منذ أيام، يتكرر المشهد في أنحاء مختلف من البلاد حيث يقوم طلاب بنصب خيام في جامعاتهم للتنديد بالدعم العسكري الذي تقدّمه الولايات المتحدة لإسرائيل والوضع الإنساني في قطاع غزة. ثمّ تقوم شرطة مكافحة الشغب في كثير من الأحيان بإخلائهم، بناء على طلب إدارة الجامعة. وفي كولومبيا...

يتصاعد الاحتقان في الجامعات الأمريكية التي تشهد مظاهرات متزايدة ضد الحرب في قطاع غزة، وحيث أوقف مئات الاشخاص في وقت تواجه شرطة مكافحة الشغب طلابا غاضبين. فيما هدد رئيس مجلس النواب مايك جونسون خلال زيارة إلى جامعة كولومبيا، بأن يطلب من الرئيس جو بايدن تعبئة الحرس الوطني في الجامعات التي تعاني من "فيروس معاداة السامية".

من لوس أنجلس إلى نيويورك، مرورا بأوستن وبوسطن وشيكاغو وأتلانتا، تتسع حركة الطلاب الأمريكيين المؤيدين للفلسطينيين، حيث نُظمت احتجاجات في عدد من الجامعات المرموقة عالميا مثل هارفرد ويال وكولومبيا وبرينستن، فيما تهدد السلطات بإرسال قوات أمنية لتفريقها.

ومنذ أيام، يتكرر المشهد في أنحاء مختلف من البلاد حيث يقوم طلاب بنصب خيام في جامعاتهم للتنديد بالدعم العسكري الذي تقدّمه الولايات المتحدة لإسرائيل والوضع الإنساني في قطاع غزة. ثمّ تقوم شرطة مكافحة الشغب في كثير من الأحيان بإخلائهم، بناء على طلب إدارة الجامعة.

وفي كولومبيا مركز الحركة الاحتجاجية، وصل مسؤولو الجامعة إلى طريق مسدود مع الطلاب بشأن إزالة مخيم أقيم قبل أسبوعين احتجاجا على الهجوم الإسرائيلي على غزة. ومنحت الإدارة الطلاب المتظاهرين حتى يوم الجمعة للتوصل إلى اتفاق.

ويبدو أن جامعات أخرى عازمة على منع تنظيم مظاهرات مماثلة تستمر لفترة طويلة واختارت الاستعانة بالشرطة لتفريقها بسرعة، وفي بعض الحالات، بالقوة.

درس من التاريخ القريب

قبل أن يقيم الطلاب مخيم احتجاج مؤيدا للفلسطينيين في حديقة جامعة كولومبيا الأسبوع الماضي، درس بعضهم مادة (كولومبيا 1968) الاختيارية المتعلقة بالاحتجاجات على حرب فيتنام والتي يرونها شبيهة لنشاطهم الاحتجاجي الحالي في الحرم الجامعي.

وقف فرانك جوريدي، أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا الذي يقوم بتدريس هذه المادة منذ عام 2017، مع اثنين من طلابه بجوار المخيم المنصوب في حرم الجامعة الواقعة بمدينة نيويورك يوم الخميس لمناقشة أوجه التشابه بين الاحتجاجات على حرب فيتنام والاحتجاجات الحالية المؤيدة للفلسطينيين في ندوة بعنوان (1968: مواصلة القتال). كان المحتجون يستمعون وهم يجلسون على فرش على الأرض العشبية أمام خيامهم بينما يتناولون وجبات مجانية خفيفة.

وأوقفت إدارة الجامعة عشرات الطلبة المحتجين وسمحت بإلقاء القبض عليهم الأسبوع الماضي. ويقول بعضهم إنهم يطبقون ما تعلموه ودرسوه في الجامعة فيما يتعلق بمعارضة الحرب الإسرائيلية على غزة.

وقال بو تانغ، طالب التاريخ في السنة الثانية بالجامعة، إنه ضمن مجموعة بحثية للطلبة المحتجين تنظر في استراتيجيات وتكتيكات حركات العدالة الاجتماعية الماضية والحالية "لمحاولة تعلم الدروس منها".

وأضاف تانغ أن المجموعة أجرت مقابلات مع خريجين شاركوا في احتجاجات عام 1968 وإنهم توصلوا إلى بعضهم من خلال المادة التي يقوم جوريدي بتدريسها، مما جعلهم ينشرون دروسا حول بناء الدعم لحركات الاحتجاج.

يقول تانغ وطلاب آخرون إن زملاء الدراسة والأساتذة الذين كانوا لا يعرفون شيئا عن الاحتجاج ظهروا في موقع المخيم بعد استدعاء الشرطة، ومنهم أعضاء في هيئة التدريس ارتدوا سترات صفراء للمساعدة في الأمن والسلامة.

كما ظهرت خيام احتجاجية في جامعات بأنحاء الولايات المتحدة وخارجها تضامنا مع طلبة جامعة كولومبيا، مما أثار انتقادات من البيت الأبيض والعديد من أعضاء الكونجرس الجمهوريين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذين اتهموا المحتجين بمعاداة السامية وترهيب أقرانهم اليهود.

غير أن العديد من الطلاب اليهود، وبعضهم من المنظمين للاحتجاج، عبروا عن غضبهم من مزاعم معاداة السامية. وعلى مدى ساعات طويلة أمضوها في المخيم هذا الأسبوع، شاهد صحفيو رويترز الطلاب وهم يتحدثون بشكل سلمي وودي ويقرأون ويأكلون ويقيمون الصلوات اليهودية والإسلامية.

كما نُظمت عروض لموسيقى الجاز ومحاضرات ودورات في الإسعافات الأولية وعروض لأناشيد ثورية مؤيدة للفلسطينيين وورش عمل في الكتابة. وفي بعض الأحيان تدور مناقشات ساخنة لكنها تخلو من العنف بين يهود مناهضين للصهيونية وطلبة مؤيدين لإسرائيل يزورون المخيم.

ورُفعت في المكان لافتة تنبه الموجودين في المخيم إلى توخي الحذر في تعاملاتهم مع المعارضين للاحتجاج بعبارة "نحن لا نتعامل مع المحرضين".

منطقة محررة

أقام الطلبة المحتجون المخيم فجر يوم 17 أبريل نيسان دون الحصول على إذن من إدارة جامعة كولومبيا مطالبين إياها بسحب استثماراتها من شركات تصنيع الأسلحة وغيرها من الشركات التي تدعم الحكومة والجيش الإسرائيليين.

وقاد الاحتجاجات، التي نظمت بالتحالف مع العشرات من المجموعات الطلابية الأخرى، فرعا مجموعتي (طلاب من أجل العدالة في فلسطين) و(الصوت اليهودي من أجل السلام) في جامعة كولومبيا. وسبق أن أوقفت الجامعة حضور الطلبة المنتمين لكلا المجموعتين في نوفمبر تشرين الثاني بسبب احتجاج سابق غير مصرح به مؤيد للفلسطينيين.

وفي اليوم التالي لنصب المخيم استدعت رئيسة الجامعة نعمت مينوش شفيق الشرطة التي اعتقلت 108 من الطلاب بتهمة التعدي على ممتلكات الغير، مما أثار غضب بعض أعضاء هيئة التدريس. ومنذ ذلك الحين، أعاد الطلبة بناء المخيم الذي صار أكثر نشاطا من ذي قبل.

وتقول رئيسة الجامعة، التي رفضت طلبات إجراء مقابلة معها عبر متحدث باسمها، إنها اتصلت بالشرطة كإجراء أخير في مواجهة خرق القواعد وإن المخيم أثار "الضغينة" داخل الحرم الجامعي وإن سياسة الجامعة لا يمكن أن تمليها مجموعة طلابية أو بعض أعضاء هيئة التدريس. وتجري إدارتها مفاوضات متقطعة مع الطلبة المحتجين.

وكتبت في رسالة داخلية بالبريد الإلكتروني "لدينا مطالبنا، وهم لديهم مطالبهم".

وخلال الندوة أبلغ جوريدي والطالبان معه المحتجين كيف غضب أسلافهم في عام 1968 من إجراءات تأديبية اتخذتها جامعة كولومبيا بحق ستة طلاب احتجوا على علاقات الجامعة بأبحاث الأسلحة وخططها لبناء صالة ألعاب رياضية تكرس الفصل العنصري.

احتل محتجون في عام 1968 عددا من المباني في الحرم الجامعي واحتجزوا القائم بأعمال العميد رهينة لمدة يوم. وانهت الشرطة هذا الاحتجاج بشكل عنيف بعد أسبوع وألقت القبض على نحو 700 طالب.

لكن المحتجين في عام 2024 قرروا احتلال حديقة واحدة في الحرم الرئيسي لجامعة كولومبيا، مع الإشارة إلى أن مدراء الجامعة خصصوا هذه المساحة لتنظيم الاحتجاجات لكن بموافقة مسبقة.

وقالت مريم علوان، وهي طالبة أمريكية من أصل فلسطيني في السنة الثالثة كانت من بين الذين ألقت الشرطة القبض عليهم ومُنعت من دخول الجامعة الأسبوع الماضي، إن الحديقة المحاطة بالسياج التي يسهل تخطيها تم اختيارها بحيث لا يتهمهم المسؤولون بتعطيل الفصول الدراسية.

وأضافت "اطلعنا على بعض صور احتجاجات عام 68". هناك صورة شهيرة لاحتجاجات عام 1968 يظهر فيها الطلبة وهم يحملون لافتة كبيرة كتب عليها "منطقة محررة". ويرفع المحتجون حاليا لافتة مماثلة فوق مخيمهم، وعبرت مريم علوان عن سعادتها بانتشار هذه اللافتة في جامعات أخرى.

وقال جوريدي في مقابلة بعد الندوة "هذا ليس مخيما تدريبيا للثورة... هذه دراسة للتاريخ".

ووصف تانغ بأنه أحد "أنبه طلابه".

وبينما تستمر الاحتجاجات، لا يزال يتعين على تانغ إتمام بحثه الأخير في مادة (كولومبيا 1968) التي يدرسها جوريدي.

قال تانغ "من الصعب الحصول على تقدير ممتاز في مواد العلوم الإنسانية... لكنني سأبذل قصاري جهدي من أجل تحقيق ذلك".

تقويض الحرية الأكاديمية

بدورها واجهت رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية ضغوطا جديدة يوم الجمعة إذ وجهت لجنة الإشراف بالجامعة انتقادات حادة لإدارتها بسبب قمع احتجاجات داعمة للفلسطينيين في الجامعة.

وانتقد عدد كبير من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس ومراقبين من خارج الجامعة نعمت مينوش شفيق بسبب استدعائها شرطة نيويورك إلى الحرم الجامعي لإنهاء اعتصام بالخيام أقامه متظاهرون اعتراضا على الحرب الإسرائيلية على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة.

وبعد اجتماع استمر ساعتين وافق مجلس جامعة كولومبيا على قرار خلص إلى أن إدارة شفيق قوضت الحرية الأكاديمية وتجاهلت الخصوصية وحقوق الإجراءات القانونية الواجبة للطلاب وأعضاء هيئة التدريس من خلال استدعاء الشرطة وإنهاء الاحتجاج.

وورد فيه أن "القرار... أثار مخاوف جدية بخصوص احترام الإدارة للحوكمة المشتركة والشفافية في عملية صنع القرار بالجامعة".

ولم يذكر مجلس الجامعة، الذي يتألف في معظمه من أعضاء هيئة التدريس وغيرهم من الموظفين بالإضافة إلى عدد قليل من الطلاب، اسم شفيق في قراره وتجنب استخدام اللغة الأكثر قسوة المتمثلة في توجيه اللوم.

ونص القرار على تشكيل فريق عمل قال إنه سيراقب "الإجراءات التصحيحية" التي طلب المجلس من الإدارة اتخاذها للتعامل مع الاحتجاجات.

ولم يصدر رد فوري على القرار من شفيق، وهي عضو في مجلس الجامعة لكنها لم تحضر اجتماع يوم الجمعة. وقال بن تشانغ المتحدث باسم جامعة كولومبيا إن الإدارة تشترك في نفس الهدف مع مجلس الجامعة، وهو إعادة الهدوء إلى الحرم الجامعي، وإنها ملتزمة "بالحوار المستمر".

وألقت الشرطة القبض على أكثر من 100 شخص في الأسبوع الماضي وأزالت الخيام من الحديقة الرئيسية لحرم الجامعة في مانهاتن، لكن المتظاهرين عادوا بسرعة وأقاموا الخيام مجددا.

ومنذ ذلك الحين، اعتقلت السلطات مئات المتظاهرين في جامعات أمريكية عديدة حيث أقام الطلاب اعتصامات بالخيام على غرار تلك الموجودة في جامعة كولومبيا، مطالبين الجامعات بالتوقف عن الاستثمار في شركات مرتبطة بالجيش الإسرائيلي.

ودافع البيت الأبيض عن حرية التعبير في الجامعات، لكن الرئيس جو بايدن ندد "بالاحتجاجات المعادية للسامية" هذا الأسبوع وشدد على أن الجامعات يجب أن تكون آمنة.

امتداد الاحتجاجات إلى جامعات أخرى

وامتدت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى حرم الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وأججتها الاعتقالات الجماعية لأكثر من 100 شخص في حرم جامعة كولومبيا الأسبوع الماضي.

وألقت الشرطة القبض على محتجين مؤيدين للفلسطينيين في عدد من الجامعات الأمريكية يوم السبت حيث تعهد النشطاء بمواصلة الحركة الساعية إلى وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من بين مطالب أخرى.

وقالت إدارة شرطة جامعة إنديانا في بلومنجتون في بيان عبر البريد الإلكتروني إنه تم اعتقال 23 محتجا هناك.

وأخبرت شرطة ولاية إنديانا وشرطة جامعة إنديانا المتظاهرين أنهم لا يستطيعون نصب الخيام والتخييم في الحرم الجامعي. وعندما لم تتم إزالة الخيام، ألقت الشرطة القبض على المتظاهرين ونقلتهم إلى مركز العدالة في مقاطعة مونرو بتهمة التعدي الإجرامي على ممتلكات الغير ومقاومة الاعتقال.

وجاء في بيان الشرطة أن “قسم شرطة جامعة إنديانا يواصل دعم الاحتجاجات السلمية في الحرم الجامعي التي تتبع سياسة الجامعة”.

بالإضافة إلى وقف إطلاق النار، يطالب المحتجون جامعاتهم بالتخارج من الشركات التي لها صلات بالجيش الإسرائيلي، ويسعون إلى إنهاء المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل إلى جانب العفو عن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين تم تأديبهم أو طردهم بسبب الاحتجاج.

ورد القادة في العديد من الجامعات في الأسبوع الماضي بمطالبة الشرطة بإخلاء الحرم الجامعي واعتقال أولئك الذين يرفضون المغادرة. وبينما يقولون إنهم يدافعون عن حقوق حرية التعبير بالاحتجاج، فإن هؤلاء القادة يقولون إنهم لن يلتزموا بانتهاك النشطاء لسياسات الحرم الجامعي المناهضة لخطاب الكراهية أو التخييم في حرم الجامعة.

وقالت شرطة ولاية ماساتشوستس في بيان إنها ساعدت في إخلاء مخيم احتجاج في جامعة نورث إيسترن في بوسطن، وإن 102 من المتظاهرين الذين رفضوا المغادرة تم اعتقالهم وسيتم اتهامهم بالتعدي على ممتلكات الغير.

وقالت جامعة نورث إيسترن في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي إنها قررت استدعاء الشرطة لأن “ما بدأ كمظاهرة طلابية قبل يومين تم اختراقه من قبل منظمين محترفين لا علاقة لهم بنورث إيسترن”.

وقالت جامعة ولاية أريزونا في بيان إن شرطة الحرم الجامعي ألقت القبض على 69 متظاهرا في الجامعة يوم السبت.

وقالت الجامعة إن “مجموعة من الأشخاص، معظمهم ليسوا من طلاب جامعة ولاية أريزونا أو أعضاء هيئة التدريس أو الموظفين، أقاموا مخيما ونظموا مظاهرة” وتم القبض عليهم ووجهت إليهم تهمة التعدي الجنائي على ممتلكات الغير بعد رفضهم التفرق.

وأوقف أكثر من مئة متظاهر مساء الأربعاء بالقرب من جامعة "إيمرسون كولدج" في بوسطن. وعلى بعد آلاف الأميال، قام عناصر الأمن الذين يمتطون جيادا بتوقيف طلاب في جامعة تكساس الواقعة في مدينة أوستن.

وفي السياق ذاته، طردت الشرطة صباح الخميس طلابا من جامعة إيموري في أتلانتا في جنوب الولايات المتحدة.

ولكن بالرغم من ذلك، يشهد الحراك الجامعي توسعا، فقد أُنشئ في وقت مبكر الخميس مخيم جديد في حرم جامعة جورج واشنطن في العاصمة، حيث من المقرّر تنظيم تظاهرة.

وتُظهر مقاطع فيديو تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، تمثالا لجورج واشنطن أول رئيس أمريكي، قد لُف بالعلم الفلسطيني حول جبهته. وعند أسفل التمثال، نصب المتظاهرون حوالي عشر خيام.

وقال يزن وهو طالب أمريكي من أصل فلسطيني يدرس في نيويورك "ينام ملايين الفلسطينيين في غزة في البرد كل ليلة من دون الحصول على الطعام أو المأوى".

ومنذ أكثر من أسبوع، ينام الطالب الذي يبلغ من العمر 23 عاما كل ليلة في حديقة جامعة كولومبيا.

وقد انطلقت الحركة الاحتجاجية من هذه الجامعة قبل أن تنتشر في أنحاء مختلفة من البلاد، جراء التعبئة القوية جدا التي قام بها طلاب على شبكات التواصل الاجتماعي.

من جهتها، قالت سابرينا التي لم ترغب في الكشف عن اسمها الكامل أن المظاهرات اجتذبت أيضا الكثير من الأشخاص إلى أبواب حرم جامعة كولومبيا، والذين يميل الكثير منهم "إلى العنف أو التلفظ بإهانات معادية للسامية".

وأضافت هذه الطالبة "عندما آتي إلى الحرم الجامعي، كثيرا ما أخفي رموزي اليهودية حفاظاً على سلامتي"، مشيرة إلى أنها لا تشعر بالأمان فعلا.

في هذه الأثناء، هدد رئيس مجلس النواب مايك جونسون خلال زيارة إلى جامعة كولومبيا، بأن يطلب من الرئيس جو بايدن تعبئة الحرس الوطني في الجامعات التي تعاني من "فيروس معاداة السامية"، على حدّ تعبيره.

ويتهم جزء من المجتمع الأمريكي الجامعات الأمريكية بمعاداة الصهيونية ، الأمر الذي أدى إلى استقالة رئيستي جامعة هارفرد وجامعة بنسلفانيا من منصبهما هذا الشتاء.

وتحرك تصريحات جونسون ذكريات أليمة تعود إلى العام 1970 حين قُتل طلاب عزل برصاص عناصر من الحرس الوطني خلال احتجاجات ضد حرب فيتنام.

غير أن البيت الأبيض امتنع حتى الآن عن ذكر هذا السيناريو، إذ أكدت المتحدثة باسمه كارين جان بيار أن بايدن الذي يسعى للفوز ولاية جديدة في تشرين الثاني/نوفمبر، "يؤيد حرية التعبير والنقاش وعدم التمييز" في الجامعات.

شكوى اتحادية ضد جامعة كولومبيا 

من جهتها قالت منظمة أمريكية مؤيدة للفلسطينيين يوم الخميس إنها قدمت شكوى اتحادية متعلقة بالحقوق المدنية ضد جامعة كولومبيا عقب اعتقال عشرات المحتجين المناهضين لحرب غزة الأسبوع الماضي بعد أن استدعت الجامعة الشرطة لفض مخيم المتظاهرين.

وحثت منظمة "فلسطين القانونية"، وهي جهة تسعى إلى حماية الحق في التحدث علنا نيابة عن الفلسطينيين في الولايات المتحدة، وزارة التعليم على التحقيق في ممارسات الجامعة التي تتهمها بالتمييز ضد المؤيدين للفلسطينيين.

وأعلنت جامعة جنوب كاليفورنيا يوم الخميس إلغاء حفل التخرج الرئيسي هذا العام بعد أسبوع واحد من إلغاء خطاب التخرج الذي كانت ستلقيه طالبة مسلمة عزت الإجراء ضدها إلى الكراهية المناهضة للفلسطينيين.

ووفقا لإشعار على الموقع الإلكتروني للجامعة، ستزيد إجراءات السلامة الجديدة المطبقة هذا العام مثل عمليات الفحص الإضافية من الوقت الذي سيستغرقه دخول الضيوف "بشكل كبير".

وجاء في الإشعار "نتيجة لذلك، لن نتمكن من استضافة حفل التخرج الرئيسي الذي عادة ما يدعو 65 ألفا من الطلاب وأسرهم وأصدقائهم إلى الحرم الجامعي جميعا مرة واحدة".

وعبرت جماعات حقوق الإنسان عن قلقها إزاء الاعتقالات باعتبارها قضية تتعلق بحرية التعبير، في حين قال مسؤولو الجامعة إن الاحتجاجات لم يصرح بها.

جاء قرار جامعة جنوب كاليفورنيا بإلغاء حفل التخرج الرئيسي بعد أيام من إعلان الجامعة أنها "قررت أنه من الأفضل إعفاء المتحدثين الخارجيين والمكرمين" من حضور حفل التخرج في أعقاب الغضب من قرار إلغاء خطاب الطالب المتفوق.

قال آندرو جوزمان عميد جامعة جنوب كاليفورنيا في بيان له الأسبوع الماضي إن قرار إلغاء خطاب الطالبة المتفوقة المسلمة أسنا تبسم المتخصصة في الهندسة الطبية الحيوية يهدف إلى حماية أمن الحرم الجامعي و"ليس له علاقة بحرية التعبير".

ولم يشر بيان جوزمان إلى تبسم بالاسم، ولم يحدد السبب الذي أثار المخاوف بشأن خطابها أو خلفيتها أو آرائها السياسية. كما لم يذكر بالتفصيل أي تهديدات بعينها.

ودعت مجموعات مؤيدة لإسرائيل إلى إلغاء خطاب تبسم قائلة إنه سبق لها أن تبنت آراء معادية للسامية.

أما تبسم التي تصف نفسها بأنها من "الجيل الأول من المسلمين الأمريكيين من جنوب آسيا"، فقالت إن مسؤولي جامعة جنوب كاليفورنيا رفضوا مشاركة تفاصيل التقييم الأمني للجامعة.

واندلعت اشتباكات جديدة بين الشرطة والطلاب المعارضين للحرب الإسرائيلية على غزة يوم الخميس مما أثار تساؤلات حول الأساليب العنيفة المستخدمة لقمع الاحتجاجات التي زادت منذ اعتقال العشرات في جامعة كولومبيا الأسبوع الماضي.

يقول نشطاء إنه على مدار اليومين الماضيين، استخدمت سلطات إنفاذ القانون، بناء على طلب من إدارات الكليات، مسدسات الصعق الكهربائي والغاز المسيل للدموع ضد الطلاب المتظاهرين في جامعة إيموري في أتلانتا بينما فرق أفراد شرطة يرتدون ملابس مكافحة الشغب ويمتطون الخيول المظاهرات في جامعة تكساس بأوستن.

وبشكل عام، اعتقلت السلطات ما يقرب من 550 شخصا في الأيام الماضية من الجامعات الأمريكية الرئيسية فيما يتعلق بالاحتجاجات على حرب غزة، وفقا لإحصاء رويترز. وقالت إدارات الجامعات إن المظاهرات غالبا ما تكون غير مرخصة لذا تدعو الشرطة إلى فضها.

وقالت جامعة إيموري إن الشرطة اعتقلت 28 شخصا في حرمها الجامعي بعد أن بدأ المتظاهرون في نصب خيمة في محاولة لمحاكاة رمز الحراك الحالي بجامعة كولومبيا وغيرها.

وقال الفرع المحلي لمنظمة "صوت يهودي من أجل السلام" إن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع والصعق الكهربائي لتفريق المظاهرة واحتجزت بعض المتظاهرين. وأقرت شرطة أتلانتا باستخدام "المهيجات الكيميائية" لكنها نفت استخدام الرصاص المطاطي.

وأظهر مقطع فيديو بثته قناة أمريكية اشتباكا بين الشرطة وبعض المتظاهرين، واستخدم الشرطيون خلاله مسدس صعق على ما يبدو للسيطرة على شخص فيما تصارع آخرون مع متظاهرين على الأرض قبل اقتيادهم بعيدا.

وقالت شيريل إليوت نائبة رئيس جامعة إيموري للسلامة العامة في بيان "هدفنا الأساسي هو تطهير المنطقة من المخيم المثير للمشكلات مع محاسبة الأفراد أمام القانون".

فيما أثار مكتب الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين في جورجيا تساؤلات حول ما وصفه بأنه "استخدام واضح للقوة المفرطة" ضد أشخاص يمارسون حرية التعبير.

وأضاف "يجب اعتبار استخدام القوة ملاذا أخيرا فقط ويجب أن يكون متناسبا مع التهديد القائم".

وفي مشهد مماثل، اقتحم أفراد الشرطة مخيما أقيم حديثا في جامعة برينستون بولاية نيوجيرزي، حسبما أظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأفادت وسائل الإعلام والسلطات بإزالة شرطة بوسطن معسكرا مؤيدا للفلسطينيين أقامه طلاب إيمرسون كوليدج واعتقال أكثر من 100 شخص.

وفي جامعة جنوب كاليفورنيا حيث ألقي القبض على 93 شخصا يوم الأربعاء، أعلنت الإدارة إلغاء حفل التخرج الرئيسي المقرر في 10 مايو أيار قائة إن الإجراءات الأمنية المفروضة حديثا ستؤخر كثيرا دخول الحضور.

انتهاك حرية التعبير

بدورها نددت هيومن رايتس ووتش واتحاد الحريات المدنية الأمريكي باعتقال المتظاهرين وحثا السلطات على احترام حقوقهم في حرية التعبير.

لكن بعض الجمهوريين في الكونجرس اتهموا إدارات الجامعات بإعطاء الفرصة لمضايقة الطلاب اليهود مما زاد الضغط عليها لتسيطر بصرامة على أي مظاهرات ومنع أي مخيم يستمر طويلا.

وقال وزير التعليم الأمريكي ميجال كاردونا يوم الخميس إن وزارته تراقب عن كثب الاحتجاجات بما في ذلك ما وصفها بأنها "تقارير مثيرة للقلق بشدة عن معاداة السامية".

ردا على ذلك، نفت مجموعات النشطاء بشدة أن تكون الاحتجاجات معادية للسامية. وتقول إن هدفها هو الضغط على الجامعات حتى تسحب استثماراتها من الشركات التي تساهم في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

وخارج جامعة كولومبيا، نظم مئات المتظاهرين المحافظين المؤيدين لإسرائيل احتجاجا مضادا وساروا في الشوارع المحيطة بالحرم الجامعي ولوحوا بالأعلام الإسرائيلية والأمريكية.

واستقبل طلاب في جامعة كولومبيا رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون بصيحات الاستهجان خلال زيارته للمكان الذي أجج شرارة مظاهرات طلابية على مستوى البلاد على خلفية الحرب الإسرائيلية بقطاع غزة.

وقال جونسون إن زيارته لحرم الجامعة في مانهاتن تهدف إلى دعم طلبة يهود يتعرضون للترهيب من بعض المتظاهرين المناهضين لإسرائيل.

وتعاملت سلطات إنفاذ القانون بشكل عنيف مع بعض احتجاجات الجامعات في أنحاء البلاد.

ففي ولاية تكساس، فرقت قوات من دورية للطرق السريعة مزودة بمعدات مكافحة الشغب وبدعم من أفراد شرطة يمتطون الخيول احتجاجا في جامعة تكساس بأوستن. وذكرت إدارة السلامة العامة في ولاية تكساس في منشور على إكس أن 34 شخصا اعتقلوا.

وأعلنت جامعة جنوب كاليفورنيا إغلاق حرمها الجامعي وطلبت من قسم شرطة لوس انجليس فض مظاهرة. واعتقلت الشرطة طلابا استسلموا طواعية واحدا تلو الآخر. وقبل ذلك بساعات، أزالت شرطة الحرم الجامعي مخيم احتجاج لكن المحتجين قاوموها بقوة مما دفعها لطلب الدعم من شرطة لوس انجليس لمواجهة الطلاب.

وشهدت جامعات أخرى احتجاجات مماثلة منها جامعة براون في مدينة بروفيدنس وجامعة ميشيجان في مدينة آن أربور ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كمبريدج وجامعة كاليفورنيا بوليتكنك في مدينة هومبولت.

وفي جامعة كولومبيا، لم تمنع صيحات الاستهجان جونسون من التحدث لكن كان من الصعب سماعه لأنه تحدث إلى ميكروفونات وسائل الإعلام وليس عبر مكبرات الصوت.

وقال جونسون من على درج مكتبة الجامعة “بما أن جامعة كولومبيا سمحت لهؤلاء المتطرفين والمحرضين الخارجين عن القانون بالسيطرة على الوضع، فقد انتشر فيروس معاداة السامية إلى جامعات أخرى”. ودعا إلى اعتقال المتظاهرين الذين يمارسون العنف وهدد بقطع التمويل الاتحادي عن الجامعات التي تفشل في فرض النظام.

في بلد يشهد استقطابا سياسيا، يمكن للمحافظين تحقيق مكاسب من خلال الظهور بمظهر من يقف في وجه النشطاء الليبراليين الذين يقول الكثير منهم إن ما يرويه الجمهوريون عن وجود عنف معاد للسامية في الجامعات مبالغ فيه إلى حد كبير ليخدم أغراضا سياسية.

وقبل المؤتمر الصحفي، قال طلاب بالمكان إن جونسون التقى بنحو 40 طالبا يهوديا في الحرم الجامعي. ويقول هؤلاء الطلاب إنهم يخشون دخول الحرم الجامعي وأشاروا إلى أن سبب ذلك ما قاله طلاب يهود عن تعرضهم للبصق عليهم ومشاهدتهم لصلبان معقوفة، وهي علامة النازية الشهيرة، مرسومة على الجدران.

ويقول طلاب مشاركون في مخيم الاعتصام إن احتجاجهم سلمي وإن دخلاء لا صلة لهم بتحركهم مسؤولون عن مواجهات تحريضية خارج الحرم الجامعي.

وقال محمود خليل وهو طالب فلسطيني في جامعة كولومبيا شارك في المفاوضات مع إدارة الجامعة بشأن الاحتجاجات “للأسف لا يوجد اهتمام بهذه الحركة السلمية والسياسيون يصرفون الانتباه عن القضايا الحقيقية… هذه هي الحرية الأكاديمية، وهذه هي حرية التعبير”.

ووصفت منظمة (بن أمريكا) المدافعة عن حرية التعبير التصعيد المفاجئ في جامعة تكساس بأنه “مقلق للغاية”.

وقالت كريستين شافيرديان مديرة برنامج حرية التعبير في الجامعات بالمنظمة “يجب على الإدارة أن تفعل كل ما في وسعها للحفاظ على سلامة طلابها وسير العمل في الجامعة، لكن استدعاء شرطة الولاية لتفريق احتجاج سلمي بدأ بالكاد هو على النقيض من ذلك”.

ووصلت أصداء هذا الحراك السياسي إلى البيت الأبيض حيث قالت المتحدثة كارين جان-بيير إن الرئيس جو بايدن يعتقد أن حرية التعبير والنقاش وعدم التمييز أمور مهمة في الجامعات.

وأضافت في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء “نريد أن نرى هذا الأمر سلميا… من المهم أن يشعر الطلاب بالأمان… لا ينبغي أن يكون الأمر عنيفا، ولا ينبغي أن يحرض الخطاب على الكراهية”.

نتنياهو يعتبر المحتجين غوغاء

من جهته قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه “يتعين بذل المزيد” للتصدي لاحتجاجات مؤيدة للفلسطينيين انتشرت في الجامعات الأمريكية في الأسابيع القليلة الماضية.

وقال نتنياهو في كلمة مسجلة “ما يحدث في جامعات أمريكية مروع”، واتهم “غوغاء معادين للسامية” بالسيطرة على الجامعات البارزة.

وأضاف أن هذا “غير معقول. ويتعين وقفه وإدانته، إدانته على نحو لا لبس فيه… رد فعل عدد من رؤساء الجامعات كان مخزيا. الآن، ولحسن الحظ، اختلفت استجابة كثيرين من المسؤولين الاتحاديين وعلى مستوى الولايات والمحليات لكن يجب بذل المزيد. يتعين بذل المزيد”.

امتداد الاحتجاجات الجامعية الى اوربا

بدورها بدأت الشرطة في برلين يوم الجمعة إزالة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين أقامه نشطاء خارج مبنى البرلمان لمطالبة الحكومة بوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل وإنهاء ما يقولون إنه تجريم لحركة التضامن مع الفلسطينيين.

وأزالت الشرطة الخيام وأبعدت المتظاهرين بالقوة وأغلقت المنطقة المحيطة لمنع وصول محتجين آخرين.

وأقام النشطاء المخيم في الثامن من أبريل نيسان تزامنا مع بدء نظر محكمة العدل الدولية دعوى رفعتها نيكاراجوا ضد ألمانيا بسبب تقديم برلين مساعدات عسكرية لإسرائيل.

وقال جارا نصار، الذي نظم المخيم، لرويترز “الفكرة كانت لفت الانتباه إلى… التواطؤ الألماني والتمكين النشط للإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة”.

وتنفي إسرائيل بشدة الاتهامات بأن هجومها على غزة يشكل إبادة جماعية.

وجلس نصار وعشرات المتظاهرين على الأرض وهم يرددون شعارات وأغنيات مؤيدة للفلسطينيين بينما كانت الشرطة تطالبهم عبر مكبرات الصوت بالمغادرة.

وثار توتر أمام جامعة سيانس بو بالعاصمة الفرنسية باريس يوم الجمعة بسبب الحرب في غزة مع وصول محتجين مؤيدين لإسرائيل لتحدي طلاب مؤيدين للفلسطينيين يحتلون مبنى بالجامعة.

وتحركت الشرطة للفصل بين المجموعتين.

ويحتل بعض الطلاب مبنى في الجامعة منذ الليل. وردد الطلاب هتافات داعمة للفلسطينيين ورفعوا الأعلام الفلسطينية على النوافذ وفوق مدخل المبنى. ووضع عدد منهم الكوفية ذات اللونين الأسود والأبيض التي أصبحت رمزا للتضامن مع غزة.

وطالب المحتجون إدارة الجامعة بإدانة تصرفات إسرائيل في ترديد لصوت احتجاجات مماثلة في جامعات أمريكية.

قال هشام (22 عاما) طالب الماجستير في حقوق الإنسان والدراسات الإنسانية بالجامعة “حين نرى ما يحدث في الولايات المتحدة والآن في أستراليا نأمل حقا أن ينتشر ذلك هنا في فرنسا فالعالم الأكاديمي لديه دور ليلعبه”.

وقالت زوي طالبة الماجستير في الإدارة العامة بالجامعة والبالغة من العمر 20 عاما “نأمل أن ينتشر ذلك إلى كل الجامعات وخارجها… لن نستسلم حتى تنتهي الإبادة الجماعية في غزة”.

وقالت زوي البالغة من العمر 20 عاما، وهي طالبة ماجستير في الإدارة العامة “نأمل أن ينتشر ذلك إلى جميع الجامعات وخارجها… لن نستسلم حتى تنتهي الإبادة الجماعية في غزة”.

وفي وقت لاحق من يوم، سار محتجون مؤيدون لإسرائيل، بعضهم يتدثر بالأعلام الإسرائيلية أو الفرنسية، إلى المبنى احتجاجا.

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس

اضف تعليق