تعد مخاطر نظام الدفع احد المصادر المحتملة لحدوث عدم الاستقرار المالي الذي هو موقف تكون فيه الاسواق المالية للدولة ونظامها المصرفي غير قادرين على توجيه الاموال الى اكثر المشروعات انتاجية، وهناك مصادر اخرى للاختلاف المالي تتمثل في التقلبات الكبيرة في قيم العملات في اسواق الصرف الاجنبي، او الصعوبات غير المتوقعة التي تصادفها المشروعات والحكومة عند دفع ديونها المحلية او الاجنبية.
وعد الاستقرار المالي الحاد يمكن ان يتسبب في اندلاع ازمة مالية او حدوث انهيار كبير في الاسواق المالية للدولة ونظامها المصرفي، ولكي نحد من وقوع الازمات المالية الدولية او نمنع وقوعها، ينبغي ان تتوافر فكرة جديدة لدى صانعي السياسات بخصوص اسباب وجود هذه الازمات، اما الاسباب وراء وقوع الازمات فهناك رؤى مختلفة منها :
1- الاختلافات الاقتصادية والازمات المالية الدولية
ان النظرة التقليدية للازمات المالية تركز على الاساسيات الاقتصادية وهي عوامل مثل الاوضاع الحالية والافاق الاقتصادية المرتقبة والسياسات الاقتصادية التي تطبقها حكومة الدولة او البنك المركزي، اذ ان عدم الاتساق بين قيمة سعر الصرف وبين الاساسيات الاقتصادية للدولة المعنية او تحديد قيمة مصطنعة لسعر الصرف، يمكن ان يشجع على حدوث أزمة مالية، واذا كان المستثمرون الاجانب يستشعرون ان القيمة الرسمية لعملة الدولة أعلى من قيمتها الحقيقية في اسواق الصرف الاجنبي الخاصة، فسوف يكون الاتجاه من جانب هؤلاء المستثمرون الى بيع ما في حوزتهم من أصول مقّومة بالعملة المحلية تجنباً لوقوع خسائر عليهم .
علاوة على ذلك، قد يبحث المضاربون عن الربح من وراء توقعاتهم بقرب نفاد احتياطيات الصرف الاجنبي عن طريق بيع الاصول المقدمة بالعملة المحلية في محاولة منهم لدفع الحكومة او البنك المركزي الى الكف عن محاولة دعم سعر الصرف الرسمي عند مستواه المستهدف، وفي نفس الوقت قد يلجأون الى الرهان على انهيار سعر الصرف عن طريق معاملاتهم في المقايضة والمستقبل، وهذا النوع يعرف بـ هجمة المضاربة على سعر الصرف الرسمي للدولة.
2- التوقعات التي تتحق ذاتياً واثار العدوى
هناك منظور أخر يركز على الدور المرتقب للتوقعات التي تتحقق بشكل ذاتي وأثار العدوى التي يمكن أن تاتي بالأزمة المالية، حتى عندما تكون الاساسيات الاقتصادية السائدة متسقة مع سعر الصرف المثبت بشكل رسمي، او عندما تتوافر للحكومة او البنك المركزي احتياطيات كافية من الصرف الاجنبي، ذلك بافتراض وجود سوء تحديد طفيف من جانب الحكومة فيما يتعلق بسعر الصرف المستهدف.
ووفقاً لهذه الرؤية، فأن كل ما نحتاج اليه لاشعال فتيل هجمة المضاربة هو الانتشار النسبي للاعتقاد من جانب المتعاملين بأن صانعي السياسات في الدولة يواجهون نفقة معاملات مرتفعة في الداخل عند محاولة الحفاظ على سعر الصرف الرسمي، وتبدأ هجمة المضاربة ببساطة لان هذه التوقعات سوف تكون ناجحة، وليس بالضرورة لوجود مشاكل تعاني منها المتغيرات الاقتصادية الاساسية.
3- المشاكل الهيكلية للخطر المعنوي
اما المنظور الاخير فأنه يركز على الاهتزازات التي تصيب هيكل النظام المالي في الدولة المعنية بإعتبار أن هذه الاهتزازات تشكل العوامل الرئيسية التي تقبع وراء الازمات، وعليه فأن شروط وجود الازمة تتحقق عندما تولد السياسات الحكومية مشاكل عنيفة من الخطر المعنوي، فعلى سبيل المثال قد تطلب الحكومة من الجهاز المصرفي تقديم قروض الى شركات او صناعات معينة وحيث ان هذه الشركات والصناعات تعلم أنها سوف تحصل على هذه التسهيلات الائتمانية أيً كانت طريقة استخدامها للاموال، فأنها سوف تتجه نحو الانشطة التي تحمل في طياتها مخاطر كبيرة.
ويرى كثير من المراقبين، أن الازمات المالية في ماليزيا واندونيسيا التي حدثت في أواخر عقد التسعينيات من القرن العشرين، وفي الارجنتين في بداية الالفية الثالثة، فأن الخطر المعنوي كان موجود في هذه الدول، وفي الاخير، نلاحظ أن المخاطر التي تتحملها الشركات والصناعات التي تحصل على الائتمان الحكومي الموجه، من الناحية الفعلية حققت كثيراً من صور الفشل والخسائر، وهو مايعد من أبرز الاسباب لاندلاع الازمات.
اضف تعليق