q
في كل عام تتجدد أيام زيارة الأربعينية التي تعتبر أساسا للقيم والمبادئ السامية التي اوصى بها الإمام الحسين (ع)، ومن ذلك نفهم أن زيارة الاربعين لا تعني تقديم الخدمات إلى الزوار المتجهين صوب كربلاء المقدسة لأحياء الشعائر الحسينية فقط، بل هي مجموعة من الدروس والعبر وتقديم الموعظة للناس اجمع...

في كل عام تتجدد أيام زيارة الأربعينية التي تعتبر أساسا للقيم والمبادئ السامية التي اوصى بها الإمام الحسين (ع)، ومن ذلك نفهم أن زيارة الاربعين لا تعني تقديم الخدمات إلى الزوار المتجهين صوب كربلاء المقدسة لأحياء الشعائر الحسينية فقط، بل هي مجموعة من الدروس والعبر وتقديم الموعظة للناس اجمع، واكتساب ثقافة وأفكار جديدة من اشخاص في مجتمعات أخرى ولديهم ثقافات مختلفة، وفي هذه الأيام يصل المجتمع إلى الدرجة المثالية عبر نبذ الكراهية والطائفية وتعامل الناس بالتساوي، ولا ننسى أن من ثمرات زيارة الاربعين ذلك التلاحم الاجتماعي الذي تنتجه هذه الزيارة سواء على مستوى المسلمين او غيرهم، وتجعلهم يتمتعون بالروح الايجابية المستعدة للتفاهم، والتسامح، والتعايش، وفق رؤية متوازنة مستمدة من مبادئ أبي الأحرار الحسين (ع).

ولأهمية هذا الموضوع وتأثيره في ارتقاء المجتمع من جميع الجوانب، والتخلص من الظواهر السلبية، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) باستطلاع رأي، وطرحت سؤالا محددا على المثقفين والمختصين في هذا المجال وكان السؤال كالآتي:

- كيف نستثمر زيارة الاربعين لتفعيل التعايش السلمي والتسامح المجتمعي؟

زيارة الاربعين ونبذ الطائفية

التقينا الدكتور (مسلم عباس)، دكتوراه إعلام، فأجابنا قائلا:

إن زيارة الاربعين هي عنوان التعايش المجتمعي، فالناس بمختلف جنسياتهم يتجهون نحو مكان واحد إلى كربلاء المقدسة، لا تفرق بينهم الخلافات السياسية ولا القومية ولا الحزبية، يعرفون أن هدفهم الاكبر هو ري الارواح بالحب والتسامح بينهم، في زيارة الاربعين انموذج حي للتعاون، وفيها تكسر كل الحواجز بين الطبقات الاجتماعية، تجد الاستاذ الجامعي يوزع الماء مع الطفل الصغير، والشيخ العجوز مع الشباب كلهم يتسابقون على تقديم الخدمة للزوار وغير الزوار، وعلى طول شهري محرم وصفر تطرق ابوب البيوت لتقديم الطعام المجاني تعبيرا عن حب الحسين والتزاما بنهجه الذي اراد بثورته اعادة الامة الى مسارها الصحيح، فهذه الممارسات والتقاليد الاجتماعية التي نراها في هذه المدة الزمنية القصير تشد المجتمع الى بعضه، وترتقي به الى حيث الاهداف السامية للدين الاسلامي.

وأجابنا (عز الدين المحمدي)، رئيس مؤسسة الفكر الانساني للإعلام والثقافة والقانون ودكتوراه القانون الجنائي، بالقول:

زيارة الاربعينية وشعائر الحسينية طواف الارواح الجميلة مع ملائكة الرحمن في مشهد خارج المألوف في حياتنا والحياة البشرية المؤمنة، بأن الشعائر الحسينية الخالصة لوجه الله ولصاحب المقام الامام الحسين ابي الاحرار، فالمناسبة عزيزة على قلوب المسلمين جميعا بكل مذاهبه المقدسة، بل واصبحت مناسبة عزيزة لغير للمسلمين من منظور انساني، من المفيد جدا أن ننتهز زيارة هذا الجمع الكبير من المسلمين وغير المسلمين لأحياء الشعائر الحسينية في كربلاء المقدسة، ونعمل برامج تهدف الى الحوار البناء والديمقراطي وجلسات ثقافية وادبية في طريق الزائرين واستغلال السرادق المنصوبة كمواكب لتلك البرامج التي تهدف الى التوعية والتثقيف، بان الشعائر ليست للشيعة من الجمهور فحسب بل لكل المسلمين والبشرية وتوثيق الصلة والتواصل مع الجمهور السني من خلال اللقاءات والاستقبال والاهتمام وتسليط الاضواء عليهم لجمع شمل العراقيين يجمعهم مناسبة عطرة ما افسدت السياسة والاحزاب، مناسبة كبيرة ومهمة تجمع العراق والعراقيين بقلوبهم وارواحهم الجميلة على محبة العراق والالفة، السلم المجتمعي يحتاج فقط أن تعامل الاخرين بالحسنى والمحبة والعدل والعدالة، هناك ظواهر سلبية تظهر اثناء الزيارة الاربعينية مع التأكيد انها تصرفات فردية والتي يظهرها الاعلام الخبيث والمسموم او نشرها على صفحات التواصل الاجتماعي، ومفادها رفع لافتات على طرق الزائرين بكتابات مخزية مثل سب وقذف خلفاء الراشدين رض او السيدة عائشة او ائمة جماعة السنة وعلى المسؤولين الأمنيين والإعلاميين والإداريين متابعة هذا الموضوع، لأنها تؤثر سلبا وتستغلها المتطرفون للإساءة للشعائر الحسينية المقدسة ورد الفعل المغالي، الى جانب ممكن رفع لافتات ترحيب للضيوف والزائرين بعبارات تلفت الانظار وتقرب الألفة وتزيد المحبة وتشجع لجعل المناسبة لجمهور الشيعة والسنة والاخرين معا، وكل الظواهر إيجابا او سلبا تنقل من قبل الزوار الى الاهل والاصدقاء واهل المدن والمحافظات كلما كانت تلك الظواهر جميلة ومعبرة للتسامح والمحبة والالفة تنتشر كما تنتشر الظواهر السلبية، بمعنى أن نجعل المناسبة للعراقيين لقاء ينتظره الجميع والالفة والتسامح وتبادل المحبة والحب والامن والامان بدلا من الخلاف والحقد والكراهية والتطرف من جميع الاطراف، لنجعل انوار الامام الحسين تضيء نفوس العراقيين وتطفئ نار الحقد والكراهية والتطرف التي اوقدها اعداء الاسلام والعراق والانسانية، ويبقى نحن النخب الثقافية والوطنيين المخلصين والاعلام الملتزم أن نفعل هذه الخطوات لتكون فسحه خيرة للتعايش السلمي المجتمعي للعراقيين.

التعايش السلمي وثورة الإمام الحسين

وتوجهنا بالسؤال إلى الكاتبة (وصال الاسدي)، كاتبة صحفية، فأجابتنا قائلا:

رغم توالي الأحداث والثورات والانتفاضات في تاريخ البشرية تحتفظ ثورة الأمام الحسين عليه السلام بخصائصها الفريدة وسماتها المميزة الإصلاحية، اذ أن الهدف الأساسي لثورة الأمام الحسين عليه السلام هو تغيير واقع مجتمع وفق مبادئ الدين الأساسية الحقيقية، في ظل الزيف الذي كانت تعيشه المجتمعات آنذاك، وهو ما يمكن أن نطبقه الآن في مجتمعاتنا اذ إننا اليوم نعاني من تفشي الفساد في كل مفاصل المجتمع، وانجراف الشباب مع تيار التغيير دون وضع أسس رصينة لذلك التغيير بما يضمن نشأة مجتمع وأجيال صالحة، واعلم، إن فساد الأمم من فساد حكامها، اذ أن الأمام الحسين عليه السلام عندما خاطب يزيد لعنة الله عليه قال له (واني لا أرى فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك)، وإن من الأهداف السامية لثورته عليه السلام هي العدالة والحرية وجهاده هو من اجل انتزاع الحقوق وأداء الواجبات، وهي قواعد رصينة لبناء أي مجتمع صالح، ففي غياب القواعد والمبادئ الثابتة في القرآن والرسالة ينهار المجتمع ويعاني من الانفلات غير المسيطر عليه في كل الجوانب وهو اكبر مشكلة تواجهنا اليوم، لذا علينا نحن كمؤمنين بهذه الثورة والرسالة عدم الوقوف موقف المتفرج على الأحداث، واستثمار الفرص التي قد تصل الرسالة الإصلاحية فيها أكثر من أي وقت أخر، كأوقات الزيارات والمناسبات الدينية التي لها اثر روحي فطري في النفوس، وتحمل المسؤولية هو نقطة الانطلاق للعودة الى مرسى الأمان الاجتماعي وتبادل الأدوار والمشاركة الجماعية حلول قد تكون بسيطة لكنها ستجني ثمار يانعة في تحقيق السلم الاجتماعي الذي والتعايش المبني على الثوابت الإنسانية الحقوق والحريات والعدالة.

وأجابنا الدكتور (محمد سعيد)، دكتوراه فلسفة في اللغة العربية، بالقول:

إن زيارة الأربعين عبارة عن مؤتمر إنساني عالمي لا يختص بطائفة من المسلمين دون غيرهم، بل لا يختص بالمسلمين أنفسهم دون غيرهم من بقية الديانات سواء أكانت سماوية أم أرضية، وعليه لابد من تفعيل دور الإعلام بشتى أنواعه لتعريف الوافدين إلى قبلة الأحرار أبي عبد الله الحسين عليه السلام بالجانب الإنساني العظيم ،الذي جسده النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده أهل البيت عليهم السلام والأئمة سلام الله عليهم، فذلك الجانب المشرق إذا ما سطع للإنسانية فسيكون عاملا مهما في توحيد بني البشر على أساس القاسم المشترك القائم بينهم وهو الإنسانية، فالإنسانية هي الأساس الذي يخلق مجتمعا مثاليا يجسد تجربة التعايش السلمي التي دعا إليها الإسلام دين الإنسانية.

والتقينا أيضا الدكتور (مهدي سهر الجبوري)، وكيل وزارة الزراعة واستاذ السياسات الاقتصادية في جامعة كربلاء، فأجابنا قائلا:

إن زيارة أربعينية الإمام الحسين عليه السلام تحمل في طياتها مضامين وأبعاد سياسية ودينية واجتماعية، إذ تعد زيارة الحشود المليونية لقبلة الاحرار الإمام الحسين عليه السلام منبرا حرا لأحرار العالم لاستلهام العبر ورفض الظلم، وإعلاء كلمة الحق في وجه الظالم والطغاة واحقاق الحق، اضافة لتلك الابعاد فإن أربعينية الإمام الحسين عليه السلام تحمل كما هائلا من القيم الدينية والمبادئ الإنسانية السامية، من أهمها إذابة الفوارق الطبقية في المجتمع نجد الحشود المليونية جميعا يذوبون في حب الإمام الحسين عليه السلام من أجل الخدمة الزائرين وبدون تفرقه لزائر عن اخر، وتقديم كل ما لديهم إرضاء لضيوف الإمام الحسين عليه السلام او حتى الزائرين مع بعضهم البعض كبيرا او صغيرا عراقيا او من بلد آخر الجميع يجمعهم حب الإمام الحسين عليه السلام، وكذلك نجد من أهداف للزيارة المليونية وبأروع صورها تتجلى في تكريس ثقافة التواضع والتكافل الاجتماعي، والعمل الطوعي لفرق الشباب في إرشاد الزائرين او توعيتهم لتلافي أي ظواهر تؤثر على الزيارة او القيام بحملات التنظيف، وهذه حالات إيجابية تنعكس على روحية الزائرين والمضيف المستقبل للزائرين، لبناء مجتمع متماسك يتحلى بالقيم الإنسانية السامية، وبالتالي خلق جيل واعي محب لوطنه رافضا للظلم والظالمين والفاسدين.

وأخيرا التقينا الدكتور (محمود عزو)، اكاديمي في كلية العلوم السياسية جامعة موصل، فأجابنا بالقول:

يمكن استثمار زيارة الاربعين في بث قيم التسامح التي بشرت بها الرسالة المحمدية والتذكير بمآثر اهل البيت عليهم السلام بالعفو والصفح وقدرتهم على تحقيق التكافل بين ابناء الامة الاسلامية، وتبقى تجارب اربعينية الحسين عليه السلام موضع فخر فيما يتعلق بما يبذل فيها من عطاء وتضامن اجتماعي للفقير ودونه من الناس، فلا يسال من يأتي الى المواكب هل انت من الشيعة ام لا حتى يسمح له الاكل والشرب فيها، وانما يلح على الناس من اجل التوقف في هذه المواقف من دون معرفة خلفياتهم المذهبية او الدينية، والامر الاهم ينبغي الاستفادة منها في تعزيز الحوار بين المختلفين داخل البيت العراقي السياسي.

اضف تعليق