q
سياسة - تقارير

كل الطرق في غزة تؤدي الى الموت

يستيقظ المدنيون الفلسطينيون المحاصرون في كل صباح لانتشال جثث من تحت أنقاض ما كانت يوما مباني قائمة سواها القصف الجوي بالأرض، ولبدء رحلتهم اليومية في البحث عن طعام ومياه شرب نظيفة. وتسبب القصف الجوي في دمار مخيمات اللاجئين واستهدف سيارات الإسعاف إضافة للمدارس التي لاذ بها نازحون في...

مع توغل القوات الإسرائيلية أكثر في بلدات قطاع غزة المكتظ بالسكان تحت غطاء من القصف المكثف، يستيقظ المدنيون الفلسطينيون المحاصرون في كل صباح لانتشال جثث من تحت أنقاض ما كانت يوما مباني قائمة سواها القصف الجوي بالأرض، ولبدء رحلتهم اليومية في البحث عن طعام ومياه شرب نظيفة.

يستمر تجاهل مطالبات دولية بإعلان وقف لإطلاق النار في حرب إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مما يتسبب في منع كل شيء تقريبا باستثناء كميات محدودة للغاية من المساعدات الإنسانية من الدخول لقطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل مما أدى إلى تفاقم نقص الأغذية والوقود ومياه الشرب والأدوية.

وتسبب القصف الجوي في دمار مخيمات اللاجئين واستهدف سيارات الإسعاف إضافة للمدارس التي لاذ بها نازحون في الأيام القليلة الماضية بشمال غزة الذي عزله الهجوم البري الإسرائيلي عن الجنوب والذي لا توجد به طرق معبّدة لإدخال إمدادات.

وقال الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين إن مقاتلاته قصفت 450 هدفا لحماس في غزة وإن قواته سيطرت على مجمع للمسلحين في الساعات الأربع والعشرين الماضية بينما قالت وزارة الصحة في عزة إن تلك الضربات الجوية الأحدث قتلت العشرات.

ووصف صحفي من رويترز في قطاع غزة القصف خلال ليل الأحد جوا وبرا وبحرا بأنه من بين الأكثر عنفا وكثافة منذ بدأت إسرائيل هجومها ردا على هجوم مباغت شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على جنوب إسرائيل قبل شهر.

وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة يوم الثلاثاء إن ما لا يقل عن 10328 فلسطينيا، بينهم 4237 طفلا، قتلوا في الضربات الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.

ومع رفضها الدعوات لوقف إطلاق النار لحين إطلاق سراح المحتجزين، تتواصل الضغوط على إسرائيل لتجنب سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين خلال هجومها على قطاع غزة، في حين تسعى حملة دبلوماسية أمريكية في المنطقة للحد من مخاطر تصاعد الصراع.

وكرر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مخاوف الولايات المتحدة من أن وقف إطلاق النار يمكن أن يساعد حماس. واستبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الفكرة حاليا وقال "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار دون عودة الرهائن. يجب حذف هذا تماما من القاموس".

ووصفت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) ما يتعرض له القطاع بأنه "قصف غير مسبوق" من إسرائيل، في حين ذكرت شركة الاتصالات الفلسطينية أن خدمات الاتصالات والإنترنت انقطعت مرة أخرى.

وقالت وزارة الصحة في غزة إن العشرات قتلوا في ضربات جوية إسرائيلية على مدينة غزة وإلى الجنوب في أحياء مثل الزوايدة ودير البلح.

وقال الجيش الإسرائيلي إن ضرباته استهدفت "أنفاقا وإرهابيين ومجمعات عسكرية ومواقع مراقبة وأخرى لإطلاق قذائف مضادة للدبابات".

وأضاف أن قواته البرية قتلت العديد من مقاتلي حماس وهي تسيطر على مجمع لهم يضم مواقع مراقبة ومنطقة تدريب لعناصر الحركة وأنفاقا.

وقال الجيش الإسرائيلي أيضا إن قياديا بارزا في حماس هو جمال موسى الذي قاد عمليات أمنية خاصة للحركة من بين من قتلوا.

وقالت إسرائيل إن 31 جنديا قتلوا منذ أن بدأت عملياتها البرية الموسعة في قطاع غزة في 27 أكتوبر تشرين الأول، حيث تقاتل الآلاف من مقاتلي حماس الذين يعتقدون أن بإمكانهم صد التقدم الإسرائيلي انطلاقا من شبكة من الأنفاق تحت القطاع.

وقالت القيادة المركزية الأمريكية على إكس إن غواصة صاروخية نووية من طراز أوهايو وصلت إلى المنطقة، وهو إعلان غير عادي عن موقع غواصة نووية اعتبره بعض المحللين بمثابة رسالة إلى إيران.

الانفجارات تضيء سماء غزة

يبحث الناس عن قتلى أو ناجين في مخيم المغازي للاجئين في غزة، حيث قالت وزارة الصحة في القطاع إن القوات الإسرائيلية قتلت 47 على الأقل في ضربات في وقت مبكر من يوم الأحد.

وقال سعيد النجمة (53 عاما) "طول الليل أنا والشباب بنعزل في الركام وبنطلع الشهداء.. أطفال.. أشلاء ممزعة"، مضيفا أنه كان نائما مع أسرته عند وقوع القصف على الحي الذي يسكن فيه.

وقالت وزارة الصحة إن 21 فلسطينيا من عائلة واحدة قتلوا في هجوم منفصل. ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق.

ولم تتوقف مشرحة مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح خلال الليلة الماضية عن استقبال الجثث التي وصل عددها صباح الإثنين إلى 58، وفق مدير المستشفى إياد الجابري الذي أكد "وجود العشرات تحت الأنقاض غالبيتهم من النساء والأطفال".

وأضاء القصف والانفجارات سماء القطاع المحاصر بالأصفر والأحمر، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ "ضربات كبيرة" قال إنها "ستتواصل في الأيام المقبلة".

فقد محمد مشمش عددا من أفراد عائلته جراء القصف الجوي الإسرائيلي. ويقول الرجل البالغ من العمر 54 عاما وقد بدت آثار الصدمة والوجع ظاهرة على وجهه لوكالة فرانس برس "إنها حملة شرسة، كلهم أطفال، أكثر من 30 شهيدا من عائلة مشمش وأبو ليلة، جميعهم مدنيون".

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس في غزة الإثنين أن 200 شخص على الأقل قتلوا في القصف المكثف الذي نفذته القوات الإسرائيلية خلال الليل على قطاع غزة.

وأمضى سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة وللمرة الثالثة منذ بدء الحرب، الليل معزولين عن العالم، ومن دون أي إمكانية للتواصل والاطمئنان على بعضهم بعضًا.

ويقول مشمش الذي نزح حديثا الى مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع "في ظل انقطاع الاتصالات لم نعلم بهذا القصف سوى في السادسة صباحا".

أما ابن عمه محمود رضوان مشمش فيروي كيف تعرض حي المشاعلة في دير البلح للقصف ويقول إنه لم يستطع طلب الإسعاف في ظل انقطاع الاتصالات.

ويوضح "أرسلنا شهداء في سيارة حتى تبلغ الإسعاف ويأتي لنقل الشهداء... ونقلنا عشرة شهداء في شاحنة".

ويروي محمود مشمش لفرانس برس "إنها مجزرة. عندما فجروا المنازل شعرنا وكأن زلزالًا ضرب المكان".

وكان يتحدث عن تدمير ثلاثة منازل "كان فيها نحو 60 شخصا كلهم أطفال ونساء.... لا علاقة لهم بشيء. نقلنا منهم حوالى 40 شهيدًا والباقي تحت الأنقاض".

وأعلن الجيش الإسرائيلي الذي طلب من سكان شمال قطاع غزة النزوح نحو الجنوب أنه قسم القطاع الذي يحاصره منذ العام 2007 إلى شطرين.

ودعا الناطق باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس الاثنين ما تبقى من مدنيين إلى مغادرة شمال القطاع، مضيفا أن هذا سيسمح للقوات الإسرائيلية "بتفكيك حماس معقلا بعد آخر حتى نحقّق هدفنا النهائي المتمثل بتحرير قطاع غزة برمته من حماس".

ويقول محمد أبو ليلة الذي نزح قبل 20 يوما من منطقة الصفطاوي شمال مدينة غزة إنه ظن أنه في مأمن. ويقول "بعدما ألقوا منشورات، نزحنا إلى منزل خالتي في النصيرات".

ويضيف "في الحادية عشرة ليلا، قصفوا المنزل، استُشهدت أمي... خرجنا من تحت الدمار... كنا 120 شخصا في المنزل استُشهد وأصيب عدد كبير".

ويقول "صليتُ على أكثر من 50 شهيدا".

القصف الإسرائيلي المكثف يروع النازحين

وفي الشمال حيث تحاصر القوات الإسرائيلية مدينة غزة ومخيمات اللاجئين المجاورة لها، قصفت الغارات الجوية والمدفعية المنطقة المحيطة بمستشفى الشفاء الرئيسية.

وقالت نسرين (35 عاما) إن ابنها البالغ من العمر 14 عاما قُتل يوم الجمعة في غارة جوية إسرائيلية على سيارة إسعاف. وأضافت "الليل بطوله كنا صاحيين ما نمنا، نجينا هاي الليلة طيب والليلة الجاية؟ والليالي اللي بعدها؟".

وتقول إسرائيل إن سيارة الإسعاف التي قصفتها يوم الجمعة كانت تقل مقاتلين من حماس لكنها لم تقدم أدلة على زعمها.

ونفت السلطات الصحية وحركة حماس أن قافلة الإسعاف التي قصفتها إسرائيل يوم الجمعة كانت تقل مقاتلين أو أسلحة.

وقالت نسرين التي لم ترغب في ذكر اسم عائلتها خوفا من الانتقام الإسرائيلي، "الليلة اللي فاتت (الماضية)، القصف كان مكثف جدا في الشفا (مستشفى الشفاء)، الدخان والرمل نزلوا علينا وبعض الناس ارتعبوا ومنهم اللي صار يقول الدبابات راح تقرب علينا".

وقال سكان إنه مع تكثيف القصف على المناطق الشمالية المحاصرة التي تدخلها القوات البرية الإسرائيلية، يحاول مزيد من الناس الاحتماء بالمستشفيات على أمل أن تكون أكثر أمانا.

وخارج مجمع الشفاء الطبي، قالت النازحة حنين عبد الحكيم سعد إن عائلتها لن تغادر مدينة غزة رغم الهجوم الإسرائيلي ومطالبة المدنيين بالرحيل. وتخشى ألا يُسمح لهم بالعودة إلى منازلهم أبدا إذا توجهوا إلى جنوب القطاع.

وقالت "قطعوا الميه والكهربا والأكل، احنا قاعدين (على الرغم من هذا)، احنا بس بدنا (نريد) أولادنا يعيشوا بسلام ويصيروا يطلعوا وينزلوا بدون ما نقلق عليهم".

ولم تلق الدعوات العالمية لوقف إطلاق النار في الحرب آذانا صاغية، وأصبح شح الغذاء والوقود ومياه الشرب والأدوية أكثر حدة مع وصول النذر القليل من المساعدات الإنسانية إلى الجيب.

في جنوب غزة، حيث تكتظ المنازل الخاصة والملاجئ العامة في المدارس بالنازحين الذين فروا من منازلهم، يبني كثير من الناس ملاذات مؤقتة وينامون في سيارات أو خيام.

وخارج مستشفى ناصر في خان يونس، يبدو المشهد وكأنه مدينة من الخيام حول سيارات متوقفة وعلى أسطحها أغطية بلاستيكية لتوفير الظل. وينام الناس أو يجلسون ويشحنون هواتفهم من بطاريات السيارات إذا كان لديهم وقود أو من الألواح الشمسية إذا لم يتوفر ذلك. وفي الجوار يلعب الأطفال.

وقالت منة القصاص (18 عاما) التي تعيش الآن مع عائلتها في سيارتهم "أول موقف ما بنساهوش لما شوفت بيتنا. بيتنا انضرب وهيك كل البيت كان مدمر قدامنا. مفيش المكان اللي كنا فيه في الراحة وفي الأمان. فجأة اختفى".

وأضافت "جينا هين على أمل إن نلاقي أمان بس مفيش. وأنت نايم صواريخ تطلع من فوقك وصواريخ نازلة. فانعدم الأمان. هاي الإشي اللي حاسين فيه. ناس مرمية في الشوارع منهم اللي مجروح"، مضيفة أنهم فروا من مدينة غزة ثم أقاموا عند أقاربهم في خان يونس لكن منزل أقاربهم تعرض للقصف أيضا.

وفي مكان غير بعيد، يعيش محمد القصاص مع عائلته تحت غطاء بلاستيكي معلق من سيارته. وقال إن منزلهم دُمر في غارة جوية وإن جميع الملاجئ العامة في المدارس التي تديرها الأمم المتحدة مكتظة.

وقال "إشي البعض ينام هنا على التخت (السرير) ونضع فرشات هنا. والبعض يناموا تحت نفرش هنا على الأرض. وفيه بيناموا هنا على الكراسي ويمددوا".

شظف العيش وتكدس في الجنوب

وقال إسماعيل (43 عاما)، وهو محاسب في مدينة غزة، واصفا شعوره تحت القصف "تخيل أنه أنت داخل سجن والسجان بيستهدف السجناء بالقنص سجين تلو الآخر ويقتلهم".

وأضاف، طالبا عدم ذكر اسمه كاملا خشية انتقام إسرائيل منه، "أبوي كاد أنه يصاب بسكتة قلبية الليلة اللي فاتت لما صاروخ ضرب العمارة اللي جنبنا، إحنا حسينا وكأنه إحنا اللي انقصفنا".

وتمكن مئات من حملة جوازات السفر الأجنبية وبعض المصابين بجراح خطيرة من مغادرة قطاع غزة من خلال معبر رفح في جنوب القطاع إلى مصر على مدى الأسبوع المنصرم. لكن المعبر أُغلق يوم السبت ولم يُعد فتحه لتُغلق جميع طرق الخروج أمام المدنيين.

ودعا أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة إلى فتح ممر آمن لخروج 400 شخص مصابين بإصابات حرجة من غزة من خلال معبر رفح وقال إن المستشفيات تكاد تستنفد آخر إمداداتها من الوقود.

لكن القصف الإسرائيلي استمر في دك الجنوب أيضا وبقي مئات الألوف في الشمال، وأشار بعضهم إلى تكدس الجنوب بينما قال آخرون إنهم يخشون منعهم من العودة إلى منازلهم.

ومع دخول القوات الإسرائيلية البرية غزة قبل أسبوع وعزل شمال القطاع عن جنوبه ومحاصرة مدينة غزة ومخيمات اللاجئين القريبة، تفاقم تدهور الأوضاع في الشمال مع اشتداد القصف وتفاقم نقص الإمدادات.

وقال عدة سكان من مدينة غزة تحدثت معهم رويترز إنهم في حالة هلع شديد من محاولة العبور وأشار بعضهم إلى روايات حديثة لوقوع قتلى على الطرق الرئيسية التي تربط الجنوب بالشمال.

وقال أبو تامر في مخيم جباليا للاجئين المتاخم لمدينة غزة "أنا ع الأقل بدي أطلع عيلتي للجنوب وأتمنى أنهم يعبروا على مصر من معبر رفح بس مش متأكد إذا ممكن، خايف أنه يقصفوا السيارة اللي هم فيها عن طريق الدبابة اللي ع الطريق". ورفض أبو تامر الإفصاح عن اسمه بالكامل مخافة الانتقام.

وتنشط القوات البرية الإسرائيلية يوم الأحد أيضا في وسط القطاع، وبالتحديد إلى الجنوب من خط وادي غزة الذي أمروا جميع المدنيين بإخلاء منازلهم والتوجه إلى أسفل الوادي.

وأفادت السلطات الصحية المحلية بأن غارة جوية على مخيم المغازي للاجئين في وسط القطاع خلَفت 40 قتيلا. وقال سعيد نجمة (53 عاما) إنه كان نائما مع أسرته في منزلهم المكون من طابق واحد عند وقوع القصف في الحي الذي يعيش فيه.

وأضاف نجمة "طول الليل أنا والشباب بنعزل في الركام وبنطلع الشهداء، أطفال أشلاء وممزعة".

وقال حسن أبو مشايخ (63 عاما) المقيم بالمخيم إن الغارات دمرت برج المياه في المغازي في وقت تندر فيه إمدادات المياه النظيفة.

وذكر أبو تامر أن ثمة مخبزا وحيدا لا يزال يعمل في مخيم جباليا بالقرب من مدينة غزة وأن الطحين (الدقيق) شحيح والماء العذب لا بد من ضخه من تحت الأرض، لكن لا وقود لتشغيل مولدات الكهرباء اللازمة لذلك.

صورة الوضع الإنساني في قطاع غزة المحاصر

فيما وصفتها بعض منظمات الأمم المتحدة بأنها "كارثة إنسانية" تتكشف في القطاع الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة وتديره حركة حماس.

فقد أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن نحو 1.5 مليون، أي أكثر من نصف سكان قطاع غزة، فروا من منازلهم ويحتمي قرابة 700 ألف منهم بمبان تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). كما يحتمى عشرات الآلاف في مستشفيات وكنائس.

ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن ملاجئ الأونروا في الجنوب تؤوي ما يفوق طاقتها ولم تعد قادرة على استقبال المزيد وإن الكثير من النازحين ينامون في العراء في الشوارع قرب الملاجئ. ولم تعد الأونروا قادرة على منح مساعدات لنازحين في شمال القطاع الذي تتركز فيه حاليا العمليات البرية الإسرائيلية التي توسعت منذ 27 أكتوبر تشرين الأول.

وأمرت إسرائيل المدنيين في شمال القطاع، الذي تعتبره معقلا لحماس، بالتحرك صوب الجنوب وتقول إن ذلك للحفاظ على سلامتهم وأعطتهم مهلة زمنية محددة في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني. إلا أن الجنوب أيضا وقع في مرمى الغارات الجوية الإسرائيلية مما أسفر عن سقوط قتلى ووقوع إصابات في صفوف المدنيين.

وأظهر رصد للأمم المتحدة أن أقل من ألفين قاموا بذلك بسبب الخوف والأضرار الجسيمة التي لحقت بالطرق ونقص المعلومات بسبب محدودية الاتصالات.

- المستشفيات

تقول منظمة الصحة العالمية إن أكثر من ثلث مستشفيات غزة البالغ عددها خمسة وثلاثين خرج من الخدمة وإن المستشفيات التي ما زالت تعمل تبلغ عن وجود نقص حاد في الوقود، وهو ما قلص إمداداتها من الكهرباء بشكل كبير.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن المولدات في مستشفيين هما الشفاء والإندونيسي توقفت عن العمل بسبب نقص الوقود وتعمل حاليا على المولدات الاحتياطية لبضع ساعات في اليوم للخدمات الحرجة فقط.

لكن مسؤولين إسرائيليين شككوا في صحة تحذيرات نقص الوقود ونشر مبعوث إسرائيل في الأمم المتحدة تسجيل فيديو على منصة إكس وصفه بأنه للقطات بجوار مستشفى الشفاء بدت فيها نوافذ المستشفى مضاءة.

ووثقت منظمة الصحة العالمية وقوع 93 هجوما على الأقل في قطاع غزة منذ بدء الصراع قتلت 16 مسعفا أثناء الخدمة وألحقت أضرارا ودمرت 28 سيارة إسعاف.

وأفادت المنظمة بأن مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني في مدينة غزة، وهو الوحيد الذي يعالج مرضى السرطان، نفد منه الوقود ولم يعد يعمل.

واضطرت فرق الإنقاذ من الدفاع المدني الفلسطيني إلى تقليص أسطولها من سيارات الإسعاف بسبب نقص الوقود، مما أدى إلى اللجوء لاستخدام عربات الجر لنقل القتلى والجرحى إلى المستشفيات.

- إيصال المساعدات

تدخل مساعدات من معبر رفح مع مصر وهو المعبر الوحيد الذي يفتح لكن ما يمر منه لا يشكل سوى قسما يسيرا من المساعدات التي كانت تصل قبل التصعيد الأحدث في الصراع. ومنذ بدء إدخال مساعدات محدودة في 21 أكتوبر تشرين الأول دخلت 450 شاحنة على الأقل للقطاع محملة بالأغذية والمياه ومستلزمات صحية.

كما تم السماح لمئات من الأجانب والمصابين بمغادرة القطاع لمصر الأسبوع الماضي لكن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية قال إن عمليات الخروج تلك لم تتم منذ تعرضت سيارة إسعاف في طريقها إلى المعبر للاستهداف في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني. وقال الجيش الإسرائيلي إنها كانت تقل مسلحين من حماس دون أن يقدم أدلة على ذلك.

- المياه والغذاء

يعاني سكان قطاع غزة من نقص حاد في المياه. توقفت محطتان لتحلية مياه البحر عن العمل بسبب نقص الوقود وتعمل أخرى بالحد الأدنى وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. ويعمل خطان أنابيب من أصل ثلاثة من إسرائيل.

وهناك أيضا بعض الآبار، مما يمكن بعض الأسر من الحصول على المياه لبضع ساعات يوميا، بالإضافة إلى كميات محدودة يتم نقلها بالشاحنات.

وأضاف المكتب أن المطحنة الوحيدة المتبقية في غزة لم تعد قادرة على طحن الدقيق بسبب نقص الكهرباء والوقود كما تعرض 11 مخبزا للاستهداف خلال الصراع.

وقال برنامج الأغذية العالمي إن مخزونات السلع الغذائية الأساسية في القطاع مثل الأرز والزيوت النباتية على وشك النفاد في فترة تتراوح بين يوم وثلاثة أيام.

- الوقود

تقول جماعات إغاثة إنها بحاجة ماسة للوقود من أجل توزيع المساعدات وتشغيل الكهرباء في المستشفيات والمخابز ومحطات تحلية المياه. لكن إسرائيل ما زالت تحظر دخول الوقود وتقول إنه قد يقع في أيدي حماس لتستخدمه في أغراض عسكرية.

وقال مسؤول المساعدات في الأمم المتحدة إن بعض التقدم أحرز في مسألة السماح بدخول وقود إلى القطاع لكن لم يتم بعد تأكيد أي شحنات.

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس

اضف تعليق