q
الحمد لله، أغلق الشتاء أبوابه ولم يبق منه سوى نافذة صغيرة، وبانتهائه تنفسنا الصعداء وتخلصنا من لوعات مريرة، وأطل الصيف خجولا، ونعلم ان خجله ليس دائميا، فسرعان ما يُكشر عن أنيابه، ويرتدي (وجه جينكو) بحسب تعبيرنا، ما يعني انتظار لوعات جديدة أقسى من لوعات الشتاء...

الحمد لله، أغلق الشتاء أبوابه ولم يبق منه سوى نافذة صغيرة، وبانتهائه تنفسنا الصعداء وتخلصنا من لوعات مريرة، وأطل الصيف خجولا، ونعلم ان خجله ليس دائميا، فسرعان ما يُكشر عن أنيابه، ويرتدي (وجه جينكو) بحسب تعبيرنا، ما يعني انتظار لوعات جديدة أقسى من لوعات الشتاء التي نستتر منها بالجدران والتدثر بما متاح في ليال بلا كهرباء.

يبدو ان التلوع متواصل ولا أمل بالخلاص منه، فما أن نكابد لوعات الصيف حتى نترحم على لوعات الشتاء، فقد يأسنا من تحسن الكهرباء الوطنية التي تسوء كلما تقدمت بها الأعوام حتى عادت هذه السنة الى المربع الأول كما يقول السياسيون ذوي الأربطة البراقة في أحاديثهم التلفزيونية التي لا يحسدهم عليها سوى الأبكم الذي تدهشه حركة الشفاه السريعة التي يتعذر عليه القيام بمثلها.

ومن حسن حظه انه لا يسمع، والا لعانى مثلنا من القولون العصبي، فلطالما صرحوا وأكدوا فيما مضى من ان بلادنا ستكتفي منها ذاتيا مع هامش للتصدير، واذا بنا نطرق أبواب الآخرين مستجدين كهربائها، والأغرب ان بعضهم ليس لديهم نفط ولا غاز، ومنهم من نبيعه نفطنا بسعر تفضيلي، ولا ندري بكم وما هو المقابل؟

ربما فقط معسول الكلام الذي يتغير بتبدل الظروف، وهو الكلام ذاته الذي يُقال لكل من يمسك زمام قوانا الطائشة، وعندما تسمع المخفي تتعجب، لا أحد يمسك زمام أحد، وكل يعمل على هواه و(الك يا طويل الذراع)، وهذا هو سر بقائنا نراوح في المكان نفسه الذي بدأنا منه المسيرة الجديدة، وعندما يبلغ السيل الزبي ينبري المحررون مع عاصفة من التصفيق وبحر من الدماء، وأربطة عنق أكثر بريقا، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت.

وهذا ما يُراد لنا، أن يتجذر اليأس في النفوس، وينعدم الأمل بالمستقبل، وذراع لا تقوى على الامساك بشيء، وواقع أمّر من الذي فات وتسطيح ثقافي، يهيؤننا للاستسلام، فهل يرى ذوي الأربطة البراقة ذلك، ام أعمت بصرهم وبصيرتهم أنوار الاستديوهات وتبريد التاهوات وحفاوة المنافقين والمساكن الوثيرة في المدن المنيرة ؟

ليس هذا ما رغبت قوله، بل الحديث عن لوعات الشتوية، وحسرة النفط الأبيض التي لا تبارح الذاكرة، وتقطيره علينا (بالسيسيات)، وكأنه دواء مرض مزمن، (150) لترا في أحسن الأحوال، ولا تأتي بسهولة، بل عليك الاستعداد لها والتوسط لدى آخرين، او هدر ما لا يقل عن يوم في محطات الوقود، وياويلك ان فقدت بطاقتك الوقودية، لأنك ستشتري البطاقة والنفط.

لا ندري ما سر النفط الأبيض الذي نحرص عليه حرصنا على تحفة ثمينة، ونشدد في تحذيرنا على من يملأ المدفأة لكي لا تسقط قطرة سهوا، فكيف تتدفأ الشعوب التي غالبية أشهرها شتاء؟ الحمد لله انتهى الشتاء، وتبدد قلق النفط الأبيض، اما قلق المستقبل فيهون.

فضلّت صباح اليوم تعبئة سيارتي بالوقود على المباشرة بكتابة مقالي الذي اعتدت كتابته بعد الافطار، فأنا وأمثالي علمتنا مرارات الحياة الاستيقاظ مبكرا على عكس أبناءنا الذين يتناولون فطورهم بعد الظهر، كما حاولت الحصول على خمسة لترات منفصلة للمولد المنزلي تحسبا من انتهاء شحن الحاسبة، والكهرباء الوطنية غير موثوق بتوقيتاتها، فاذا بطابور السيارات التي تتزود (بالكاز) يمتد لمسافة تقرب من ثلاثة كيلومترات، يبات بعض سائقيها ليلتهم قبالة المحطة للتزود بوقود يكفيه لعمل يوم واحد فقط، ثم يعاود الوقوف في طابور جديد، كيف يعمل هؤلاء الناس؟، في أفضل الأحول يوم عمل وآخر في الطابور، لماذا لا ندري، ألسنا بلد يطفو على بحيرات نفط؟ لا أحد يجيبك. اللهم نسألك تجفيف منابع نفطنا، لكي نفكر بتدبير أمرنا، فمليارات النفط جعلت ساستنا يتداركون أزماتنا بالمال وليس بالعقل.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق