q
أصبح من واجب الحكومة ان تساعد الانسان في الحصول على رزقه وتأهيله واعداده لدخول سوق العمل. ولما اضحت الحكومة تتدخل في كل مجريات حياة الانسان فان عليها ان تسهّل اجراءاتها وتبسطها حتى لا تكون الاجراءات الصعبة والمعقدة والطويلة من اسباب شقاء الانسان وتعاسته...

الجواب المباشر على السؤال "هل تستطيع الحكومة اسعاد المواطنين؟" هو نعم. بل ان الحكومة هي الطرف الوحيد الذي يستطيع اسعاد المواطنين. وهذا لا يعني ان يكون المواطنون اتكاليين وان تكون الدولة ريعية. انما على المواطن ان يسعى من اجل الحصول على السعادة. فقد امر اللهُ الانسان بالعمل والسعي من اجل التمتع بالخيرات والنعم التي خصصها الله للانسان. فقد جاء في القران الكريم العديد من الايات القرانية بهذا المعنى مثل قوله تعالى:"يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ". فالانسان هو المسؤول الاول عن اسعاد نفسه بالسعي والعمل والمثابرة والاجتهاد.

وهذا ما كان يفعله الانسان منذ وطأت اقدامه الارض. ولكن بعد ان تعقدت الحياة وقامت الدول وتشكلت الحكومات لم يعد الانسان مطلق اليد في السعي كيفما يشاء لتحقيق سعادته. فقد اخذت الحكومات تتدخل في حياته وشؤونه منذ ولادته الى وفاته. واضطر الانسان الى التنازل عن مقدار كبير من سيادته للدولة والحكومة؛ وامتلكت الحكومة الكثير من الصلاحيات التي تحد من حرية الانسان في العمل والتمتع بخيرات الارض؛ لكن في مقابل ذلك يكون على الحكومة ان تساعده في تحقيق سعادته، اي ان تقوم بواجبها في اسعاده.

وفي هذا السياق اصبح من واجب الحكومة ان تساعد الانسان في الحصول على رزقه وتأهيله واعداده لدخول سوق العمل، كما ذكرت في المقالات السابقة. ولما اضحت الحكومة تتدخل في كل مجريات حياة الانسان فان عليها ان تسهّل اجراءاتها وتبسطها حتى لا تكون الاجراءات الصعبة والمعقدة والطويلة من اسباب شقاء الانسان وتعاسته.

كما اصبح من واجب الحكومة ان توفر فرص العمل العادلة والمنصفة عن طريق دعم القطاع الخاص، وليس عن طريق التوظيف في دوائر الدولة مما يزيد عن حاجة الجهاز الاداري والتنفيذي للدولة. كما اصبح من واجب الدولة توفير الحد الادنى من المورد المالي للمواطنين في حالة بطالتهم القسرية عن طريق الضمان الاجتماعي.

كما يتعين على الدولة ان تقدم الرعاية المناسبة لكبار السن والاطفال والمرضى والمعوقين. كما يجب عليها تحسين نوعية الحياة خاصة فيما يتعلق بالخدمات والبنية التحتية للبلد من طرق المواصلات والكهرباء والماء الصالح للشرب والصرف الصحي والانترنت ورفع النفايات وغير ذلك.

وتأتي الرعاية الصحية في رأس متطلبات السعادة حيث يجب على الحكومة ان تبذل الاموال من اجل بناء المستشفيات والمستوصفات وتزويدها باحدث الاجهزة الطبية وتقديم الدواء مجانا للعاطلين القسريين عن العمل وذوي الدخل المحدود وكبار السن واصحاب الامراض المزمنة. وبكلمة مختصرة يتعين على الدولة تقديم كل الدعم الضروري لاشباع حاجات الانسان المذكورة في هرم ماسلو او غيره Maslow's hierarchy of needs. وهي نظرية نفسية قدّمها العالم أبراهام ماسلو في ورقته البحثيّة "نظريّة الدافع البشري" عام 1943 والتي تتلخص في: الاحتياجات الفسيولوجية، وحاجات الأمان، والاحتياجات الاجتماعية، والحاجة للتقدير، والحاجة لتحقيق الذات.

لكن الحكومات غير الكفوء، مثل الحكومات العراقية المتعاقبة، وخاصة حكومات المحاصصة الاخيرة، لا تقوم باسعاد الانسان ان لم نقل العكس لانها لم تتشكل اصلا من اجل اسعاده، انما قامت في سياق السعي المحموم للطبقة السياسية من اجل الاستحواذ على السلطة والمزايا والثروة، بغض النظر عن سعادة المواطن او تعاسته.

ومن هنا تتأكد الحاجة الى ان ينهض الشعب، وفي اطار السياقات الدستورية والقانونية، من اجل تشكيل حكومات مخلصة قادرة على اسعاده واشباع حاجاته او مساعدته في سعيه من اجل السعادة. فاذا ما فشلت الحكومة في تحقيق ذلك فانها تخسر بذلك شرعية الانجاز الامر الذي يحتم اسقاطها وتشكيل حكومة غيرها.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق