q
الغرب وصل الى مرحلة من التحلل الديني والخلقي لمجتمعاتها تنذر بكوارث خطيرة في المستقبل القريب، نابعة بحسب الدراسات النفسية والاجتماعية من غياب الضابط الديني والاجتماعي القيمي، وبلوغ أعلى درجات الرفاهية التي تذهب بالإنسان الى البحث عن أشياء جديدة من المتع والحاجات، حتى وإن كانت سلوكيات منحرفة، فزواج الرجل للرجل والمرأة للمرأة، انما هو تعويق للحياة وتوقفها...

طالعتنا عديد المؤسسات والفعاليات المتخصصة بالإعلام والسياسة منذ عقدين من الزمن بموضوعات ركزت فيها على مصطلح "التطبيع" وأصبح صيته شائعا ذائعا مرادفا لشتى الموضوعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والتربوية، وأفرز حالة انسجام تام مع هذا العنوان الذي انتجته مؤسسات التفكير الغربية.

التطبيع مصطلح يفسره كل انسان عربي على أنه مشروع يستهدف بناء علاقة بين العرب وإسرائيل" الكيان الصهيوني" وإن كان هذا الرأي صائبا، لكنه بالحقيقة يذهب الى أبعد من ذلك في البعد الستراتيجي الذي خططت له الدوائر المعنية، لذا ينبغي دراسته وفقا للعقلية المنتجة له من زوايا عدة كونه هدف رئيس لسياسات المطابخ الغربية الإسرائيلية التي رسمت له مسارا خاصا، يبدأ بمحاولة تطبيع العلاقة مع إسرائيل مرورا بتطبيع الأوضاع مع المختلفين معنا في السلوك، أصحاب الشذوذ من المثلية الجنسية، أحفاد "قوم لوط" الى (النوع / الجندر) والذي يبغي منه صناع هذا المصطلح ترك حرية الشخص في تسجيل نوعه إن كان ذكرا أو انثى أو ذكرا في الصباح وانثى في المساء، أو بالعكس، أو تسجيل نفسه في الصباح انسان والمساء حيوان وغيرها من الأصناف النوعية التي ربما تصل لعشرات المسميات.

ولم يقتصر واضعوا مصطلح التطبيع عند هذه الحدود، بل تعدت الى التوأمة بين الديانات، ونلاحظ منذ عقدين من الزمن حصلت محاولات تبشير بالديانة الابراهيمية التي تمزج بين الديانات اليهودية والمسيحية والاسلام، وهذا بالحقيقة يمثل حالة من حالات التطبيع الذي نحن بصدده وكثير من الشواهد موجودة بالوقت الحاضر.

أن مفردة أو مصطلح التطبيع، هو العنوان الرئيس الملغوم الجامع الذي تندرج تحته عديد العناوين الفرعية الملغمة، وكما ذكرنا في الاستهلال أن الهدف يبدأ بتكراره، وشرح أبعاده، وتأثيراته من وجهة نظر المتبنين له، وهي تصب بالتركيز على شمول المجتمعات العربية الإسلامية وحتى غير الإسلامية من الشرقية بتفاصيله، وتحقيق انتصارات اجتماعية وثقافية عليهم في أخس محاولة فكرية تمارس فيها عمليات تجهيل واستغباء عبر عمليات غسيل الدماغ، وتهيئة الأجواء المناسبة لمحاولات تشرذم المجتمعات، وقتل الروح الإنسانية فيها

تابعت بعض الآراء التي تحدث بها شخصيات نسوية ورجالية ومنها سياسية وثقافية، بعضها تدافع عن الجندر، أو النوع الاجتماعي ووجدتهم مطبعين معه نفسيا بطريقتهم العفوية على أنه مصطلح عفوي بعيد عن أية نوايا سيئة، يندرج ضمن مفهوم التكوين، الداعي الى تحفيز المجتمع باتجاه منح المرأة مزيدا من فرص العمل لتحقيق النجاح في ميدان العمل ومساواتها بالرجل في الحقوق، وإزالة الفوارق الاجتماعية بينهما، لكنهم لم يحللوا توقيت اطلاق مصطلح الجندر والسابق له التطبيع ثم الاتفاق على إيجاد علم للمثليين بحيث بذلت دول عظمى ومنظمات دولية كبرى في الدفاع عنه ورفع هذا العلم في المحافل الدولية، وأصبحت موضوعات مثل هذه كالمثلية والجندر والشذوذ مواد ضمن منهاج دراسي بالمدارس الغربية والبوصلة تتجه لمحاولات الزام بلدان عربية وإسلامية تدريسه في مدارسها، فالتطبيع مع هذه الموضوعات يمثل شعار الغرب، برغم كل المواجهات ضده من بلدان حتى غير إسلامية، ومنها روسيا حيث واجهت بشدة تجمعات ومظاهرات داعية للتطبيع مع موضوعات الشذوذ والمثلية.

من المنطقي الخوف من التطبيع وتوابعه أو فروعه المتشعبة، لكنها جميعا هي موجودة أصلا منذ قرون، وإن كانت في مجتمعاتنا محدودة ومحاربة، وحاليا يؤسس لها في الغرب لكي تصان بالقوانين، وتكون قضايا السلوك المنحرف من الشذوذ والجندر وأشكالها حقوق مشروعة لمعتنقيها بغاية تحطيم الشعوب وتعويق قدراتها وشل حركتها، وبعيدا عن تهمة نظرية المؤامرة فحتما العرب هم الهدف اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار ان الأم العربية والشرقية ولادة تنجب عدد من الأبناء بعكس الأم الغربية التي غالبا ما تقتصر على طفل واحد، او بلا طفل، فالقضية لها علاقة بالكثرة المتنامية للسكان، وأيضا الخوف من التزايد الإسلامي، ومحاولات إبعاد أوروبا والغرب من القوة الإسلامية المتنامية التي تقول الدراسات أنها في 2050 ستكون بأغلبية سكان مسلمة.

الغرب وصل الى مرحلة من التحلل الديني والخلقي لمجتمعاتها تنذر بكوارث خطيرة في المستقبل القريب، نابعة بحسب الدراسات النفسية والاجتماعية من غياب الضابط الديني والاجتماعي القيمي، وبلوغ أعلى درجات الرفاهية التي تذهب بالإنسان الى البحث عن أشياء جديدة من المتع والحاجات، حتى وإن كانت سلوكيات منحرفة، فزواج الرجل للرجل والمرأة للمرأة، انما هو تعويق للحياة وتوقفها، وهو طريق يؤدي الى الانقراض البشري، ولما كانت مراكز الدراسات التنموية البشرية في الغرب تعرف عن عالمنا العربي والشرقي أكثر ما نعرفه نحن من مؤشرات التنمية المستدامة، فأنه من الطبيعي أن تذهب لهذه الخيارات، ولكنها تفهم جيدا كيف تدخلها بأساليب وآليات فكرية ناجحة بشكل تدريجي، وفق نظرية التطبيع التربوي أو الاقتصادي أو السياسي والاجتماعي بحيث يتقبل الناس جميعا مع الزمن فكرة التطبيع، وهو الانسجام والتوافق مع الأفكار المطروحة، وأيضا ربط هذه البرامج بجوانب اقتصادية ومصالح أخرى وعقوبات عدة تجبر على القبول، وربما الانترنت وبث هذه الثقافة المتقبلة من الشباب هي أفضل السبل لجعلها ثقافة مستهلكة في مجتمعاتنا

........................................................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق