q
بوابة خلق الإجماع الوطني والقومي الجديد، هي تجديد الحياة السياسية، وتوسيع مستوى المشاركة فيها، وتنظيم قواعد التنافس والصراع فيها أيضاً. والعقد السياسي الاجتماعي الجديد، هو الذي يوفر الأرضية المناسبة لتطوير مؤسسة الدولة وتحديث هياكلها الدستورية، وبناء الاقتصاد الوطني ووضع برامج النهوض في مختلف الميادين والمجالات...

مفتتح:

عديدة هي المفردات والمصطلحات المتداولة اليوم، التي تحتاج إلى تحديد دقيق لمعانيها ومداليلها. وذلك لأن استخدام هذه المصطلحات دون ضبط المعنى الحقيقي لها، يساهم في تشويه هذا المصطلح على مستوى المضمون، كما أنه يجعله عرضة للتوظيف الأيدلوجي المتعسف. لذلك فإن تحديد معنى المصطلحات والمفردات المتداولة، يساهم في خلق الوعي الاجتماعي السليم بها..

ومن هذه المصطلحات التي تحتاج إلى تحديد معناها الدقيق وضبط مضمونها الفلسفي والأخلاقي والاجتماعي، مصطلح التسامح.. حيث أن هذا المصطلح متداول اليوم في كل البيئات الأيدلوجية، ويتم التعامل مع هذه المقولة ولوازمها الثقافية والسياسية، باعتبارها ثابتة من ثوابت المجتمعات المتقدمة.. لذلك وبعيداً عن المضاربات الفكرية والتوظيفات الأيدلوجية المتعسفة، نحن بحاجة إلى ضبط المعنى الجوهري لهذا المصطلح، وتحديد مضمونه وجذوره الفلسفية والمعرفية، وبيان موقعه في سلم القيم والمبادئ الاجتماعية.

ولاشك أن إصرار مختلف المواقع الأيدلوجية على استخدام هذا المصطلح دليل على غياب مضمونه عن واقع العالمين العربي والإسلامي.. إذ أن العديد من الظواهر السياسية والثقافية والمجتمعية، تؤكد بشكل أو بآخر على خلو الساحة العربية والإسلامية من مقتضيات ولوازم هذه القيمة..

في معنى التسامح:

وقبل الدخول في معنى التسامح في الفضاء العربي والإسلامي، من الأهمية إلقاء نظرة سريعة على حركة تطور هذا المصطلح في الفضاء المعرفي والسياسي الغربي.. ففي التجربة الغربية ارتبطت مقولة التسامح بالمسألة الدينية، إذا اعتبرت من قبل الفيلسوف (جون لوك) بوصفها الحل العقلاني الوحيد لمشكلة الخلافات التي نشأت داخل المسيحية، التي هي الدين الرئيسي في الثقافة الغربية. ومع تطور الحياة السياسية والمجتمعية في الغرب، بدأ ينظر إلى التسامح على حد تعبير (سمير الخليل) (1) باعتباره العمود الفقري لليبرالية بوصف هذه الأخيرة فلسفة عامة للجماعة البشرية، كما بوصفها شعوراً يحس تجاه الجماعات الأخرى. في الغرب اليوم ينظر إلى التسامح على أنه سياسي وعرقي وإثني وقومي واجتماعي وجنسي. وهو يتخذ بصورة عامة شكل تحمل متنام، يشمل حيزاً متزايد الفساحة للفروقات بين الكائنات البشرية.

وبالتالي فإن التسامح وفق التجربة الغربية والفكر الغربي المعاصر، هي الإجابة المطلوبة الغربية آنذاك.. فالاختلافات قادت في فترة من الفترات إلى التعصب والانكفاء والعزلة، ودفع المجتمع الغربي ثمن ذلك..

وفي إطار البحث عن حلول فلسفية ومعرفية ومجتمعية للاختلافات التي كانت تعصف بالمجتمعات الغربية، ثم نحت وبلورة مفهوم التسامح كإجابة بديلة للاختلافات العقدية والسياسية.. فالاختلافات تقتضي التسامح وهو مسؤولية حضارية وواحد من حقوق الإنسان. فحينما تسود الكراهية لأسباب وعوامل دينية أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، يكون التسامح. هو الحل الذي تبرزه التجربة الغربية للتعامل مع دوافع الكراهية.. وعلى ضوء ذلك تكون قيمة التسامح، هي لمعالجة مشاكل الاختلافات الإنسانية، التي قد تقود إلى شيوع ظاهرة الكراهية والعنف، وبالتالي فإن التسامح فضيلة أخلاقية، وضرورة سياسية ومجتمعية، وسبيل لضبط الاختلافات وإدارتها.

وفي الدائرة الإسلامية لم أجد من خلال بحثي في النصوص الإسلامية مفردة (التسامح)، وإنما الموجود بعض المفردات الأخرى التي تقترب في المضمون من مفردة التسامح.. ففي النصوص الإسلامية استخدام للمفردات التالية (المداراة - الرفق - السماحة - اليسر والتيسير) وكلها مفردات تتقارب في مضمونها وجوهرها من المضمون المتداول لمصطلح التسامح.. الذي يعني على المستوى الفعلي التوليف بين الاعتراض والقبول.. فليس كل ما ترفضه عقلياً أو تناقضه معتقدياً، تمارس بحقه القطيعة والحرب، وإنما المطلوب التسامح، الذي يحتضن في جوهره الاعتراض والقبول في آن واحد..

ولهذه القيمة في التجربة الإنسانية، جذور فلسفية ومعرفية، هي التي تؤسس لهذه الضرورة الاجتماعية. وبإمكاننا أن نحدد الجذور الفلسفية والمعرفية لمفهوم التسامح في النقاط التالية:

1- يعترف الإسلام بالحقوق الشخصية لكل فرد من أفراد المجتمع، ولا يجيز أي ممارسة تفضي إلى انتهاك هذه الحقوق والخصوصيات.. ولا ريب أنه يترتب على ذلك على الصعيد الواقعي، الكثير من نقاط الاختلاف والتمايز بين البشر، ولكن هذا الاختلاف لا يؤسس للقطيعة والجفاء والتباعد، وإنما يؤسس للمداراة والتسامح مع المختلف، لا بمعنى الاستهتار بالقيم أو الفرار من المسؤولية، وإنما بمعنى الرفق والمداراة، وتضمين مقولة الهداية معنى المحبة والإشفاق.

فالتسامح لا يعني بأي حال من الأحوال، التنازل عن المعتقد أو الخضوع لمبدأ المساومة والتنازل، وإنما يعني القبول بالآخر والتعامل معه على أسس العدالة والمساواة بصرف النظر عن أفكاره وقناعاته الأخرى.

2- إن الحقيقة الكاملة والناجزة، لا يمكن الوصول إليها دفعة واحدة، وإنما هي بحاجة إلى فعل تراكمي يستفيد من كل العقول والجهود والطاقات الإنسانية. لذلك من الأخطاء الفادحة والقاتلة التعامل مع القناعات الإنسانية بوصفها حقائق جزمية ومطلقة. وذلك لأن هذا التعامل، هو الذي يؤسس للدوغمائية التي ترى في قناعتها الحقيقية المطلقة، فتمارس على ضوء ذلك التشدد والتطرف على قاعدة امتلاك الحقيقة المطلقة.

وعلى اعتبار إننا كبشر لا نمتلك هذه الحقيقة المطلقة، وإنما هي موزعة بين البشر، وتحتاج إلى إنصات وتواصل مستمر بينهم، لذلك فإن التسامح هو الخيار السليم الذي ينبغي أن يتم التعامل به.

3- إن المنظومة الأخلاقية التي شرعها الدين الإسلامي من قبيل الرفق والإيثار والعفو والإحسان والمداراة والقول الحسن والألفة والأمانة، وحث المؤمنين به إلى الالتزام بها وجعلها سمة شخصيتهم الخاصة والعامة. كلها تقتضي الالتزام بمضمون مبدأ التسامح. بمعنى أن تجسيد المنظومة الأخلاقية على المستويين الفردي والاجتماعي، يفضي لا محالة إلى شيوع حالة التسامح في المحيط الاجتماعي. فالمداراة تقتضي القبول بالآخر، واليسر والتيسير يتطلبان التعايش مع الآخرين، وحتى لو اختلفت معهم في القناعات والتوجهات. والرفق يتطلب توطين النفس على التعامل الحضاري مع الآخرين، حتى ولو توفرت أسباب الاختلاف والتمايز معهم. ولذلك نجد أن الذكر الحكيم، يرشدنا إلى حقيقة أساسية وهي:

أن حسن الخلق والتعامل الأخلاقي والحضاري مع الآخرين، قد يحولهم من موقع العداوة والخصومة إلى موقع الولاء والانسجام. إذ يقول تبارك وتعالى {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} (2).

وجاء في تفسير قوله تعالى {وقولوا للناس حسنا} أي للناس كلهم مؤمنهم ومخالفهم، أما المؤمنون فيبسط لهم وجهه، وأما المخالفون فيكلمهم بالمداراة لا اجتذابهم إلى الإيمان، فإنه بأيسر من ذلك يكف شرورهم عن نفسه، وعن إخوانه المؤمنين.

ويمتدح الباري عز وجل أولئك النفر الذين يتجاوزون مصالحهم الخاصة من أجل المصلحة العامة، ويؤثرون الآخرين على أنفسهم. إذ قال تعالى {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} (3) ويأمر الله تعالى عباده بالعدل والإحسان في كل أحوالهم وأطوار حياتهم. إذ يقول عز من قائل {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} (4). ومن خلال هذه المنظومة القيمية والأخلاقية، نرى أن المطلوب من الإنسان المسلم دائماً وأبداً وفي كل أحواله وأوضاعه، أن يلتزم بمقتضيات التسامح ومتطلبات العدالة.

العدالة والتسامح أية علاقة:

والحاضن الأكبر لمجموع الفضائل الأخلاقية والتي تنسجم في مضمونها مع مضمون مقولة التسامح، هو قيمة العدالة فهي روح الإسلام ومنطقه في كل المجالات والحقول.. فالدين الإسلامي، هو دين الفطرة، لذلك فإن توجيهاته ونظمه وآدابه وأحكامه كلها تدعو إلى العدل والعدالة. وعلى ضوء هذا نصل إلى حقيقة أساسية مفادها: أن مقولة التسامح في الإطار الإسلامي، ليست مرجعية نهائية، وذلك لأنها ليست قيمة كافية لإعادة بناء الأخلاقيات الإنسانية المناسبة لتحقيق السلم بين البشر.

والمرجعية النهائية التي يثبتها الإطار الإسلامي، هي مرجعية العدل والعدالة. وذلك لأن التسامح مع ما يختزن من فضائل وعناصر ايجابية، إلا أنه يبقى، رغم كل شيء، (على حد تعبير برهان غليون) قيمة سلبية، أعني: مبنية على عدم رفض الآخر، أو على الحياد تجاه المختلف، أو إذا شئنا على رفض العدوان. إن مثل هذا المشروع يحتاج إلى أخلاقيات ايجابية تعمل على التقريب بين الجماعات والتفاعل فيما بينها. وسوف تزداد الحاجة إلى العدالة أو إلى تحقيق المشاركة في الثروات الإنسانية من قبل الجميع، بقدر ما يتقدم مسار الاندماج والتوحيد العالمي الذي تقوده العولمة الزاحفة وتتفاقم الهوة التي تفصل بين الجماعات على المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية، أي بقدر ما تتفاقم الهوة الحضارية.

فلا صيانة لمقدسات الإنسان، ولا محافظة لمكتسباته المادية والمعنوية، بدون عدالة، تصون كل المكتسبات والمنجزات، وتحول دون التعدي والعدوان.

فالعدالة كقيمة ومقتضيات ولوازم، هي التي تقود الإنسان إلى تجاوز كل الأنانيات، وتخطي كل العصبيات التي تفضي إلى العسف والجور.

والالتزام بمتطلبات التسامح، هو جسر العبور إلى قيمة العدالة المطلوبة في كل الأحوال والظروف.

التسامح والمسؤولية الاجتماعية:

ثمة دوافع ومتطلبات عديدة، ساهمت في بلورة الحاجة إلى مفاهيم وقيم وثقافات، تساهم في زيادة وتيرة التفاهم بين الأمم والشعوب، وتؤسس لعلاقة سلمية وبعيدة عن خيارات القطيعة والصدام والحروب المفتوحة. فكلما توسعت المسافة بين الشعوب والأمم، ازدادت الحاجة إلى أطر ومبادرات تحول دون أن تتحول هذه المسافة إلى سبب إلى الصراع والصدام.. ولهذا نجد أنه على مستوى التجارب الإنسانية أنه من رحم التعصب الديني والقومي والعرقي تبلورت أفكار التسامح والتعايش، ومن تداعيات الحروب وأهوالها الكبرى نضجت مفاهيم المحبة والحوار وقبول الآخر كجزء لا يتجزأ من الذات والوجود.

ولكن التحدي الحقيقي الذي يواجه الإنسانية اليوم هو: كيف نجعل من هذه المفاهيم والقيم التي تجسر العلاقة بين الأمم والشعوب، وتضبط حالات التنوع والاختلاف قيما حاكمة وسائدة ليس على مستوى النخب والأطر الضيقة، وإنما تشكل تيارا مجتمعيا قويا، تتجاوز من خلاله كل محاولات التزييف والحصار. ويبدو من نظام العلاقات الدولية السائدة، والجهود العالمية المبذولة لعلاج الكثير من المشكلات العالقة والمزمنة في الإطار الإنساني، أن العالم اليوم لا يتعاطى مع هذه المفاهيم على أسس سليمة، لذلك تبرز حالة الكيل بمكيالين والازدواجية في المعايير وحالات التعامل. من هنا فإننا لا نبالغ حين القول: انه في الكثير من الحالات يتم التعامل مع هذه المفاهيم على المستوى الدولي وفق أنظمة الاستهلاك التي تتجه إلى توظيفها من أجل مصالح وأهداف خاصة ومحددة.

إن هذه القيم والمفاهيم الإنسانية والأخلاقية، هي من المساحات الهامة المشتركة بين الإنسانية بل هي من صلب الاجتماع الإنساني.. بمعنى أن غياب هذه المفاهيم والقيم على مستوى الواقع، يحول الوجود البشري إلى غابة مليئة بالوحوش والتجاوزات بكل صورها وأشكالها.

ولعلنا لا نجانب الحقيقة حين القول: أن الكثير من المشاكل والأزمات التي تعاني منها المجتمعات الإنسانية سواء على صعيدها الداخلي أو على صعيد علاقاتها مع المجتمعات الأخرى، هي من جراء غياب العدالة وأنظمتها ومتطلباتها في نظام العلاقة على المستويين الداخلي والخارجي. والفصام النكد بين النظر والعمل، بين القول والفعل فاقم من هذه الأزمات والمشكلات. فلا احد على المستوى النظري والتجريدي يكره العدل أو يتخذ من لوازمه موقفا سلبيا، ولكن على المستوى الواقعي والفعلي تمارس كل الأعمال والممارسات المناقضة لهذه القيمة. وبفعل هذا الفصام والازدواجية لم نتمكن كشعوب عربية وإسلامية من الانعتاق من أسر التخلف والانحطاط، ولم نتمكن من تجاوز المحن الكبرى التي تواجهنا.

وذلك لأن التقدم والقدرة على تجاوز المحن، بحاجة إلى طاقة تدمج بين النظر والعمل وتجعل الإيمان معطى عمليا، مفعما بالحيوية والفعالية.. وعلى هذا فإن المجتمع بكل شرائحه وفئاته، يتحمل مسؤولية كبرى تجاه توطيد حقائق التسامح في المحيط الاجتماعي، وذلك لأن سيادة القيم المناقضة للتسامح، تهدد استقرار المجتمع ووحدته وكل مكاسبه التاريخية والراهنة.. لذلك فإن توطيد حقائق التسامح في المحيط الاجتماعي، هو في حقيقته دفاع عن راهن المجتمع ومستقبله.

من هنا فإن هذه المسؤولية، مسؤولية عامة وتستوعب جميع الشرائح والفئات. حيث تسعى كل شريحة من موقعها وعلاقاتها أن تجذر مستوى التفاهم والتعارف بين أبناء المجتمع الواحد، وتؤسس لحقائق التسامح كوسيلة مجتمعية وحضارية في إدارة الفوارق والتمايزات المتوفرة في المجتمع الواحد. فإذا كانت الوحدة مطلبا إسلاميا وحضاريا، إذ قال تعالى (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا) (5). فإن الاختلاف هو من الأمور الطبيعية في حياة الإنسان عبر التاريخ، وحقيقة إنسانية عميقة لا يمكن نكرانها. وهنا نصل إلى مربط الفرس، حيث أن الوحدة لا تعني غياب الاختلافات لأنها من جبلة البشر. ولعلنا نرتكب خطيئة تاريخية كبرى، حينما نساوي بين الوحدة والتوحيد القسري بين البشر.

وإن المطلوب هو إعادة النظر في مفاهيم الوحدة والاختلاف. حيث أن الوصول إلى حقيقية الوحدة في المجتمع، تتطلب احترام الاختلافات وإدارتها بعقلية حضارية ومنفتحة، حتى تتراكم عن طريق هذه الإدارة الحضارية حقائق الوحدة القائمة على احترام كل الخصوصيات الثقافية والاجتماعية.. فالوحدة لا تبنى على أنقاض الخصوصيات، وإنما احترام هذه الخصوصيات وإدارتها وفق نسق حضاري - تعددي هو الذي يوصلنا إلى الألفة والوحدة.

فالوحدة مهما كان شكلها أو مستواها، لا تبني حينما نغرس بذور العداوة والكراهية والخصومة. إن هذه الوقائع تزيد من التشظي والانقسام، وتباعد بين المجتمع وحقائق الوحدة.

وإن التحليل العميق لمسار الوحدة في المجتمعات الإنسانية، يوصلنا إلى قناعة أساسية ألا وهي: أن التسامح والقبول القانوني والاجتماعي بتعدد الآراء والأفكار والتعبيرات، هو الذي يقود إلى تراكم تقاليد الألفة والاتحاد، وتجاوز كل الإحن والأحقاد في المجتمعات الإنسانية.. فالتسامح تجاه القناعات والأفكار والآراء، لا يقود إلى الفوضى والتشتت. وإنما الذي يقود إلى هذا هو التعامل مع مطالب الوحدة بعيدا عن حقائق التاريخ والمجتمع.

التسامح طريق الوحدة:

وعليه فإن السعي إلى الوحدة، يقتضي إرساء معالم التسامح والقبول بالآخر وجودا ورأيا. وذلك لأن هذه المعالم هي التي تزيد من فرص التضامن الداخلي، وهي التي تعلي من شأن الانسجام والائتلاف، وهي التي ترعى وتحتضن كل وقائع الوحدة في الوسط الاجتماعي. فالإكراه لا يقود إلى الإيمان، كما أن نفي الخصوصيات لا يقود إلى الوحدة. لذلك نجد الله سبحانه وتعالى، يحذر من ممارسة الإكراه لحمل الناس على الإيمان. إذ يقول الحق (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) (6).فإذا كان الحمل على الحق بالقوة والإكراه محظورا في الإسلام، فمن باب أولى أن يكون الحمل على ما كان ظنيا، أو كان مورد اجتهاد ونظر منهيا عنه باعتباره تسلطا وقهرا. لذلك فإن تسعير البغضاء وتنمية الأحقاد، يعد من عوامل الهدم الأساسية لأي كيان اجتماعي.

وفـــــــــي إطـــــــار العمل على بلورة المسؤولية الاجتماعية تجاه قيم التسامح والتضامن ونبذ الكراهية، نؤكد على النقاط التالية:

1- إن التسامح كحقيقة اجتماعية، لا يمكن أن تتجسد بدون تطوير الثقافة المجتمعية التي تحتضن كل معالم وحقائق هذه القيمة. وبالتالي فإن المسؤولية الاجتماعية الأولى، هي العمل على تطوير ثقافة الحرية والتواصل وحقوق الإنسان ونبذ العنف والإقصاء والمفاصلة الشعورية بين أبناء المجتمع الواحد. فلكي يبنى التسامح الاجتماعي وتسود علاقات المحبة والألفة وحسن الظن صفوف المجتمع، نحن بحاجة أن نعلي من شأن الثقافة والمعرفة القادرة على استيعاب الجميع بتنوعاتهم واختلافاتهم الاجتماعية والفكرية. وهذا بطبيعة الحال، يتطلب ممارسة قطيعة معرفية واجتماعية مع كل ثقافة تشرع لممارسة العنف والتعصب، أو تبرر لمعتنقها ممارسة النبذ والإقصاء مع الآخرين، فالتسامح الاجتماعي لا ينمو ويتجذر إلا في بيئة تقبل التعدد والاختلاف، وتمارس الانفتاح الفكري والمعرفي، وتطلق سراح الرأي للتعبير والنقد.. فلكي نحقق التسامح، نحن بحاجة أن ننبذ من واقعنا كل أشكال التعصب وممارسة العنف.. حيث انه لا يمكن أن تتجسد معالم التسامح في مجتمع تسوده ثقافة تدفع إلى الانغلاق والتعصب وممارسة العنف تجاه المخالفين. إن التسامح بحاجة إلى ثقافة مجتمعية جديدة، قوامها القبول بالآخر المختلف والتعامل معه على أسس حضارية تنسجم وقيم المساواة والعدل.

2- بناء وتعزيز أطر ومؤسسات التفاهم بين مختلف شرائح المجتمع وذلك لأن الكثير من أنماط العداء والخصومة، ليست وليدة الاختلاف المحض، وإنما هي من جزاء غياب أطر ومؤسسات للتفاهم والحوار المباشر. فالجفاء والتباعد المتبادل، يساهم في توسيع شقة الخلاف وتباين وجهات النظر. لذلك من الأهمية بمكان ومن أجل إرساء معالم التسامح في الوسط الاجتماعي، العمل على تطوير خيار التفاهم والحوار المباشر بين مختلف الفرقاء. صحيح أن التفاهم لا ينهي الاختلافات الإنسانية، ولكنه بالتأكيد يمنع تأججها وتحولها إلى مصدر لممارسة العنف والتطرف، وفي ذات الوقت يبقيها في حدودها الطبيعية.

فالتفاهم بين مختلف الآراء والتعبيرات، هو الذي يعمق من خيار التسامح في المجتمع. والتفاهم الذي نقصده هنا لا يعني تطابق وجهات نظر الجميع حول مختلف القضايا والأمور، لأن ذلك مستحيل من الناحية الطبيعية والواقعية. وإنما يعني وجود الاختلافات التي يمكن إدارتها وحلها بوسائل لا نمطية، وبعيدة عن ممارسة العنف والعسف. ونحن هنا لا نلغي جدلية الصراع الاجتماعي، وإنما نلغي فقط أداة خطيرة من أدواته. ومن ثم يمكننا القول: أن إشاعة أجواء السلم والتسامح والقبول بالآخر وجودا ورأيا، هي السلاح الفعال للقضاء على ظاهرة العنف البشري. فتوطيد أسس التفاهم في المحيط الاجتماعي، هو الذي يبلور آداب وأخلاقيات وضوابط الاختلاف، كما أنه يوفر لنا جميعا الأسباب الموضوعية للدنو والقرب من الحقيقة، ويجعلنا نتعلم من بعضنا البعض على مختلف المستويات.

وفي هذا الإطار لابد من الإدراك، أن من المهم أن نلتزم بقاعدة الفهم قبل التفاهم.. بمعنى أن يسعى كل طرف إلى أن يفهم وجهة النظر الأخرى كما هي وبدون زيادة أو نقيصة. وبدون الدخول في متاهات التشويه وحرب الشائعات والأوراق الصفراء.

إن الالتزام بهذه القاعدة الذهبية، هو الذي يجعل المجتمع يبدع أسس وأطر للتفاهم بشكل مستديم. وبذلك تتراكم الخبرة الحضارية للمجتمع، وتزداد أسس وقواعد التسامح في المحيط الاجتماعي.

فالمسؤولية الاجتماعية تتجسد في توطيد أركان ثقافة الحوار والتواصل والتسامح والسلم، والقيام ببناء الأطر والمؤسسات التي تعنى بشؤون التفاهم بين مختلف الفئات والشرائح في المجتمع.

وخلاصة الأمر: إننا بحاجة إلى مجتمع جديد، يتجاوز في علاقاته وأنظمته الداخلية، تلك القواعد التي ساهمت بشكل أو بآخر في تفاقم الأزمات، وازدياد المآزق، ووصولنا جميعا إلى طريق مسدود.. وحده المجتمع الجديد الذي يتمكن من تجاوز محن الراهن وبناء المستقبل على أسس حضارية وإنسانية.

نحو عقد اجتماعي جديد:

في ظل الخلافات والنزاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تنتاب العديد من مناطق العالم الإنساني.

من الضروري أن نتساءل: كيف لنا في هذا الجو المحموم، أن نبدع ثقافة حوارية، تساهم في تطورنا الروحي والإنساني والحضاري.. كيف لنا أن نطور ثقافة البناء والإصلاح في عالم يمور بالخلافات والنزعات والحروب.

ونحن حينما نتساءل هذه الأسئلة المحورية، لا نجنح إلى الخيال والتمني، ولا نتجاوز المعطيات الواقعية، وإنما نرى أن الخروج من نفق الحروب والنزعات ومتوالياتهما النفسية والاجتماعية والسياسية، لا يتم إلاّ بتوطيد أركان ثقافة الإصلاح والحوار والتوازن.

ولابد من إدراك أن هذه الثقافة، ليست حلاً سحرياً للمشكلات والأزمات، وإنما هي الخطوة الأولى لعلاج المشكلات بشكل صحيح وسليم.

فالعنف المستشري في حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية، لا يمكن مقابلته بالعنف، لأن هذا يدخل الجميع في أتون العنف ومتوالياته الخطيرة ولكن نقابله بالمزيد من الحوار والإصلاح في أوضاعنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية. بمعنى العمل على تطوير وتحسين الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي تساهم بشكل أو بآخر في تغذية قوافل العنف والقتل والتطرف بالمزيد من الأفكار والتبريرات والمسوغات.

وإن طبيعة التطورات الاستراتيجية والأحداث السياسية التي تمر بها المنطقة، تتجه إلي تأكيد حقيقة أساسية في المشهد السياسي للمنطقة وهي: أن النخبة أو الفئة سواء كانت حاكمة أو محكومة التي تربط مصيرها بخارج حدود الوطن، فإن هذا لا يفضي إلاّ إلى المزيد من الإرباك والتدهور.

حيث أن الارتباط الهيكلي بخارج الحدود، سيزيد من فرص استخدام القهر والقوة لفرض الخيارات وجبر النقص في العلاقات الداخلية من جراء الارتهان للأجنبي.

وهذا يقود إلى تنامي مشاعر العداء والخيبة لكل ما يجري في الساحة العربية، وستشهد المنطقة من جراء ذلك حالة من عدم الاستقرار والقلق والخوف، كما سيتفاقم العنف الرمزي والمادي، لأن القهر والظلم والإذلال ينبوع دائم للإرهاب والعنف وعدم الاستقرار.

وهذا يدفعنا إلى الاعتقاد الجازم، أن الاستقرار السياسي الحقيقي والدائم في فضائنا العربي والإسلامي لا يتأتى من حالة الارتهان للأجنبي أو الانسجام المطلق مع استراتيجياته وخياراته الإقليمية والدولية. بل إن هذه الحالة، تزيد من فرص انهيار الاستقرار وتفاقم من حالات اختراق الأمن الوطني والقومي.

لذلك فإنه يخطأ من يتصور أن بوابة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في مجتمعاتنا، هي الخضوع لرهانات الأجنبي وخياراته في الغطرسة والهيمنة.

فالتجارب السياسية تثبت أن الارتهان للأجنبي، لا يجلب إلاّ المزيد من الصعوبات وسخط المجتمعات وفقدان ثقتها وإيمانها بنخبتها السياسية والاقتصادية.

أولوية المصالحة الداخلية:

وفي ظل الأوضاع الراهنة تزداد مخاطر الارتهان للأجنبي على مختلف المستويات. ويبقى في تقديرنا خيار تنمية مشروع المصالحة الداخلية في الفضاء السياسي والاجتماعي العربي. إذ إننا لا يمكن أن نحقق الأمن والاستقرار إلاّ على قاعدة المصالحة الداخلية في المجتمعات العربية بين مختلف المكونات والتعبيرات.

مصالحة بين السلطة والمجتمع، بين النخب السياسية والثقافية والاقتصادية، بين المكونات والتوجهات الدينية والقومية. بحيث يتوفر مناخ جديد يزيد من فرص الوفاق والتوافق، ويقلل من إمكانية الصدام والصراع المفتوح بين الخيارات المتوفرة في الساحة.

إننا جميعاً نخباً ومجتمعات، لا نمتلك القدرة الحقيقية لإنجاز حلول جذرية لأزماتنا ومشكلاتنا، واستمرار أوضاعنا وأحوالنا على حالها، سيفاقم من الأزمات وسيوصلنا جميعاً إلى شفير الهاوية.

لذلك وفي ظل أحوالنا المتردية والتحديات والمخاطر الكبرى التي تواجهنا من مختلف المواقع، وغياب القدرة الحقيقية لدينا جميعاً للانعتاق الجذري من هذه الاختناقات، لذلك كله لا يبقى أمامنا كحكومات وشعوب إلاّ أن نلتفت لبعضنا البعض، ونعمل بوعي وإحساس عميق بالمسؤولية لإطلاق مشروع مصالحة سياسية واجتماعية بين مختلف مكونات المجتمع، حتى نتمكن من الخروج من هذه الدائرة الجهنمية التي تراكم المخاطر وتكثف من التحديات وتزيدنا ضعفاً وتراجعاً وانتكاساً.

فالتطورات السياسية الأخيرة في العراق وفلسطين تؤكد أن المجال العربي بأسره عاجزاً عن حماية ذاته والدفاع عن أمنه الوطني والقومي، وأن المشروع الصهيوني يتغول ويتضخم ويصل إلى أهدافه الخطيرة من جراء عجزنا وضعفنا. ولن تستطيع الخطب الرنانة أو الشعارات الصارخة أن تغير من أحوالنا وأوضاعنا وتزيل عن كاهلنا حالة العجز المطبق التي كلفتنا ولا زالت الكثير من الخسائر والانكسارات. كما أن استمرار الأوضاع الداخلية في البلدان العربية على حالها، يعني استمرار الأخطار والخسائر.

وهذا ينذر بحدوث كوارث سياسية واقتصادية واجتماعية في العديد من المناطق والبلدان.

لذلك لا خيار حقيقي أمامنا إلاّ مصالحة أنفسنا وإعادة بناء عقد سياسي واجتماعي جديد على المستويين الوطني والقومي، حتى نتمكن من توفير شروط الخروج والانعتاق من هذه الأزمات الخانقة والتي تهدد وجودنا ومستقبلنا كله. فلا أحد في العالم العربي كله يتحمل اليوم الانتقال من خسارة إلى أخرى ومن نكسة إلى نكسة أخرى أشد منها وطأة وخطراً وتأثيراً على الحاضر والمستقبل. ففي ظل الأوضاع الحالية ازدادت الأمة معاناة وتراجعاً، وفي ظل النظام العربي الرسمي القائم توسع المشروع الصهيوني وأصبح يهدد الجميع أمنياً وسياسياً واقتصادياً، وازددنا تفككاً وتفتتاً على ضوء الموقف من مشروع السلام والتطبيع.

وفي ظل هذه الظروف والأوضاع حدثت حروب ومصادمات عربية - عربية أرهقت الجميع وأدت إلى أضرار فادحة في جسم الأمة.

وخلاصة الأمر: أن جميع الوقائع والتطورات الداخلية والخارجية، تثبت بشكل لا لبس فيه حاجتنا جميعاً إلى نظام وعقد سياسي جديد يضع الأمة من جديد في الطريق الصحيح من أجل تحقيق أهدافها وتطلعاتها التاريخية. إننا أحوج ما نكون اليوم إلى رؤية وعقد جديد ينظم العلاقات الداخلية بين قوى الوطن المتعددة وبين الدول العربية مع بعضها البعض. وينمي طاقاتنا ويصقل مواهبنا ويعزز قدراتنا الذاتية والموضوعية ويحرر إرادتنا من العجز أو الارتهان والتبعية، ويشحذ كل طاقات وقدرات الأمة من أجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة والتاريخية، ودحر المشروع الصهيوني من فضائنا ومجالنا السياسي والحضاري. فثغرات واقعنا العربي عديدة وعظيمة، والتحديات والمخاطر التي تهددنا متواصلة، ولا خيار أمامنا إعادة ترتيب أوضاعنا وأحوالنا على أسس جديدة تأخذ بعين الاعتبار كل التطورات والتطلعات الداخلية، دون أن تغفل حاجتنا جميعاً إلى الائتلاف والوحدة.

وهذا يتطلب من النخب السياسية في المجال العربي، اتخاذ إجراءات وخطوات عملية ملموسة لوقف الانهيار والانطلاق في بناء حياة سياسية جديدة، تؤسس لمشروع عربي جديد، يحقق نهضتنا ويوفر لنا القدرة النوعية لمجابهة التحديات الكبرى التي تفرضها قوى الهيمنة والغطرسة في المجال العربي.

وإن الخطوة الأولى في مشروع وقف الانهيار وإعادة التوازن إلى المجال العربي هي إصلاح وتطوير العلاقة بين السلطة والمجتمع في الإطار الوطني والعربي. فهي مدخل وقف التراجع والتقهقر، وهي التي تمكننا من التغلب على المصاعب الاقتصادية والسياسية التي تواجه دول العالم العربي لأسباب وعوامل مختلفة.

وإن هذه المصالحة بما تتضمن من رؤية ونمط جديد للعلاقة والتعامل، هي اليوم أكثر من ضرورة.. إنها خيارنا المتاح للدخول في حركة التاريخ من جديد وتجاوز كل المعضلات والعقبات التي تحول دون تقدمنا وانطلاقتنا من جديد.

وما لم تقم دول العالم العربي بمشروع المصالحة مع شعوبها ومجتمعاتها، فسيكون مستقبل المجال العربي بأسره قاتماً وخطيراً على مختلف المستويات.

فلا تقدم بدون إصلاح، ومن ينشد التطور أو التقدم دون القيام بخطوات إصلاحية حقيقية، فإن أغلب الخطوات التي يقوم بها ستراكم من الأزمات، وستكثف من حالات الإحباط والفشل. فالارتباط بين الإصلاح والتقدم هو ارتباط النتيجة بالسبب.

وهذا العقد الاجتماعي - السياسي هو الذي مصالح الجميع، وهو المرجعية العليا لكلا الطرفين. فمفتاح الخلاص للعديد من التوترات والأزمات، وجود عقد ينظم طبيعة العلاقة بين قوى الأمة ومؤسساتها المتعددة. ويحدد الأهداف المرحلية والاستراتيجية التي تسعى إليها قوى الأمة، وتبلور حقوق وواجبات كل طرف.

ومن المؤكد أن تنظيم العلاقة بين مختلف مكونات الأمة، بحاجة إلى العديد من الجهود والإمكانات، وإلى ثقافة سياسية جديدة، تأخذ على عاتقها تعبئة المجال العربي وفق أهداف واضحة وأساليب ممكنة وحضارية. وإلى إعادة تشكيل الخارطة السياسية والثقافية، بحيث نصل إلى مستوى حضاري يحكم علاقة السياسي بالثقافي والعكس.

وجماع القول: أن بوابة خلق الإجماع الوطني والقومي الجديد، هي تجديد الحياة السياسية، وتوسيع مستوى المشاركة فيها، وتنظيم قواعد التنافس والصراع فيها أيضاً.

والعقد السياسي - الاجتماعي الجديد، هو الذي يوفر الأرضية المناسبة لتطوير مؤسسة الدولة وتحديث هياكلها الدستورية، وبناء الاقتصاد الوطني ووضع برامج النهوض في مختلف الميادين والمجالات.

...........................................
الهوامش
1- سمير الخليل وآخرون، التسامح بين شرق وغرب – دراسات في التعايش والقبول بالآخر، ص 18، دار الساقي، الطبعة الأولى، بيروت 1992م.
2- القرآن الكريم، سورة فصلت، الآية 34.
3- القرآن الكريم، سورة الحشر، الآية 9.
4- القرآن الكريم، سورة النحل، الآية 90.
5- القرآن الكريم، سورة الشورى، الآية 13.
6- القرآن الكريم، سورة يونس، الآية 99.

اضف تعليق