q
بدأت اليونان موسم السياحة لهذا الصيف من خلال فتح حدودها تدريجياً للترحيب بالزوار الدوليين بعد إغلاق استمر حوالي 3 أشهر، وهذا يعني أن المسافرين من عشرات البلدان التي لديها خطر منخفض للإصابة بالعدوى أصبحت لديم القدرة الآن على دخول المطارين الرئيسيين في اليونان...

بدأت اليونان موسم السياحة لهذا الصيف من خلال فتح حدودها تدريجياً للترحيب بالزوار الدوليين بعد إغلاق استمر حوالي 3 أشهر، وهذا يعني أن المسافرين من عشرات البلدان التي لديها خطر منخفض للإصابة بالعدوى أصبحت لديم القدرة الآن على دخول المطارين الرئيسيين في اليونان. تم تصنيف اليونان كواحدة من أكثر الوجهات السياحية أمانًا في العالم هذا الصيف، وتشير المؤشرات من صناعة السفر حتى الآن إلى أن هذا الأمر سيساعد البلاد على جذب السياح.

ومنذ انتشار فيروس كورونا المستجد الذي ظهر في مدينة ووهان وسط الصين في ديسمبر/كانون الأول 2019، والذي اصاب اليوم أكثر من 10 مليون انسان في الكرة الارضية، ما يزال العالم يعيش جملة من الازمات والمشكلات المتفاقمة، خصوصا وان عملية الاغلاق التام قد اثرت بشكل كبير على الانشطة الاقتصادية المختلفة، ومنها القطاع السياحي الذي يعد وبحسب بعض المصادر، من أكثر المجالات أهمية للعديد من دول العالم التي تعتمد عليه في ناتجها المحلي السنوي، خصوصاً أنه يسهم بأكثر من 12% من إجمالي الناتج العالمي سنوياً.

وشكل الفيروس ضربة قاسية لقطاع السياحة وكل ما يتصل به من فروع وأقسام، مثل الشركات السياحية وشركات الطيران والفنادق والمطاعم وعائدات الدول من التأشيرات السياحية والمطارات والمنافذ والمتاحف والأماكن السياحية، كما تسبب في ارتفاع اعداد العاطلين عن العمل خصوصا وان العديد من الشركات المرتبطة بهذا المجال والتي تكبدت خسائر كبيرة، قد عمدت الى تسريح الآلاف من الموظفين و العاملين، ولعل من تلك الدول اليونان التي تعد من اهم المناطق السياحية في العالم حيث يزورها في كُل سنة 22.5 مليون سائح.

وبعد أشهر من العزل العام بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، أعادت أثينا ا فتح مطاراتها الرئيسية أمام الرحلات الدولية على أمل إنعاش قطاع السياحة الذي يوظف حوالي 700000 شخص ويمثل حوالي 20 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي لليونان، وزار نحو 33 مليون سائح اليونان في عام 2019 ما جعل الدولة تحقق عائدات بقيمة 19 مليار يورو. وتأمل السلطات اليونانية في تعميم تطبيق التكنولوجيا الذكية لاحتواء الوباء سعيا لاجتذاب السياح.

وبسبب موجة استشراء فيروس كورونا، عرف المشهد الرقمي في البلاد قفزة كبيرة بعد أن اتخذت الحكومة حزمة تدابير تهدف في مجملها إلى وقف انتشار الوباء القاتل. فالخدمات الحكومية في البلاد تتوافر على مئات التطبيقات الرقمية، ونذكر هنا على سبيل المثال الوصفة الطبية الرقمية ومنصات سياحية ترمي إلى تحفيز الناس على استكشاف جمال اليونان وطبيعتها وهم ماكثون في بيوتهم.

قال رئيس وزراء اليونان كرياكوس ميتسوتاكيس في وقت سابق إن سلامة السائحين تمثل أهم أولويات اليونان وهي تفتح مطاراتها لاستقبال الزائرين الأجانب. وقال ميتسوتاكيس أثناء زيارته لجزيرة سانتوريني وهي مقصد شهير لقضاء العطلات ”يسعدني للغاية أن أكون هنا في سانتوريني ... كي أبعث برسالة مفادها أن اليونان مستعدة للترحيب بالسائحين هذا الصيف بوضع سلامتهم وصحتهم على رأس الأولويات“. وتجتذب جزيرة سانتوريني البركانية ملايين السائحين سنويا لشهرتها بمشاهد الغروب الخلابة وشواطئها ذات الرمال السوداء. وعززت اليونان عدد الأطباء والطواقم الطبية في الجزر التي تعد مقاصد سياحية. كما زار ميتسوتاكيس، الذي كان يضع كمامة، منشآت صحية والتقى بأطباء في سانتوريني.

استعدادات وخطط

وفي هذا الشأن تعول اليونان على انخفاض معدلات الإصابة بفيروس كورونا فضلا عن قائمة طويلة من تعليمات السلامة الجديدة بغية اجتذاب السائحين إلى مناطقها السياحية. وتأثرت اليونان سلبيا على نحو خاص بتدابير الإغلاق وحظر السفر عالميا، إذ يسهم قطاع السياحة بنسبة 20 في المئة من إجمالي الناتج القومي ووضعت الحكومة اليونانية خطة طموحة تهدف إلى اجتذب السائحين وإحياء أنشطة قطاع السياحة مع الحفاظ في ذات الوقت على انخفاض أعداد الإصابة بفيروس كورونا.

وتعاملت اليونان حتى الآن مع الوباء بشكل جيد نسبيا، إذ تشير البيانات إلى تسجيل ثلاثة آلاف إصابة مؤكدة بالفيروس وأقل من 200 حالة وفاة، ويرجع المسؤولون المحليون ذلك إلى تدابير الإغلاق الصارمة التي فرضتها البلاد في بداية تفشي الوباء. بيد أن الحكومة تخفف في الوقت الراهن الإجراءات المشددة، بينما يستعد القطاع السياحي لاستئناف نشاطه قريبا. وكانت قلعة أثينا "أكروبوليس" قد أعيد فتحها للزائرين أوائل مايو/أيار الماضي، تبعها خلال أسابيع استئناف أنشطة المطاعم والحانات، وسوف تستأنف الفنادق أعمالها الشهر الجاري، كما تستأنف شركات الطيران رحلاتها الدولية تدريجيا.

وتعتمد سهولة دخولك اليونان على الدولة التي تأتي منها، وسوف يبدأ استئناف الأنشطة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بيد أن الحكومة تركت الباب مفتوحا أمام تقييد السفر من جانب الدول التي لا تزال تسجل أعداد إصابات مرتفعة، وفقا لبيان وزارة الخارجية اليونانية. وتستطيع المطاعم والفنادق مزاولة نشاطها طالما التزمت بقائمة طويلة من إجراءات السلامة وبمجرد وصول المسافرين إلى البلاد، سيتم إلزامهم بالتعليمات التي تعكف الحكومة على وضعها بالتشاور مع علماء الأوبئة.

وتتيح الإجراءات المتعلقة بالفنادق، والتي تقع في خطة عمل أصدرتها وزارة السياحة في 17 صفحة، العمل بطاقتها الاستيعابية المعتادة، لكنها تتضمن متطلبات عديدة تغطي كافة أوجه الأعمال الفندقية. ويتعين على كل فندق، على سبيل المثال، تدريب المشرفين فيه على كيفية التعامل مع احتمال تفشي فيروس كورونا بين النزلاء، وأن يكون في الفندق طبيب على أهبة الاستعداد.

كما ينبغي نقل مكاتب الاستقبال إلى خارج أبواب الفندق إن أمكن ذلك، كما يتعين على الفنادق تقليل طوابير الانتظار عند استقبال النزلاء، وسرعة إنجاز إجراءات الاستقبال في الفندق للحيلولة دون تجمع الكثير من الأشخاص في نفس المكان. ويجب وضع الأطعمة التي تقدم للنزلاء داخل ألواح واقية مصنوعة من مادة الأكريليك، والمعروفة باسم الواقيات من العطس، بينما يجب أن تظل الغرف شاغرة لعدة ساعات خلال الفترة الفاصلة بين مغادرة نزيل واستقبال نزيل جديد، لإتاحة فرصة تهويتها. وأوصت السلطات اليونانية الفنادق بإزالة الزينة غير الضرورية مثل الوسائد والمجلات.

كما أصدرت السلطات قائمة استرشادية منفصلة للمطاعم، حيث سيجري خفض أعداد الزائرين، إذ تشير هذه الإرشادات إلى السماح بوجود شخص واحد فقط في مساحة مترين مربعين من إجمالي مساحة أرضية المطعم، ولا ينبغي أن يجلس على الطاولة أكثر من ستة أشخاص بالغين (يُعفى الأطفال من هذه القاعدة). أما بالنسبة لحمامات السباحة، فسوف يتمتع السباحون بمساحة أكبر من المعتاد، حيث أن العدد المسموح به يعتمد على مساحة حمام السباحة، وسوف تكون الشواطئ أكثر هدوءا، لاسيما بعد حظر الأنشطة الجماعية على الرمال، وحظر الرياضات الشاطئية التي يعتمد تنظيمها على وجود فرق وتتضمن تلامسا جسديا، وربما وقف نشاط الزلاجات المائية.

كما سيتعين على مرتادي الحانات الحفاظ على مسافة متر ونصف بينهم، على الرغم من أن المشاهد الأولية للحانات التي أعيد فتحها تظهر تجاهل هذه القاعدة على نطاق واسع. ورحب أصحاب الفنادق حتى الآن بتعليمات السلامة، وقال كثيرون إنهم سيفرضون تعليمات سلامة إضافية خاصة بهم. ففي جزيرة سانتوريني، يبني تشارلي شاهين، مالك حانة "ديميلمار" الشاطئية، حواجز من الزجاج الشفاف تفصل مستخدمي أسرّة الاسترخاء تحت أشعة الشمس على شاطئ الرمال السوداء بيريسا، وذلك لحماية الضيوف من التقارب الاجتماعي مع آخرين.

وتعد حواجز الزجاج الشفاف، التي يصل ارتفاعها إلى نحو المترين، سياجا واقيا على شكل حرف U يحيط بمستخدمي أسرّة الاسترخاء تحت الشمس على ثلاثة جوانب، وأن تظل الجهة المطلة على البحر مفتوحة. ووضع شاهين الألواح لمعرفة إن كانت الفكرة تروق لرواد الشاطئ، وقد يضيف المزيد منها على الرغم من تكلفتها، ويقول: "أفكر في ابتكار شاطئ من الألواح الزجاجية، سوف نفعل كل شيء يجعل الزائرين يشعرون بالأمان".

ولا يخلو الالتزام بالقواعد الجديدة من ثمن بالطبع، فكثير من الشركات اليونانية التي تعاني أصلا بسبب تدهور الاقتصاد اليوناني منذ عشر سنوات تعاني من ضعف يجعلها لا تحتمل تحديات مالية جديدة. ويعني التباعد بين طاولات المطاعم تقليل عدد الزبائن، في الوقت الذي بلغت تكلفة كل وحدة من الزجاج نحو ألف يورو، وتشير بيانات الاتحاد اليوناني للمهنيين والتجار والحرفيين إلى أن واحدا من بين ثلاثة مطاعم سوف يغلق قبل نهاية العام.

كما توجد تكلفة إضافية تتحملها مؤسسات الحكم المحلي، إذ تقدم مسؤولو بلدية غليفادا بطلبات لشراء عدد إضافي من الطائرات المسيرّة تكلفة الواحدة نحو 3 آلاف يورو، وقد ينتهي الأمر بتأثر بعض الزبائن بهذه المصاريف. بيد أن أندرياس أندرياديس، المدير التنفيذي لمجموعة "ساني إيكوس" للمنتجعات السياحية، التي تعد واحدة من أكبر الشركات في اليونان يقول إن الوقت الحالي ليس هو الوقت المناسب لتقويض إجراءات الحماية الصحية كوسيلة للإبقاء على أسعار العطلات منخفضة. وأضاف: "ستكون لعبة ثقة، لعبة جودة. سيؤدي ذلك إلى ارتفاع تكلفة السياحة، أما السياحة منخفضة التكلفة فسوف تكون الأكثر معاناة". بحسب بي بي سي.

ولم يبدأ قطاع السياحة عامه الحالي من الصفر، فبحلول نهاية فبراير/شباط كان نحو 10 ملايين شخص قد حجزوا عطلاتهم في اليونان هذا العام. ويقول خبراء قطاع السياحة إن نصف هذا العدد ألغوا حجوزاتهم، بينما مازالت حجوزات خمسة ملايين قائمة، ويعتمد حضورهم إلى اليونان على قيود الحجر الصحي التي تفرضها دولهم وعلى رغبتهم في السفر. ويأمل مسؤولو الحكومة على نحو خاص أن تحقق اليونان نصف الأعمال التي حققتها عام 2019. ويقول بعض مسؤولي قطاع السياحة إنهم سيحتفلون، وسيشعرون بسعادة بالغة، إن استطاعوا تحقيق ثُلث أعمال العام الماضي.

أول الزوار

على صعيد متصل فتحت اليونان حدودها أمام بعض السائحين الأجانب في منتصف يونيو، ووضعت الحكومة خطة لاستخدام المطهرات والحفاظ على المسافة الآمنة منذ فتح شواطئها في منتصف مايو، ووفقا للإجراءات الحالية، يسمح بوجود 40 شخصا فقط على مسافة ألف متر من الشاطئ، ويتواجد كرسيان فقط بحد أقصى تحت كل شمسية، بينما تبعد كل مظلة عن الأخرى مسافة 13 قدما، مع استثناء للعائلات التى يسمح لها بالتواجد بالقرب من بعضها كمجموعة واحدة".

ومطلوب من الموجودين على الشاطئ وضع منشفة على الكراسى، ويقوم عمال الشاطئ بتعقيمها بعد كل استخدام.. أما المطاعم الشاطئية فيسمح لها فقط بخدمات أخذ الطعام مع عدم تقديم كحوليات، وينتظر الناس في صف يبتعدون فيه عن بعضهم مسافة 6 أقدام على الأقل. ومن ينتهك تلك القواعد يعرض نفسه لغرامة 1120 دولار. وقال مسؤولون حكوميون إن اليونان ستسمح للمسافرين من نحو 24 دولة منها ألمانيا وقبرص وإسرائيل بالزيارة دون الحاجة لحجزهم في الحجر الصحي في إطار التخفيف التدريجي لإجراءات العزل العام المفروضة لاحتواء فيروس كورونا المستجد. وقال مصدر حكومي ”سيسمح لمواطني ما بين 20 و25 دولة بالحضور“ وأضاف أن القائمة ستضم قبرص وإسرائيل ودولا من وسط أوروبا والبلقان.

وتسمح اليونان حاليا لمواطني دول الاتحاد الأوروبي باستثناء إيطاليا وإسبانيا وهولندا بالسفر جوا إلى أثينا لكنهم يخضعون لحجر صحي لمدة 14 يوما. والزوار من بريطانيا ودول أخرى من خارج الاتحاد الأوروبي ممنوعون حاليا من دخول اليونان. وقال مصدر حكومي آخر إن خبراء الصحة يدرسون ما إذا كان يتعين أن يخضع المسافرون لفحص كوفيد-19 قبل دخولهم اليونان وما إذا كان يتعين التوصية بتغطية تأمينية للإصابة به.

ويعتقد رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، أن اليونان قد تكون نموذجاً لاستقبال بعض المسافرين هذا الصيف، رغم الحذر الشديد. وقال ميتسوتاكيس إن "تجربة السياحة قد تختلف قليلاً هذا الصيف عما كانت عليه في السنوات السابقة". وأضاف ميتسوتاكيس: "ربما لن تكون الحانات مفتوحة، ولا وجود للتجمعات الكبيرة، ولكن لا يزال بإمكانك الحصول على تجربة رائعة في اليونان، شرط أن يكون الوباء العالمي في مسارٍ هبوطي".

ويأمل ميتسوتاكيس في إجراءات أكثر شمولية. إذ يرغب في وجود معايير دولية، أو على الأقل أوروبية، تضع بروتوكولات السفر نفسها لجميع البلدان. وأشار ميتسوتاكيس إلى أنه يفترض اختبار الأشخاص قبل أن يستقلوا الطائرة، وليس بعد وصولهم إلى اليونان، مضيفاً "يمكنهم فقط ركوب الطائرة باختبار سلبي أو باختبار أجسام مضادة إيجابي". وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فهو يأمل أن تبدأ البلاد في الترحيب بالسياح بحلول الأول من يوليو/تموز.

ونظراً للجهد المبذول للوصول إلى هنا في الوقت الذي توقفت فيه شركات الطيران، بما في ذلك شركات الطيران منخفضة التكلفة التي تنقل معظم الرحلات الجوية الخارجية للبلاد، عن الطيران، فإن ميتسوتاكيس يعول على "المزيد من سياح الطبقات الراقية". ومن وجهة نظر ميتسوتاكيس، فإن السياحة الزراعية، أي السياحة في الفنادق الأصغر، تبدو مناسبة لهذا الوضع الجديد في العالم ما بعد الجائحة. بحسب CNN.

وتعد مسألة متى وكيف يتم فتح البلاد أمراً مهماً بالنسية إلى شعبٍ يعاني من الركود والإضطراب الاقتصادي منذ أكثر من عقد من الزمان. وقال رئيس الوزراء اليوناني إن الشعور بالنجاح الجماعي في معركة البلاد ضد "كوفيد-19" سيشكل "الإرث" المأخوذ من الأزمة. وأضاف ميتسوتاكيس "لدي الجرأة لإستخدام كلمة فخر، لم يشعر اليونانيون بالفخر منذ وقت طويل"، مشيراً إلى أنه "من الجيد استعادة مثل هذه المشاعر، فالمشاعر الإيجابية ستساعدنا في معالجة الأزمة الاقتصادية الكبيرة على الأبواب".

اضف تعليق