اقرار الدستور العراقي الجديد اصبح محتما..

شددت الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) من شروط رفض مسودة الدستور المقبل للبلاد الذي سيجري التصويت عليه في استفتاء في 15 تشرين الاول/اكتوبر الجاري على اساس انه لا يمكن رفضه الا في حال صوت ضده "ثلثا الناخبين المسجلين" في ثلاث محافظات وفقا لبيان للبرلمان صدر الاثنين.

وتحدد المادة 61 من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية الذي وضعه مجلس الحكم (2003-2004) قواعد التصويت في الاستفتاء باستخدام تعبير "الناخب" غير الواضح دون ان تحدد ما اذا كان الامر يتعلق بالمسجلين او الذين يدلون باصواتهم.

وبموجب هذه المادة فان "الاستفتاء العام حول الدستور سيكون مقبولا في حال وافقت عليه اغلبية الناخبين في العراق ولم يرفضه ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات".

وقد وافقت الجمعية الوطنية العراقية الاحد على وثيقة للجنة القانونية تنص على الاخذ بالاعتبار عدد الذين يدلون باصواتهم للموافقة على الدستور والمسجلين لرفضه ما يجعل الامر الاخير صعبا للغاية.

وجاء في نص اللجنة والذي تبناه النواب ان "الكلمة الواردة في الشطر الاول من المادة 61 تعني الناخبين المسجلين في سجل الناخبين الذين ادلوا باصواتهم فعلا في الاستفتاء اما كلمة الناخب الواردة في الشطر الثاني من الفقرة فتعني الناخبين المسجلين في سجل الناخبين".

وقد دعا عدد من القادة السياسيين والدينيين السنة الى التصويت ب"لا" على الدستور معتبرين ان الفدرالية الواردة في النص ستؤدي الى تقسيم البلاد. والسنة يشكلون الغالبية في ثلاث محافظات في العراق.

وقال خضير الخزاعي عضو البرلمان من قائمة الائتلاف الموحد والعضو البارز من حزب الدعوة العراقي الذي يتزعمه ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء العراقي "لقد وضح قانون الاستفتاء بان الناخب هو من يمارس عملية التصويت فعلا اما الذين يريدون رفض مسودة الدستور فعليهم ضمان ثلثي اصوات المسجلين في سجلات الناخبين". واضاف "نقول لمن يريد نقض الدستور ان يؤمن اصوات ثلثي المسجلين في سجلات الانتخاب".

من جهته قال محسن السعدون رئيس اللجنة القانونية للبرلمان من قائمة التحالف الكردستاني انه "تم التصويت وفق ما وجدته اللجنة القانونية وهو ان +الناخبين المسجلين في سجل الناخبين هم الذين يدلون باصواتهم فعلا في الاستفتاء+".

وقال حسين عذاب عضو اللجنة الدستورية من قائمة الائتلاف الموحد "يعتبر الاستفتاء ناجحا ومسودة الدستور مصادقا عليها عند موافقة اكثرية الناخبين في العراق واذا لم يرفضها ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات او اكثر". واضاف "المشكلة التي طرحت هي معنى كلمة ناخبين في الدستور". واوضح "على من يريد ان يرفض الدستور ان يحشد ثلثي الناخبين في ثلاث محافظات او اكثر".

وكان ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء العراقي اعلن الاحد اجراءات وخططا ستتخذها الحكومة العراقية قريبا لانجاح الاستفتاء على الدستور المقرر اجراؤه منتصف تشرين الاول/اكتوبر.

هذا وأبدى مسؤولون سنيون وساسة عراقيون مستقلون استياءهم من تلك الخطوة التي أقدمت عليها الاغلبية الشيعية والكردية لجعل هزيمة مشروع الدستور في استفتاء 15 أكتوبر تشرين الاول أمرا صعبا.

وينص الدستور الانتقالي في واقع الامر على انه "يكون الاستفتاء العام ناجحا ومسودة الدستور مصادقا عليها عند موافقة أكثرية الناخبين في العراق واذا لم يرفضها ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات أو أكثر".

وفي انتخابات يناير كانون الثاني أدلى أقل من 60 في المئة من العراقيين المسجلين باصواتهم.

وقال محمد عثمان العضو الكردي المستقل في البرلمان العراقي لرويترز "هذا ازدواج في المعايير وما كان ينبغي أن يحصل".

وفي ظل وجود عدد ضئيل جدا من المقاعد التي يحتلها السنة في البرلمان نتيجة لمقاطعة الانتخابات فقد كان من العسير جدا على السنة أن يهزموا المقترح الشيعي الكردي في جلسة الامس.

ووصف جوست هيلترمان الخبير في شؤون العراق في المجموعة الدولية لبحوث الازمات القرار بانه مثال واضح على ما يحدث حينما تقرر الاغلبية أن تحكم في نظام ديمقراطي.

وقال في اشارة للشيعة والاكراد الذين صاغوا الدستور بحيث يتناسب معهم "من الواضح انهم يريدون أن يفوزوا."

وقال لرويترز في عمان "ولكن تطبيق هذا النوع من تسلط الاغلبية هو أمر خطير.. انهم يستبعدون طائفة لجعل الامر يبدو وكأن هناك وفاقا."

وأبدى هيلترمان قلقه من ان يؤدي استبعاد اهل السنة اكثر الى دفع المزيد منهم نحو الانشطة المسلحة في نهاية المطاف.

وقال فريد ايار عضو المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية التي تنظم الاستفتاء ان الدستور المؤقت المعمول به يشير بوضوح الى تعريف الناخبين في الاستفتاء على انهم الذين أدلوا بأصواتهم وليس الناخبين المسجلين.

وأضاف "انها قضية وهناك حاجة لحلها."

وقال مارتن نافياس من مركز دراسات الدفاع في كلية كينجز كوليدج لندن "واقع الامر ان عواقب رفض هذا الدستور ستكون هائلة.. يصعب تخيلها.

"اذا رفض هذا الاستفتاء فهذا رفض صريح للعملية السياسية برمتها.. ولا يمكن السماح لها بالفشل."

من جهتها سعت الامم المتحدة الاثنين الى التقليل من اهمية تقرير سري داخلي لها يفيد ان الدستور العراقي الجديد سيؤدي الى تقسيم هذا البلد.

وذكرت مجلة نيوزيوك في عددها الاخير ان تقريرا سريا للامم المتحدة صدر بتاريخ 15 ايلول/سبتمبر حذر من ان الدستور العراقي الجديد الذي سيجري الاستفتاء عليه في 15 تشرين الاول/اكتوبر هو "نموذج لتقسيم اراضي هذه الدولة".

وردا على سؤال حول هذا التقرير قال ستيفان دوجاريك المتحدث بلسان الامين العام للامم المتحدة كوفي انان انه تحليل داخلي للامم المتحدة تم تسريبه لنيوزويك.

وقال دوجاريك للصحافيين "انها وثيقة داخلية". واضاف "فيما يتعلق بالامم المتحدة فإن العراقيين هم الذين سيحكمون على الدستور في 15 تشرين الاول/اكتوبر من خلال الاستفتاء".

ومن المقرر ان يدلي العراقيون في الخامس عشر من هذا الشهر برأيهم حول مسودة الدستور الذي صيغ الشهر الماضي بعد اسابيع من الاخذ والرد بين مختلف الاطراف رغم اعراب زعماء السنة عن عدم رضاهم على الوثيقة. ويتوقع ان يشارك اكثر من 80% من العراقيين في الاستفتاء وفقا لاستطلاع نشر الاسبوع الماضي.

ويشهد العراق هجمات يومية وحذر الرئيس الاميركي جورج بوش الشهر الماضي من وقوع المزيد من اعمال العنف قبيل الاستفتاء والانتخابات المرتقبة في كانون الاول/ديسمبر.

وحذرت مجموعة ابحاث بارزة في بروكسل الاسبوع الماضي من ان مسودة الدستور التي صيغت على عجل عمقت الانقسامات المذهبية ومن المرجح ان تؤجج التمرد السني والتسريع بتفكيك هذا البلد.

وقالت "مجموعة الازمات الدولية" (انترناشونال كراسيس غروب) ان العراق يتجه على ما يبدو " الى تقسيم بحكم الامر الواقع وحرب اهلية على نطاق واسع" ما لم تقم واشنطن "برعاية تسوية حقيقة بين الشيعة والاكراد والسنة".

والسنة الذين امسكوا بالسلطة في العراق لعقود من الزمن مستاؤون لاقصاء اعضاء حزب البعث المنحل الذي كان يرأسه الرئيس المخلوع صدام حسين وحول المستقبل الفدرالي للعراق كما ينص عليه الدستور.

ويشعر السنة بأن نص الدستور "يهدد مصالحهم الاساسية بتسهيله ضمنا تفكيك البلاد مما يؤدي الى حصرهم في منطقة معينة وتجريدهم من الموارد" وفقا لما جاء في تقرير مجموعة الابحاث.

من جهتها قالت المفوضية العليا للانتخابات العراقية يوم الاثنين انها وافقت على مشاركة ستة فرق دولية في مراقبة الاستفتاء على مسودة الدستور العراقي المقرر اجراؤه يوم 15 اكتوبر تشرين الاول.

وقال علي اللامي المدير العام للمفوضية ان "عدد المعتمدين للمراقبة من الفرق الدولية بلغ 500 مراقب."

وقالت المفوضية في بيان ان هناك فرقا دولية اخرى ابدت رغبتها في المشاركة في عملية المراقبة.

وقال اللامي ان المفوضية "تتطلع لزيادة عدد المراقبين لضمان نزاهة وشفافية عملية الاستفتاء فضلاً عن مطابقتها للمعايير الدولية."

واضاف ان المفوضية صادقت حتى الان على اعتماد اكثر من 100 الف من ممثلي الكيانات السياسية العراقية وغيرهم من المراقبين للتواجد داخل المراكز لمراقبة سير عملية الاقتراع.

شبكة النبأ المعلوماتية -اربعاء 5 / تشرين الأول/2005 -  30/ شعبان/1426