q
إن الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، يعيش بيننا، ويرى أجسادنا، ويعرف حركاتنا ويسمع ويرى كلامنا، بل ويعرف أفكارنا ونيّاتنا، وكل ما نفكر به، لهذا من الواجب على كل إنسان يؤمن بظهور الإمام المنقذ للبشرية من أزماتها ومشكلاتها، أن يحذر من ارتكاب الأخطاء، بل عليه أن يحذر حتى من التفكير بها...

(الإمام المهدي عجل الله فرجه يرى الشيء الذي نفكر فيه عندما نتكلم أو نكتب)

سماحة المرجع الشيرازي دام ظله

تنبؤنا الروايات والأحاديث الشريفة، وآيات من الذكر الحكيم، بأن الحياة في ظل حكومة العدالة المهدوية بظهور الإمام الحجة المنتظَر (عجل الله فرجه الشريف، سوف تكون هادئة هانئة وافية شافية عادلة، يسودها منظومة من القيم الأخلاقية التي ترعى حقوق الجميع، فيغيب فيها الظلم، وتسودها الرحمة، وتتعادل فيها الحقوق والواجبات بين الجميع.

إن الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، يعيش بيننا، ويرى أجسادنا، ويعرف حركاتنا ويسمع ويرى كلامنا، بل ويعرف أفكارنا ونيّاتنا، وكل ما نفكر به، لهذا من الواجب على كل إنسان يؤمن بظهور الإمام المنقذ للبشرية من أزماتها ومشكلاتها، أن يحذر من ارتكاب الأخطاء، بل عليه أن يحذر حتى من التفكير بها.

فمجرد التفكير بالانحراف، والانزلاق في عالم الذنوب والخطايا، هو ذنب كبير، وهو يكون معروضا على الإمام الحجة (عجل الله فرجه) وبالتالي سوف يخسر الإنسان تلك الحياة الهانئة التي يعيشها جميع الناس في ظل حكومة الإمام المهدي التي سيكون هدفها وهمَّها الأول نشر العدل على وجه الأرض كلها، وإعادة الاعتبار لكل الناس المحرومين.

فمن يحب الإمام الحجة (عجل الله فرجه) ويواليه وينتظر ظهوره، عليه أولا أن يعرف بأنه تحت مجهر الإمام، وأنه يراه في سكناته وحركاته، وفي صمته وكلامه، وفي عمق وسريّة الأفكار التي تجول في رأسه وقلبه، لهذا يجب الحذر كل الحذر من السير في طريق الخطايا والذنوب والمعاصي وهي معروضة في سوق الدنيا الكبير وفي مغرياتها.

سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، يذكر في الكتاب القيّم الذي يحمل عنوان (من عبق المرجعية):

(الامام المهدي عجل الله فرجه وكما ورد في الروايات مؤيد بروح القدس، وبينه وبين الله عز وجل عمود من نور، يرى فيه أعمال العباد، وكل ما يحتاج إليه، فهو يرى كلامنا واجسامنا وكل ما يظهر منا، ويرى كذلك ما وراء الكلام والسطور ويرى الفكر والنوايا).

فإن كان الإنسان مرائيا متصنّعا في حركاته وأقواله، فإن هذه الأمور سوف تكون مكشوفة للإمام الحجة (عجل الله فرجه)، ومع ذلك نلاحظ أن هناك مسلمين، وبعضهم يعلن الولاء للإمام، لكنهم ليسوا ملتزمين بما يوصي به ويريده الحجة (عجل الله فرجه)، فهؤلاء رغم أن كلامهم وكتاباتهم مرئية ومسموعة من قبل الإمام، إلا أنهم يصرون على الخطأ.

أسباب الأزمات الأخلاقية في المجتمع

لهذا تحدث الأزمات الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية بين المسلمين، مع أنهم لو التزموا بوصايا اهل البيت (عليهم السلام)، لكانوا في مأمن من تبعات وتداعيات هذا المشاكل والأزمات، فهناك أناس يتصنعون أفعالهم وحتى أقوالهم أمام الناس، فيظهرون ما لا يبطنون، لكنهم مرئيون عند الإمام الحجة (عجل الله فرجه) ويعرفهم واحدا واحدا، لهذا لا يمكن الإفلات من هذه المراقبة العادلة التي تهدف إلى ترسيخ الهدوء والسكينة والاطمئنان بين الناس، وهذا هو الهدف الأهم لحكومة الإمام المهدي (عجل الله فرجه).

لذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي على أن:

(الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف يرى الشيء الذي نفكر فيه عندما نتكلم او نكتب، وفيما اذا كانت نياتنا وافكارنا لله ام لكي يقول الاخرون عنا اننا نجيد الكلام او الكتابة، وان مواضيعنا افضل من غيرنا، هذه الامور يراها الامام أيضا.. يراها منا في كل ساعة وفي كل لحظة).

ومن حسن الأمور وعواقبها الجيدة أننا لو أردنا أن نعرف طبيعة حكومة الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، وكيف ستكون هذه الحكومة وكيف تُدار وما هي أدواتها، وما هي أهدافها، وما الذي ستقدمه للناس وكيف ستتعامل معهم؟، لو أردنا جميعا أن نعرف طبيعة حكومة الإمام، فالأمر سهل حقا، فما علينا إلا الاطلاع على السيرة النبوية الشريفة.

فإنْ دخلنا في بطون سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله) وسبرنا أغوارها، وتعمقنا فيها، فإننا بمجرد معرفة السيرة النبوية سوف نعرف طبيعة الحكومة المهدوية، وكيف تُدار، وما هي أدواتها، وأي الأهداف تسعى إلى تحقيقها، وما هي المزايا التي تقدمها للناس من أجل حياة كريمة هادئة مستقرة.

وهنا يتساءل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله قائلا:

(هل تريدون ان تعرفوا عن حكومة الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف أكثر؟، إذن انظروا الى تاريخ الرسول الأكرم، وأمير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليهما وآلهما).

أما لماذا تتعلق الناس بالإمام المهدي (عجل الله فرجه)، فإن جواب هذا السؤال واضح جدا في الحقيقة، فالناس يتعلقون بحب الإمام ويدعون للتعجيل بظهوره، كونهم يحبون شخصه، ويأملون في العيش بأمن وعدل واطمئنان في ظل حكومته العادلة، هذا ما يحلم به الناس، وهذا يجعلهم محبين لأمامهم (عجل الله فرجه) منتظرين له، ومستعدين لهذا الانتظار.

الناس يتعلّقون بحب الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

في حين أن طبيعة هذا الانتظار معروفة ومعلنة للجميع، فمن يؤمن بالإمام وينتظر ظهوره، تقع عليه شروط واضحة تدخل ضمن آليات الاستعداد لهذا الانتظار، وفي المقدمة من ذلك أن يكون من الموالين المخلصين لأهل البيت عليهم السلام، وأن يكون من المؤمنين الذين لا تشوبهم شائبة، وينذرون أنفسهم لمولانا صاحب الزمان.

لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: (إن التعلق بالإمام المهدي وحبه، هو تعلق وحب لشخصه وللحياة الطيبة التي تكون في ظل حكومته).

وفي كل الأحوال، ومع الملايين التي تنتظر ظهور الإمام الحجة المهدي المنتظر (عجل الله فرجه)، سوف يطل علينا إمامنا بأنواره المتوقدة، وبحضوره الكبير، وسوف يؤكد للجميع، لأنصاره من المسلمين، بل لكل العالم الموجود في ربوع الأرض، بأنه الإمام المهدي سليل الدوحة المحمدية المباركة.

وسوف تتشكل حكومته المباركة، وسرعان ما تنشر العدل بين الناس، وتنصف من لم ينصفهم الحكام الظالمين المستبدين، وتعيد إليهم اعتبارهم، وتزرع في قلوبهم الفرحة والأمل بحياة عادلة، لا يتضرر فيها أحد، ولا يتنمر فيها ظالم على مظلوم، أو قوي على مستضعف.

فقوة العدل تضرب بأطنابها في ربوع الأرض، فيُسعد الناس، وتتعادل كفتا ميزان الحقوق والواجبات، وتنشأ الحياة الهادئة المتزنة المستقرة التي تقوم على ركائز العدل والرحمة والإنصاف وكل القيم الإسلامية الكريمة.

هذا ما يؤكده سماحة المرجع الشيرازي في قوله:

(إن المولى صاحب الزمان سيشرفنا بحضوره إن شاء الله، ويظهر للناس كافة، ويعلن للعالم إنه المهدي من آل محمد صلى الله عليه وعلى أبائه الطيبين أجمعين).

وهكذا سوف تكون الناس أكثر وعيا بالعلم والاطلاع والتضافر على توفير المعرفة لكل الناس، وهذا يعني صناعة مجتمع واع عارف، والعقول كلها سوف تكون ممتلئة بالصلاح والمعرفة، والقلوب عامرة بحب أهل البيت عليهم السلام.

هذا هو واقع الناس والمسلمين والعالم أجمع عند ظهور الإمام الحجة (عجل الله فرجه)، حيث يعيش جيل الظهور (وهو سيكون الجيل الأسعد من بين الجميع) يعيش أحسن صور وجوهر الحياة التي يتمناها الإنسان.

سماحة المرجع الشيرازي دام ظله يؤكد هذه النقطة فيقول: (اذا كملت عقول الناس فستكون حياتهم هانئة طيبة، بل أحسن حياة يحياها جيل من الاجيال، وهذا سيكون حال معظم الناس يوم ظهور صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه).

فلندعُ جميعا ونحنُ نعيش هذه الأيام الشعبانية المباركة، ونقترب من ذكرى ولادة الإمام الحجة المنتظر (عجل الله فرجه)، لندعُ الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من الحاضرين في جيل الظهور، ويرزقنا تلك الحياة الهانئة الهادئة الكريمة في ظل حكومة الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، ويجعلنا من الفائزين بتأييده لنكون جندا مخلصين من بين جنده.

اضف تعليق