لا يختلف إثنان حول أهمية مزاد العملة الذي يجريه البنك المركزي العراقي يومياً في تحديد صرف العملة الاجنبية في العراق حيث يعتبر ملتقى العرض والطلب على العملة الاجنبية التي يجري بيعها لتغطية نفقات كبيرة لتجارة العراق الخارجية ومن جانب آخر مساعدته على سحب جزئي للعملة المحلية من الأسواق ليساعد على الحفاظ على مستويات محددة من التضخم والذي يعتبر بدوره آفة الاقتصادات العالمية.

العملة الاجنبية، الدولار، يباع بطريقتين الأولى عن طريق التحويلات الدولية والتي تمثل التحويل الى حسابات خارجية للمصارف المشاركة في المزاد لغرض تمويل استيراد القطاع الخاص، أما الثانية تشمل مبيعات نقدية إلى المصارف لتمويل حاجات متعددة لعل أهمها السفر والعلاج وغيرها من شؤون أبناء الشعب.

بلغ ما باعه المركزي من العملة الصعبة 313 مليار دولار خلال الأعوام 2006 – 2014، حسب تصريح لرئيس اللجنة المالية في مجلس النواب السيد أحمد الجلبي، في نيسان الماضي، وهو يعادل 57% من مجموع واردات النفط البالغة 552 مليارا! وأضاف الجلبي ان "البنك المركزي قام في سنة 2009 فقط ببيع 92% مما دخل على البلاد من واردات النفط".

يتسأل الكثيرون عن مصير المليارات التي تذهب للإستيرادات العشوائية المنفلتة ومدى استفادة الاقتصاد العراقي من خروجها أو حتى مدى استفادة الصناعة العراقية من استيراد اجهزة ومعدات ومواد غذائية من الممكن تغطيتها عن طريق التصنيع المحلي مع توفر المواد الاولية لها.. مايحدث في المزاد لايستبعد أن يحدث فيه الفساد على أعلى المستويات، نحن نخرج عملتنا الاجنبية بكل سهولة ويسر متغاضين عن كل أنواع الفساد التي ترافقها.

من جانب أخر لا أعتقد أن جهة رسمية قد طالبت من قدموا طلبات التحويل، التي يشوبها الكثير من الغموض، عن الاتجاه الحقيقي لأموالنا ومدى صحة الوثائق المعتمدة في تقديم الطلب وهل تم إستغلال تلك الأموال في تشغيل ابنائنا من قبل التجار طالبي تلك الأموال التي تهدر لتلك الشركات الوهمية، علينا أن نفرض على كل شركة أن تشغل مجموعة من أبنائنا وتصرف لهم الرواتب الكاملة والمخصصات ويحدد عددهم حسب المبالغ المطلوبة وأن توثق أوراق تشغيلهم لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ويتم رفع اسمائهم من قائمة البطالة التي تتوسع كل عام، ويتم التحقيق بتلك الاعداد من قبل لجان نزيهة مختصة.

تصريحات عضو اللجنة النزاهة السيد عبد الكريم عبطان، لإحدى الصحف المحلية اليوم، عن وجود شركات وهمية تتعامل مع البنك المركزي بمبالغ تقدر بملايين الدولارات دون ان تكون مسجلة في وزارة التجارة، عبطان أكد ان اللجنة ماضية في البحث عن هذه الشركات وستلاحقها لاسترداد الاموال منها. مبيناً أن «هذه الشركات تتعامل مع البنك المركزي من خلال الاوراق المزورة, وتحول الى حساباتها مئات الملايين من الدولارات», واكد النائب ان البنك المركزي ولجنة النزاهة وضعا آليات للحد من هذه السرقات، مشيرا الى ان اللجنة ستعمل مع وزارة التجارة لكشف هذه الشركات وايقاف عمليات الاحتيال التي تمارسها.

أموالنا تنهب وكل يوم تظهر لنا أعجوبة من اعاجيب الفساد، أعاجيب ما كانت لتنطلي على بيوت المال إذا لم يكن هناك من يتواطىء معها ويسهل لها الامر، والايام القادمة ستجعل من نعرفهم من مفسدين نشير لهم يومياً بمظاهراتنا وتنشر الصحف بطولات فسادهم ليسوا سوى قطرة من بحر النهب الذي يموج به الوطن، وأن اموالنا يتم تبييضها في دول الجوار وتحويلها الى استثمارات واستيرادات لا ينوبنا منها إلا دمار الاقتصاد والقضاء على عملتنا وهي تنازع في رمقها الاخير.

بانتظار أن يتم التحقيق بمصير المليارات التي تطير عبر الحدود لتنتفخ منها حيتان الفساد وتصبح قوة مدمرة للإقتصاد العراقي ومحكمة قبضتها عليه بصورة تامة؛ على الشرفاء في وطننا، على قلتهم، العمل على معرفة طرق تسرب العملة الصعبة فمزاد العملة الصعبة كأني أراه مزاداً لدمائنا حينما نصبح اليوم تحت تأثير مدافع الارهاب وبأمس الحاجة لأموالنا لإستيراد ما يمكن أن نقاوم به فقرنا ومرضنا ومن يحاول أن يقهرنا بالموت من العصابات التكفيرية لنرى أن بيت مالنا خاو وقد أطاح به الفساد وغسيل الاموال وتأمر المفسدين. حفظ الله العراق.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق