لقد فتكت المخدرات بالشباب من وغير الشــباب، بعد أن كان العــراق يعرف بخلو هــذه الآفة، وأن اهتمــام الاجهزة المعنيــة، بمكافحة المخــدرات يجــب أن يتســاوى مــع اهتمامهــا بهــذه الكارثة المدمرة، وإن اجراءات مكافحتها ســهلة جدا قياســا بمشــكلة المخدرات، لو كانت هناك جدية في المعالجة؟...

قبــل أعــوام، كتبــت مــادة بعنــوان (الشــحاذون.. الإرهــاب الثالث)! حيــث الإرهــاب الأول الذي كان يســتهدف حيــاة العراقيــين بالمفخخــات والأعمــال، يتمثل العنفيــة المختلفــة، وقــد رافقه إرهــاب ثــان بالفساد المالي، الذي حارب العراقيين بلقمة عيشهم ّف كثيرا عن بقية الدول ومســتقبل بلدهم، الذي تخل التــي كان متقدما عليها!

وقد وجدت أن هناك ارهابا ثالثا، ترعرع في كنف هذين الإرهابين أو إنه الإفراز الطبيعــي لهما، وهو الاتجــار، بالبشــر والذي اتخذ صــورا عــدة، كان أبرزهــا وأخطرها هــو اختطاف الاطفال واستخدامهم من قبل (مافيات الشحاذة)، التي انتشرت بشــكل مخيف بعد الاحتلال، أو بعد أن أصبــح إلقاء مبلغ الألف دينــار أو نصفه أو ربعه على الشــحاذ، لا يؤثر في مدخولات أغلبية الناس، الأمر الــذي انعكس ايجابــا على (ايرادات) الشــحاذين، الذين صــارت لهم مافيات وعصابــات تمفصلت مع جهــات متنفذة، وباتــت لهم مناطــق يتوزعون فيها، أو يتــم توزيعهم بينهــا، ولا ينبغي لجهــة (مافيوية) أن تنافس جهــة اخرى على منطقة (نفوذها)!

وهذه الحكاية صارت معروفة للناس جميعا، مع أن كثيرين ّ عون اســتمرارها ويغذونهــا منهــم، للاســف، يشــج بإلقائهم الأرواق النقدية على (الشــحاذات)، ممن يستخدمن الأطفال وسيلة لاستدرار العواطف. لقــد قلنا في مقالنا الســابق، إن أي طفل، مهما كان معافــى، ســيموت حتما ولا يســتطيع أن يقاوم طويلا تأثيــر المخــدر، الــذي يعطــى له ليبــدو نائمــا قرب ّ الصف وبرد الشــتاء، (أمه)، وهــي تجلس تحت حر ّ ن لها لتقضي أوقات عملها تحت أعين الجهة التي تؤم المكان والمســتلزمات الأخرى.

مثلما يجري هذا تحت اعين المســؤولين في الاجهزة المعنية ممن يرون هؤلاء الاطفــال، وهم يذبلون تدريجيــا تحت تلك الظروف القاسية، ولم يحركوا ساكنا! نعم، هذه هي الحقيقة، وإن مصداق ما قلناه ســابقا أكدته احصاءات شرطة بغــداد، التي اعلنت مؤخرا عــن فقدان اكثر من 450 طفلا منذ بداية العام الحالي، أي في عشــرة اشهر، والمؤكد أن الرقم سيكون مرعبا لو تحدثنا عن السنين الماضية.

لــو أن الاجهــزة المعنيــة امســكت بواحــدة مــن تلك ّ ابــات، وهي تســتجدي بالطفل (الشــحاذات) النص الممــدد أمامهــا، وســألتها من يكــون بالنســبة لك، وهــل هو ابنك ام غير ذلك، أو أجرت فحصا ســريعا ّ ر والدليــل انه ممدد وفاقد عليه، واكتشــفت انه مخد للوعي لســاعات طوال، وأمام أعين المارة، لأمســكت بــرأس خيــط مهم يــؤدي إلى كشــف هــذه الجرائم وعــدم تكرارها من قبل هــذه العصابات التي عليها، لكي تديم عجلــة عملها هذا، أن تأتــي بطفل جديد، مــن خلال الســرقة أو الخطــف، بعد ذهــاب الطفل الذي ســبقه للمصير المؤلم، وهكذا تحصل الجرائم ويختفي الاطفال الابرياء، بينما المجرمون يمارسون كل هذا أمام أعيننا وبعضنا يساعدهم على استمرار جرائهم هذه.

مــن وقفة حقيقية لقــد أصبح الأمر لا يطــاق ولا بد من قبل الجهــات المعنية، لمعالجة هــذه الحرب التي ّ تشن ّ على هذا الشعب.. لقد فتكت المخدرات بالشباب من وغير الشــباب، بعد أن كان العــراق يعرف بخلو هــذه الآفة، وأن اهتمــام الاجهزة المعنيــة، بمكافحة المخــدرات يجــب أن يتســاوى مــع اهتمامهــا بهــذه الكارثة المدمرة، وإن اجراءات مكافحتها ســهلة جدا قياســا بمشــكلة المخدرات، لو كانت هناك جدية في المعالجة؟

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق