q
أصبحت التقنيات منخفضة الكربون، مثل احتجاز الكربون وتخزينه، والوقود المتجدد والمواد المتقدمة، من الاستثمارات المفضلة لشركات الصناعة منذ عام 2022 وحتى عام 2023، ويعتمد هذا النهج الذي يُسمى تقنيات الجزئيات على الاستثمار في التقنيات التي تعمل إمّا على خفض انبعاثات الوقود الأحفوري...

رغم اتجاه شركات النفط الكبرى إلى تعزيز الاستثمارات في مصادر توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة منذ عام 2015، استجابةً لضغوط تحول الطاقة والمنظمات البيئية، فإنها بدأت العزوف عن ذلك خلال العامين الماضيين.

ورغم وعود الشركات الكبرى بضخّ المزيد من الاستثمارات في الطاقة المتجددة، فإن بيانات عام 2023 تشير إلى انخفاض استثمارات صناعة النفط في الطاقة المتجددة والكهرباء للعام الثاني على التوالي، بحسب تقرير تحليلي حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

وكانت مصادر الطاقة المتجددة تستحوذ على الجانب الأكبر من استثمارات تحول الطاقة لدى شركات النفط الكبرى تاريخيًا، لا سيما طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لكن هذه الهيمنة خفتت لصالح تقنيات أخرى منذ عام 2022.

شركات النفط الكبرى تتحول لتقنيات أخرى

أصبحت التقنيات منخفضة الكربون، مثل احتجاز الكربون وتخزينه، والوقود المتجدد والمواد المتقدمة، من الاستثمارات المفضلة لشركات الصناعة منذ عام 2022 وحتى عام 2023، بحسب التقرير الصادر عن شركة أبحاث الطاقة بلومبرغ نيو إنرجي فايننس المتخصصة.

ويعتمد هذا النهج الذي يُسمى "تقنيات الجزئيات" على الاستثمار في التقنيات التي تعمل إمّا على خفض انبعاثات الوقود الأحفوري مثل تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه واستعماله، أو الاستثمار في بدائل منخفضة الكربون، وهو نهج مختلف عن تقنيات الطاقة المتجددة التي يُطلق عليها "تقنيات الإلكترونات".

ويرجع السبب وراء عزوف شركات النفط الكبرى عن تقنيات الطاقة المتجددة إلى عائداتها المنخفضة، بينما يفسَّر إقبالها على التقنيات الأخرى إلى مكاسبها الأعلى وزيادة تناغمها مع العمليات الحالية لشركات النفط، إضافة إلى دعم السياسات المتزايد لهذه التقنيات عالميًا.

استثمارات التقنيات منخفضة الكربون

يشير تحليل أجرته شركة أبحاث بلومبرغ لاتجاهات استثمارات تحول الطاقة في صناعة النفط العالمية إلى نمو الإنفاق على التقنيات منخفضة الكربون مثل الوقود المتجدد واحتجاز الكربون لمستويات قياسية جديدة خلال العامين الماضيين (2022-2023).

وارتفعت حصة هذه التقنيات إلى 53% من إجمالي الاستثمارات منخفضة الكربون لقطاع النفط والغاز في عام 2023، مع زيادة جاذبية عائداتها المستقبلية في مقابل ضعف العوائد المتوقعة لاستثمارات الطاقة المتجددة.

ويشير تحليل شركة الأبحاث إلى أن العائد على استثمارات شركات النفط الكبرى في الطاقة المتجددة والكهرباء قد لا يتعدى 6 إلى 8% بالنسبة لشركتي النفط العالميتين، شل و بي بي.

بينما تطمح توتال إنرجي الفرنسية إلى تحقيق متوسط عائد يصل إلى 12% على الاستثمارات المخصصة لقطاع تكامل الطاقة بحلول عام 2028، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

شل وبي بي تقودان الاتجاه

تقود شركتا النفط المشهورتان، شل متعددة الجنسيات، وبي بي البريطانية، الاتجاه المتسارع نحو زيادة الاستثمار في التقنيات منخفضة الكربون، وتعدّ العوائد المنخفضة لمشروعات الطاقة المتجددة أحد الدوافع المحتملة لتعديل إستراتيجيات الطاقة المتجددة في الشركتين.

كما تستحوذ التقنيات منخفضة الكربون على أغلب استثمارات الطاقة المتجددة في شركتي النفط الأميركيتين إكسون موبيل وشيفرون، وإن كان حجمها ما يزال أقل من الشركات الأخرى، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

في المقابل، ما زالت شركة توتال إنرجي الفرنسية متمسكة بموقفها الراسخ بشأن توسيع محفظة الطاقة المتجددة لديها، إذ يشير آخر تحديث لإستراتيجية الشركة إلى أنها ما زالت تستهدف بناء مشروعات طاقة متكاملة عبر سلسلة قيمة الكهرباء بأكملها.

وتشير شركة أبحاث بلومبرغ إلى أن أغلب شركات النفط الكبرى المتجهة لزيادة استثماراتها في التقنيات منخفضة الكربون تقع في أميركا الشمالية، وخاصة في الولايات المتحدة وكندا.

ويؤدي دعم السياسات دورًا مركزيًا في هذا السياق، لا سيما الإعفاءات الضريبية السخية التي يقدّمها قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة والحوافز المتنافسة في كندا.

كما أدت فرص التمويل وتشديد القواعد التنظيمية للحدّ من الانبعاثات إلى جعل تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه وإنتاج الوقود المتجدد أكثر جاذبية لشركات النفط من تقنيات توليد الكهرباء المتجددة.

ورغم اتجاه شركات النفط الكبرى لتعزيز استثماراتها في تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، فإن وكالة الطاقة الدولية لا ترى جدوى لهذه التقنيات في خفض انبعاثات الصناعة، وتصفها بـ"الوهم" الذي يجب على الشركات التخلي عنه، بحسب وصف مدير الوكالة فاتح بيرول، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

اضف تعليق