q
بعد شهرين من بدء الاحتجاجات في العراق، والتي بدأت في 1 أكتوبر 2019، ما زال المشهد السياسي غامضا في الوقت الذي يعيش فيه البلد مزيدا من الاضطرابات على مختلف الاصعدة، فالاحتجاجات الاخيرة تحمل في طياتها وتفصيلاتها أكثر من الاحتجاجات والمظاهرات المعتادة، لمعرفة ما ستؤول اليه هذه التطورات...

بعد شهرين من بدء الاحتجاجات في العراق، والتي بدأت في 1 أكتوبر 2019، ما زال المشهد السياسي غامضا في الوقت الذي يعيش فيه البلد مزيدا من الاضطرابات على مختلف الاصعدة، فالاحتجاجات الاخيرة تحمل في طياتها وتفصيلاتها أكثر من الاحتجاجات والمظاهرات المعتادة، لمعرفة ما ستؤول اليه هذه التطورات السياسية والامنية اجرت شبكة النبأ حوارا صحفيا مع الكاتب الصحفي علي الطالقاني لقراءة وتحليل التطورات الاخيرة على الصعيدين السياسي والامني ومدى تأثيرها على الوضع الأمني والسياسي في العراق خلال المستقبل القريب.

* ما هي المطالب الجوهرية التي تبلورت في حركة الاحتجاجات العراقية وهل تنسجم مع الديمقراطية؟

- بلورت حركة الاحتجاجات في العراق جملة مطالب في جوهرها تدعم الديمقراطية وهي كالتالي: نخبة سياسية مثقفة، حتى تنجح عملية التحول الديمقراطي في العراق يجب ان تكون هناك نخبة مثقفة ومعارضة قادرة على التفاوض.

قوى أمنية محايدة، ان يقف الجيش والقوى الأمنية بجانب الانتقال الديمقراطي أو على الأقل تكون غير خاضعة للسلطة السياسية.

موقع جيوستراتيجي مهم، الامر الاخر اذا كان موقع العراق مهما جيوستراتيجيا التي تتأثر بدول الجوار ونفوذها اضافة الى وجود موارد الاقتصاد كالنفط.

خلاصة ان سلطة الدولة العميقة معادية للتحولات الديمقراطية والتي بيدها القوة والمال فهذا من المؤكد سيدفع بالشارع بمرور الزمن ان يستخدم القوة والاستعانة بمصطلحات الثورة وغضب شعبي يمكن ان يتم استغلاله من قوى دولية.

* ما الفرق بين رؤية الشباب الحالي والنخبة الحاكمة حول بناء شكل الدولة؟

المدهش يأتي رفض بناء دولة طائفية او قومية او عرقية من المواطن الذي يرفض خطاب وحراك النخبة الحاكمة، المواطن استنتج من الماضي القريب ان الانتماء الطائفي يقوض بناء الدولة وان الاجماع على بناء دولة والتمسك بالمواطنة يقضي على فكرة التفكك والحروب الداخلية، يدرك الكثير من الباحثين الشباب وفئات شعبية ان ثقافة النخبة الحاكمة متخلفة بالنسبة لثقافة المواطن، لكن لا تتوفر اليات ومركز قوة من أجل تغيير المنظومة السياسية المتهمة بالفساد وبسبب تعدد القوى السياسية ورؤوسها، الشباب اليوم منطلقاته اخلاقية أكثر مما هي ايديولوجية أو حزبية ولها بعد ثقافي يحاول منع عودة الاستبداد.

ما الواجب فعله اذا اقبل العراق على خوض انتخابات جديدة، خصوصا وان ما يقارب 80% من السياسيين هم من الناشئين في هذا الصعيد واغلبهم لا يتمتع بخبرة سياسية ادارية؟

- سؤال دائما التكرار، الجواب واضح وبسيط ولا يحتاج جهد سوى القول ان لكل من ينوي الدخول في العملية السياسية ان يخضع لدورات "تعليم المشرعين" وهي دورات اساسية في الاقتصاد والسياسة بحيث تمكنهم من وظيفتهم الجديدة.

كما يعطى السياسي والمواطن الإطار العام من أجل حل المشاكل السياسية لأن عادة تكون معالجة الأزمة غير واقعية ويفكر الطرفين في طرح حلول قبل اي تشخيص دقيق كما يفتقدون الى تخطيط من أجل توجيه تبادلية للطرفين بحيث يكون الطرفين قادرين على التعاون من اجل تنفيذ السياسات.

الأمر الآخر ان ما تحققه هذا التدريب والتأهيل أن يلتقي العديد من البرلمانيين اضافة الى وضع منهجا دقيقا يوضح فيه كيف تصاعدت الدول الكبرى وكيف تحطمت دول أخرى بواسطة الفساد وانهيار البنى التحتية وانعدام الصحة والتعليم.

برأيكم ما اهم القضايا المسكوت عنها في حركة الاحتجاجات؟

- المناطق السنية والكردية لم تشترك في بالاحتجاجات فهناك عدة تفسيرات منها يعتقد بعض السياسيين ان الشيعة لم يقفوا مع المظاهرات في المناطق الغربية أو ان اي احتجاج ستواجه بالقمع لان القيادات السنية ايضا مشتركة بالسلطة ومتهمة بالفساد وبالتالي فان الاحتجاجات لن تختلف كثيرا عن تلك التي في الوسط والجنوب في مطالبها، وهناك احتمال آخر ان المناطق السنية خرجت للتو من أزمة أمنية ويخشى تكرار سيناريو الخوف او يتم اتهامهم بالإرهاب، الاكراد بدورهم ايضا عليهم ان يدركوا ان احترام خصوصية واستحقاقات القوميات الأخرى شيء مهم وان الانتماء للوطن مع القوميات الأخرى شيء مهم ايضا.

السلطة عليها ان تفعل الكثير من اجل استعادة الثقة وان يكون هناك نظام انتخابات يتعدى الطائفية بأسلوب ايضا غير طائفي فان التجربة اثبتت ان ما جرى من نظام ديمقراطي تم استغلاله طائفياً.

- أما الحلول كثيرة جدا، ما تبقى ان يقدم المرشح برنامجه للمرحلة المقبلة، وهو بمثابة انتقاله لمرحلة بصورة غير مباشرة اضافة يمكن ان يكون الانتخاب للرئيس بشكل مباشر وهو امر يدعونا للتفكير ولا نقصد من ذلك ان يكون النظام رئاسي الذي فيه شواهد كثيرة يمكن ان يكون ذلك ديكتاتوري.

- الحراك بدون قيادة وبعفويته يفاجئ السلطة دائما بسلوك غير متوقع لكن بنفس الوقت الخشية من ان تطول الأزمة اضافة الى ان صعوبة اجراء الانتخابات مع استمرار الاحتجاجات وفقدان الثقة بالعملية الانتخابية وهو أصل الموضوع الذي انطلقت من اجله الاحتجاجات.

- الوقت عامل مهم في ان تتمخض عن الاحتجاجات قيادة قادرة على التفاوض مع ملاحظة -ايجابية عدم وجود قيادات مباشرة خوفا من المخاطر التي قد تلحق بها- ربما يكون هذا التفاوض مع احزاب موجودة في السلطة أو ظهور احزاب جديدة أو شخصيات مستقلة المهم في هذه الاحزاب ان تؤمن بعملية الانتقال الديمقراطي وايجاد مساحة مشتركة وفق "شروط اللعبة الديمقراطية".

ما يجب ان يتمخض من حركة الاحتجاجات اختبار حقيقي لجميع القوى اضافة للمؤسسة الأمنية بانها تؤمن بعملية الانتقال الديمقراطي فالبلد منفتح على جميع الاحتمالات، يضاف الى ذلك ضرورة ايمان القوى الأمنية والمحتجين بعدم المواجهة وهو شيء ايجابي الى حد كبير الان.

* مع إصرار حركة الاحتجاج على صمودها رغم القمع المستمر، ما هي الاتجاهات المستقبلية التي ستؤول اليها الازمة الحالية في العراق؟

- تقاوم حركة الاحتجاجات مجموعة من التحديات تحاول جرها عن سلمتيها ومن شموليتها في المطالب، وكثيراً ما قوبلت بالقوة ليذهب ضحايا العنف بالمئات من الشهداء والالاف من الجرحى، وبرغم استقالة الحكومة وكسر الجمود الا ان التوصل لحل سريع وايجابي لايزال صعب جدا، وفي حال امتداد عمر الأزمة يمكن ان تتجه الأمور الى عدة اتجاهات:

الأول: تحول انفعالات المحتجين الى قوة سياسية تكون مطالبها أكبر.

ثانيا: تشظي السلطة طائفيا او تشددها بشكل أكبر.

ما هو مطلوب اليوم:

أولا: ان تجد النخب السياسية والدينية حزمة اصلاحات حقيقية دقيقة حازمة.

ثانيا: التعاطف مع الشباب وتلبية متطلباتهم وطموحهم اضافة الى تعديل الدستور وايجاد قانون انتخابات مرضي.

لذا يحتاج العراق تجنب أسوأ السيناريوهات، وبالتالي يجب ان تعزز الاصلاحات السياسية واجتماعية موثوقة وفعالة عبر انشاء مؤسسات حقيقية.

اضف تعليق