q
يهدف القانون الى تنظيم القواعد والإجراءات التي تحكم الإدارة المالية والمحاسبية في مجال التخطيط والإعداد والتنفيذ والرقابة والتدقيق للموازنة العامة الاتحادية وتوجيه جميع الإيرادات الاتحادية إلى الخزينة العامة لتغطية الإنفاق العام وتحديد ارتباط وحدات الرقابة الداخلية من الناحيتين الإدارية والفنية ووضع الآليات المتعلقة بتنفيذ الموازنات...

شُرع يوم الخميس الموافق 23 ايار 2019 (قانون الادارة المالية الاتحادي 2019) ونشر في جريدة الوقائع العراقية في العدد (4450) في 5 اب 2019.

يهدف القانون الى تنظيم القواعد والإجراءات التي تحكم الإدارة المالية والمحاسبية في مجال التخطيط والإعداد والتنفيذ والرقابة والتدقيق للموازنة العامة الاتحادية وتوجيه جميع الإيرادات الاتحادية إلى الخزينة العامة لتغطية الإنفاق العام وتحديد ارتباط وحدات الرقابة الداخلية من الناحيتين الإدارية والفنية ووضع الآليات المتعلقة بتنفيذ الموازنات والتزام كل جهة منفذة وتحديد مسؤولية وزارة المالية في مرحلة التنفيذ، اضافة الى تحديد مواعيد معينة لتقديم الحسابات الختامية والالتزام بمبادئ الموازنة (شفافية الموازنة وشمولية الموازنة ووحدة الموازنة وسنوية الموازنة وعدم التخصيص) عند تهيئة وتنفيذ الموازنة العامة الاتحادية والأمور المتصلة بها وبما يضمن تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي، وتعزيز تخصيص موارد الموازنة وتحسين كفاءة وفعالية الانفاق وضمان إدارة النقد على النحو الأمثل وتحسين نوعية معلومات الموازنة المقدمة الى مجلس النواب والى الجمهور.

وفيما يلي رصد لاهم الايجابيات والسلبيات التي تضمنها قانون الادارة المالية النافذ، مع محاولة لإبراز اوجه التباعد بين القانون المذكور وبين البرنامج الحكومي (2018-2022) واخيرا الاشارة بنقاط لأبرز ما غاب عن القانون الجديد.

الايجابيات

تضمن قانون الادارة المالية الاتحادي لعام 2019 عدد كبير من البنود والفقرات الجيدة، نذكر منها ما يلي:

1- تنص المادة (6) رابعا على ان لا يزيد العجز في الموازنة التخطيطية على (3%) من الناتج المحلي الإجمالي" وهي قاعدة مهمة لكبح جماح الانفاق العام المتضخم على حساب الاقتراض وتراكم الدين العام.

2- تلزم المادة (20) // ثانيا// وزير المالية بتقديم تقرير فصلي حول استخدامات احتياطي الطوارئ لمجلس النواب وهو امر ايجابي لإحكام الرقابة والتدقيق لهذه المبالغ.

3- تلزم المادة (27) // خامسا // وزارة المالية بتنزيل المبالغ المترتبة على عدم تحويل الوزارات او الاقليم او المحافظات غير المنتظمة في اقليم لإيرادات النفط والغاز وغيرها من تمويلها السنوي.

4- يصدر ديوان الرقابة المالية الاتحادي وفقا للمادة ـــ 28 ـــ ثالثاـــ تقريره عن الحسابات الختامية المنصوص عليها في البند (ثانيا) من هذه المادة في موعد اقصاه نهاية شهر حزيران من السنة اللاحقة.

5- تنص المادة (37) // سابعا// الى خضوع حساب عائدات النفط والغاز للتدقيق من مدقق خارجي معروف دوليا وديوان الرقابة المالية الاتحادي.

6- يقدم وزير المالية الاتحادي وفقا للمادة (44) تقريراً موحداً عن الديون الحكومية خلال (30) ثلاثين يوماً من تاريخ انتهاء السنة المالية الى مجلس الوزراء.

7- تلزم المادة (50) // اولا // دوائر الدولة كافة بالمبادئ والمعايير الأساسية لشفافية الموازنة العامة والافصاح عن اليات جمع وإنفاق الأموال العامة وقيامها بتوفير ما يكفي من بيانات ومعلومات ووثائق وتقارير عن نشاطاتها المالية والإدارية (السابقة والحالية والمقبلة) بطريقة منتظمة وفي الوقت المناسب ونشرها على مواقعها الالكترونية.

السلبيات

عانى قانون الادارة المالية الجديد 2019 جملة من نقاط الضعف والتعارض مع البرنامج الحكومي (2018-2022) ومن ابرز اوجه الخلل التي عانى منها القانون الجديد هي:

1. الزم القانون الجديد وزارة المالية والتخطيط والبنك المركزي بإرفاق جملة من المؤشرات الاقتصادية الكلية والمالية والنقدية مع مشروع قانون الموازنة العامة لأجل الاطلاع والتدقيق قبل اقرار الموازنة. وفي الوقت الذي يوفر ذلك صورة متكاملة عن المشهد الاقتصادي الا انه سيعمل بالضرورة على تعطيل اقرار الموازنة ضمن التوقيتات وزيادة حدة المناكفات والصراعات حول بنود الموازنة العامة المقترحة.

2. تخفيض نسبة احتياطي الطوارئ الى (3%) بدلا من (5%) الواردة في المادة 8// ثانيا// فقرة (د) نظرا لضخامة التخصيص نسبة الى موازنات العراق المعتادة.

3. المادة (13) ثالثا تقضي باعتماد البيانات المالية النهائية للسنة السابقة اساسا للبيانات المالية للسنة التي لا تقر بها الموازنة العامة الاتحادية وتقدم الى مجلس النواب لإقرارها، وهنا ترد الملاحظات الاتية:

- ينبغي وضع فقرات لضمان اقرار الموازنة العامة دون تسويف وتأخير لارتباطها بمصالح المواطن، لا فتح ثغرات تتيح للبرلمان عدم اقرار الموازنة بالمطلق، خصوصا وان الوضع السياسي في البلد قد يؤثر على مزاج البرلمان في رفض او قبول الموازنة لأسباب قد لا تكون موضوعية.

- لا يمكن اعتماد بيانات الموازنة السابقة للسنة القادمة تحت اي اعتبارات، نظرا لخصوصية النفقات والايرادات العامة على اعتبار ان الموازنة العامة الاتحادية تنكشف على النفط بشكل كبير وهو سلعة متقلبة ولا يمكن ضمان اتجاهاتها المستقبلية خاصة وان الوضع الاقليمي والعالمي لأسواق الطاقة ينذر بمسارات مقلقة من حيث الاسعار ومنافذ التصدير.

4. المادة (19) // ثانيا// تشير الى استخدام الفائض في الموازنات في صندوق سيادي. السؤال هل لدى العراق صندوق سيادي وهل هو صندوق استقرار ام استثمار ام اجيال؟

5. حددت المادة (25) // ثانيا// نسبة المناقلة ب(10%) وهي نسبة كبيرة يفضل تخفيض النسبة الى (5%) لا اكثر.

6. اعطت المادة (46) // رابعا// صلاحية لوزير المالية والوزير المختص والرئيس الاعلى للجهة غير المرتبطة بوزارة لشطب الموجودات المفقودة والمتضررة والتالفة لأي سبب كان بما فيها من جراء الاستخدام العادي، وتحدد الصلاحية لكل منهم بموجب تعليمات يصدرها رئيس مجلس الوزراء"، وهنا ترد الملاحظات الاتية:

- يجب ان تكون صلاحية الشطب عن عمل غير متعمد وليس الاعمال المتعمدة.

- شطب الموجودات المفقودة لا بد ان يحدد بسقف لصلاحية الوزير وسقف لصلاحية مجلس الوزراء وما يزيد عن ذلك لا بد من استحصال موافقة مجلس النواب.

- تضاف عبارة "عدا حالات الإهمال والتعمد"

7. تجيز المادة (37) // رابعا// استثمار فائض حساب عائدات النفط والغاز في اصول مالية اجنبية ذات مصداقية. وهنا يفضل ان يكون الاستثمار من قبل البنك المركزي بدلا من وزارة المالية كونه بنك الدولة ويدير اعمالها المالية.

8. وفقا للمادة (40) // اولاـ // للإقليم والمحافظة غير المنتظمة في اقليم بعد موافقة وزير المالية الحصول على قروض محلية. قد تمنح هذه المادة الفرصة للإقليم والمحافظات في التوسع بالإقراض دون ضمانات تسديد، مما يثير مشاكل مالية حول جهة التسديد مستقبلا كما هو حاصل الان مع إقليم كوردستان. لذا يفضل ان تكون القروض (فوق سقف معين) مشروطة بموافقة مجلس الوزراء ومجلس النواب.

9. نصت المادة (55) على الغاء قانون الإدارة المالية والدين العام الصادر بموجب أمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) رقم (95) لسنة 2004 باستثناء الملحق (ب) الخاص بـقانون الدين العام الملحق به. وهو ما يعني استمرار العمل بقانون الدين العام المذكور، وهنا ترد ملاحظات عدة:

- يعاني قانون ادارة الدين العام من مشاكل فنية عدة وهو بحاجة لتعديل.

- لا يوجد مبرر بإقرار قانون جديد للإدارة المالية يخلو من قانون للدين الحكومي رغم ان الاخير جزء من الاول.

- يلزم الوضع المالي الهش والديون المتراكمة اعادة النظر في هيكل ومضمون قانون ادارة الدين النافذ.

قانون الإدارة المالية والبرنامج الحكومي (2018-2022)

1- منحت المادة ــــ 53 ـــ وزير المالية اختيار أي نوع من أنواع الموازنات المتطورة بما يتلائم مع متطلبات المرحلة وتوفر الإمكانيات اللازمة. في حين يلزم البرنامج الحكومي ان تكون موازنة 2020 موازنة برامج واداء كما جاء في المحور الرابع // اولا // الفقرة 1 في البرنامج الحكومي.

2- الزم البرنامج الجديد الحكومة الاتحادية، وزارة المالية تحديدا، البدء باعتماد نظام إدارة المعلومات المالية الحكومية Government Financial Management Information System وهو ما لم يذكر في قانون الادارة المالية الجديد.

3- نص المحور الرابع // اولا //الفقرة (9) في البرنامج الحكومي على مراقبة الدين الداخلي والخارجي. وتعد هذه الفقرة من اهم فقرات المحور الرابع اولا // لما لها من تداعيات على الوضع الاقتصادي والمالي في العراق على المدى المتوسط والطويل، وقد نصت على: ((مراقبة الدين الداخلي والخارجي والحيلولة دون تجاوزه مستويات معينة، وربط الديون الداخلية والخارجية بالمشاريع الاستثمارية والمولدة للقيم والثروات وعدم استخدامها للأغراض الاستهلاكية او للأغراض التشغيلية للموازنة بشكل اساسي)). في حين لم يشر لها قانون الادارة المالية الجديد من قريب او بعيد.

4- لم تضاف مادة الجباية الإلكترونية الى قانون الادارة المالية الجديد كونها تواكب التكنلوجيا الحديثة والتطور، والتي تم إقرارها ضمن موازنة عام 2019 المادة (16) ثانياً وقرار مجلس الوزراء المرقم 378 لسنة 2018 المتضمن مشروع الجباية والدفع الإلكترونية والحكومة الالكترونية.

5- لم يشر قانون الادارة المالية الجديد الى ضرورة تصفية الحسابات الختامية للسنوات الماضية وضمن توقيتات زمنية محددة وملزمة، وهو ما وعد به البرنامج الحكومي (2018-2022).

ما غاب عن القانون الجديد

1- تحديد اطر وقواعد مالية حاكمة لمسار الانفاق العام ضمن معايير الكفاءة والفاعلية وتحقيق الاستدامة المالية.

2- ينبغي ان تتركز جهود السياسة المالية في العراق في البحث عن الفرص المعظمة للموارد غير النفطية وهو ما غاب عن القانون بشكل واضح.

3- يتوجب تحويل الفوائض المتحققة جراء ضعف تنفيذ الموازنة الاستثمارية الى الموازنة الاستثمارية للعام المقبل (حصرا).

4- يتطلب الاقتصاد النفطي العراقي انشاء صندوق سيادي يضطلع بمهمة عزل الموازنة العامة والاقتصاد الكلي عن تقلبات أسعار النفط العالمية، لأجل تحقيق الاستقرار على المستوى الاقتصادي والمالي وحفظ حقوق الأجيال القادمة، إلى جانب كونه مرتكز مهم للشروع بالمشاريع ذات الأولوية الاقتصادية والاجتماعية من اجل تحقيق النجاح في عملية التنمية الاقتصادية.

5- انشاء صندوق اطفاء الدين السيادي العراقي، والذي يمول اساسا من الوفرة المالية المتحققة جراء الفارق بين سعر النفط المثبت بالموازنة والسعر الجاري في الاسواق.

* باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2019
www.fcdrs.com

اضف تعليق