الابتكار والبحث العلمي، عناصر مهمة في بناء وتطوير المستقبل للبلدان كافة وبالاخص تلك التي تعنى بمستقبل ابنائها وترسم ملامح تطوره ببذلها الاموال الطائلة من أجلها واسناد الإبتكارات وبراءات الاختراع التي تطلق هنا وهناك في بلدانهم. ليكون البحث العلمي هو الصراع الحقيقي على ارتقاء الدول لمراتب عليا في قمة التطور الانساني فتلك أمريكا تنفق ماقيمته 400 مليار دولار سنويا على البحث العلمي والابتكار تليها الصين بإنفاق قدرة 300 مليار دولار ثم اليابان بقيمة 160 مليار دولار وإسرائيل بـ 9 مليارات دولار، انطلقت تلك الدول بإعتبار أن البحث العلمي لوحده هو قيمة مضافة لإقتصاداتها الوطنية فترى أن مراكزها البحثية المستقلة وتلك التي تتبع للمؤسسات العلمية والصناعية في حركة دؤوبة لتنتج الافكار والمخططات الجديدة وتدخل لصناعتها آلاف التحديثات النوعية المبتكرة. وتتبنى براءات الاختراع التي تتقدم بها المؤسسات والافراد وتقدم لهم الدعم الكامل وتهيء لهم الظروف المناسبة لديمومة عملهم ونضوج أفكارهم.

في عام 2007 منحت أمريكا لوحدها مايقارب 197 الف براءة اختراع ومنحت اليابان 186 الف براءة إختراع تبعتهم النمسا بـ 53 ألف براءة في قعر قائمة الدول العشرة الاولى في العالم حسب ماجاء في إحصائية نشرتها المنظمة العالمية للملكية الفكرية World Intellectual Property Organization (WIPO).

ما يثيرنا هو معاناة المخترعين العراقيين من الاحباط بسبب عدم إهتمام الحكومة بإختراعاتهم على الرغم من كشف الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية عن تسجيله لأربعة آلاف و500 براءة اختراع عراقية أو أجنبية منذ عام 1970، تلك المعاناة طرحت خلال الندوة التعريفية بمنتدى المخترعين العراقيين، التي أقيمت على القاعة المركزية في مبنى الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية وخلال حديث لرئيس منتدى المخترعين العراقيين، البروفيسور حازم الدراجي، الى أحدى الصحف المحلية، إن "منتدى المخترعين العراقيين تأسس في (الـ21 من كانون الثاني 2016)، ليكون مرجعية للمخترع العراقي"، مشيراً إلى أن "المنتدى أصبح الجهة التي تمثل المخترع أمام الجهات الرسمية، وانه أقام العشرات من الأنشطة، ويسعى لمعالجة المشاكل التي تواجه المخترعين الذين يعانون الإحباط لعدم اهتمام الحكومة بهم". وأن هناك 200 مخترع ومازال يتلقى الطلبات للإنضمام إليه كما أوضح الدراسي بأن هناك أكثر من ألفي إختراع لم يتم إستثمارها على الرغم من أهميتها.

لا نعلم بأي مجال سنفلح إذا كان البحث العلمي والاختراعات التي تنتجها عقول أبنائنا غير قادرين على استثمارها بالشكل الذي يحقق الغاية منها ويوفر لنا فرصة تطوير قابليات أبنائنا ودفعهم لما هو أكثر أهمية، فدعمنا لهم يوفر لهم الحافز الاهم ويدفع بهم الى زيادة مضطردة في إنجازاتهم، العقل العراق ولاد ولازال ينتج المبتكرات الجديدة حيثما تفرض عليه ظروف الوطن من محن وأزمات ؛ يبدع عقله ليجد مخرجاً لمعضلاته وعلى الحكومة بمؤسساتها العلمية ومؤسسات المجتمع المدني أن تتبنى طروحاتهم وبحوثهم وأفكارهم واختراعاتهم وأن تضع في حساباتها دعم أولئك المخترعون بما يتناسب وحجم اختراعاتهم والدعم هنا يجب أن يكون دعماً نوعياً لا تقليدياً ولنساهم بشكل أكبر في زيادة التخصصيات للبحوث العلمية لكونها أساس عمل كل مؤسسة علمية فالبحث العلمي سيكون له يوماً الاثر البالغ في تجاوز أزمات كبرى كما يحدث في العالم أجمع لا أن تكون أزماتنا محبطة لكل شىء.

لنحافظ على اولئك الشباب من المخترعين ليكون ضمانة للمستقبل العلمي ويساهموا بفتح أفاق علمية وصناعية جديدة وليكون البحث العلمي والصناعي التكنولوجي منظماً وأن تدرك جميع الشركات العاملة في الوقت الحاضر أن الاستثمار في البحث العلمي لايقل شأناً عن الاستثمار في المرافق الاخرى وهو ما يدفع لخلق روح التنافس بينها على طريق التطوير المستمر.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق