q
ان للألوان ذبذبات ضوئية وموجات تلامس اعماق النفس الانسانية، فتمنحها البهجة والراحة والحب عندما تكون ايجابية، او تسبب لها القلق والاضطراب والحزن حين تكون سلبية، بالألوان يتأثر الجسم والطبع والمزاج الانساني، فمنها ما يريح الاعصاب، ومنها يبعث الملل والاضطراب، ومنها يحفز على الهمة او ما يحبطها...

كل شيء ترصده اعيننا ملون، البيوت، السيارات، الشوارع، الجسور، الطرق، الملابس، الاثاث، ادوات المطبخ وغيرها، هذا التلوين لم يأتي عبثاً بل فرض نفسه على حياة الانسان واقترنت اهميته من انعكاسه على الحالة النفسية للفرد وارتباطه بالطقوس والعادات والاحتفالات.

لكل منا لون يفضله، وهذا التفضيل يرافقنا في اغلب مراحل حياتنا فترانا ننجذب اليه دونما نشعر والسبب هو حاجة الانسان الى ذبذبات التي يبثها هذا اللون على النفس، فيشعرها بالاطمئنان لمجرد رؤيته كما أن اختيار لون محدد يرجع إلى طبيعة الشخص والبيئة التي يعيش فيها، ناهيك عن أن شخصية الفرد تدفعه لتفضيل لون على آخر.

وبينت الدراسات التي اجراها اختصاصيون في علم النفس اللوني ان للألوان ذبذبات ضوئية وموجات تلامس اعماق النفس الانسانية، فتمنحها البهجة والراحة والحب عندما تكون ايجابية، او تسبب لها القلق والاضطراب والحزن حين تكون سلبية.

بالألوان يتأثر الجسم والطبع والمزاج الانساني، فمنها ما يريح الاعصاب، ومنها يبعث الملل والاضطراب، ومنها يحفز على الهمة او ما يحبطها، ومنها ما يبعث بالسرور والسعادة، ومنها ما يوحي بالبرد او الدفء.

قد لا يعني للكثير من الناس دور الالوان في حياتهم لعدم اداركهم لتأثيره في نفوس البشر، الا ان الكثير من الناس ايضاً يختارون الالوان التي تناسب أمزجتهم مما يعكس رغبتهم الدفينة في اختيار وتفضيل بعض الالوان على بعضها الاخر، وتؤثر العديد من العوامل مثل العمر والجنس والثقافة على مدى إدراك الشخص للألوان.

قديماً استخدم الانسان الالوان المستخرجة من بعض النباتات في الاعمال الفنية والتشكيلة والمباني وفق دوافع نفسية تصور الحياة الداخلية والنفسية له، وقد تعبر عن ميوله وطبيعة شخصيته وذوقه، وهو ما جعلها تدل على رمزية معينة لكل لون، وكانت تشير آنذاك الى الرحمة او الموت او القسوة وغيرها، وكان الاختيار ربما فطرياً.

لتأتي بعد ذلك الدراسات التي اثبتت ان الالوان تؤثر على خلايا الانسان عبر الموجات الضوئية التي تطلقها، ولكل موجة أثرها الذي يظهر على الجهاز العصبي والحالة النفسية، وتحديد الاثر سواء كان ايجاباً او سلباً يعود الى جملة اسباب فسيولوجيّة نفسية، واجتماعيّة، أو بيئيّة بالإضافة إلى الاختلاف في الأذواق بين الأفراد.

علم النفس استخدم الالوان كمقياس لقياس الشخصية الانسانية فهو يقول: ان الاشخاص اللذين يميلون الى الالوان الهادئة يمتازون بشخصية قوية وواثقة، بينما يحبذ الكثير من الشباب والمراهقين الالوان الاكثر حدة للتعبير عن تميزهم حسب ما يعتقدون الا انهم يغفلون امكانية تفسير هذا التفضيل لإصابتهم بعلة نفسية تدفعهم الى اختيار هذه الالوان دون اخواتها.

ما مدى تأثير الالوان على مزاجنا؟

يؤثر اللون الى حد كبير في مزاج الانسان فيصل به الحال الى رفض الدخول في مطعم ملون بلون لا يحبذه او ترفضه نفسه، او ربما لا يفضلون الجلوس طويلاً في هذه الاماكن والامر مقصود من اصحاب هذه المطاعم لمنع زبائنهم من المكوث لفترات طويلة كما هو الحال في احد المطاعم الذي يقدم الوجبات السريعة في بغداد.

ودراسات علم النفس تؤكد على وجود علاقة طردية بين ارتياح الانسان للون وبين تحسن المزاج، لذا يعمد خبراء التحقيق الى تسليط اضواء مزعجة لمن يحققون معهم بغية انتزاع اعترافات منهم بفترات قصيرة كمحاولة للمتهمين للخلاص من الانزعاج الذي تسببه الالوان الحادة.

فحقيقة أن معظم الوقت الذي يقضيه الانسان في المدارس والكليات والمنازل وأماكن العمل وكل الاماكن التي يرتادها يكون للألوان تأثير فعال ومباشر على سلوكنا قائمة ولا ينبغي ان يُجادل فيها.

الالوان التي يفضلها الفرد تمنحه الارتياح عبر تغيير افرازات خلايا الجسم، فحين يكون يفقد الانسان توازنه يلجأ الى البحث عن لون اخر يعيد اليه ذلك التوازن من خلال انعكاس على العين بالتالي يؤثر في الجهاز العصبي.

يميل الاطفال الى الالوان الزاهية ويؤثر ذلك الميل على شخصيتهم ونموهم النفسي والجسدي ففي تجربة اجراها معهد الالوان في مدينة شيكاغو من خلال تقسيم مجموعتين من الاطفال وضع احدهما في غرفة لونها رمادي خافت، في حين وضعت المجموعة الاخرى في غرفة ذات لون اصفر زاهي.

تبين فيما بعد ان الاطفال الذين وضعوا في الغرفة الرمادية الباهتة الألوان كانوا مصابين بالسعال والعطس وضعف البنية بصورة عامة وبهبوط نفسي، بينما الاولاد الذين وضعوا في الغرفة الصفراء الزاهية كانوا بعيدين عن المرض والإرهاق، وفق لما تم سرده يجيب اختيار الوان تتفق ومزاج الطفل لان ذلك ينعكس على صحته النفسية والجسدية.

خروج الانسان من العتمة الى النور ربما كان للاستمتاع بجمال الطبيعة المتعدد بتعدد الوانها،

وما تمنحه الألوان من طاقة لا تقل عن أي نوع من انواع الطاقة المسيرة للإنسان، فصار لازما ان نختار الالوان التي تبعث فينا الراحة النفسية والهدوء وتظهرنا بالمظهر الانيق والمقبول مجتمعياً لا العكس.

اضف تعليق