تعد الحشرات صنف من الحيوانات اللافقارية في شعبة مفصليات الأرجل، وتوجد أنواع كثيرة منها كلها تصنف تحت قسم "المفصليّات"، وذلك لأنّها تمتلك أرجل مفصليّة، وجسمها مقسم إلى حلقات، وله غطا خارجيّ صلب، وتدلّنا الأبحاث والدّراسات لعلماء الحشرات أن عدد الحشرات على الكرة الأرضية قد يوازي عدد سكان العالم أو يضاهيه حتى، فتشكل الحشرات المجموعة الأكثر تنوعا من الكائنات الحية على سطح الأرض فهي تحوي ما يزيد على مليون نوع تم وصفها، أي أكثر من نصف جميع الكائنات الحية، حيث يُقدّر عدد الفصائل غير المصنفة بقرابة 30 مليونا، أي أنها تشكل أكثر من 90% من مختلف أشكال الحياة على الأرض.

وتتواجد الحشرات في جميع البيئات تقريبًا، إلا أن عددًا ضئيلًا منها قد اعتاد على الحياة في البيئة المائية، أي نوع المساكن الذي تسيطر عليه طائفة أخرى من مفصليات الأرجل وهي القشريات، كما وتصنّف الحشرات كذلك إلى حشرات نافعة وحشرات ضارّة للإنسان والبيئة، حيث أنّ الحشرات النافعة قد نستفيد من بعضها في إنتاج بعض المنتجات كالحرير، والذي يصنع من دودة القزّ، والعسل والذي يصنعه النّحل، وأنّ بعض الحشرات تعتبر مصدراً غذائيّاً لغيرها من الكائنات الحيّة، إضافة إلى إن الحشرات تقوم بدورها الأساس في تلقيح المحاصيل، وتقوم كذلك بالتخلّص من الحشرات الضارة، وهي تعمل أيضاً على تهوية التربة وزيادة خصوبتها.

أمّا الحشرات الضارّة للبيئة والإنسان فيجب التخلّص منها، حيث أنّها تكون سبباً في كثير من الأحيان في نقل الأمراض والميكروبات المختلفة للإنسان، كما أنّها تضرّ بالبيئة، فقد تسبّب هلاك المحاصيل، وإتلاف البيئة، كما أنّها قد تؤذي الحيوانات الأخرى، ومن الحشرات الضارّة للإنسان وقد تصيبه بأمراض النّوم "ذبابة تسي تسي".

على صعيد مختلف يملك نمل الصحراء قدرات عجيبة على التنقل ومعرفة الطرق التي يسلكها ويمكن للعلماء حالياً أن يفهموا بشكل أفضل كيف يعمل دماغ هذا النمل من خلال وضع نموذج له على روبوت، فتضع أنواع من النمل مواد كيمياوية على المسارات التي تسلكها أينما ذهبت، وهي تستخدم هذه المواد لتستدل بها على طرقها بحثاً عن الغذاء وللعودة الى موطنها بسهولة.

في حين بإمكان نوع من النمل أن يعالج نفسه بالتغذي على مادة سمية عندما يتعرض للفطريات القاتلة، عندما تشعر النملة من هذا النوع باقتراب العدوى، تعالج نفسها بالكمية التي تحتاجها من الدواء، لكن الصيدلية التي تتوجه إليها ليست غرفة نظيفة وجيدة الإضاءة، فهي تتوجه إلى جيف الحيوانات، وإلى الرحيق، أو المن الذي تفرزه الحشرات.

ومن جهتهم قال علماء إن العناكب تستطيع الإبحار، واستغلال الرياح، وصنع مرساة سفن بخيوطها، بل إنها قد تعبر محيطات شاسعة، قد يساعد هذا الاكتشاف في تفسير وجود بعض أنواع العناكب في كل ركن من أركان المعمورة، تعتبر العناكب عدوا كبيرا للحشرات، لذلك فإن فهم تحركاتها قد يكون مفيدا للبشر.

بينما يقول باحثون إنهم ابتكروا أسلوبا يتضمن تعديلا جينيا للقضاء على أنواع شرسة من حشرة العثة (أبو دقيق) تسبب أضرارا خطيرة لمحاصيل الكرنب (الملفوف) واللفت والكانولا وأنواع أخرى على مستوى العالم، ووصف الباحثون الأسلوب الجديد بانه صديق للبيئة ولا ينطوي على استخدام مبيدات ويتضمن إدخال جين في خلايا العثة الماسية الظهر أدى الى تناقص أعدادها خلال التجارب الحقلية.

وعليه تمكنت الحشرات من غزو أرجاء العالم جميعاً بقدرتها علـى المعيشة في مختلف البيئات ولمقدرتها على تخطى الصعـاب التي تفشل غيرها من الكائنات الحية على تحملها، وتعد الحشرات منافسا رئيسيا للإنسان في الكثير من الأمور، لذا فقد أصبحت محط اهتمام العلماء الساعين الى معرفة كل شيء عن هذه المخلوقات سواء كان ايجابي او سلبي، وقد رصدت (شبكة النبأ المعلوماتية) بعض الأخبار والدراسات نستعرض أبرزها في التقرير أدناه.

الذباب والديدان والصراصير

في السياق ذاته دخل الذباب والديدان والصراصير قائمة طعام منظري السياسات الاوروبية فهل يجد طريقه إلى سلسلة الغذاء العالمي بعد أن خلص بحث أجري لصالح المفوضية الاوروبية انها يمكن أن تكون بدائل للدجاج ولحوم الابقار والخنازير مغذية وآمنة بل وصديقة للبيئة أيضا. بحسب رويترز.

ورغم ذلك لا تزال فرص وصولها إلى قوائم الطعام الاوروبية أقل من فرص ادخالها في علف الحيوان مع اخضاعها لرقابة شديدة لمنع البروتينات الشاذة المسؤولة عن مرض مثل جنون البقر، وتعمل المفوضية وهي الادارة التنفيذية للاتحاد الاوروبي على تعديل التشريع الخاص بالاطعمة المستحدثة بعد فشل اقتراح سابق نظرا للاعتراض على استنساخ الحيوان، وطلبت المفوضية من الهيئة الاوروبية لسلامة الغذاء (إفسا) اجراء بحث عن سلامة أكل الحشرات.

وفي رأي علمي قالت إفسا ان استخدام الحشرات كمصدر للطعام والعلف يمكن ان يكون له فوائد هامة للبيئة والامن الاقتصادي والغذائي، وجاء في التقرير أن تربية الحشرات يمكن أن تخفض الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري أو ما يعرف بظاهرة البيوت الزجاجية مقارنة بتربية الماشية والخنازير كما انها تنطوي على كفاءة أكبر في تحويل العلف إلى بروتين.

وفي عام 2014 طرحت شركة ديلهيز للتجزئة التي تدير سلسلة متاجر في بلجيكا مأكولات تدخل سوسة الدقيق في مكوناتها لكنها لم تلق رواجا، وقال متحدث باسم الشركة "قررنا ألا تكون الحشرات ظاهرة في المنتج حتى نخفف من النفور المبدئي لكن رغم ذلك رأينا ان المستهلك ليس مستعدا بعد لذلك"، وذباب المنازل وسوس الدقيق والصراصير وديدان الحرير هي من أنواع الحشرات التي يعتقد أن أمامها فرص أكبر لدخول قوائم طعام البشر وعلف الحيوان في الاتحاد الاوروبي.

وتعتبر خاصة في العجائن والأشكال المعالجة الأخرى بدائل جيدة لمصادر البروتين الحيواني مثل الدجاج ولحوم الابقار والخنازير والأسماك كما انها مفيدة كعلف للحيوان، ومن المتوقع في حالة طرح حشرات كاملة كمنتج غذائي ان تخضع لعملية معالجة طويلة مثل التبريد والتجفيف على ان ترفق بتعليمات للاستخدام، وقالت إفسا في تقريرها إنه في بعض الحالات ستنتزع اجزاء من الحشرة مثل الارجل والأجنحة "لتحسين تجربة أكلها وتقليص مخاطر الاختناق" كما يحدث مع تقشير الروبيان (الجمبري).

النمل

فيما يملك نمل الصحراء قدرات عجيبة على التنقل ومعرفة الطرق التي يسلكها ويمكن للعلماء حالياً أن يفهموا بشكل أفضل كيف يعمل دماغ هذا النمل من خلال وضع نموذج له على روبوت، فتضع أنواع من النمل مواد كيمياوية على المسارات التي تسلكها أينما ذهبت، وهي تستخدم هذه المواد لتستدل بها على طرقها بحثاً عن الغذاء وللعودة الى موطنها بسهولة.

ولكن أحد أنواعها، وهو نمل الصحراء، لا يفعل ذلك، فبدلا من أن يتبع مسارات وضعها آخرون، فإنه يغادر موطنه ويتنقل على ما يبدو بشكل عشوائي، ومع ذلك فإنه يجد طريقه للعودة إلى موطنه على الدوام، يعود الفضل في ذلك إلى استخدام هذا النوع من النمل طريقة تدعى تكامل المسار، وهو نظام داخلي لتحديد المواقع أشبه بنظام "جي بي اس".

كما يستطيع هذا النوع من النمل أن يتذكر طريقه للعودة الى موطنه من خلال تذكر المسلك الذي سار فيه اعتمادا على علامات مرئية يحفظها في ذاكرة عقله الدقيق، ويشبه ذلك ما يستخدمه الانسان ذهنياً باستعمال مسار مألوف: فإذا ضللنا الطريق في أية نقطة في ذلك المسار، فإننا على الأرجح نتذكر المكان الذي كنا فيه، تضمن هذه المنظومة الفعالة للغاية أنه إذا ما ضل النمل طريقه ولو قليلاً عن دربه المعتاد، فإنه بمقدوره الاستعانة بتلك العلامات المرئية لإعادة توجيه مساره.

بالرغم من دماغه الصغير، فإن النمل الصحراوي بإمكانه العودة إلى موطنه دائما بعد مغادرته

وقد سعى فريق من الباحثين بجامعة أدنبره بالمملكة المتحدة تحت إشراف "باربرا ويب" إلى التعرف على طريقة إنجاز هذه العملية بالضبط في دماغ نملة، وصمم فريق البحث نموذجا للتعرف بشكل أفضل على خطوات هذه العملية.

وتقول "ويب"، التي عرضت رؤية فريقها في اجتماع "جمعية علم النفس" لعام 2015 في نيويورك، : "لهذا النمل دماغ يمكنك أن تضعه على رأس دبوس، ما يهمنا أن نفهمه هو المسار المتبع في دماغه"، ودرس الفريق بعناية منطقة تسمى الأجسام الفطرية، ثم استنسخوا بنجاح هذه "الشبكة العصبية" على روبوت صغير حيث تمثل كل نقطة التقاء في هذا النموذج خلية من خلايا الدماغ.

والروبوت في الأساس عبارة عن هاتف نقال على عجلات، ومثل النملة، يمكنه أن "يرى"، وإن كان عن طريق كاميرا، كما إنه يتحرك وفق تطبيق معين يتيح له التنقل في المجال القريب، وإضافة لذلك، فإن لديه عدسة متعددة الاتجاهات تشبه قدرة النمل على الرؤية بجميع الاتجاهات، أي بزاوية 360 درجة، وأخيراً، يمكن للروبوت أن يتذكر (يخزن) ما يصل إلى 400 صورة ليستخدمها في التعرف على الأماكن المألوفة.

استطاع الروبوت أن يتبع مسارات بنفس الطريقة التي يقوم بها النمل، وفي نفس البيئة الصحراوية، وتقول "ويب" إن ذلك يؤكد أن النمل يستعين حقا بمجموعة محددة من الأشكال المرئية ليساعده في التنقل واستدلال طريقه، وتضيف: "إذا كان بمقدورنا إعادة إنتاج ذلك السلوك في هذا النظام المصطنع، فذلك يدل على أننا حصلنا على تفسير جيد".

وتابعت "ويب" القول إن دماغ النملة المصطنع له أيضاً تطبيقات عديدة، وأوضحت: "توجد إمكانية لصناعة روبوتات متنقلة خاصة في مواقف لا يريد الشخص أن يستخدم فيها أجهزة استشعار معقدة جداً"، تتمتع عين النمل، وبالتالي الروبوت أيضا في هذه الحالة التجريبية، بفاعلية كبيرة، ومع ذلك فإنها لا تستوعب سوى قدر قليل جدا من الذاكرة، ولذا، فإن بناء جهاز صغير لا يحتاج إلى الكثير من الطاقة سيستخدم على نطاق واسع.

ويعرف عن مجتمع النمل قدراته المدهشة للعمل مثل كائن حي جبار، وبناء ما يشبه دماغ نملة ما هو إلا دليل آخر على كيف يمكن الاستفادة من العمليات الطبيعية في استلهام ابتكارات تكنولوجية، على سبيل المثال، جرت الاستفادة من قدرات الحفر المذهلة لأنواع النمل الغازية في تصميم روبوتات البحث والإنقاذ، وصممت مستعمرة روبوتات تتصرف تماماً مثل مستعمرة النمل، كما جرى برمجة مجموعات من الروبوتات لتنتقل في أشكال مختلفة، ربما تكون أدمغة النمل صغيرة، لكن يبدو واضحاً أنه لا يزال أمامنا الكثير لكي نتعلمه من مخلوقات بالغة الصغر كالنمل.

في حين بإمكان نوع من النمل أن يعالج نفسه بالتغذي على مادة سمية عندما يتعرض للفطريات القاتلة، عندما تشعر النملة من هذا النوع باقتراب العدوى، تعالج نفسها بالكمية التي تحتاجها من الدواء، لكن الصيدلية التي تتوجه إليها ليست غرفة نظيفة وجيدة الإضاءة، فهي تتوجه إلى جيف الحيوانات، وإلى الرحيق، أو المن الذي تفرزه الحشرات.

ويعيش نمل فورميكا فوسكا في التراب أو تحت الأماكن المتعفنة أو الحجارة، في الجوار يتربص فطر قاتل، وبمجرد لمس جراثيم صغيرة من فطر "البفاريا باسينا " للنمل، يبدأ في التغذي على مادة سمية لإنقاذ حياته، هذه الجراثيم تقوم أولا بإفراز الإنزيمات التي تذوب في الغطاء الخارجي للنمل. ومن ثم ينقسم الفطر ويتغذى على إفرازات النمل حتى تصبح كرة ميتة وهشة من العفن مليئة بالجراثيم في انتظار أن تنفجر في غفلة من بقية النمل وتصيبه بالعدوى.

النمل المصاب يبدو عديم القوة، لكن الأمر ليس كذلك، طبقاً لدراسة حديثة قام بها نيك بوس من جامعة هيلسينكي بفنلندا، فقد أظهرت التجارب المخبرية أنه بعد التعرض للفطر، يسعى النمل إلى أن يتغذى على الطعام الذي يحتوي مادة سامة تقتل إفرازات الفطر وتساعد النمل على النجاة.

ليس من المستغرب، كما يقول نيك بوس كاتب البحث، أن تشتم النملة دواءها، ويضيف: "يوجد في قرون استشعار النمل كميات كبيرة من المادة التي تمكن النمل من أن يشم عدداً كبيراً من المواد المختلفة، لذا ليس من المستغرب أن يشم النمل الطعام الذي يحتوي على الدواء"، هذه القدرة على التداوي ذاتياً لوحظ وجودها أيضاً لدى مخلوقات أخرى من الطيور والنحل والزواحف.

فالكائنات الحية تواجه العدوى بإفراز مواد سامة للقضاء على أعراض الأمراض المحتملة، وهذا بالضبط ما يقوم به النمل، مستخدماً مادة يطلق عليها أنواع الأكسجين التفاعلية أو "آر أو إس"، هذه الجزيئات تحتوي على أكسجين قادر على مكافحة العدوى بقتل الجراثيم المسببة للمرض، وبينما تستطيع بعض المخلوقات إفراز هذه المادة ذاتياً، يقوم النمل باستخلاصها من الطعام الذي يأكله.

ولاكتشاف ذلك، قام "بوس" وزملاؤه بتقسيم النمل الى مجموعات، وعمدوا إلى تعريض بعضها لفطريات سامة، بعض النمل تمت تغذيته بطعام يحتوي على العسل بينما أطعم البعض الآخر بمكملات غذائية تحتوي على مادة "آر أو إس"، هناك جانب سلبي هو أن هذه المادة ضارة أيضاً. فالنمل الذي لم يتعرض للعدوى والذي تم إطعامه بغذاء يحتوي على تلك المادة يرجح أنه سيموت. هذا أمر متوقع لأن "آر أو إس" مادة سمية وقد تكون قاتلة، رغم ذلك، لوحظ أن النمل الذي تعرض للفطر السام سجل نسبة بقاء على الحياة أعلى عندما تغذى على الطعام المشبع بتلك المادة.

في الحقيقة، لوحظ أن النمل المصاب بالفطر فضل مكملات الطعام المضاف اليها مادة "آر أو إس" عندما أعطي الخيار، كشف هذا النقاب عن أن النمل يسعى للتغذية على تلك المادة محتملة السمية كوسيلة للعلاج، واكتشف الباحثون أن النمل يمكنه التنبؤ بالعدوى بعد تعرضه للفطر السام، وهو ما يعني أن النمل يعالج نفسه للوقاية من المرض.

ويبدي النمل ذكاء أكثر من ذلك. فهو يتناول كمية معقولة وغير مبالغ فيها من الدواء. وعندما أعطي للنمل خياران، لوحظ أنه يفضل جرعة أقل من مادة "آر أو إس"، وهو خيار ذكي نظراً لطبيعتها السامة، يقول جاكوبس دي روود، من جامعة إيموري في أتلانتا: "هذا الوضع يشبه اختيارنا ومعرفتنا بالفرق بين البيرة منخفضة الكحول وتلك التي تحتوي على نسبة أكبر. نتائج البحث هذه تبدو مقنعة، لكن ما يقوم به النمل في الطبيعة مسألة أخرى".

باحثة أخرى من السويد هي جاسيكا أبووت، تقول: "من المدهش أن النمل يستطيع معرفة نسبة تركيز فوق أكسيد الهيدروجين، ويتناول كمية متوسطة من المادة التي يحتويها. لكن ذلك يتفق مع ما نعرفه عن الحشرات. الحشرات على وعي كبير بتكوينها الداخلي".

الخنفساء

في حين ينشغل علماء في سنغافورة بتصنيع خنفساء عملاقة يكون بإمكانها أن "تساعد كثيرا في العثور على ناجين من الكوارث الطبيعية خاصة الزلازل"، وتعد هذه التجارب محاولة للمزج بين أحدث منجزات علم الالكترونيات وأفضل ما في الطبيعة، بعد سلسلة من الزلازل المدمرة التي ضربت نيبال، يبذل الباحثون كل ما بوسعهم لتطوير جيل جديد من أدوات البحث على أمل إنقاذ مزيد من الأرواح في أعقاب الكوارث الطبيعية الفتاكة. بحسب فرانس برس.

وفي مختبر في سنغافورة يستخدم باحث جهاز توجيه للسيطرة على خنفساء عملاقة في الجو، أو بالأحرى روبوت يستلهم الحركة الطبيعية لمفاصل الخنفساء، ومع تحريك الباحث يد الجهاز يمنة ويسرة تنتقل موجات صوتية إلى جهاز استقبال لاسلكي مثبت على ظهر الخنفساء فتنشّط أسلاك متناهية الصغر عضلة في جناحها.

من الناحية العلمية أثبتت التجارب نجاحا كبيرا، وهو ما يعني من الناحية العملية أن العلماء أصبحوا على مقربة من تحقيق إنجاز كبير، وتقوم الفكرة على تحقيق إمكانية التحكم عن بعد في خنافس عملاقة تقوم بدور البطل الخارق للبحث عن ناجين في مناطق الكوارث عندما يصبح العمل فيها خطرا كبيرا على الانسان، وكان مايكل مهاربيز الأستاذ المشارك للهندسة الإلكترونية وعلوم الكمبيوتر في جامعة كاليفورنيا بيركلي في صدارة الأبحاث الخاصة بتحويل الخنفساء إلى بطل خارق وظل لسنوات يحاول الإجابة على السؤال التالي "لماذا لا تكون الحشرة.. حشرة آلية طائرة؟"

وحقق الباحثون تقدما على مدى سنوات وأثبتوا أن بوسعهم السيطرة على الخنفساء بتحفيز للمخ والعضلات، ويعتقد مهاربيز أن المزج بين التقنيتين ضروري لتحويل الخنفساء إلى بطل خارق وقال "أعتقد أنه خلال وقت قصير نسبيا يمكن أن يكون لدينا حشرات طائرة نتحكم فيها بهذه الطريقة، وبتعبير آخر نستخدم أفضل ما في علم الإلكترونيات وأفضل ما في الطبيعة، "ويرى مهاربيز أنه يمكن استخدام هذا لتطوير أدوات أفضل لانقاذ الارواح في الكوارث الطبيعية المستقبلية.

العناكب

من جهتهم قال علماء إن العناكب تستطيع الإبحار – واستغلال الرياح – وصنع مرساة سفن بخيوطها، بل إنها قد تعبر محيطات شاسعة، قد يساعد هذا الاكتشاف في تفسير وجود بعض أنواع العناكب في كل ركن من أركان المعمورة، تعتبر العناكب عدوا كبيرا للحشرات، لذلك فإن فهم تحركاتها قد يكون مفيدا للبشر، وقالت سارا غوداكر، رئيسة مختبر العناكب بجامعة نوتنغهام البريطانية: "نحن حقا نريد معرفة المزيد عن وجهاتها ومأكولاتها وكيفية تحركها وطريقة وصولها للمزارع – وذلك لمصلحتنا". بحسب السي ان ان.

يستطيع الكثير من العناكب الطيران، وليس هذا بالأمر الجديد على العلماء، ولكن لحد اللحظة، اعتقد علماء العنكبوتيات أن العناكب يتوقف سيرها عند حدود المياه، وأنها تصير عاجزة عند وصولها إلى المسطحات المائية، ولطالما تساءلوا عن سر وجود عناكب في كل القارات وحتى في الجزر التي تكونت حديثا.

لذا قام باحثون بجمع 325 عنكبوتا بريا وألقوهم على الماء ليراقبوا طريقة تعاملها، جدير بالذكر أن العناكب التي استخدمت ليست هي المخيفة التي تُعرض في الأفلام، وإنما من الأنواع الصغيرة غير الضارة التي لا يصل حجمها لحجم العملة النقدية، طفت كل العناكب التي ألقوها على رؤوس أرجلها عندما لامست الماء، وبدت كأنها تقوم بحركات الباليه لما مدت سيقانها للأعلى، سنحت الوضعية التي اتخذتها تلك العناكب للرياح أن تحركها، وكأنها أرادته أن تحركها، بينما كانت لتحتمي من تلك الريح لو حدث ذلك على سطح جاف.

وأطلقت تلك العناكب خيوطها في الماء عندما قويت الرياح، كنوع من المرساة لتبطئ وتثبت حركتها. وقال أحد العلماء: "الخيوط تستعمل كساحبة للعناكب العالقة في الماء، وذلك من خلال ربطها بأي شيء يطفو إلى جوارها. تقوم بربط خيوطها حول ذلك الشيء وتسحب نفسها نحوه كالعوامة".

حشرة العثة

بينما يقول باحثون في بريطانيا إنهم ابتكروا اسلوبا يتضمن تعديلا جينيا للقضاء على أنواع شرسة من حشرة العثة (أبو دقيق) تسبب أضرارا خطيرة لمحاصيل الكرنب (الملفوف) واللفت والكانولا وأنواع اخرى على مستوى العالم، ووصف الباحثون من شركة أوكسيتيك التي تتعاون مع جامعة اكسفورد الاسلوب الجديد بانه صديق للبيئة ولا ينطوي على استخدام مبيدات ويتضمن إدخال جين في خلايا العثة الماسية الظهر أدى الى تناقص اعدادها خلال التجارب الحقلية. بحسب رويترز.

وجرت تجربة نفس اسلوب التعديل الجيني هذا لمكافحة البعوض المسبب لحمى الدنج ما أدى الى تناقص أعداده بنسبة تجاوزت 90 في المئة في تجارب أجريت في البرازيل وبنما وجزر كايمان، وقال نيل موريسون الباحث بشركة أوكسيتيك الذي أشرف على هذه الدراسة "يفتح هذا البحث الحديث الباب على مصراعيه لزراعة مستقبلية تتضمن مكافحة الآفات باساليب غير سامة ولا تشمل مبيدات حشرية".

وقال الباحثون عن الدراسة -التي وردت نتائجها في دورية (بيوميد سنترال بيولوجي)- إن الأموال التي ينفقها المزارعون لمكافحة العثة ذات الظهر الماسي في محاصيل الخضراوات من الفصيلة الصليبية تتجاوز خمسة مليارات دولار سنويا، وقال توني شيلتون استاذ الحشرات بجامعة كورنيل بالولايات المتحدة الذي تعاون مع موريسون إن العثة تقاوم مبيدات الآفات التقليدية والعضوية.

وقال "تمثل العثة ماسية الظهر مشكلة خطيرة لمزارعي ولاية نيويورك وفي شتى أرجاء العالم وفي كل حقل ومكان تزرع فيه خضروات من الفصيلة الصليبية"، وأضاف "هذه العثة تغزو المحاصيل وتهاجمها فيما اكتسبت مقاومة من المبيدات الحشرية لذا فنحن في حاجة ماسة لادوات حديثة لتحسين طرق المكافحة"، وتضمن البحث اجراء تعديل في جينات ذكور حشرة العثة التي تتزاوج لتنتج نسلا من الذكور فقط في التجارب الحقلية ما أدى الى تراجع هائل في أعداد الحشرة على مدى ثمانية أسابيع.

وقال العلماء إن اسلوب التعديل الجيني وعلى خلاف المبيدات الحشرية -التي تؤثر على مجموعة من الحشرات منها نحل العسل- متخصص في القضاء على انواع معينة ولا يستهدف سوى آفات بعينها كما ان الجين الذي ادخل في العثة غير سام لذا فانه لا يتسبب في اضرار للطيور التي تتغذى على هذه الحشرة.

ورحب خبراء مستقلون بهذه النتائج مشيرين الى انها "خطوة للأمام" في المقاومة الصديقة للييئة للامراض الحشرية ما يؤدي لتحسين الانتاج الغذائي، ويعتزم شيلتون اجراء تجارب متابعة أخرى لاختبار الاسلوب الجديد -الذي وافقت عليه وزارة الزراعة الامريكية- في ظروف أكثر قسوة.

الذبابة القاتلة

لا يبدو أن الذبابة تضع مقاييس لاختيار فريستها، من حيث الحجم أو السرعة أو الشكل سجل علماء الأعصاب أول مقطع فيديو لإحدى الذبابات القاتلة وهي تنقض على فريستها في الهواء، وكان العلماء يبحثون في التوقيت الذي تختاره الذبابة للانقضاض، ويبدو أن الذبابة لا تمتلك مهارة تقييم حجم الهدف لذا، تستخدم خطة تعتمد على سرعة مرور الفريسة. بحسب البي بي سي.

وتمكن الباحثون من خداع الذباب للتوجه نحو فرائس كبيرة الحجم، لكنها بعيدة وسريعة الحركة أكثر من المتوقع، ونُشرت التجارب في دورية "المخ، والسلوك، والتطور"، واعتمدت على نوع من الذباب الشديد المهارة في الانقضاض على الحشرات الطائرة، يستخدمه المزارعون أداة للتحكم البيولوجي في الحشرات، وقالت الدكتورة بالوما غونزاليز- بيليدو، التي بدأت الدراسة، إن الذبابة لم يبد أنها مهتمة بمقاييس لاختيار الفريسة، "فهي تنقض على الفرائس البطيئة، والسريعة، والبيضاء، والسمراء".

لكن الذبابة لا تنقض على كل الفرائس بشكل عشوائي، فكيف يتلقى المخ التعليمات؟، ويمكن لبعض الحشرات المفترسة تقدير حجم الفرائس، باستخدام معلومات لمعرفة المسافة بينها، وحساب الحجم تباعا، قبل الانقضاض، ومن أمثال ذلك حشرة اليعسوب، التي تمتلك أعينا ومخا أكبر من الذبابة محل الدراسة، واختبرت غونزاليز- بيليدو مدى استطاعة الذبابة القيام بحسابات مماثلة.

رصد الباحثون حركة الذبابة باستخدام اثنين من الكاميرات، وسُجلت التجربة باستخدام آلتي تصوير لمراقبة حركة الذبابة. وعرض الباحثون على الذبابة فرائس بمختلف الأحجام والسرعات، ومن بينها الفرائس المعتادة، واتخذت الذبابة بعض القرارات السيئة، إذ حاولت الانقضاض على حشرات تكبرها حجما، وهي أخطاء مشابهة لما رُصد من سلوك الذبابة في المعمل.

وبدا أن الذبابة غير قادرة على تمييز حجم الفريسة، فاختبر الباحثون عوامل أخرى، من بينها طريقة تقدير الذبابة لحجم وسرعة الفريسة، ومسافة بعدها عنها، واكتشف الباحثون أن ثمة نسبة معينة بين الحجم والسرعة، عادة ما تحفز الذبابة على الانقضاض، وترجع هذه الطريقة البسيطة إلى أن مخ وأعين الذبابة لها أحجام صغيرة، وكذلك السرعة الشديدة في اتخاذ القرار. واستهدفت الذبابة فرائس على بعد ثمانية سنتيمترات، في أقل من 0.4 ثانية، كما أظهرت التجارب أن الذبابة يمكنها التعرف على الأهداف المتناهية الصغر، وهو ما يحفز عدسة واحدة في عين الذبابة المركبة.

الفراشات الملكية

على صعيد اخر تواجه الفراشات الملكية المهددة بالانقراض عقبات جديدة خلال هجرتها السنوية منها السيول والفيضانات الناجمة عن الاعصار باتريشيا الذي ضرب البر الرئيسي للمكسيك، وقالت سلطات الحفاظ على البيئة إنه نتيجة لذلك فقد حولت هذه الفراشات الملكية -التي تتميز عن الفراشات الأخرى في دقة واتساق دورة حياتها وطول مسافات هجراتها السنوية وانتظامها- من المسار الطبيعي لرحلتها لتجد ملاذا في وديان ولاية نوفو ليون بشمال المكسيك. بحسب رويترز.

واجتاح الاعصار باتريشيا -وهو واحد من أقوى الأعاصير المسجلة تصاحبه رياح سرعتها 266 كيلومترا في الساعة- الاسبوع الماضي المناطق الريفية النائية من المكسيك، وقالت جلوريا تافيرا الرئيس الاقليمي للجنة الوطنية لحماية المناطق الطبيعية "عندما بدأت تسشعر الرطوبة من الغرب واتجاه الرياح والرطوبة المصاحبة للاعصار من المحيط الهادي حولت الفراشات الملكية مسارها شرقا".

وأضافت ان الفراشات الملكية ستواصل رحلتها العادية في الهجرة بعد عودة الظروف الجوية الى طبيعتها، وقالت جمعية زيرسيس للحفاظ على اللافقاريات إن التقديرات تشير إلى تناقص عشائر الفراشات الملكية بنسبة تصل الى 80 في المئة خلال العقدين الأخيرين نظرا لهلاك نبتة حشيشة اللبن التي تعتمد عليها هذه الحشرات في وضع بيضها وتغذية يرقاتها اليافعات.

وقالت جمعية زيرسيس إن اختفاء نبتة حشيشة اللبن يرتبط بعوامل منها التوسع في زراعة محاصيل مهندسة وراثيا يمكنها الصمود أمام مبيدات الحشائش التي تقتل نباتات تنمو محليا ومنها حشيشة اللبن، وقالت الهيئة الأمريكية للأسماك والحياة البرية في وقت سابق إن هذه الفراشات ربما تحتاج إلى الحماية بموجب القانون الأمريكي الخاص بحماية الأنواع المهددة بالانقراض بعد فقدان مكان المعيشة (الموئل) وسط الزراعات ما أدى الى تراجع حاد في أنشطة هجرة هذه الفراشات ذات اللونين البرتقالي والأسود.

وتنقسم هذه الحشرات -التي تعشق لألوانها الأخاذة بعد خروجها من شرانقها الموشاة بالخيوط الذهبية- إلى عشيرتين على وجه التقريب في الولايات المتحدة وفقا لأنماط هجرتها الخريفية تهاجر العشيرة الأولى من الشرق لتقطع ثلاثة آلاف ميل إلى المكسيك فيما تقطع عشيرة الغرب رحلة أقصر الى كاليفورنيا.

وربما تمثل الهجرة الجماعية التي تقوم بها الفراشات الملكية لمسافة 4800 كيلومتر في أمريكا الشمالية واحدة من أكثر مهرجانات الفراشات إبهارا في العالم حين تشرع الملايين من هذه الحشرات في رحلة خريفية مضنية من كندا شمالا وحتى المكسيك وسواحل كاليفورنيا جنوبا، وتزهو الفراشات البالغة باللون البرتقالي لاجنحتها ذي العروق السوداء والبقع البيضاء بمحاذاة الحواف الخارجية، وتصل أقصى مسافة بين الجناجين إلى عشرة سنتيمترات ولون الجسم أسود.

اضف تعليق


التعليقات

تغريد على شكرى
شكرا2015-11-04