q

بسم الله والحمد لله ولا حول ولا قوة الا بالله وصلى الله على خير خلقه محمد واله ومن ولاهم لا سيما بقية الله واللعن الدائم على الظالمين اعداء الله.

1-الحب يصنع الاصطفافات والولاء:

حب شخص ما لا شك يدفع المحب للاصطفاف مع احباب ذلك الشخص، ولان الحسين عليه السلام ريحانة رسول الله صلى الله عليه واله وشهيد الحق فان الاصطفاف معه يفضح الاصطفافات المزيفة. ولان هناك في فروع الدين عنوان لعقيدة لا يصح الدين بدونها؛ هو التولي لأولياء الله والتبرؤ من أعداء الله.

وفي تلك العقيدة تفاصيل لمعنى التولي ومعنى التبري وتفاصيل أخرى.. والأيسر من هذا وبدون تلك التفاصيل وفقهها؛ فان الذي يحقق المطلوب من هذا العقيدة في دين الله هو؛ الاصطفاف مع محبي اهل البيت صلوات الله عليهم، باعتباره الطريق الى موالاة الله وفي ذات الوقت هو السبيل للتبرؤ من أعدائهم الذين هم أعداء الله تعالى لاشك في ذلك.. كيف؟

لأن الشريعة تقرر على لسان بانيها صلى الله عليه وآله:

(ان من احب قوم حشر معهم ومن احب عمل قوم اشرك في عملهم).

هذا الحديث متواتر وصيغته تلك عن طريق جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله عليه، وعند الجمهور، فإن العبارة الأولى: من أحب قوماً حشر معهم ـ جاء في الأحاديث ما يفيد معناها، ففي الحديث عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: وما أعددت للساعة؟ قال: حب الله ورسوله، قال: فإنك مع من أحببت، قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإنك مع من أحببت). وروى البخاري ومسلم أيضا عن ابن مسعود؛ قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرء مع من أحب).

وبديهي فعلى أساس الحب تقوم الاصطفافات الحقيقية، ثم الولاءات بين الناس في الدين.

لأن الدين هو الحب، كما يقول الامام الصادق عليه السلام عندما سئل عن الدين.. قال: (وهل الدين الا الحب؟!!)، فمن احب اطاع.

وعلى هذا الاساس عندما يطلب الله تعالى مودة اهل البيت على ظاهر الوجوب كأجر لرسالة الرسول) صلى الله عليه وآله وسلم): (قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى)، انما يضعنا في الصف الصحيح تمهيدا للولاء الصحيح المؤدي الى الجنة.

ولا شيء اليوم يصنع الاصطفاف الصحيح في مجتمعات اللمة والضياع والتيه الا الحسين عليه السلام.. كيف؟

اولا- عندما يشاء الله تعالى ان يرى الحسين عليه السلام ذبيحا ويشاء ان يرى بنات الوحي سبايا، فإنما ذلك من خصوص رحمته للناس ليربحوا قلوبا سليمة وفطرات نقية لأنها حتما سوف تصطف الى جانب المظلومين من آل محمد صلوات الله عليهم.. فيصح الدين ويستقيم بهذا الاصطفاف.

ثانيا- ان الولاءات التي تبنى المجتمعات بالضرورة تلازم الاصطفافات التي يصنعها الحب والبغض وتصقلها العقيدة بنهج مقرر من الرحمن الرحيم.

2- نهضة الحسين عليه السلام سر تكامل الاسلام:

في حين يصنع الله تعالى بالحسين عليه السلام القاعدة الاجتماعية صادقة الولاء من الاصطفاف الحق، ذلك تمهيدا لظهور عبده الثائر العالمي المنادي بثارات الحسين، فيجد له في تلك الاصطفافات ممهدون وقادة وفي ذلك بيان جزء من أسرار عظمته جل وعلا وجمال دينه وبديع صنعه.

بهذا الاصطفاف يتحدد ويتضح عمليا وعلى الواقع وفي الميدان جمال النهج وحسن التطبيق بعد احقاب من الظلم والجور حتى من مدعي الاسلام، وتبعية اهل البيت عليهم السلام ولترى الناس كيف يبرز الميزان الحق والمعيار الرباني لجمال الاعمال وقبحها حسنها وسيئها، وليروا كيف يصير المستضعف الفقير الذي يزدريه المستكبرون قائدا وحاكما، وكيف يصير الوجيه المستكبر خاسئا حقيرا بتكبره.. ففي عهد الامام المنتظر يبور الظلمة.

فاليوم نرى من المظاهر من حالات الاصطفاف – لان الولاء لا يطلع عليه الا الله- ؛ مثلا ان كبار المسؤولين واساتذة الجامعة والقضاة واصحاب رؤوس الاموال الكبيرة...الخ في غالبهم لا يحضرون مجالس الحسين عليه السلام وان حضروا لا يجلسون على الارض مثل بقية الناس، ولا يشاركون في مراسم العزاء الحسيني الاخرى وان شاركوا فمن اجل ان تصورهم الكاميرات لغرض سياسي وحسب.

وعدم اصطفافهم مع محبي المظلوم يعني على اقل تقدير: انهم يرون؛ ان الحسين عليه السلام حصة المعدمين الفقراء، فيكونوا مصداق لقول الله تعالى المتكرر في اكثر من مئة اية يقول: (ان الله لا يحب الظالمين) و(لا يهدي الظالمين).

وهكذا يفضح الله ولاء الكثير ممن يدعون حبهم للحسين عليه السلام من المصطفين في سرداقات حب الحسين ودروب مودته لحاجة في انفسهم، وليس هذا فقط بل يبتليهم الله تعالى بحب الدنيا التي رأس كل معصية، ثم ما يلبثون حتى يتفاجئون بوجودهم بصف الطغاة وهم يظنون انهم احباب الحسين عليه السلام (ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون).. وعندها: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ).

3- الاصطفاف مع الله تعالى لا يصح الا بحب الحسين عليه السلام

من خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام لما أظفره الله بأصحاب الجمل وقد قال له بعض أصحابه وددت أن أخي فلانا كان شاهدنا ليرى ما نصرك الله به على أعدائك. فقال له عليه السلام: (أهوى أخيك معنا؟

فقال نعم، قال فقد شهدنا. ولقد شهدنا في عسكرنا هذا أقوام في أصلاب الرجال وأرحام النساء، سيرعف بهم الزمان ويقوى بهم الإيمان).

وهذا يشير الى معنى الاصطفاف بالحب والاشتراك بحب العمل.

اللهم اشهد اني اوالي حبيبك وخيرتك من خلقك محمد وآله المطهرين اللهم فوفقني للاصطفاف بالولاء الحق لهم وبالتبرأ من اعدائهم واحشرني مع احبائهم وليس مع من يكثرون السواد ضدهم. فقد علمت انك جعلت اهل بيت نبيك عليهم السلام وبالاخص الحسين عليه السلام الوسيلة اليك والجادة الى رضوانك والسبيل الى جنتك.

جاء في تفسير الرازي: الجزء الثاني والعشرون؛ ص: 166-167 في تفسير سور الشورى (قل لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى). مستشهدا بما جاء عند الزمخشري في الكاشف قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

(من مات على حب آل محمد مات شهيداً ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنّة ثم منكر ونكير، ألا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنّة كما تزف العروس إلى بيت زوجها، ألا ومن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة، ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة، ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة، ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة).

اضف تعليق