أي صرخة يطلقها المجتمع بوجه الظلم والفساد، انما أعلنت لان المجتمع عجز عن التعبير عن رأيه، اما لقيدٍ يغل يده ويقيدها بأساور القانون، او تكمم الافواه بقيود السلطة التي يمتلكها البعض بحكم القانون، وهذا الصراخ الذي يعبر عن شدة الوجع نجد ان البعض ينكر على المجتمع هذا الحق...
طالعتنا احدى مواقع الاعلام الالكتروني بمقال ينسب الى شخص غير معلوم، ولربما هو اسم مستعار، وهذا التخفي هو دليل ضعف، ويؤكد على ان الصرخة قد هزت العروش، يعارض هذا المستتر فيه بعض من اعلن عن صرخة وجع اصاب بالوطن، بل هذا المتخفي يهاجم الموجوع بأساليب لا صلة لها بشرف المنازلة وادب الحوار، لذلك أقول له الآتي:
عندما يمرض الانسان او يصاب في جسمه والألم الناتج عنه لا يطاق ولا يحتمل، تجده يعبر عن الألم بالصراخ والدموع احياناً، ولا يصل الانسان الى التعبير عن وجعه بالصراخ، الا إذا وصل الألم الى حد لايقوى على التعبير عنه بالكلام، او لان العلة التي اصابته تمنعه من الكلام، او لان من يملك الولاية عليه يقيده ويمنعه من التعبير عن الألم.
كذلك عندما يكون الانسان عاجزاً عن التعبير عن رأيه فانه يقوم بإطلاق الصرخة، والطفل الصغير عندما يطلب حاجة او يعبر عن وجع أصابه، فانه يعلن عن ذلك بالصراخ، والانسان البالغ عندما يعجز اما لتقييده او لأصابته بعلة لا يرجى الشفاء منها ويصل الى حد الجزع فانه يعلن عن وجعه بصرخة.
لذلك فان أي صرخة يطلقها المجتمع بوجه الظلم والفساد، انما أعلنت لان المجتمع عجز عن التعبير عن رأيه، اما لقيدٍ يغل يده ويقيدها بأساور القانون، او تكمم الافواه بقيود السلطة التي يمتلكها البعض بحكم القانون، وهذا الصراخ الذي يعبر عن شدة الوجع نجد ان البعض ينكر على المجتمع هذا الحق، ويمنعه حتى من التعبير عن وجعه، ويبحث عن تبرير مهما كان، حتى لا يعلن المجتمع عن الوجع ويعبر عنه بصرخةٍ، بعدما منع من التعبير عن الألم بالكلام، لان صاحب القرار لا يرغب بان تخدش مسامعه صرخة الألم التي هو من تسبب بها وعمق الجراح بفساده في جسد المجتمع.
ولاحظنا في الفترة الأخيرة هذه الهجمة التي تعرض لها بعض افراد المجتمع ممن أعلن عن صرخته تجاه ما يعاني من الالام المبرحة التي قضت مضجعه بفسادٍ استشرى في المنظومة الرسمية، حتى وصلت الى الغاء وجود الانسان في المجتمع، والى سلب الإرادة وجعل الانسان تابعاً لما يقرره أصحاب القرار، وسلب ارضه وعرضه.
ولاحظنا ان بعض الكتاب الذين يكتبون بأسماء وهمية اطلقوا العنان لأقلامهم لسب وشتم الذين اعلنوا صرختهم تعبيرا عن وجع الوطن والمجتمع، وبدوا وبكل خسة البحث عن تبرير لمعاقبة هؤلاء ليس لانهم قاموا باي فعل، وانما لانهم يعبرون عن وجعهم، وهم يعلمون قبل غيرهم ان الوجع تعبير عن شدة الألم والجرح الغائر في جسد المجتمع له فمُ كما يقول الجواهري (أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ)، وتناسى منع منع للتعبير، وتسبب بالوجع، ان الله وهو العظيم الجبار أجاز حتى لمن ادخلهم النار بإعلان وجعهم والتعبير عنه بصرخة ، بقوله تعالى (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ).
فكيف يمنع الموجوع من التعبير عن وجعه، والدستور لم يحرمه من هذا الحق، وانما اعتبر التعبير عن الرأي حق دستوري، عندما الزم الدولة بتامين الفرص للتعبير عن الرأي باي وسيلة وعلى وفق احكام المادة (38) التي جاء فيها (حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل)، والصرخة عن وجع وعن جرح غائر هي وسيلة التعبير الوحيدة التي يملكها الذين اصابهم الوجع من جراء داء الفساد الذي احدثه أصحاب القرار، وازدرائهم للإنسان وتكبرهم وتجبرهم فهو ألم ووجع لا يحتمل ولا يشتد بعده وجع ويقول الجواهري (أأوجعُ مِن أنَّك المُزدرى وأُقتَلُ مِن أنَّك المُعدِمُ).
لكن الحتمية التاريخية تخبرنا بان الألم يكون قوة للموجوع ان كان مؤمنا بقضيته وصادقاً بمطلبه، وان الصرخة سوف تكون اشد وأمضى من سيف السلطة، وما نحن عليه اليوم في مناسبة عاشوراء الحسين (ع) فان الصرخة من الألم الذي تسبب به الطاغية يزيد واتباعه، قد قضت على الطغاة وخلدت الضحايا، وان مصير كل طاغية ومتكبر ومستبد هو الزوال بذلة وهوان.
اضف تعليق