاروا بدلا من ذلك الانضمام إلى كتل سياسية راسخة لمحاولة فرض التغيير من الداخل، وهو هدف طموح للغاية. كسر هذه الحلقة يتطلب...
يستعد العراقيون لانتخاب برلمان جديد في 11 نوفمبر/تشرين الأول في اختبار جديد لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني. ويرى ملاحظون أن نسبة الإقبال ستكون مقياسا رئيسيا لثقة العراقيين في نظامهم السياسي، وسط إحباط شعبي من الفساد المستشري وسوء الخدمات. للإشارة، فإن ما يقرب من 40 بالمئة من المرشحين المسجلين تقل أعمارهم عن 40 عاما، مما يسلط الضوء على محاولات الجيل الجديد لتحدي الهيمنة السياسية لشبكات السلطة القديمة. ويقاطع تيار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الانتخابات بسبب الفساد بصورة رئيسية.
ويشعر عدد كبير من الناخبين بخيبة أمل من التجربة الديمقراطية العراقية التي مضى عليها 20 عاما، قائلين إنها لم تجلب سوى الفساد والبطالة وسوء الخدمات العامة، بينما يتقاسم السياسيون والأحزاب والجماعات المسلحة غنائم الثروة النفطية الهائلة وتوزع الوظائف على الموالين.
وشرع العراق في إجراء أول انتخابات برلمانية في 2005 بعد الغزو الأمريكي عام 2003 الذي أطاح بالرئيس صدام حسين.
وغلبت على التجارب الانتخابية الأولى أعمال عنف طائفية وقاطعها المسلمون السنة بعد أن سمحت الإطاحة بصدام بالهيمنة السياسية للأغلبية الشيعية التي كان قد قمعها خلال فترة حكمه الطويلة.
أما الطائفية فقد انحسرت إلى حد كبير، لا سيما بين العراقيين الأصغر سنا، لكنها لا تزال متجذرة في النظام السياسي الذي يقسم المناصب الحكومية بين الشيعة والسنة والأكراد والمسيحيين ومجموعات عرقية ودينية الأخرى.
وينتاب التشكك الكثير من العراقيين الذين يستبعدون أن تجلب انتخابات 11 نوفمبر تشرين الثاني أي تغيير حقيقي في السياسة الراكدة في البلاد، مع سيطرة الجماعات القوية نفسها على الدولة وثرواتها النفطية منذ سقوط صدام حسين في عام 2003.
حيث يشعر أنور إبراهيم (25 عاما) بالإحباط الشديد من السياسة الطائفية في العراق لدرجة أنه قرر الترشح للبرلمان، لينضم إلى موجة من الشبان العراقيين الذين يتحدون النخبة المهيمنة على المشهد السياسي لسنوات في انتخابات الأسبوع المقبل.
وقال إبراهيم، وهو ناشط مؤيد للديمقراطية “أعتقد أنه يجب منح الشباب والتكنوقراط المساحة للمشاركة في إدارة الدولة، وأن علينا وضع حد لهيمنة بعض الأحزاب”.
لكن وجود أعداد كبيرة من المرشحين الشبان ـ للمرة الثانية منذ انتخابات عام 2005 ـ يمثل مرحلة نضج سياسي بالنسبة للعراقيين الذين كانوا رضعا أو أطفالا عندما أطيح بصدام حسين، وقد يؤدي هذا إلى تحفيز المطالبات بالإصلاح.
وقال مسؤول في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق لرويترز “حقيقة أن نحو 40 بالمئة من المرشحين المسجلين هم من الشباب تظهر أن هناك اهتماما متزايدا بين شباب العراق بالمشاركة في رسم مستقبل البلاد”.
وأضاف “هذا يعكس رغبة في التجديد وفي أن يكون لجيل طالما شعر بالتهميش عن السياسة صوت أقوى”.
وتتراوح أعمار معظم المرشحين الشبان الجدد بين أواخر العشرينات ومنتصف الثلاثينات، وهو ما يمثل تناقضا حادا مع البرلمان الحالي حيث يبلغ متوسط أعمار النواب نحو 55 عاما، ويوجد مرشحون من الأغلبية الشيعية في البلاد فضلا عن الأقلية السنية.
تقول المفوضية العليا للانتخابات إن حوالي 40 بالمئة من المرشحين المسجلين تقل أعمارهم عن 40 عاما، وإن نحو 15 بالمئة منهم تقل أعمارهم عن 35 عاما، أي ما بين 28 و35 عاما.
وفي انتخابات عام 2021، كانت نسبة المرشحين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما تبلغ 24 بالمئة، وفقا للمفوضية.
قد يقنع التدفق الجديد للمرشحين الشبان بعض العراقيين بالتصويت لأول مرة بحثا عن بدائل للزعماء الطائفيين الذين انتخبتهم الأجيال الأكبر سنا مرارا.
ورغم إجراء انتخابات ديمقراطية روتينية، لا يزال العراقيون يعانون من الفساد والبطالة وسوء الخدمات.
صوت لجيل مهمش
مع ذلك، يبدو أن الشبان العراقيين منقسمون بشأن التصويت. فبعضهم متحمسون وآخرون تمكن اليأس منهم مما جعلهم يعزفون عن المشاركة في السياسة.
ومزق علي عبد الحسين (28 عاما) بطاقته الانتخابية، وهو عازف كمان وخريج معهد الفنون الجميلة في بغداد ويعمل موسيقيا في أحد مطاعم بغداد.
وقال “الذين انتخبناهم سابقا للبرلمان بدأوا حملاتهم بملابس بسيطة ويسافرون بسيارات الأجرة وهم يقولون: صوّتوا لنا لنحقق التغيير”.
وأضاف “بعد أن صوتنا لهم، حدث تغيير كبير، لكنه لم يكن من أجلنا نحن الفقراء، بل من أجلهم. بين ليلة وضحاها بدأوا يرتدون بدلات فاخرة ويقودون سيارات فارهة ذات نوافذ مظللة لأنهم لم يعودوا يريدون رؤية وجوهنا. بالتأكيد لن أصوت”.
ولم يشكل الشبان أحزابا سياسية جديدة، بل اختاروا بدلا من ذلك الانضمام إلى كتل سياسية راسخة لمحاولة فرض التغيير من الداخل، وهو هدف طموح للغاية.
وقال الخبير الدستوري كاظم البهادلي المقيم في بغداد إن “شبكات المحسوبية المرتبطة بالأحزاب السياسية توزع الوظائف والعقود والمناصب الأمنية، مما يضمن الولاء ويحد من مساحة المشاركة أمام من هم ليسوا مقربين من الأحزاب”.
كسر الحلقة
يقول البهادلي أيضا “كسر هذه الحلقة يتطلب ليس فقط إرادة سياسية، بل أيضا إعادة هيكلة جوهرية لموازين القوى الاقتصادية والأمنية، وهو أمر لا تملك النخبة الحاكمة في العراق دافعا حقيقيا للسماح به”.
لم يكن المشهد السياسي الراسخ حاليا هو ما توقعه المحللون عندما أسقط العراقيون تمثال صدام في بغداد عام 2003، وضربوه بأحذيتهم احتفالا بسقوط الاستبداد.
واعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الإطاحة بالزعيم السني القوي ستضع العراق على طريق الحرية والرخاء تتمتع به كل الطوائف من خلال تقاسم ثروات البلاد النفطية بشكل عادل.
لكن بدلا من ذلك، نشأت حركة مسلحة مؤيدة لصدام أعقبها ظهور مسلحين متشددين من تنظيم القاعدة، ثم اندلعت حرب أهلية طائفية صعد معها تنظيم الدولة الإسلامية الأكثر تطرفا.
وفي الوقت نفسه، تحول ميزان القوة السياسية بشكل مطرد من الأقلية السنية التي انتمى إليها صدام إلى الأغلبية الشيعية، وتمثل ذلك في سياسيين مدنيين وفصائل مسلحة متحالفة مع إيران.
عراق جديد
سيواجه أي شاب يسعى لتغيير الوضع الراهن مقاومة شرسة. ومع ذلك، يسعى عدد من المرشحين الشبان إلى إعادة صياغة قانون الانتخابات وتأسيس لجنة انتخابية مستقلة والحد من نفوذ الجماعات المتحالفة مع إيران على السياسة والانتخابات.
ووجد البعض، مثل أنور إبراهيم، الحافز بعد قصف إسرائيل لإيران في يونيو حزيران الماضي في حرب دامت نحو أسبوعين انضمت إليها الولايات المتحدة لفترة وجيزة، وهو تطور رأى أنه سيضعف الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران في العراق.
لكن آخرين يخشون أن تسحق الجماعات الشيعية المسلحة أي تحد لنفوذهم.
ففي أكتوبر تشرين الأول 2019، اندلعت احتجاجات على ارتفاع معدلات البطالة وسوء الخدمات العامة والفساد مما أدى إلى حملة أمنية عنيفة أسقطت 149 قتيلا.
وخلص تقرير حكومي أجرى تحقيقا في الأمر إلى أن أكثر من 70 بالمئة من الوفيات نجمت عن طلقات نارية في الرأس أو الصدر.
وقال المرشح الشاب حسين الغرابي “نحن بالتأكيد قلقون من محاولات منع التغيير، فالأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة ستحاول إيقاف أي تغيير حقيقي في العملية السياسية في العراق، وستستخدم أسلحتها ضدنا”.
وأضاف “إذا نجحنا، فستكون الانتخابات الخطوة الأولى نحو عراق جديد، أما إذا فشلنا، فسيكون الوضع مأساويا وستتراجع الديمقراطية في العراق بشكل مقلق، وستبقى مجرد حبر على ورق”.
ما هو المزاج السائد بين العراقيين؟
يشعر عدد كبير من الناخبين بخيبة أمل من التجربة الديمقراطية العراقية التي مضى عليها 20 عاما، قائلين إنها لم تجلب سوى الفساد والبطالة وسوء الخدمات العامة، بينما يتقاسم السياسيون والأحزاب والجماعات المسلحة غنائم الثروة النفطية الهائلة وتوزع الوظائف على الموالين.
بدأ العراق إجراء أول انتخابات برلمانية في 2005 بعد الغزو الأمريكي عام 2003 الذي أطاح بالرئيس صدام حسين.
وشابت التجارب الانتخابية الأولى أعمال عنف طائفية وقاطعها المسلمون السنة بعد أن سمحت الإطاحة بصدام بالهيمنة السياسية للأغلبية الشيعية التي كان قد قمعها خلال فترة حكمه الطويلة.
وانحسرت الطائفية إلى حد كبير، لا سيما بين العراقيين الأصغر سنا، لكنها لا تزال متجذرة في النظام السياسي الذي يقسم المناصب الحكومية بين الشيعة والسنة والأكراد والمسيحيين ومجموعات عرقية ودينية الأخرى.
من يخوض الانتخابات؟
ما يقرب من 40 بالمئة من المرشحين المسجلين تقل أعمارهم عن 40 عاما، مما يسلط الضوء على محاولات الجيل الجديد لتحدي الهيمنة السياسية لشبكات السلطة القديمة.
يقود السوداني، الذي تولى منصبه في 2022 ويسعى لولاية ثانية، ائتلاف الإعمار والتنمية الذي يضم عدة أحزاب شيعية ويركز في حملته الانتخابية على تحسين الخدمات ومحاربة الفساد وتوطيد سلطة الدولة.
السوداني هو أحد رؤساء الوزراء القلائل الذين تمتعوا بالقوة الكافية للمضي في مشروعات إعادة الإعمار وعززوا العلاقات مع كل من إيران والولايات المتحدة، الحليفين الرئيسيين للعراق.
ولا يزال ائتلاف دولة القانون، الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، يتمتع بنفوذ ويتنافس مع الائتلاف الذي ينتمي إليه السوداني من أجل فرض الهيمنة داخل الأوساط الشيعية. ويقول منتقدو المالكي إن سياساته الطائفية ساهمت في صعود تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014.
وهناك مجموعة من الأحزاب التي تربطها علاقات مع إيران ولديها جماعات مسلحة خاصة بها تخوض الانتخابات على قوائم منفصلة.
ويهيمن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه الزعيم المخضرم مسعود بارزاني على الحكومة شبه المستقلة في إقليم كردستان العراق. ويسعى إلى الحصول على حصة أكبر من عوائد النفط التي تدعم الميزانية العامة.
وينافس الاتحاد الوطني الكردستاني، بقيادة بافل طالباني، الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويدعو الاتحاد إلى توثيق العلاقات مع بغداد وكثيرا ما تحالف مع الفصائل الشيعية. ويهدف إلى الدفاع عن معاقله التقليدية.
ويقاطع تيار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الانتخابات بسبب الفساد بصورة رئيسية، تاركا المجال مفتوحا أمام الآخرين. ولا يزال تيار الصدر يسيطر على أجزاء كبيرة من الدولة من خلال التعيينات الرئيسية في المناصب الحكومية.
الدولة تريد السيطرة على السلاح
ويبذل العراق جهودا لنزع سلاح الجماعات المدعومة من إيران، وهي مسألة تكتسي حساسية سياسية، خاصة وأنها تأتي بضغط من الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه تتفاوض بغداد مع واشنطن لتنفيذ اتفاق بشأن انسحاب تدريجي للقوات الأمريكية.
لكن السوداني قال لرويترز قبل تصويت الأسبوع المقبل إن أي جهود لوضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة لن تنجح ما دام هناك تحالف تقوده الولايات المتحدة في العراق وتعده بعض الفصائل قوة احتلال.
وبعد أن أطاحت الولايات المتحدة بصدام حسين، وهو مسلم سني، أصبح الشيعة، الذين تعرضوا للاضطهاد في ظل حكمه ولجأوا إلى إيران، القوة السياسية المهيمنة في البلد المنتج للنفط عبر نظام محاصصة جديد لتقاسم السلطة أفضى إلى تهميش الأقلية السنية.
وفاز السوداني برئاسة الوزراء بعد أن رشحه الإطار التنسيقي، وهو أكبر تحالف برلماني يتألف من فصائل شيعية بعضها معتدل وبعضها متشدد، وجميعها على علاقة جيدة مع إيران.
وحل السوداني في 2022 محل مصطفى الكاظمي، حليف الغرب الذي وصل إلى السلطة بعد أن خرج متظاهرون مناهضون للحكومة إلى الشوارع بالآلاف في 2019، مطالبين بالتشغيل ورحيل النخبة الحاكمة في العراق.
ويتهم المحتجون الطبقة السياسية في مرحلة ما بعد الغزو بالفساد وسوء الحكم الذي تسبب في اندلاع حركات تمرد وحروب أهلية طائفية وأدخل العراق في حالة من الخلل الإداري والمشكلات الاقتصادية.
ويصف دبلوماسيون مقيمون في بغداد السوداني بأن لديه نوايا إصلاحية لكنهم يقولون إن عليه أن يعمل جاهدا ليظهر أنه ليس سياسيا آخر يسعى للحصول على حصة من ثروة العراق النفطية.
وعد السوداني بإصلاح القطاعات المهملة مثل النظام المالي من خلال إصلاح بنوك الدولة المعرضة للفساد وتعزيز نظام المدفوعات الرقمية وزيادة إنتاج الكهرباء لإنهاء الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي.
لكنه سعى أيضا إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي عبر إيرادات النفط من خلال توظيف مئات الآلاف من العمال في القطاع العام المتضخم مع إقرار أكبر ميزانية في العراق على الإطلاق.
وجعلته تلك الخطوات، والتي شملت بناء طرق وجسور ومساكن في بلد لم يشهد تنمية تذكر منذ عقود، يحظى بشعبية لدى العراقيين العاديين، لكن المراقبين الماليين ينظرون إليها على أنها غير مستدامة.
وفي الوقت نفسه، يقول منتقدون إن حكومته مكنت بعض الفصائل الأكثر تشددا من تلك الموالية لإيران من خلال توظيف عشرات الآلاف من الأشخاص وإنشاء شركة حكومية تديرها بعض تلك الفصائل مع صلاحيات الحصول على عقود حكومية في عدد من القطاعات.
واتهمت جماعات حقوقية حكومة السوداني بالعمل على الحد من حرية التعبير وعدم اتخاذها إجراءات تذكر لتعزيز المساءلة بشأن الفساد. وتنفي حكومة السوداني تقييد حرية التعبير وتقول إنه أعاد مبالغ كبيرة من الأموال المنهوبة.
ويقول محللون إنه ينبغي للسوداني التحرر من تأثير عدد من الأحزاب التي أوصلته إلى السلطة لإحداث تغيير جذري، وإن الانتخابات المقبلة هي السبيل الرئيسي للقيام بذلك.
وقال حيدر الشاكري من مركز أبحاث الشؤون الدولية (تشاتام هاوس) “أعتقد أنه يكتسب المزيد من الدعم الشعبي. فهو يُنظر إليه على أنه قائد ذو رؤية جيدة، لكنه مقيد بمحيطه السياسي”.
أما القوة السياسية السنية الرئيسية فهي حزب تقدم بقيادة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي. وتتركز شعبية الحزب في غرب وشمال العراق حيث الغالبية السنية. ويدعو الحزب إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة وتمكين المجتمعات السنية بعد صراع وتهميش دام لسنوات.
كيف سيؤثر التصويت على العراق؟
ستكون نسبة الإقبال مقياسا رئيسيا لثقة العراقيين في نظامهم السياسي، وسط إحباط شعبي من الفساد المستشري وسوء الخدمات.
ومن شأن انخفاض نسبة المشاركة أن يشير إلى استمرار خيبة الأمل، في حين أن الإقبال القوي قد يمنح المرشحين الإصلاحيين والمرشحين الأصغر سنا نفوذا محدودا في البرلمان.
ومن غير المتوقع أن تغير الانتخابات المشهد السياسي العراقي بشكل جذري. فغالبا ما تطول المفاوضات لاختيار رئيس للوزراء، وتنتهي بتسوية بين الأحزاب الأكثر ثراء وتسليحا ونفوذا.
وبموجب نظام تقاسم السلطة القائم على أسس طائفية في العراق، يجب أن يكون رئيس الوزراء شيعيا ورئيس البرلمان سنيا ورئيس الجمهورية كرديا.
لكن الحكومة العراقية المقبلة ستواجه ضغوطا شديدة لتحقيق تحسينات ملموسة في الحياة اليومية ومنع تحول السخط الشعبي على الفساد إلى اضطرابات.
كيف سيؤثر ذلك على المنطقة؟
سيتعين على رئيس الوزراء العراقي المقبل أن يتعامل مع التوازن الدقيق بين النفوذ الأمريكي والإيراني، وإدارة عشرات الجماعات المسلحة التي ترتبط بعلاقات أوثق مع طهران والمسؤولة أمام قادتها أكثر من مسؤوليتها أمام الدولة، كل ذلك في الوقت الذي تواجه فيه البلاد ضغوطا متزايدة من واشنطن لتفكيك تلك الجماعات.
تجنب العراق حتى الآن أسوأ الاضطرابات الإقليمية الناجمة عن حرب غزة، لكنه سيواجه غضب الولايات المتحدة وإسرائيل إذا فشل في احتواء المسلحين المتحالفين مع إيران.
ما التالي؟
من المتوقع أن تظهر النتائج الأولية في غضون أيام من التصويت، لكن المحادثات لتشكيل الحكومة قد تستغرق شهورا.
وبعد التصديق على النتائج من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والمحكمة الاتحادية العليا، سيجتمع البرلمان الجديد المكون من 329 عضوا لانتخاب رئيس له ونوابه ثم رئيس الدولة الذي يكلف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة.
وسيكون أمام المرشح 30 يوما للحصول على الموافقة على تشكيل الحكومة، وهو إنجاز غير مضمون في العراق.



اضف تعليق