q
العراقيون على موعد مع عام جديد ولا ينتظرون أي جديد من الحكومة الحالية او التي ستشكل بعد التصديق على نتائج الانتخابات المبكرة التي لا تزال محل جدل وخلاف بين الكتل السياسية المتحكمة بزمام العملية على اختلاف مراحلها وانعطافاتها المفاجئة، عام 2021 لم يحقق أي تقدم في مجال ما على الإطلاق...

العراقيون على موعد مع عام جديد ولا ينتظرون أي جديد من الحكومة الحالية او التي ستشكل بعد التصديق على نتائج الانتخابات المبكرة التي لا تزال محل جدل وخلاف بين الكتل السياسية المتحكمة بزمام العملية على اختلاف مراحلها وانعطافاتها المفاجئة.

عام 2021 لم يحقق أي تقدم في مجال ما على الإطلاق، بل نستطيع تشخيص تراجع في بعض الملفات، فمنذ اللحظة الأولى لدخوله تصاعدت حدة الخلافات بين الفاعلين سياسيا في البلد، الى جانب ارتباك الأوضاع بفعل انتظار اهم حدث سياسي في البلد وهو الانتخابات التي دعت اليها الحكومة بإلحاح من قبل المحتجين.

وصحيح انها نجحت في اجراءاها، الا انها لا تزال تتأرجح في زاوية الخلافات، والاعتراضات على نتائجها، حتى أصبحت من المشاكل الكبيرة التي تقف بوجه العجلة السياسية وتمنعها من الحركة بتجاه تشكيل الحكومة المقبلة، ووفق المعطيات الموجودة قد لا تصل الكتل الكبيرة الى توافق قريب على المناصب الرئيسية، كتسمية رئيس الوزراء والجمهورية والبرلمان.

في هذه السنة فشلت الحكومة في تحقيق نهضة فعلية بعمل مؤسسات الدولة كافة، كما فشلت في السنوات الماضية في إدارة الملفات التي تهم حياة المواطن وتحسين وضعه المعاشي، فهي لا تعيره أي أهمية في قراراتها المتخذة بجلساتها الاعتيادية، حتى أصبح في ذيل قائمة اهتماماتها، وبرز بالتزامن مع ذلك حالة من الاستياء الشعبي على الطبقة السياسية برمتها.

الحكومة العراقية التي رفعت شعار الحفاظ على ما تبقى من هيبة الدولة والكشف عن أسماء المتورطين بقتل المتظاهرين، لم تنجح بتحقيق أي من المهام التي فرضتها على نفسها، ولا تزال الجهات مجهولة بالنسبة لأبناء الشعب، الذين تراودهم الشكوك حول تبعية هذه الجهات التي أقدمت على الأفعال المنافية للقيم الإنسانية وتتعارض ومبادئ الديمقراطية.

وبقي الملف الأمني وعلى الرغم مما أنفق عليه من قبل الحكومة من الجوانب غير المستقرة والهشة بصورة واضحة، فلا تزال الاغتيالات تحدث دون السيطرة عليها او تشخصيها، وهو ما ينذر بتردي الأوضاع وعدم التوصل الى صيغة نهائية للسيطرة على الخروقات والتعامل معها بصورة علمية وأسلوب متبع عالميا، عبر نصب منظومة كاميرات مهمتها مراقبة شوارع المدن وما يجري فيها.

حتى أصيب المواطنين بحالة من اليأس نتيجة تفاقم الأوضاع غير الإنسانية، اذ لا يوجد حل معقول وخطوة إيجابية لتغيير الواقع المفروض على الجميع، وهنا تحتم عليهم اغماض عيونهم او تجاهل ما يحدث خلافا لمنطق الأشياء، وأدى الى حدوث تحلل كارثي في اغلب مفاصل الحكومة، ولا يتوقع أحد أن تثير اهتماما ملحوظا في قادم الأيام.

في نفوس العراقيين جميعا يتكدس الامل والامنيات التي تخشى الخروج وترتطم بالقيود التي تحاصر المواطن، وما يحمله الواقع من المأساوي من صدمات يومية تترك كل واحدة منها كدمة في القلوب، ففي كل يوم يصحى العراقيون على خبر مفجع، ويتلقون ضربة موجعة ربما اقوى مما سبقها.

ومع ذلك كله وقد يكون من باب المبالغة اذ ما قلنا ان العراقيين من أكثر الشعوب تعايشا مع المشكلات ومواجهتها بمختلف السبل؛ لكي تسير الحياة وتتخطى الصعاب، فهم يؤمنون بأن الاستسلام لا يقدم خطوة بتجاه تحقيق الهدف الرئيس، فنلاحظ مع تعاظم المشكلات والبسطاء يزاولون أعمالهم ويضحكون مع من يحبون، ويتبادلون أطراف الحديث الخاص والعام.

جل ما يحلم به أبناء الشعب العراقي هو توفير نزر يسير من الخدمات، فهم لا يرغبون بمشاركة الطبقة الحاكمة مناصبها، ولا تقاسم امتيازاتها، وأصبحت احلامهم بسيطة كنفوسهم المتعبة، وصار تعبيد الطرق وتزينها بالإنارة يشكل امرا مبهرا لهم، ونجحت الطبقة السياسية في جعل ابسط الخدمات بنظر المواطنين أعظم الأشياء، متناسين غياب المشاريع الاستراتيجية، التي تجنب البلد الوقوع بهوة التراجع الاقتصادي والتقلبات التي تحدث في المنطقة العربية والمجتمع الدولي.

أيام قليلة تفصلنا عن دخول العام الجديد، مخلفين وراء ظهورنا جبال من الهموم والمشكلات المعقدة، ومحملين بأكثر منها، فهل تسعى الشخصيات السياسية لمنع انتقال المتوارث منها الى العام الجديد، ام ستبقى المشاكل تحوم حولنا ويبقى عام 2022 مجرد رقم آخر يضاف الى تسلسل اعمارنا؟

اضف تعليق