إنسانيات - حقوق

مجالس المحافظات بين سعة الاختصاصات وقلة الخدمات

المحافظات غير المنتظمة بإقليم في العراق نموذجا

هناك سعة اختصاصات لمجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم يقابله تقصير مستمر في اداء الواجبات والمهام الملقاة على عاتقها، في الوقت الذي يفترض على الحكومتين المركزية والمحلية في جميع المحافظات غير المنتظمة بإقليم معالجة المعوقات وتجاوزها وايجاد السبل اللازمة لتلك المعوقات من خلال مراجعة الدراسات الاكاديمية التي كتبت...

يختلف اتباع النظام الاداري من دولة الى أخرى وهو يرجع بطبيعته الى الظروف المختلفة التي تشهدها هذه الدولة او تلك، لذلك تتوجه الدول نحو اسلوب المركزية من خلال حصر السلطات بيد المركز في العاصمة وعدم مشاركة الوحدات المكونة في الدولة لهذه الاختصاصات نتيجة حجج كثيرة أهمها، الخوف على سيادة الدولة وعدم تجزئتها والتشتيت الاداري وعدم كفاءة تلك الوحدات المحلية وغيرها، مما يعني وجود رقابة قوية على تلك الوحدات من اجل عدم الخروج عن المسار الذي رسمته الحكومة المركزية.

غالبا ما يكون ذلك في الانظمة الرئاسية والملكية والدكتاتورية وفي الدول ذات الشكل الموحد مع وجود استثناءات بطبيعة الحال ترجع الى طبيعة تلك الدول والظروف التي رافقت تكونها من ذلك بريطانيا، الا التطور الحاصل في عالمنا اليوم وتحول الدول من الشكل الموحد الى الاتحادي نتيجة عوامل مختلفة سياسية وعرقية وقومية ومشاكل دائمة بين الوحدات المكونة للدولة اضافة الى عوامل خارجية ترسم شكل الدولة وتحدده.

مثال ذلك العراق بعد عام 2003م حيث التغير السياسي الشامل الذي تبعه تغيرا اداريا في الاسلوب تجاه مكونات الدولة العراقية الاتحادية من خلال النص عليها في المادة(116) من الدستور النافذ حيث ذكرت ان مكونات الدولة العراقية هي العاصمة والاقاليم والمحافظات اللامركزية والادارات المحلية.

ما يهمنا هنا المحافظات اللامركزية غير المنتظمة بإقليم التي تشمل خمسة عشر محافظة عدا محافظات الاقليم بالتأكيد، اعطيت لهذه المحافظات مجموعة من الاختصاصات هي في الحقيقة كبيرة وكثيرة جدا خاصة اذا ما قورنت مع الاختصاصات السابقة قبل عام 2003م، رغم ان ذلك يُعد نتيجة منطقية نتيجة تبني النظام الفيدرالي الاتحادي واسلوب اللامركزية الادارية من اجل تنظيم الشؤون الادارية والمالية في تلك المحافظات، الا ان غير المنطقي ان تلك المحافظات وباختصاصاتها الكثيرة ونقل الصلاحيات التي حدثت من خلال التعديل الثاني رقم 19 لسنة 2013م لقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم 21 لسنة 2008م المعدل، وتحديدا المادة (45) من القانون فإنها لا زالت مقصرة في واجباتها التي وجدت من اجلها وهي ادارة الشؤون الادارية والمالية، وبالتالي تحقيق الاهداف المتوخاة من اللامركزية الادارية التي تتمتع بها تلك المجالس وهو امر يرجع لمجموعة من المعوقات منها قانونية ومنها سياسية واخرى ادارية.

فهناك سعة اختصاصات لمجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم يقابله تقصير مستمر في اداء الواجبات والمهام الملقاة على عاتقها، في الوقت الذي يفترض على الحكومتين المركزية والمحلية في جميع المحافظات غير المنتظمة بإقليم معالجة المعوقات وتجاوزها وايجاد السبل اللازمة لتلك المعوقات من خلال مراجعة الدراسات الاكاديمية التي كتبت بهذا المجال والتجارب الناجحة للدول التي سبقت العراق في التجربة اللامركزية.

الاساس الدستوري والقانوني لاختصاصات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم

يختلف توزيع الاختصاصات بين الحكومة الاتحادية والولايات بحسب ظروف ونشأة كل دولة، ففي الدول الاتحادية التي تقوم نتيجة انضمام عدة دول موحدة او بسيطة يتجه الدستور عادة إلى توسيع اختصاصات الوحدات المحلية رغبة منه في الاحتفاظ لها بقدر كبير من الاستقلال، ويجعل من اختصاصات السلطات الاتحادية اختصاصا محدودا واستثنائيا، أما في الدول التي نشأت نتيجة لتفكك دولة واحدة إلى دويلات فان الدستور يتجه عادة إلى منح سلطات الاتحاد الاتحادي الجانب الأكبر من الاختصاصات ويجعل من اختصاصات الوحدات المحلية اختصاصات محدودة، وسبب ذلك ان هذه الاختصاصات تنجم عن نزول الدولة التي كانت موحدة عن اختصاصات كانت تتولاها فعلا قبل التحول الى صورة الدولة الاتحادية، على خلاف الدولة الاتحادية التي تنشأ نتيجة انضمام دول، الا ان عملية توزيع الصلاحيات والاختصاصات في الدول الفيدرالية غالبا ما تتم من خلال ثلاث طرق هي:

1. الطريقة الاولى: الدولة المركزية هي صاحبة الاختصاص الاول حيث يتم تحديد اختصاصات الاقاليم ويترك بقية الاختصاصات للحكومة المركزية فلا يجوز للوحدات المحلية ان تضطلع الا بالوظائف التي يعهد بها اليها القانون فأي وظيفة خارج ما هو محدد في القانون يعد باطلا.

2. الطريقة الثانية: تحدد اختصاصات الحكومة الاتحادية المركزية ويتم ترك بقية الاختصاصات لتكون من نصيب الوحدات المحلية.

3. الطريقة الثالثة: توزيع الاختصاصات والصلاحيات بالتساوي بين الحكومة الاتحادية والوحدات المحلية.

لو نظرنا الى الطرق الثلاث اعلاه لرأينا ان الطريقة الثالثة هي الافضل من الناحية النظرية بصورة عامة لكن بالنسبة للعراق ومع التجربة الفتية فيه يكون من الافضل ان يعتمد الطريقة الاولى حيث تحصر معظم الصلاحيات بيد الحكومة المركزية في مرحلة اولى لتكوين الدولة الفيدرالية حيث يتم تعزيز مكانة الدولة وردع الانفلات الامني والاجتماعي والسياسي الذي تتخبط به الدولة العراقية وفي حال نجاح التجربة الفيدرالية يتم حينها توسيع صلاحيات الحكومات المحلية والاقاليم.

فالعراق من بين الدول التي اتبعت طريقة مختلفة ومتميزة نتيجة العوامل الداخلية وخاصة وضع كردستان وطبيعة الفيدرالية العراقية فقد حدد الدستور اختصاصات حصرية للحكومة الاتحادية واخرى مشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم وترك ما عداها للمحافظات غير المنتظمة بإقليم وهو بذلك يقترب من الدستور الالماني الذي اتبع الطريقة ذاتها.

يُعد الدستور هو المصدر العام الذي يحدد الصلاحيات والاختصاصات التي تتمتع بها مكونات الدولة سواء في الموحدة او الاتحادية مع اختلاف كمية تلك الاختصاصات وطبيعتها اضافة الى توضيح ما يدخل منها في مجال السلطة ووضع حدود هذه الاختصاصات مع اشتراط ان لا تعارض تلك الاختصاصات الدستور العام والقوانين المركزية، حتى يكون لكل مكون من هذه المكونات حيزها القانوني المبين الذي تعمل فيه وعدم تجاوزها للصلاحيات الممنوحة لها بموجب الدستور، من ذلك الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 في الباب الخامس منه، اذ اشار الى صلاحيات المحافظات غير المنتظمة في اقليم في الفصل الثاني منه، فالدستور منح في المادة (122/ ثانيا) منه الى صلاحيات ادارية ومالية واسعة بما يمكنها من ادارة شؤونها على وفق مبدا اللامركزية الادارية وينظم ذلك بقانون، لقد حدد الدستور العراقي النافذ لعام 2005م صلاحيات الحكومة الاتحادية فيما يخص رسم السياسات ووضع الميزانية وتنظيم الجانب المالي في المستويين الداخلي والخارجي للدولة بما يأتي:

1- رسم سياسات الاقتراض والتوقيع عليها وابرامها، رسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية.

2- رسم السياسة المالية والجمركية، واصدار العملة، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الاقاليم والمحافظات في العراق، ووضع الميزانية العامة للدولة، ورسم السياسة النقدية وانشاء البنك المركزي وادارته.

3- وضع مشروع الموازنة العامة والاستثمارية، اذ يقدم مشروع الموازنة العامة والحسابات الختامية الى مجلس النواب لإقراره، ولمجلس النواب اجراء المناقلة بين ابواب وفصول الموازنة العامة وتخفيض مجمل مبالغها.

اما فيما يتعلق بالاختصاصات المالية المشتركة بين الحكومات الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم والتي تتمثل بإدارة النفط والغاز، اذ تقوم الحكومات الاتحادية بإدارة النفط والغاز مع حكومات الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم المنتجة، على ان توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد، مع تحديد حصة محددة للأقاليم المتضررة والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد وينظم ذلك بقانون(1).

فالدستور اشار الى ان النفط والغاز هو ملك للشعب العراقي كله، ومن ثم لابد ان يكون من اختصاص السلطة الاتحادية لان الدستور اوجب كما بينا بان الادارة المشتركة للنفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية، فضلا عن ان رسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير النفط والغاز في العراق تكون ايضا مشتركة بما يحقق اعلى منفعة للشعب العراقي، معتمدة احدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار، اي ان المشاركة بين تلك المستويات الحكومية المختلفة الاتحادية والاقليمية والمحلية المحددة في الدستور تشمل ادارة الحقول المنتجة والمكتشفة في العراق حتى عام 2005م، ولا تشمل الحقول التي سوف تكتشف بعد هذا التاريخ، اذ ستكون بالضرورة العملية تحت ادارة حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة، كما لا يمكن للمحافظات غير المنتجة ان تشترك في تلك الادارة، ولا في رسم السياسات الاستراتيجية لتطوير ثروة النفط والغاز، وفي هذا التنظيم الدستوري لإدارة النفط والغاز قصورا تشريعيا واضحا، اما بالنسبة الى الجمارك فان الدستور جعل ادارتها مشتركة بين الحكومات الاتحادية والاقاليم بالتنسيق مع المحافظات غير المنتظمة في اقليم، على ان تنظم تلك الادارة وذلك بالتنسيق بين تلك المستويات الحكومية بقانون.

الاساس القانوني لاختصاصات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم

استكمالا لتنظيم عمل المجالس في المحافظات غير المنتظمة بإقليم نص المشرع العراقي على وجوب صدور قانون خاص بها ينظم عملها ويبين اختصاصاتها وعلاقتها بالحكومة المركزية الاتحادية اضافة الى شروط الترشيح والعضوية وانتهاءها والموارد المالية لتلك المجالس، فجاء قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم 21لسنة 2008م، رغم ان القانون تم تعديله ثلاث مرات خلال الفترة من عام 2008-2018م، اول هذه التعديلات كان برقم 15لسنة 2010م، حيث جاء في الاسباب الموجبة للتعديل معالجة الاشكاليات التي كشفها التطبيق العملي لقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم 21 لسنة 2008م فيما يخص الطعن بقرارات انهاء عضوية المجالس وضمان دقة قرارات هذه المجالس وشمول اعضاء المجالس البلدية (القواطع والاحياء) التي شكلت بعد 942003م بالحقوق التقاعدية فقد شرع هذا القانون، وتم نشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد(4147) في 932010،م.

اما التعديل الثاني فقد جاء بالرقم 19لسنة 2013م اما الاسباب الموجبة للتعديل كما جاءت من اجل معالجة النواقص التي ظهرت نتيجة التطبيق العملي لقانون المحافظات رقم 21 لسنة 2008م وتوسع صلاحيات السلطات المحلية وزيادة الموارد المالية للوحدات الادارية بما يمكنها من ادارة شؤونها شرع هذا القانون، اما التعديل الثالث فقد حمل الرقم 10لسنة 2018م فقد جاء في ـالاسباب الموجبة للتعديل ايضا معالجة الاشكاليات التي كشفها التطبيق العملي للقانون وتحديد المقصود بالمناصب العليا والموظف المحلي وعلاقة الوزارات بالحكومات المحلية وتقليص عدد اعضاء المجالس المحلية بما يخدم سير العمل ويقلص النفقات شرع هذا القانون، نشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد(4487)بتاريخ 1642018م.

اذ ان القانون وتعديلاته نص على تلك الامور اعلاه، الا ان ما يهمنا هنا سعة الاختصاصات التي اعطيت لمجالس المحافظات من اجل ادارة شؤونها الادارية والمالية، حيث ذكرت المادة (2اولا) من القانون ان مجلس المحافظة اعلى سلطة تشريعية ورقابية ضمن الحدود الادارية للمحافظة لها حق اصدار التشريعات المحلية في حدود المحافظة بما يمكنها من ادارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الادارية وبما لا يتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية)، اذ عدلت هذه المادة بموجب التعديل الثاني رقم 19لسنة 2013م من خلال حذف عبارة (اعلى) واضافة عبارة ( التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للحكومة المركزية) ينظر المادة(2اولا) من التعديل الثاني رقم 19لسنة 2013 المنشور في جريدة الوقائع العراقية، العدد4284، 582013م.

اما المادة (7) من القانون النافذ حددت اختصاصات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم التي تنوعت ما بين الجانب التنظيمي للمجلس وما بين الجانب التشريعي، وبين الجانب المالي اضافة الى الجانب الرقابي ضمن حدود المحافظة، الا ان الآراء اختلفت ما بين احقية مجالس المحافظات بالتشريع وما بين عدم احقيتها ولكل فريق حججه ومسوغاته ومبرراته فقد اكد اصحاب الفريق الاول يرى بأن مجالس المحافظات تتمتع بسلطة اصدار التشريعات مستندين الى نص المادة (الثانيةاولا) من القانون النافذ وقد ايدت المحكمة الاتحادية هذا الاتجاه في العديد من احكامها فقد ورد في احد قرارتها ان المادة (121ثانيا) من الدستور النافذ نصت على منح مجالس المحافظات التي لم تنتظم بإقليم الصلاحيات الادارية والمالية الواسعة بما يمكنها من ادارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الادارية...

ولما كان فرض الرسوم والضرائب الضمنية من الامور المالية التي اشارت اليها المادة اعلاه بالتالي لمجالس المحافظات حق سن القوانين الخاصة وجباية الضرائب وفرض الرسوم والغرامات بما يمكنها من ادارة شؤونها وفق اللامركزية الادارية)، فاذا كان لمجالس المحافظات الحق في سن القوانين المحلية فإن التشريع في اي قانون يمر بمراحل متعددة ومتسلسله وهي الاقتراح، المناقشة، الاقرار، التصديق، النشر، فهل يمر التشريع المحلي بتلك المراحل؟ ومن هي الجهة التي تمتلك الحق في الاقتراح؟ وكيف تتم المناقشة للمواد ومن ثم اقراره، ومن هي الجهة التي تتولى التصديق عليه من بعد عملية الاقرار ومن ثم العملية الاخيرة وهي النشر؟ حيث لم يبين القانون علاوة على ذلك اليه سن التشريعات المحلية.

الاتجاه الثاني: يرى عدم تمتع مجالس المحافظات بأي اختصاص تشريعي وانما لها صلاحيات ادارية ومالية فقط، مجلس شورى الدولة ايد هذا الاتجاه وذلك في رأيه الذي جاء فيه (1-حدد الدستور الاحكام ذات العلاقة بتشريع القوانين وتصديقها واصدارها وان القوانين لا تصدر الا استنادا الى لنص دستوري، 2-ان المادة (122اولا) من الدستور خولت سلطات الاقاليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية، التنفيذية، القضائية واصدار القوانين وفقا لأحكامه ولم يخول المحافظات غير المنتظمة بإقليم هذه الصلاحية ولم يصدر فيه اشارة بأن تصدر القوانين، 3-ان القانون لا يكون سنده قانون اخر في الاصدار حيث لم يسبق ان صدر قانون استنادا الى قانون اخر) ونحن كباحثين نؤيد الاتجاه الثاني الا ان التلاعب بالمفردات القانونية وعدم دقتها وخلط بين اللامركزية السياسية والادارية نتيجة تحديد اختصاصات المجالس في المحافظات غير المنتظمة بإقليم مع اختصاصات اقليم كردستان ضمن خانة واحدة ضمن المادة(114) من الدستور العراقي النافذ على الرغم من عنوان المادة الدستورية يشير الى ان تكون الاختصاصات الاتية مشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقليم، الا ان كل بنود المادة تذكر المحافظات غير المنتظمة بإقليم مع الاقليم بهذه الاختصاصات، اما الخطأ الاخر هو ورود كلمة (اصدار التشريعات المحلية والانظمة والتعليمات) مع مفردة اللامركزية الادارية في مواد القانون رقم 21لسنة 2008م المعدل حيث ان اللامركزية الادارية تتعلق بتوزيع الوظيفة الادارية فقط بين الحكومة المركزية والهيئات المحلية مع وجود رقابة واشراف على تلك الهيئات ولا تمتد للتشريع الذي يكون ضمن اللامركزية السياسية.

رجوعا للقانون النافذ رقم 21 لسنة 2008م المعدل ونص المادة السابعة منه التي بينت اختصاصات مجالس المحافظات الكثيرة في مختلف الجوانب الا ان تلك المجالس لم تحقق الهدف الذي وجدت من اجله، فكانت عرضت للانتقادات الشعبية في ابسط صورها والاحتجاجات والمطالبات في حلها في اعنفها وتم ذلك بالفعل بعد موجة احتجاجات شعبية شهدها العراق عام 2019م وبصدور قرار برلماني اختلفت صيغته ما بين الحل والتجميد والالغاء وبين احقية المجلس من عدمه وبين قرارات المحكمة الاتحادية والادارية بشأن بقاء تلك المجالس واحقية اعضاءها في العودة للممارسة عملهم، الا ان الشواهد والواقع كفيلين ببيان فشل تلك المجالس في تقديم الخدمات للمواطن من اجل تحقيق الرضا والقبول.

لم تقدم تلك المجالس بشقيها التشريعي والتنفيذي الخدمات الاساسية للمواطن مدعية بأن هناك جملة اسباب تقف عائقا في طريقها ابرزها السياسية فما يحدث من ائتلافات وتوافقات على المستوى العام –الوطني- المركزي يترك اثاره على المستوى الادنى –المحلي- اللامركزي او يكون اكثر اثرا، فالمحاصصة في توزيع منصب المحافظ واللجان كانت حاضرة في كل دورة، اضافة الى الاسباب المالية التي ترى تلك المجالس بأنها العقبة الاكبر في طريقها فقلة التخصيصات المالية وعدم توزيعها بعدالة في الموازنة الاتحادية، اضافة الى عدم امتلاك بعض المحافظات موارد مالية غير حصتها في الموازنة جعل منها تقف عاجزة عن القيام بالخدمات الاساسية للمواطن، كما ترى تلك المجالس ان مسألة نقل الصلاحيات وارجاعها اكثر من مرة من خلال تعديلات القانون النافذ الثلاث هي الاخرى اثرت في طبيعة عملها وحدتها من قدرتها على تقديم الخدمات للمجتمع المحلي.

على الرغم من ذلك قد يشكل البعض على ذلك من ان بعض المحافظات شهدت واقعا خدميا جيدا نوعا ما وملموس ومنها محافظة الانبار، الا ان ذلك كان بعد الاحتلال الداعشي لها وبعد حل المجالس كما ان عملية الانبار التي تشهدها المحافظة مدعومة من الجهات الدولية والاقليمية والمحلية ضمن اعادة اعمار المناطق المحررة.

* طالب دكتوراه في العلوم السياسية

.......................
1- المادة ( 122/ اولا ) من دستور جمهورية العراق الدائم لسنة 2005

اضف تعليق