عالم الهندسة والعمارة قائم على المعادلات الدقيقة، وقد يظن الناس أنه بسبب المعادلات الدقيقة سيكون عالما جامدا لا روح فيه، ولكن العكس هو الصحيح، فهذا العالم الهندسي الدقيق، تكمن في روحه أروقة الفن والابداع، وهو مفتوح على آفاق واسعة للجمال، والدقة في هذا العالم لا تعني الانغلاق والتحجر، إنما هي بوابة منفتحة على آفاق واسعة للحرية، وهي حرية الموهبة والمخيال القائم على السمو والارتقاء، حيث التصاميم المدهشة التي أثارت قرائح الغرابة لدى المتابعين والمهتمين بهذا الفضاء الهندسي اللامحدود.
زها حديد امرأة عراقية، منحتها بريطانية جنسيتها، وهي المهندسة التي برعت أيما براعة في عالم الدقة والجمال الهندسي الممتزج بالخيال، فقد حصلت هذه المبدعة على سمعة ملأت العالم أجمع، بسبب تصاميمها الهندسية التي فازت بجوائز عالمية مهمة وكبيرة، فقد نالت المهندسة العراقية البريطانية زها حديد الميدالية الذهبية الملكية للهندسة المعمارية، لتكون أول امرأة تحظى بهذا التتويج. وصنفت حديد في 2008 في المرتبة 69 للنساء الأكثر نفوذا وقد باتت المهندسة العراقية-البريطانية زها حديد مصممة حوض السباحة لدورة الألعاب الأولمبية في لندن سنة 2012 أول امرأة تنال الميدالية الذهبية الملكية للهندسة المعمارية، بعد جان نوفيل وفرانك غيري وأوسكار نييماير.
من جهة اخرى حفل العالم بأشكال هندسية عالمية في مجال تشييد الأبراج، وراحت دول العالم الغنية تتبارى في اقامة البرج الأعلى في العالم، وفق تصاميم هندسية هي الاجمل في العالم، وهنا سطع من جديد اسم زها حديد عندما فاز تصميمها في مشروع ياباني مهم تقارب كلفته المليار ونصف المليار دولار امريكي، إلا أن (الحسد والغيرة) دفعت بمسؤول حكومي ياباني هو رئيس الوزراء الى سحب الفوز من تصميم زها بحجة ان كلفته عالية الثمن، ليتم اعطاء الفوز لتصميم مهندس ياباني، قالت عنه زها حديد أن تصميم يشبه تصميها ولا يختلف عنه كثيرا.
إن جمال الهندسة وموهبة الابداع والخيال الجميل، يمكن أن يتعرض للتشويه الرسمي كما لاحظنا ذلك، ولكن يبقى الابداع الأصيل متفوقا على سواه دائما، ولا يمكن للساسة أن يغيروا حقيقة أن الابداع يتربع على قمة الجمال مهما كانت الأفعال المضادة له من القوة او المكر، لذا يتجسد جمال العالم الهندسي في مشاريع اخرى عالمية كالجسور العملاقة وناطحات السحاب وما شابه، وتبقى الموهبة الحقيقية هي الأكثر حصورا على مستوى العالم، هذا ما تمت ملاحظته في شخصية المهندسة المبدعة زها حديد.
الحكومة اليابانية تغبن زها حديد
في هذا السياق أعربت المهندسة المعمارية البريطانية العراقية زها حديد عن خيبتها بعد أن قررت الحكومة اليابانية اختيار مشروع مهندس ياباني لمدرج الألعاب الأولمبية في طوكيو سنة 2020، علما أنها كانت قد اختارت بداية مشروع حديد لكنها عدلت عن رأيها بناء على قرار من رئيس الوزراء.
وقالت زها حديد في بيان نشر على موقعها الإلكتروني "كنا نفتخر جدا باختيارنا لتصميم مدرج تستضيف فيه اليابان كأس العالم للركبي سنة 2019 ودورة الألعاب الأولمبية سنة 2020، لكن السلطات تواطأت للأسف مع بعض العاملين في هذه المهنة لإغلاق الباب في وجه مشروعنا". وكان مشروع زها حديد قد اختير بداية لكنه استبعد بعد ذلك بسبب كلفته العالية جدا. ودحضت المهندسة المعمارية هذه الفرضية، منددة "بمعاملة تثير الصدمة لطاقم دولي" باعتبار أنه "لا علاقة للمسألة لا بالتصاميم ولا بالميزانية". ولفتت إلى أن المشروع الذي وقع عليه الاختيار في نهاية المطاف يشبه مشروعها إلى حد بعيد.
وقد أعلنت الحكومة اليابانية أنها اختارت العرض الذي قدمه المهندس الياباني كنغو كوما بعد دورة ثانية لاستدراج العروض أطلقت إثر رفض مشروع زها حديد. ومن المفترض أن ينجز هذا المدرج الجديد في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2019 قبل مهلة كانون الثاني/يناير 2020 التي حددتها اللجنة الأولمبية الدولية، علما أن فعاليات افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو ستعقد في 24 تموز/يوليو 2020. وسيكلف المشروع حوالى 149 مليار ين (1,12 مليار يورو). وكانت كلفة مشروع زها حديد تبلغ 252 مليار ين. ولو اختير هذا الأخير، كان هذا المدرج ليكون أغلى المدرجات في العالم. وفي منتصف تموز/يوليو، قرر رئيس الوزراء شينزو آبي التخلي عن خيار مشروع المهندسة البريطانية العراقية التي لم تشارك في الدورة الثانية من استدراج العروض. واضطرت السلطات اليابانية لاختيار موقع آخر لكأس العالم للركبي سنة 2019 بحسب فرانس برس.
زها حديد..أول امرأة تنال الذهبية الملكية للهندسة المعمارية
وقد نالت المهندسة العراقية البريطانية زها حديد الميدالية الذهبية الملكية للهندسة المعمارية، لتكون أول امرأة تحظى بهذا التتويج. وصنفت حديد في 2008 في المرتبة 69 للنساء الأكثر نفوذا وقد باتت المهندسة العراقية-البريطانية زها حديد مصممة حوض السباحة لدورة الألعاب الأولمبية في لندن سنة 2012 أول امرأة تنال الميدالية الذهبية الملكية للهندسة المعمارية، بعد جان نوفيل وفرانك غيري وأوسكار نييماير.
وصرحت المهندسة بعد تلقيها الجائزة السنوية للمعهد الملكي للمهندسين البريطانيين (ار آي بي ايه) "أنا فخورة جدا لأنني تلقيت الميدالية الذهبية الملكية وخصوصا أنني أول امرأة تحصل على هذا الشرف". وأضافت "المزيد من النساء يثبتن جدارتهن في مجال الهندسة المعمارية وهذا لا يعني أن الأمر سهل غير أن تغيرات كبيرة حدثت خلال السنوات الأخيرة ونحن سوف نستمر على هذا المنوال".
وكانت حديد أول امرأة تنال سنة 2004 جائزة "بريتزكر" التي تعد بمثابة "نوبل" الهندسة المعمارية. وهي صممت خصوصا دار الأوبرا في غوانغجو في الصين فضلا عن تصاميم عدة في أنحاء العالم أجمع. وفي العام 2008، صنفتها مجلة "فوربز" الأميركية في المرتبة التاسعة والستين للنساء الأكثر نفوذا في العالم بحسب فرانس برس.
ترميم قصر يكلف عشرة مليارات يورو
من جهة اخرى قد تصل كلفة ترميم وتحديث قصر ويستمنستر مقر مجلسي البرلمان البريطاني الى 7,1 مليارات جنيه استرليني (9,9 مليارات يورو) الا في حال غادر البرلمانيون المكان لمدة ست سنوات على ما اظهرت دراسة. واشار التقرير المستقل الذي طلبه البرلمان في العام 2013 الى ان المبنى المشيد على الطراز القوطي الجديد يواجه خطرا كبيرا لاندلاع حريق بسبب قدم الامدادات الكهربائية فيه خصوصا، في حين ان سقفه مهدد بالانهيار. واقترح الخبراء في الدراسة التي قادتها شركة "ديلويت ريل إستايت" عدة سيناريوهات للترميم بينها خطتان رئيسيتان.
وفي اطار الخطة الاولى يبقى البرلمانيون في المبنى خلال الاشغال التي ستستغرق عندها 32 عاما وتكلف بين 5,7 و7,1 مليار جنيه استرليني (بين 7,9 و9,9 مليارات يورو). وفي حال غادر النواب واللوردات المبنى خلال الاشغال فهي ستستمر ست سنوات فقط وتكلف 3,5 الى 3,9 مليارات جنيه استرليني. ويشتكي النواب خصوصا من البرد ومن تسرب المياه من السقف في حين تعاني الجدران من التلوث وتحوي كمية كبيرة من الاسبستوس. لكن رغم تداعي قصر ويسمنستر العائد الى العام 1870 والمدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو لن تبدأ الاعمال فيه قبل العام 2020. بحسب فرانس بريس.
خمسة خيارات أمام البرلمان البريطاني
وقد ذكر تقرير نشر مؤخرا ان أعمال ترميم مقر البرلمان البريطاني قد تتكلف نحو 5.7 مليار جنيه استرليني (9 مليارات دولار) وتستغرق 32 عاما ما لم يتم نقل المشرعين خارج المبنى لحين انهاء الأعمال. واعيد بناء قصر وستمنستر على ضفاف نهر التيمز في منتصف القرن التاسع عشر بعد حريق. ولم تخضع كثير من معالمه لتجديدات كبيرة منذ ذلك الحين. وخلص التقرير المستقل -الذي وجه بوضعه البرلمان بمجلسيه العموم واللوردات- إلى وجود تفتت بالأحجار وتسرب بالأسقف ومشكلات بأنابيب الصرف الصحي.
وقال ريتشارد واري مدير برنامج الترميم إن "البرلمان تواجهه بعض الخيارات الصعبة. قصر وستمنستر مبنى ذو أهمية محلية ودولية كبيرة ونحن نواجه تحديا هائلا في الحفاظ على مستقبله." والمبنى المسجل ضمن قائمة التراث العالمي يضم برج ساعة بج بن وأمثلة رائعة أخرى على فن العمارة القوطي الجديد بالعهد الفيكتوري في القرن التاسع عشر. وأقدم مباني المكان هو قاعة وستمنستر التي تعود لعام 1099 ولا تزال تستخدم حتى اليوم. وحدد التقرير -الذي صدر تكليف بوضعه في 2013 بعد دراسة خلصت إلى ان المباني معرضة لخطر تهديد وضرر يتعذر إصلاحه- خمسة خيارات للقيام بأعمال الترميم. وتتراوح هذه الخيارات بين برنامج يمتد لست سنوات بتكلفة 3.5 مليار جنيه استرليني وهو يقتضي نقل المشرعين تماما خارج المبنى لحين انجاز الأعمال وآخر يمتد 32 عاما ينفذ أثناء استمرار البرلمان في أعماله بشكل طبيعي ويتكلف 5.7 مليار جنيه استرليني. وسيقرر أعضاء كلا المجلسين أي الخيارات سيتبعون. ولا يتوقع أن يبدأ العمل قبل 2020 بحسب رويترز.
"برج جدة" هل هو تقليد للآخر؟
من جهتها اعلنت شركة المملكة القابضة المملوكة بمعظمها من الملياردير السعودي الامير الوليد بن طلال، توقيع اتفاق لتأسيس صندوق استثمار عقاري بأكثر من ملياري دولار، لدعم بناء اعلى برج في العالم شمال مدينة جدة. وقالت الشركة في بيان "وقعت شركة جدة الاقتصادية، الشركة المالكة والمطورة لمشروع مدينة جدة وبرج جدة (...) وشركة الانماء للاستثمار (سعودية) اتفاقية تأسيس صندوق استثمار عقاري" بقيمة ثمانية مليارات و400 مليون ريال سعودي (2,24 مليار دولار). ويحمل الصندوق الجديد اسم "صندوق الانماء جدة الاقتصادية"، وهو متوافق مع "الأحكام والضوابط الشرعية وهيئة السوق المالية والأنظمة القانونية المعمول بها في المملكة العربية السعودية، ويهدف لتطوير المرحلة الأولى من مشروع مدينة جدة الاقتصادية واستكمال إنشاء برج جدة، والذي وصل تنفيذه (...) حتى اليوم الى الطابق السادس والعشرين". ونقل البيان عن الوليد بن طلال الذي يتولى رئاسة مجلس إدارة شركة جدة الاقتصادية، قوله ان الاتفاق "يأتي ضمن إهتمام شركة جدة الاقتصادية بتنويع مصادر التمويل الموجهة لتطوير المشروع". وبحسب الاتفاق، يقوم مصرف الانماء بتمويل الصندوق، وتديره شركة الإنماء للاستثمار، بينما تمثل شركة جدة الاقتصادية المطور والمالك الحصري لوحداته.
وسيساهم الصندوق في تمويل بناء البرج والمشروع المحيط به في منطقة ابحر شمال مدينة جدة عند سواحل البحر الاحمر. ومن المقرر ان يتجاوز ارتفاع البرج الذي سمي بداية "برج المملكة"، الف متر، متخطيا بذلك اعلى مبنى حاليا، برج خليفة في دبي (828 مترا) بحسب فرانس بريس.
وكانت الكلفة المعلنة لبناء برج جدة 4,6 مليارات ريال (1,2 مليار دولار). وبحسب المدير التنفيذي لشركة جدة الاقتصادية منيب حمود، سيتألف البرج من 170 طابقا، تخصص منها سبعة طوابق لفندق "فور سيزنز"، الى 11 طابقا تضم شققا فندقية، وسبعة طوابق للمكاتب، و61 طابقا مؤلفة من 318 وحدة سكنية منوعة، اضافة الى "معلم سياحي ثقافي وترفيهي" في الطبقات الثلاث العليا، بينها منصة مشاهدة خارجية على علو 652 مترا. وكان الوليد بن طلال اعلن العام الماضي انه من المقرر انتهاء اعمال بناء البرج العام 2018. وتوقع حمود، بحسب البيان، استكمال المشروع "في وقته المحدد خاصة بعد اكتمال اتفاقية الصندوق وتوفر التمويل المطلوب".
تمثال الحرية على شكل فلاحة مصرية محجبة
في سياق آخر كشف باري مروينو، الذي ألف عدة كتب حول تمثال الحرية، رمز مدينة نيويورك، أن مهندس التمثال، الفرنسي فريديريك أوغست بارتولدي، استوحى فكرته من شكل "فلاحة مصرية محجبة". وكان المهندس الفرنسي فريدريك أوغست بارتولدي زار مصر في العامين 1855 و1856. يؤكد المسؤولون في مؤسسة "سميثسونيان"، التي تدير عددا من المتاحف في واشنطن، أن المهندس الفرنسي الذي صمم تمثال الحرية استوحى التصميم من شكل فلاحة مصرية، مستندين على عدد من اللوحات.
وكان المهندس الفرنسي فريدريك أوغست بارتولدي، زار مصر في العامين 1855 و1856، وهناك نشأ لديه شغف بالمعالم العامة والمنشآت الضخمة، بجسب الجهاز المسؤول عن إدارة تمثال الحرية المقام على جزيرة الحرية (ليبرتي آيلاند) في مانهاتن في نيويورك. وحين أطلقت السلطات المصرية استدراجا للعروض في العام 1869 لتشييد منارة على قناة السويس، اقترح بارتولدي تصميما على شكل امرأة محجبة تحمل مشعلا، في إشارة إلى "مصر التي حملت النور إلى آسيا". وقد استوحى فكرته من "فلاحة مصرية محجبة"، بحسب ما يقول باري مروينو الذي ألف كتبا عدة عن تمثال الحرية، مستندا في استنتاجه هذا إلى مخطوطات قديمة لتصاميم المهندس، بحسب ما نقل موقع "سمارتنيوز" التابع لمؤسسة "سميثسونيان". وصمم المهندس تمثالا لقناة السويس بارتفاع 26 مترا يوضع على قاعدة بارتفاع 14,5 مترا. ووفقا لإدوارد بيرينسون، وهو مؤلف كتاب عن تمثال الحرية نشرته جامعة "يال" عام 2012، وضع بارتولدي "عددا من التصاميم كان فيها التمثال يجسد فلاحة عربية"، ثم تدرج إلى ما يشبه الآلهة الأسطورية. ولما لم يفلح المهندس في إقناع مصر بتصميمه لقناة السويس، أعاد استخدام الفكرة نفسها في تصميم تمثال الحرية عام 1870، وهو هدية من فرنسا إلى الولايات المتحدة، وقد دشن في العام 1886 تجسيدا "للنور الذي يشع على العالم" بحسب فرانس برس.
في السياق نفسه فازت مجموعة معمارية وتصميمية ساعدت في تجديد منطقة متهدمة في ليفربول في مسعى لخلق الزخم وراء حملة تجديدات بجائزة ترنر للفن المعاصر في بريطانيا. وقال جوزيف هاليجان (27 عاما) وهو واحد من 18 عضوا من أعضاء مجموعة أسيمبل إنه يأمل أن تساهم الجائزة في اجتذاب الناس لشراء منتجات من ورشة تبيع نسخا من تركيبات منزلية بهدف دعم المشروع. وقال هاليجان وهو أحد سكان برمنجهام لرويترز "أعتقد أن فكرة أن الفن هو من إبداع شخص يقول عن نفسه إنه فنان هي ليست أفضل شيء."
وتابع قوله "أعتقد أن بإمكان أي شخص أن يخلق فنا وأن الفن ينبغي أن يكون للجميع. أي شخص يمكن أن يكون فنانا." وتتضمن جائزة ترنر الفنية التي تأسست عام 1984 بالشراكة مع متحف تيت مبلغ 25 ألف جنيه استرليني (37660 دولارا) نقدا. وفي الماضي ذهبت الجائزة لفنانين بصريين وتجريديين مثل أنتوني جورملي وأنيش كابور وداميان هيرست. وعانت منازل كثيرة في ليفربول من أضرار كبيرة بعد أعمال شغب عام 1981 وصدرت قرارات بهدمها حتى اجتمع السكان معا وقرروا بيع المنتجات الزراعية لدعم جهود التجديد ودعوا مجموعة أسيمبل ومقرها لندن للمساعدة بحسب فرانس بريس.
هندسة معمارية لمقاومة الزلازل
من جهة اخرى وخلافا لغالبية الناس الذين يخرجون الى الشارع عند وقوع زلزال، يلجأ رينيه لاغوس المهندس التشيلي المتخصص في التقنيات المقاومة للهزات الى قمة ناطحة سحاب حيث يمكنه ان يرى المباني تهتز. ويقول عن المباني في سانتياغو عاصمة تشيلي اكثر البلدان عرضة للزلازل في العالم "كل ما كان ينبغي ان ينهار قد انهار!". ويضيف من الطابق الرابع والعشرين لناطحة سحاب في سانتياغو تعرضت لعدة هزات خلال اللقاء "لذا كلما يقع زلزال قوي احاول ان استفيد. امضي وقتي في تصميم ابنية لهذا النوع من الحوادث ولا يسعني ان اجعل التوتر يحول دون عيشي هذه اللحظة".
وتقع تشيلي على "حزام النار" في المحيط الهادئ وهي منطقة تشهد نشاطا زلزاليا قويا وقد ضربتها في السنوات الخمس الاخيرة ثلاثة زلازل تزيد قوتها عن ثماني درجات على مقياس ريشتر. وتلحق الزلازل والهزات اضرارا سنوية تقدر بمليار دولار بشكل وسطي. وبسبب ذلك تعتبر تشيلي من اكثر البلدان في العالم جهوزية لمقاومة الزلازل مع معايير بناء صارمة جدا من اجل انقاذ الارواح البشرية. فينبغي على الابنية ان تصمد في وجه الهزات فيما يحمل القانون التشيلي الشركات المسؤولية في حال وجود عيوب في الابنية.
ويؤكد فرناندو غواريو المسؤول السابق في جمعية المهندسين المعماريين في تشيلي "التصميم الهندسي لناطحات السحاب مرتبط ارتباطا كليا بالتصميم المعماري". الا ان صمود الابنية له انعكاساته ايضا. ويوضح غواريو "الاضرار تقع دائما حتى لو لم تكن ظاهرة جدا. فالمواد تعاني عندما تتمدد وتتقلص". واستخلصت الكثير من العبر من زلزال شباط/فبراير 2010 القوي جدا. فقد سمح بتعزيز التشريعات وبتحسين التكنولوجيا وزيادة مستويات السلامة. وكانت الهزات التي زادت عن 8,8 درجات والتسونامي الذي تلاها، اسفرت عن وقوع اكثر من 500 قتيل. ومن المشاهد المؤثرة التي خلفتها الكارثة انهيار مبنى للمساكن الشعبية. وكانت الشركة المسؤولة عن بناء المبنى استخدمت قضبانا فولاذية ارفع من تلك المنصوص عليها في القانون.
لكن المحافظة على الارواح البشرية لم يعد الهدف الوحيد الان. ويقول خوان كارلوس دي لا ييرا الذي يرئس شركة "سيرفه" التي تشارك في ملكيتها الجامعة الكاثوليكية في تشيلي "الهدف بات الان في ان نجعل المبنى وما يحويه قابلا للاستمرار بعد الزلزال". وخلال زلزال العام 2010 كانت تسعة مليارات فقط من اصل 30 مليار حجم الاضرار (اي 18 % من اجمالي الناتج المحلي يومها)، مشمولة بعقود تأمين على ما يقول انخيلو هيتيتش الخبير في التأمين من شركة "فاراجي غلوبال ريسك". لا يمكن استبعاد كل المخاطر عند وقوع زلزال الا ان المهندسين المعماريين التشيليين يسعون الى التخفيف من المخاطر بفضل تكنولوجيات مختلفة. فالعزل المنخفض الذي يسمح بفصل هيكل الابنية عن جزئها السفلي يحد من الاضرار بنسبة 80 % الا ان هذه التكنولوجيا غير الزامية الا في الابنية العامة مثل المستشفيات. وفي حال وقوع زلزال وحدها الاساسات المستندة الى اسطوانات مطاطية تمتص الارتجاجات فيما تحافظ بقية اقسام المبنى على استقرارها بحسب فرانس بريس. وتسمح آليات تبديد الطاقة باحتواء اهتزازات الزلزال مما يخفض بنسبة 40 % تأثيره على المبنى. ويجهز خوان كارلوس دي لا ييرا راهنا احد اقدم ابنية سانتياغو وهي كاتدرائية ديل سلفادور باليات عزل منخفض. وتعود الكاتدرائية المقامة على الطراز القوطي الجديد في القرن التاسع عشر وهي تعرضت لاضرار كبيرة في زلزالي العام 1985 و2010 ما يشكل فرصة ذهبية لاثبات فعالية هذه الاليات.
اضف تعليق