q
إسلاميات - اهل البيت

هو وليكم

ولد الإمام أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، في مكة المكرمة، بعد ولادة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم) بثلاثين سنة، وكانت ولادته في الكعبة المشرفة، سابقة في مكة المكرمة وقريش وسائر العرب، وبذا أراد الله (عز وجل) أن يميزه منذ ولادته، تنبيهاً به وإعلاناً له.

نشأ (سلام الله عليه) في كنف الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وتولاه برعايته وتربيته، فشرب صفاته وخلقه، فنشأ كما شاء النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وإلى ذلك أشار (عليه السلام) في مقاطع من خطبته المعروفة بالقاصعة قال فيها:

(وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه.. ولقد قرن الله به من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره، ولقد كنت أتبعه إتّباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالإقتداء به).

كان (عليه السلام) من ابن عمه النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلّم) كالضوء من الضوء، والذراع من العضد، فكان مع معلمه (صلى الله عليه وآله وسلّم) منذ اختلائه وتعبده، في كل سنة بغار (حراء)، حتى نزول الوحي وتكليفه بحمل الرسالة وصدوعه بأمرها.

علي (عليه السلام) هو أول خاشع وراكع وساجد لله بعد النبي الأعظم (ص)، وسبق الناس إلى الهدى فكان إسلامه قبل إسلام الناس، وصلاته قبل صلاتهم، فقال (عليه السلام): (أنا الصدّيق الأكبر والفاروق الأول).

وإن القارئ لسيرة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلّم) يجد علياً (عليه السلام) وزيره في أمره، وظهيره على عدوه، وعيبة علمه، ووارث حكمه، وصاحب الأمر من بعده، ومن وقف على أقوال وخطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يجد النصوص في ذلك غزيرة ومتواترة.

ومن منابع بناء وتشكيل شخصيته، أن الله (عز وجل) قد اختص الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بالولاية، بعد أخيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وقد خصّها به النص القرآني المقدس والسنة الشريفة، وبإجماع المفسرين، بعد أن تصدّق في المسجد في صلاته، بخاتِمه لسائل مرّ بقربه وهو راكع، فنزلت الآية الكريمة، لتبيان حكم الولاية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، قال (عز وجل): (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (المائدة:55)..

وقد أثبت أهل التفسير والسير والتاريخ، إن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلّم)، قد سأل السائل عمن أعطاه الخاتِم، فأجابه: "ذاك الراكع"، فنزلت الآية الكريمة في علي بن أبي طالب، أما أن النص لم يسم الإمام بالإسم، فذاك لاختبار الناس وامتحانهم، وتمييز المؤمنين عن المنافقين منهم، وقد روى ذلك السيوطي في الدر المنثور، والخطيب البغدادي في تاريخه عن ابن عباس وغيره منهم: ابن جزي الكلبي والرازي والسيوطي والزمخشري والبيضاوي والقرطبي في تفاسيرهم وسواهم، فهل من شك بعد بعض من ذلك؟!

اضف تعليق